على بحيرة زيورخ السويسرية التي تتخذ شكل موزة، وعبر مياهها الساكنة، تطل ضفتان إحداهما على الأخرى. تشتهر الضفة الشرقية الدُّولية، المرقّطة بأشعة شمس المغيب، بمزارع الكروم المدرّجة التي تخترقها مسارات المشي، وأحواض السباحة الباهرة، وسكّانها من المشاهير، أمثال تينا تورنر وروجر فيدرير.
ويُطلق على هذه الضفة اسم غولد كوست Goldküste، أو ضفة الذهب، وهي توفّر موقعًا مثاليًا للسباحة فيما تنتظر شحن سيارتك من طراز تسلا الذي تصطف عشرات النماذج منه على امتداد الأحياء السكنية فيها (تُعد تسلا السيارة الأكثر مبيعا في سويسرا، وهي تلقى الاستحسان على النطاق المحلي بسبب هندستها، وليس بسبب مكانتها).
أما الضفة الغربية المقابلة، فمعالمها سويسرية أكثر، وتتوزع على أراضيها كنائس إصلاحية حديثة بنيت في خمسينيات القرن الماضي، ومصنع شوكولاته ومطاحن قديمة حُولت إلى مساحات فنية. ولأن ظل الجبل المحاذي لها يغطيها كل مساء ساعات قليلة قبل جارتها الشرقية، فقد أكسبها هذا لقب فنوسيل كوست Pfnüselküste - أو ضفة سنيفل Sniffle Coast.
إذا ظننت أن الضفة الشرقية أفضل من الضفة الغربية، فقد رسبت في الاختبار السويسري الأسمى: القدرة على تمييز الفخامة المستترة. نعم، تتباهى ضفة الذهب بمناظر غروب آسرة ومنازل بطوابق مجزأة محاطة بمواقد محفورة في الأرض ومسابح لامتناهية ساخنة.
ولكن الاحتفاء بالفخامة والجودة في هذه البلاد الصغيرة يكون بالهمس، لا بالصياح. فنادرا ما تكون البهرجة مرادفًا للأفضل. يتطلب الأمر عينًا مدربة لإدراك الجاذبية المتحفظة لضفة سنيفل. بداية، يقع جزء كبير منها خارج كانتون زيورخ، في منطقة تشتهر بالإعفاءات الضريبية. بسبب هذا الامتياز المربح، استوطنت العديد من الشركات السويسرية العائلية هذه الضفة منذ أمد بعيد ولم تتزحزح منذ ذلك الحين.
تتبنى كل من بوشه Boesch وبيدراتزيني لليخوت Pedrazzini Yacht، الشركتين اللتين تستقران على ضفة سنيفل، هذا التوجه منذ أكثر من مائة عام. ذلك أن تخصصهما هو صناعة القوارب الخشبية الصغيرة صناعة يدوية. أما إيراداتهما، فتعتمد بشكل شبه حصري على السوق السويسري المحلي الخبير بالفخامة والجودة.
الحرفة المتمهّلة
ما يميز هاتين الشركتين السويسريتين عن غيرهما من الصانعين هو أنهما تستخدمان الخشب، والخشب فحسب، في صناعة قواربهما، ولا تعتمدان إطلاقًا على الألياف الزجاجية، في حين أن العلامة الإيطالية الشهيرة ريفا Riva نفسها توقفت عن استخدام الخشب في هياكل قواربها في عام 1996. لكن الشركتين المتنافستين تتباينان في كيفية استخدامهما للخشب.
فعلى سبيل المثال، تستخدم بوشه تقنية تشكيل القوالب على البارد مع خشب رقائقي عالي التقنية مصدره غرب إفريقيا. لكن ما ينبغي تقديره أكثر من أي شيء آخر هو مقدار ما توظفه الشركتان من وقت وجهد في تصميم القوارب وصنعها.
فمثلاً، قد يستغرق تجفيف أنواع الأخشاب المختلفة (الساج والصنوبر والماهوغاني) على نحو لائق نحو عقد من الزمن، وهذا المستوى من "الحرفية المتمهلة" يُعد اليوم نادرًا في قطاع صناعة القوارب.
