إنها سنة Radiomir، الساعة التي تختزل حكاية أسطورية Una Sttoria Legendaria، على ما أعلنت بانيراي في وقت سابق من هذا العام مع انطلاق معرض واتشز أند وندرز Watches & Wonders (ساعات وعجائب) في جنيف. وبالرغم من أنك قد لا تجد بين هواة الساعات من لا يعرف هذه الساعة، إلا أن استحضار بانيراي حكايتها هذا العام في أربعة إصدارات جديدة - بعد أن كان التركيز في الآونة الأخيرة على مجموعات الصانع الأخرى، لا سيّما Luminor وSubmersible، فضلاً عن Luminor Due - يُعيدها إلى الواجهة لتحتل عن جدارة مكانتها الشرفية في أوساط ساعات الغوص المنشودة والأعلى تميزًا.
أصل البدايات كلها
قد يصحّ القول إن حكاية Radiomir هي أصل حكاية بانيراي نفسها، وهي التي ما فتئت تجسّد إلى يومنا هذا أصدق ترجمة عن إرث الصانع، وهويته الإيطالية، ودرايته بفن صناعة الساعات، فضلاً عن ارتباطه الوثيق بالعالم البحري. كانت البداية من متجر افتتحه مؤسس الدار جيوفاني بانيراي في عام 1860 مع مشغل ومدرسة لتعليم صناعة الساعات عند جسر بونتي آليه غراتزييه التاريخي في مدينة فلورنسة.
وبعد أن توسّع المتجر وانتقل مرات عدة إلى مواقع مختلفة، انتهى به الأمر تحت إشراف غويدو بانيراي وأبنائه في ساحة سان جيوفاني حيث حملت لافتته عبارة Orologeria Svizzera (صناعة الساعات السويسرية). ومن ثم كان اكتشاف بيار وماري كوري لمادة الراديوم في عام 1898 محطة مفصلية انتقلت منها بانيراي لتشق مسارها إلى استخدام هذه المادة المشعة في الأجهزة الدقيقة التي كانت تبتكرها للقوات العسكرية. ففي عام 1916، تقدمت بانيراي لتسجيل براءة اختراع مادة Radiomir القائمة على عنصر الراديوم، والتي تتيح صناعة "مناظير ذاتية الإضاءة لإطلاق الطوربيدات ليلاً".
على أن النموذج الأولي من ساعة Radiomir نفسها لم يبصر النور إلا في عام 1936 عشية الحرب العالمية الثانية. أنتجت بانيراي آنذاك عشرة نماذج أولية من الساعة ليستخدمها الغواصون في قوّات البحرية الملكية الإيطالية.
Panerai
أول متجر افتتحه المؤسس جيوفاني بانيراي في عام 1860 عند جسر بونتي آليه غراتزييه التاريخي في مدينة فلورنسة.
ساعة تلبي المتطلبات العسكرية
تمايزت الساعة التي حملت اسم المادة الوضاءة بحجمها الكبير، إذ أسكنتها بانيراي علبة بقطر 47 ملليمترًا ذات شكل وسادي ومتانة عالية تعززها الجوانب المصممة لحماية الميناء. أما خاصية المقاومة القصوى للماء، فتحققت من خلال اعتماد بنية ثلاثية الأجزاء، وجزء خلفي مثبّت بوساطة براغٍ، وتاج لولبي للتعبئة. أثرت الساعة الأصلية أيضًا وصلات ملحومة على العلبة مباشرة على شكل عروة سلكية، وحزام عريض مقاوم للماء أتاح لعناصر قوات الكوماندو البحرية ارتداءها فوق بدلات الغوص.
الجدير بالذكر أن ساعة Radiomir لم تدخل حيّز الإنتاج الحقيقي إلا في عام 1938، لكنها حتى بعد ذلك التاريخ ظلت حكرًا على الوحدات العسكرية. وبمرور السنين، واستيفاءً للمقتضيات العسكرية الصارمة، دأبت أوفيتشيني بانيراي على إضفاء تحسينات عدة على الساعة الأصلية، بداية من الميناء الشهير اليوم الذي يحاكي في تركيبته بنية الشطيرة، موفرًا مستوى وضوح أعلى في قراءة المؤشرات والأرقام، والذي تطوّر من بنية أحادية الصفيحة إلى بنية من صفيحتين تُثبّت إحداهما فوق الأخرى بعد أن تُصقل الصفيحة السفلية بالمادة الوضّاءة، ويفصل بينهما قرص من مادة Perspex الشفافة للحماية. وقد ضمنت هذه الهندسة المبتكرة إضاءة وفيرة للميناء، ما كان يضطر مغاوير البحر إلى تغطيته أحيانًا بالوحل أو الطحالب حتى لا يرصدهم العدو في أثناء عملياتهم العسكرية ليلاً.
