عندما يستعيد جوليان لاغيست سنوات طفولته في مدينة لا ترينيتي سور مير La Trinité – sur – Mer الفرنسية، يبرز مشهد لا يغيب عن ذاكرته يتمثل بعطلات الصيف التي كانت عائلته تمضيها عند شاطئ البحر.
كان المصمم الشاب مفتونًا بمشهد البحر الأبيض المتوسط، لذا لم تكن مصادفة أن تستحضر مشاريعه شاطئ البحر، بما في ذلك التدرجات اللونية الخافتة للرمال، والشكل العضوي للصخور المتآكلة، وانعكاسات المياه وظلالها الزرقاء.
وإذ يستخدم لاغيست الخشب والراتنج اللاصق للإتيان بتأثير يأسر الأبصار، توهمك سلسلة تصاميمه التجريبية لطاولات القهوة والطاولات الجانبية بأنك تنظر مباشرة إلى البحر الأزرق.
ابتكر لاغيست، البالغ من العمر 33 عامًا، مفهوم مجموعته الأولى Souvenirs des îles (ذكريات الجزر) لمشروع تخرجه سنة 2016 من كلية Cread Institut للهندسة والتصاميم الداخلية في ليون.
وفي هذا يقول: "رسمت قطع الأثاث الثلاث الأولى لمجموعتي وبنيت نموذجًا أوليًا منها لشقتي".
وبالرغم من أن لاغيست تلقى تدريبًا مهنيًا وحقق نجاحًا باهرًا بعرض طاولاته في معرض Maison & Objet سنة 2018 وفي مجمّع Grand Palais في باريس سنة 2019، إلا أن المسار الإبداعي الذي يتبعه لم يخلُ من المحاولات والوقوع في الأخطاء.
يقول المصمم موضحًا: "أمضيت وقتًا طويلاً في محاولة تحسين رسوماتي وتعلم أساليب استخدام الخشب والراتنج. كان عليّ ابتكار تقنيات مختلفة تذكّرني بشفافية قاع البحر وعمقه. لم نتعلم مثل هذه الأمور في الكلية".
يستخدم لاغيست خشب البتولا المعاكس والراتنج ليبتكر يدويًا طاولات فاخرة بحسب الطلب في الاستوديو الخاص به في مدينة نانت.
لصنع القاعدة، يقص دوائر من الخشب ثم يصقلها بتقنية السفع الرمل ويثبّت بعضها فوق بعض.
Julien Lagueste
أما سطح الطاولة، فيصوغه بمزج الراتنج وأصباغ متنوعة قبل أن يكسو السطح بخمس طبقات من المزيج إلى حين تحقيق التوازن الأمثل بين الشفافية وتأثيرات مختلفة تستحضر لون البحر.
يستغرق تثبيت كل طبقة 24 ساعة قبل البدء بالعمل على الطبقة التالية.
يقول لاغيست: "يستغرق صنع كل طاولة وقتًا طويلاً، لكني أميل إلى الابتكارات التي يحتاج بناؤها إلى وقت والتي تُصنّع في كميات قليلة".
وبالرغم من أن الطاولات كلها تُصنّع من المواد نفسها، وباستخدام التقنية نفسها، إلا أن كل نموذج يتمايز بتفرّده بسبب التباينات الكثيرة في الراتنج.
يمكن ابتكار الطاولات بألوان أخرى عند الطلب، ويستكشف لاغيست حاليًا سلسلة جديدة مستوحاة من الزهور.
في الوقت الحالي، يشكل الخشب، الذي يمثل السكينة، والطبقات الصخرية، التي تتعارض مع التدرجات الهادئة للراتنج الأزرق، البصمة المميزة لأسلوب المصمم الذي يبدد الحد الفاصل بين الفن وتصميم الأثاث.