تُصنّع قوارب بيدراتزيني الصغيرة من خشب الماهوغاني، وهي مغطاة بأكثر من عشرين طبقة من طلاء اللك (عدد الطبقات الدقيق سر من أسرار المهنة). وعلى ما يوحي اسمها، تزهو قوارب الشركة بمسحات من التصاميم الإيطالية. تشير بيدراتزيني إلى أن قواربها "مصممة حسب الطلب"، وهذا هو السبب في أن سعر قارب كلاسيكي واحد من ابتكارها يبدأ من مئات آلاف الدولارات. ولا تصنع الشركة أكثر من ستة قوارب سنويا، إذ يتطلب كل نموذج أكثر من 4,000 ساعة عمل.
يقع مقر شركة بيدراتزيني في بلدة باخ Bäch، أعلى الخط الذي يحد كانتون شفيتس Canton Schwyz. في أوائل ستينيات القرن الماضي، ترددت شائعات عدة تقول إن جون كينيدي زار مقر الشركة خلال إجازته.
على ما يبدو، كان الرئيس - الذي أبحر كثيرًا حول كيب كود على متن اليخت الرئاسي هاني فيتز Honey Fitz - تواقًا لقيادة قارب من طراز بيدراتزيني. (لم تعلق الشركة على هذا الموضوع وقالت إنها لا تمتلك أي مستند يثبت حدوث هذا).
في ذلك الحين، كانت بلدة باخ تشتهر بمزارعها، خصوصًا بساتين الفاكهة والجوز وأشجار الكرز والخوخ الضخمة الممتدة على المروج خلف المنازل نصف الخشبية وصولاً إلى ضفة البحيرة. أما اليوم، فيفوق عدد الشقق والمنازل الصيفية العصرية المطلة على البحيرة عدد الأشجار المثمرة. لكن حوض بيدراتزيني لا يزال رابضًا وسط تجويف مائي مظلل، وهو أحد أحواض بناء السفن القليلة التي ما زالت مفتوحة في البحيرة.
يمثّل أليساندرو بيدراتزيني الجيل الرابع العامل في الشركة التي تأسست عام 1914 على يد جده الأكبر أوغوستو، الذي هاجر إلى زيورخ من بحيرة كومو الإيطالية. يقول أليساندرو: "يكمن سر نجاحنا في جذور عائلتنا التي تنتمي لكل من سويسرا وإيطاليا"، مضيفًا: "في نهاية المطاف، ينبع نجاح تصميماتنا من الدمج بين الذائقة والأناقة الإيطاليتين والحرفية السويسرية المرتكزة على مبادئ الجودة والدقة".
لطالما كان اسم سويسرا مرادفا للجودة، ولذلك تتبنى الشركة رؤية تركز على أعلى مستويات الإتقان، ما جعلها معقلاً خبيرًا في صناعة القوارب التقليدية على مدى 108 أعوام. وفي هذا يقول بيدراتزيني: "هدفنا هو أن تُورّث قوارب بيدراتزيني من جيل إلى آخر"، منوّهًا بقوارب عدة امتلكتها العائلات نفسها منذ أكثر من 90 عاما. تبقى قوارب الشركة بمعظمها في البحيرات السويسرية، بالرغم من أن العديد منها يقطع بحيرات وسواحل أوروبية أخرى، كما أنها اكتسبت شهرة كبيرة في أمريكا الشمالية خلال السنوات الأخيرة.
Clara Tuma
أليساندرو بيدراتزيني ووالده كلاوديو، من الجيلين الرابع والثالث في شركة العائلة.
تقليد متجذّر في أرض التاريخ
على عكس تاريخ إيطاليا الحديث في مجال بناء اليخوت، بداية من قوارب بورتوفينو Portofino الساحرة في خمسينيات القرن الماضي، واليخوت الفاخرة التي كانت تزهو بها بلدة فياريجيو في الثمانينيات، والقوارب الأنيقة التي تتهادى عبر مياه البحيرات الإيطالية، والتي تحمل توقيع علامة ريفا Riva وغيرها من صانعي القوارب الصغيرة، فإن قصة بناء السفن في سويسرا أقل صدى نوعًا ما، لكن هذا لا يعني أن جذورها ليست غارقة في أرض التاريخ.
فعلى الرغم من كون المنطقة محاطة باليابسة، إلا أنها تتميّز بتقليد بحري يعود تاريخه إلى آلاف السنين، إلى زمن عاشت فيه شعوب العصر الحجري الحديث في منازل مقامة فوق ركائز خشبية على أطراف البحيرات والأنهار في جميع أنحاء أوروبا الوسطى.