Panerai
حكاية الأسطورة موثّقة في كتاب Panerai Radiomir Libretto.
إصدارات أيقونية
فيما واصلت أوفيتشيني بانيراي مساعيها في مجال الابتكار والتطوير، ابتكرت مادة وضّاءة تقوم هذه المرة على عنصر التريتيوم بدلاً من الراديوم، وسجلت براءة اختراعها في عام 1949 تحت اسم Luminor، هذا الاسم نفسه الذي أطلقته على خط ساعات جديد بزغ فجره في ستينيات القرن الفائت.
وكان قد سبق ذلك في الخمسينيات تعديلات على الساعة العسكرية باتت معها علبة الساعة أكثر سماكة، ما أتاح تشكيل العروات من الكتلة الفولاذية نفسها المكوّنة للعلبة. وبالحديث عن تلك الحقبة، تعود إلى الأذهان ساعة من فئة Radiomir أبصرت النور في عام 1956 وحملت الرقم المرجعي Ref GPF 2/56.
Panerai
ساعة Venti (PAM2020) التي كرّم بها الصانع العيد العشرين لمجتمع هواة ساعات بانيراي على المنصة الرقمية Paneristi.
كان أكثر ما ميّز تلك الساعة التي شكلت مصدر إلهام لساعات الغوص العصرية، والتي عُرفت لاحقًا باسم Egiziano - ربما نسبة إلى القوات البحرية المصرية التي ابتكرت بانيراي آنذاك مجموعة من الساعات لصالحها – هو علبتها المشغولة بقطر 60 ملليمترًا، وقرصها الدوّار المدرّج لاحتساب مدة الغطس، وآلية الحركة التي تتيح احتياطًا للطاقة يدوم 8 أيام، وبالطبع قفل الأمان المصمّم لحماية التاج والذي تكرّس سمة راسخة في ساعات بانيراي.
على أن هذه الساعة وغيرها من ساعات مجموعتي Radiomir وLuminor ظلت تخضع لقوانين السرية العسكرية، ولم تجد طريقها إلى العموم إلا في تسعينيات القرن الفائت مع انفتاح بانيراي على سوق الساعات التجاري في محاولة للتصدي للأزمة السياسية والاقتصادية العالمية التي طرأت سنة 1992، ومن ثم استحواذ مجموعة ريشموند على العلامة في عام 1997 الذي شهد إطلاق الصانع أول إصدار خاص يحمل توقيعه، والحديث هنا عن ساعة PAM21 المشغولة في علبة من البلاتين والتي طُرحت في 61 نموذجًا فقط، بيعت كلها في غضون أسبوعين.
Panerai
ساعة Radiomir Ref. GPF 2/56 من عام 1956 التي عُرفت باسم Egiziano وشكلت مصدر إلهام لساعات الغوص العصرية.
منذ ذلك الحين، نجحت ساعات Radiomir في أن تكرّس حضورها على قائمة أمنيات هواة الساعات فيما استمرت بانيراي، مدفوعة بروحها الإيطالية، وبشغف راسخ بالتخطيط والتطوير، بتوسيع آفاق إبداعها التقني والعملي، بداية من إطلاقها في عام 2005 المعيار الحركي P.2002 الذي يمثّل أول آلية حركة من صنعها، والمعزز بوظيفة التوقيت العالمي والقادر على توفير احتياطي للطاقة يدوم ثمانية أيام. وقد برزت بمرور السنين طُرز عديدة ضمن مجموعة Radiomir، منها على سبيل الذكر وليس الحصر في عام 2012 إصداران خاصان من ساعات Radiomir 1940 أعاد الصانع من خلالهما إحياء التصميم الأصلي الذي ابتُكر في تلك الحقبة لقوات البحرية الملكية الإيطالية.
شهد عام 2018 أيضًا طرح إصدارين خاصين من ساعة Radiomir 1940 3 Days Acciaoi يميّزهما ميناء يحتفي بفن الآرت ديكو ويستلهم خطوطه التصميمية من ساعات البندول التي كانت تزيّن متجر بانيراي التاريخي في ساحة سان جيوفاني بفلورنسة.