احتلت ثقافات العصر البرونزي القديم وغيرها من "ثقافات البلافيت" سويسرا من عام 5,000 قبل الميلاد إلى سنة 500 قبل الميلاد، واعتمدت بشدة على القوارب. عبر جبال الألب السويسرية يتوزع اليوم 56 موقعا أثريًا مغمورًا بالمياه مدرجًا على قائمة اليونسكو للتراث، وهي شاهدة على هذه الثقافة البحرية التي استوطنت جبال الألب.
بل إن الكلت والرومان الذين احتلوا سويسرا بعدها تبنّوا أيضًا هذا التوجه البحري. فعلى سبيل المثال، أبحر يوليوس قيصر فوق نهر الرون، وإلى اليوم يواصل علماء الآثار انتشال السيوف والمراكب الشراعية السلتية من البحيرات السويسرية.
قبل وقت طويل من إنشاء الطرق ومصاعد التزلج وسكك القطار التي ربطت بسلاسة وانضباط وقتي فائق بين مختلف أرجاء سويسرا، كانت القوارب تعبر الجبال السويسرية الهائلة عبر الأنهار والبحيرات العديدة المنتشرة في البلاد. وخلال العصر الذهبي لاستكشاف جبال الألب، سافرت الملكة فيكتوريا وماري شيلي وغوته وتشارلز ديكنز وغيرهم من المشاهير عبر سويسرا باستخدام السفن البحرية.
Clara Tuma
فوق مياه بحيرة زيورخ يتهادى القارب Vivale Veloce، الذي يعد أول طراز صمّمه كلاوديو بنفسه.
في الحقبة الراهنة، ولعلها إيماءة غير متعمدة إلى إرث البلاد في صناعة الساعات الأعلى تميزًا، تنم القوارب السويسرية عن جودة فائقة، لكن تمييزها يتطلب تفحص القوارب بإمعان.
ما يميز بوشه وبيدراتزيني عن باقي صنّاع القوارب الصغيرة أنهما تصممان قوارب مظهرها "كلاسيكي" و"صيانتها سهلة بقدر صيانة هيكل مصنوع من الألياف الزجاجية"، على ما يقول جيرالد غيتات، مؤرخ القوارب الذي ألف العديد من الكتب عن القوارب الخشبية الكلاسيكية.
ويضيف غيتات: "لم يعد الناس يعرفون كيف تُستخدم الساعات المعقدة، ولكن يبقى من المثير أن تزيّن معصمك بساعة كرونوميتر من طراز بول نيومان Paul Newman حتى وإن لم يكن غرضك قياس الوقت الذي تحرزه خلال دورة واحدة في سباق دايتونا. الأمر نفسه ينطبق على القوارب الخشبية اليوم، إذ إن قيادتها تبعث على السرور، حتى وإن لم تكن تعلم الشيء الكثير عن حقيقة أداء هيكل القارب".
Clara Tuma
هياكل قوارب بيدراتزيني قيد الإنشاء.
بعد الحربين العالميتين، تدفق الإيطاليون الفارّون من الدمار الذي لحق بإيطاليا صوب سويسرا للعثور على عمل، وحمل العديد منهم مهاراتهم الحرفية معهم إلى الأراضي الجديدة. أصبحت باخ أحد مراكز تجمع المهاجرين في البلاد، ثم مركزًا لتجمع الجيل الأول من السويسريين المولودين لأبوين مهاجرين.
قد يبدو للغرباء أن سويسرا دولة منعزلة، لكن هذه الموجات من المهاجرين هي التي ساعدت في بناء سمعة سويسرا الحديثة وتطويرها بصفتها مركزًا للفخامة، ليس في مجال صناعة القوارب فحسب، ولكن في قطاع صناعة الساعات وإنتاج الشوكولاته والأعمال المصرفية والهندسة أيضًا. في المقابل، استوعب هؤلاء المهاجرون الثقافة السويسرية وتشرّبوها.
يقول أحد أصحاب القوارب الذي آثر إبقاء هويته خفية: "إن الخصوصية بالنسبة للسويسريين تعادل الإيماءات عند الإيطاليين"، مضيفًا: "تمتع المهاجرون الذين قدموا إلى سويسرا بالمهارات الحرفية، لكن كان عليهم تعلم فن التكتم السويسري". وهذا ما برعت فيه شركة بيدراتزيني، باختيارها البقاء صانعًا صغيرًا على حساب توسيع نطاق عملها.
Clara Tuma
ماركوس بوشه في محترف كيلشبيرغ الذي يعود تاريخه إلى عام 1895، حيث يقوم العمّال بإصلاح القوارب المصنوعة ابتداء من عام 1950 وتجديدها.
تصاميم متفرّدة
يعيدك حوض بناء القوارب المغطى بالخشب التابع لشركة بوشه، والواقع في بلدة كيلشبيرغ Kilchberg، على بعد 15 ميلاً تقريبًا شمال بلدة باخ، يعيدك بالزمن إلى الوراء، إلى سويسرا قديمًا.
يقع الحوض قبالة مصنع شوكولاته لينت Lindt، الذي تفوح منه باستمرار رائحة السكريات. بعد الحرب العالمية الأولى، تولى جاكوب بوشه إدارة حوض بناء القوارب الذي كان يعمل فيه لربع قرن بعد حصوله على قرض من عائلة لينت.
وعلى ما هو عليه حال علامة بيدراتزيني، يتيح موقع بوشه الاستراتيجي على البحيرة لهذا الصانع استقبال عملائه المحليين عبر المرسى صيفًا وتوفير منشأة للتخزين وإجراء الإصلاحات شتاء. (تمتلك بوشه أيضًا أحواضًا في ثلاث بحيرات سويسرية كبيرة أخرى، تستخدمها بشكل رئيس للرسو والصيانة).
يقول ماركوس بوشه، الذي ينتمي، شأنه شأن منافسه أليساندرو بيدراتزيني، إلى الجيل الرابع الذي يرأس أعمال الشركة العائلية: "عندما بدأ جدي الأكبر جاكوب عمله بمفرده في عام 1920، كان يقوم بما يفعله كل حوض لبناء قوارب في أوروبا الوسطى: بناء القوارب حسب الطلب".
ويضيف بوشه: "كان العميل يصف ما يريده، ثم يقوم جاكوب أو رئيس العمال بإعداد بعض الرسومات والمسوّدات لتوضيح ملامح المشروع المحتمل. جرى بناء هذه القوارب كلها باستخدام طرق تقليدية".
بعد الحرب العالمية الثانية، سافر والتر، جد ماركوس، إلى الولايات المتحدة الأمريكية للبحث عن محركات القوارب، ودرس في سياق الرحلة خطوط التجميع الشهيرة في مصانع ديترويت للسيارات.
Clara Tuma
نموذج جديد من طراز Boesch Sunski 625 في حوض بناء القوارب.
بعدها أدخل مفهوم الإنتاج التسلسلي إلى صناعة القوارب الأوروبية من خلال القارب الصغير Boesch 500 في عام 1953، وهو طراز أنيق اجتذب مشترين بارزين في الستينيات من القرن الفائت، من بينهم أودو يورغنس ورومي شنايدر.
لقد غير التصميم قواعد صناعة القوارب. في عام 1964، قدم والده كلاوس قارب Boesch 510 الذي استخدم فيه ما أسماه تقنية بوشه للتصفيح Boesch Laminate Technology، وهي تقنية خاصة بالشركة تربط معًا طبقات من خشب الماهوغاني الرقائقي لإنشاء جسم أكثر ثباتًا وأكثر صلابة. ابتداء من أواخر الستينيات، اعتُمدت هذه التقنية في بناء قوارب بوشه كلها.
تعود الشركة اليوم إلى النقطة التي ابتدأت منها مسارها، إذ إنها باتت تركز على التصاميم المتفردة. ويقول بوشه: "يكتسي التصميم حسب الطلب قدرًا كبيرًا من الأهمية لدينا. بل إن القوارب 'القياسية' الوحيدة التي نبنيها هي القوارب الاختبارية التي نشارك بها في المعارض ونختبر بها القيادة. نجري في العادة عملية تجديد واحدة سنويًا على 'قارب للاستعراض' في قسم القوارب الكلاسيكية".
ويضيف بوشه متوخيًا الحذر السويسري المعهود: "يشهد تاريخنا أننا نقوم بالعمل قبل الحديث عنه، وهذا ما يميزنا عن الصنّاع الآخرين الذين يلجؤون إلى استخدام كثير من الرسوم الحاسوبية والعروض التصويرية لجذب المشترين المحتملين إلى مشاريعهم الجديدة. نحن نبني النماذج الأولية بداية ثم نلتقط لها الصور ومقاطع الفيديو".
Clara Tuma
لوحة عدادات بمقاييس خاصة صمّمتها آي دبليو سي شافهاوزن سنة 2020 للاحتفال بالذكرى المئوية لشركة بوشه.