يصعب أيضًا ألا يشمل الحديث عن إصدارات Radiomir الأيقونية ساعة Venti (PAM2020) التي كرّم بها الصانع العيد العشرين لمجتمع هواة ساعات بانيراي على المنصة الرقمية Paneristi.com. كان ذلك في عام 2020، وقد أشركت الدار آنذاك أولئك الهواة في ابتكار ساعة تستلهم طُرز Radiomir في ثلاثينيات القرن الفائت. تمايزت ساعة Venti بعلبة فولاذية بقطر 45 ملليمترًا، ومادة سوبرلومينوفا تضيء بلون البيج فوق الميناء الذي يغلب عليه لون بني ولمسات نهائية تحاكي تأثيرات مرور الزمن على النماذج الأصلية التي صمدت إلى يومنا هذا.
وعندما احتفت بانيراي سنة 2021 بالعيد الخامس بعد الثمانين لولادة الأسطورة، قدمت ساعتها في إصدار Eilean الذي كرّمت به أيضًا يختها الشراعي الكلاسيكي الشهير (أبصر المركب أيضًا النور في عام 1936 واستعادته بانيراي سنة 2009).
Panerai
ساعة Radiomir Eilean Experience Edition التي تزهو بميناء أزرق وتفاصيل من البرونز المستعاد من يخت Eilean.
وقد يكون أكثر ما يلفت الأنظار في الساعة التي تربط الرمزين معًا الأثلام المميزة للميناء ذي اللمسات النهائية البنية في محاكاة لأرضية سطح المركب المشغولة من خشب الساج، والجزء الخلفي من العلبة الذي يحمل نقش Eilean 1936 المميّز أيضًا لإحدى صواري المركب. بل إن بانيراي ذهبت أبعد من ذلك العام الفائت عندما طرحت هذا الإصدار في نسخة Radiomir Eilean Experience Edition مؤكدة مرة أخرى على قناعتها الراسخة بأن الابتكار يتحقق من استلهام إرث الماضي والنظر قدمًا إلى المستقبل.
أما وجه الاختلاف عن الساعة السالفة، فتمثّل على مستوى التصميم بتفاصيل من البرونز المستعاد من يخت Eilean زيّنت القرص والتاج والجزء الخلفي من العلبة، وبميناء أزرق وغرزات تمتد على طول الحزام الجلدي في هيئة تذكّر بالعقد البحرية. كان اللافت أيضًا في إصدار عام 2022، الذي اقتصر على 50 نموذجًا (مقابل 499 نموذجًا للعام السابق) أنه ترافق مع رمز غير قابل للاستبدال NFT وفرصة للانطلاق في رحلة على طول ساحل أمالفي على متن اليخت Eilean.
Panerai
اليخت الشراعي الكلاسيكي Eilean الذي أبصر النور في عام 1936 واستعادته بانيراي سنة 2009.
نبض لا يشيخ
إذ تحرص بانيراي على إبقاء أسطورتها حيّة، تسترجع هذا العام أيضًا إرثها المجيد من خلال أربعة إصدارات مستلهمة من ساعة Radiomir الأصلية، كُشفت عنها في سياق معرض واتشز أند وندرز 2023.
Radiomir Annual Calendar
ربما كان الإنجاز الأبرز الذي سجلته بانيراي لمجموعة Radiomir هذا العام هو تعزيزها، في خطوة غير مسبوقة، بتعقيد التقويم السنوي من خلال آلية الحركة الأوتوماتيكية P.9010/AC التي تعكس جوهر أداء ساعات الدار وأسلوبها الجمالي الإيطالي فيما توفّر احتياطيًا للطاقة يدوم 72 ساعة ومقاومة لضغط الماء حتى عمق 100 متر.
وقد أسكن الصانع هذه الآلية نسخة في علبة مشغولة من مركب Goldtech (الذي يجمع بين الذهب والبلاتين والنحاس ويتفرّد بلونه الأحمر) ويكمّلها ميناء أزرق بزخارف من نمط أشعة الشمس، ونسخة في علبة من المركّب البلاتيني Platinumtech (الأشد صلابة من البلاتين التقليدي) تتناغم مع ميناء باللون العنابي. وفي كلتا العلبتين وساديتي الشكل واللتين صيغتا بقطر 45 ملليمترًا، تباهى الميناء على ما هو متوقع ببنية "الشطيرة" وبدا مثالاً يُحتذى به على الوضوح في القراءة على ما يشهد ترتيب نافذة عرض اليوم والتاريخ عند مؤشر الساعة 3، يقابلها ميناء الثواني الفرعي عند مؤشر الساعة 9. أما الشهور، فتتدرج على قرص دوّار مع سهم مثبت عند مؤشر الساعة 3.
Panerai
نسخة من ساعة التقويم السنوي تستوطن علبة مشغولة من مركب Goldtech.
Radiomir California PAM01349
إنها ليست المرة الأولى التي تطرح فيها بانيراي ساعة Radiomir في نسخة تتباهى بميناء كاليفورنيا الشهير. لكن الجديد اليوم هو أنها عمدت إلى تقليص قطر العلبة من 47 ملليمترًا إلى 45 ملليمترًا. وإذ يستلهم هذا الإصدار الطراز التاريخي ذا الرقم المرجعي 3646، يتميّز ميناؤه الأخضر بتناوب الأرقام الرومانية والعربية، فضلاً عن مؤشر الدقائق الذي صُمم على هيئة سكة متصلة.
أما العلبة، فصيغت من مركّب Brunito eSteel الذي يرتكز إلى مركب الفولاذ المعاد تدويره، وأثرتها تشطيبات أنيقة تضفي مسحة عتق على طابعها العام. تنبض الساعة بالمعيار الحركي ذاتي التعبئة Calibre P.5000 الذي يوفّر احتياطيًا للطاقة يدوم 8 أيام، وتتكامل مع حزام من جلد العجول باللون البني الداكن تثريه غزرات متباينة.
Panerai
في إصدار هذا العام من فئة California، قلصت بانيراي قطر العلبة المشغولة من مركّب Brunito eSteel إلى 45 ملليمترًا.
Radiomir Otto Giorni
أسكنت بانيراي هذه الساعة علبة بقطر 45 ملليمترًا صيغت من المركب الفولاذي eSteel وجرى تعزيزها بتشطيبات يدوية متقنة تحققت باستخدام تقنية الترسيب الفيزيائي للبخار لتبدو عتيقة الطراز. تذكر تفاصيل الساعة، المجهزة بآلية الحركة يدوية التعبئة P.5000 التي توفّر احتياطيًا للطاقة حتى ثمانية أيام، بالطراز التاريخي، ويشهد على ذلك خصوصًا ميناؤها البني الداكن ذو الظلال المتدرّجة والمزدان بزخارف على هيئة حبيبات (تتيح الدار الساعة أيضًا في نسخة بميناء أزرق تتدرج حدته اللونية من الحواف إلى المركز).
وغني عن القول إن الغاية من هذه المقاربة التصميمية للميناء هي التذكير بموانئ ساعات Radiomir القديمة التي تغيّرت ألوانها بمرور السنين بسبب تأكسد الألمنيوم، وهي مقاربة تضفي بعدًا جماليًا لافتًا على الساعة التي تتكامل مع حزام من جلد العجول يتناغم مع لون الميناء.
Panerai
صيغت هذه الساعة من المركب الفولاذي eSteel وتمايزت بمسحة عتق تحققت باستخدام تقنية الترسيب الفيزيائي للبخار.
Radiomir Quaranta Goldtech
لم تغب مسحة العتق أيضًا عن هذه الساعة التي وثّقت استخدام بانيراي للمرة الأولى لمركّب Goldech في ساعة من فئة Quaranta التي يشير اسمها إلى العلبة المشغولة بقطر 40 ملليمترًا. يُضاف إلى ذلك أن سمكها لا يزيد على 10.15 ملليمتر، ما يجعلها الساعة الأكثر رقة ضمن مآثر الصانع. ويتفرّد هذا الطراز، الذي يتكامل مع حزام أنيق من جلد التمساح بميناء أبيض يعكس الضوء ويزدان بزخارف على نمط أشعة الشمس، فيما تعلوه مؤشرات وضّاءة للساعات، فضلاً عن نافذة لعرض التاريخ عند مؤشر الساعة 3 وميناء فرعي للثواني عند مؤشر الساعة 9.
Panerai
لا تزيد سماكة العلبة المشغولة من مركّب Goldech في هذه الساعة من فئة Quaranta على 10.15 ملليمتر، ما يجعلها الساعة الأكثر رقة ضمن مآثر الصانع.
وقد جهّزت بانيراي ساعتها - التي يغلب عليها تصميم مبسّط يعكس مقدرة العلامة على تكييف التقنيات المخصصة للقوات العسكرية مع متطلبات الأناقة المعاصرة – بالمعيار الحركي P.9000 الذي يمثّل آلية حركة أوتوماتيكية لا يزيد حجمها على 4.2 ملليمتر وتوفّر احتياطيًا للطاقة يدوم 3 أيام.