عمر مديد
تركز بوشه، التي تبني 15 قاربًا فقط سنويًا، على صمود قواربها في وجه الأحوال الجوية ومقاومتها للتآكل. كما أنها ترقّم قواربها بالتسلسل منذ عام 1920، وما يزال 3,000 قارب من أصل نحو 4,000 نموذج بنته في حالة جيدة حتى يومنا هذا. تُعرف ابتكارات بوشه أكثر فأكثر من حيث كونها مركبات تنزلق فوق المياه بمثالية، ومصممة لتكون ضوضاؤها منخفضة، شأنها في ذلك شأن خط الموج الذي تخلّفه في أثرها.
ويعزو غيتات نجاح بوشه إلى "العلاقات الطويلة التي بنتها مع قاطني البحيرة"، ولكنه يعود ليحذر من مغبة السير على خطى نموذج أعمال بوشه أو بيدراتزيني في مجال صناعة اليخوت، ويقول: "تنتمي هاتان الشركتان على نحو جلي إلى سوق السلع الفاخرة عالية الجودة المصنوعة يدويًا والمعروفة على نطاق محدود جدًا، مثلها مثل صائغ جواهر أو صانع ساعات حسب الطلب، أو صانع جلود ماهر في فلورنسة بإيطاليا".
تُعلي بوشه أيضًا من شأن الأدوات والعدادات الموضوعة على لوحة التحكم، ما يجعل شراكتها مع دار الساعات السويسري آي دبليو سي شافهاوزن مشروع تعاون غير مستغرب.
قدّمت العلامتان أولى ساعاتهما المشتركة في عام 2008. وفي عام 2020، بمناسبة الاحتفال بمرور 100 عام على انطلاق علامة بوشه، صممت آي دبليو سي العدادات والأدوات في القارب من طراز Century Edition الذي طلي هيكله بالذهب عند خط تماسه مع الماء، بموازاة طرح ساعة الاحتفالية Aquatimer Automatic Edition Boesch المزودة بالمعيار الحركي 82110، والتي تميّزها علبة هيكلية ودوّار بشعار مروحة من الذهب عيار 18 قيراطا. اقتصر إنتاج الساعة على 100 نموذج فحسب.
Clara Tuma
قارب من طراز Boesch 970 St. Tropez de Luxe مصقول بالكامل بطلاء الورنيش.
اللافت أن من يملك قاربًا من طراز بيدراتزيني لا يتحول عنه إلى قارب من طراز بوشه، لأنه سيجد تصميم هذا الأخير محافظًا جدًا. والعكس صحيح بالنسبة لمالكي قوارب بوشه الذين يتجنبون قوارب بيدراتزيني اللامعة واللافتة للأنظار.
تقول كاترينا بورولي، المديرة التنفيذية لشركة Poroli Special Boats التي تتوزع مكاتبها في مايوركا ودوسلدورف وميونيخ وفي بحيرة لاغو ماجيوري Lago Maggiore بأسكونا في سويسرا: "تروق هذه القوارب لفئة خاصة من الزبائن الذين يقدرون الحرفة والتخصيص"، وتضيف: "تنتمي كلتا العلامتين التجاريتين إلى تقليد عريق من بناة القوارب السويسريين، ولا يزال بإمكانك العثور على العديد من هذه القوارب المتفردة وهي تبحر وسط البحيرات السويسرية".
أما أي تنافس اليوم بين هاتين الشركتين، فهو من قبيل المنافسة الودية. وفي هذا يقول بوشه: "في سبعينيات القرن الماضي، عندما كانت بيدراتزيني تشتري محركاتنا من طراز Boesch Marine، كان على جد أليساندرو أن يحضر ثمن المحركات إلى جدتي إذا ما أراد أخذها". ويضيف: "اختلف الأمر اليوم، إذ نعيش ونعمل على البحيرة نفسها، ويحترم كل منا عمل الآخر. بل إننا نتناول العشاء معًا في معارض القوارب".
يميل كلا الصانعين إلى تقبل خصوصيات وطنهما. ويقول بيدراتزيني: "نحن لا نرى أن إحاطة اليابسة ببلدنا أمر سلبي. ذلك أن صناعة القوارب متجذرة في الثقافة السويسرية. يكفي أن تنظر إلى فريق ألينغي Alinghi، الفريق السويسري الذي بنى وأبحر بالقارب الفائز بكأس أمريكا في عامي 2003 و2007، ليكون بذلك أول طاقم أوروبي يفوز بالجائزة التاريخية. ويختم بقوله: "نحن السويسريين نحب بناء الأشياء المتقنة".