تستمر دور الساعات الفاخرة في استحداث ساعات رياضية أكثرها يستوطن علبًا من الفولاذ المقاوم للصدأ، لأن هذا المعدن متين وميسور التكلفة، فضلاً عن منحه إطلالة بعيدة كل البعد عن الرسمية وهو مناسب للمغامرين.
وقد كان جليًا في السنوات الأخيرة أن استجابة العلامات المرموقة لميل الزبائن إلى تفضيل الساعات المشغولة من الفولاذ ترافقت مع انكماش ملحوظ في استخدام معادن كانت تُعد مرادفًا للأناقة الراقية في التصاميم التي يغلب عليها طابع رسمي. غير أن الأمور بدأت أخيرًا تتخذ منحى مختلفًا على ما يبدو.
فقد عادت الدور لتشيع التألق في مجموعاتها بطرز رسمية مشغولة في علب من الذهب، وتُذكر بالعهد الذهبي لهذا المعدن في صناعة الساعات الفاخرة. نستعرض هنا خمس ساعات تتألق في الأمسيات بفخامة الذهب الأصفر أو الوردي الذي صيغت منه علبها.
Cartier Privé Tank Chinoise
يعلم من يتابع المسيرة الإبداعية لدار كارتييه أنها تستكشف باستمرار طريقة إدراكنا للوقت، من خلال ابتكار ساعات ثمينة تسكب فيها خبرة حرفييها الممتدة عقودًا، وتعتمد فيها الأصالة والبساطة عوضًا عن الإكثار من التقنيات على ما تفعل بعض الدور.
لكن حفاظ كارتييه على بساطة تصاميمها لا يعني أنها تتجاهل الجماليات المعاصرة. بل إنها تتفوق في صياغة هذه الجماليات بإيحاء من تراثها العريق الذي تستعيده في إصدارات حديثة، وهذا ما فعلته مع طراز Cartier Privé Tank Chinoise.
عندما أصدرت الدار ساعة Tank Chinoise لأول مرة في عام 1922، رأى جامعو الساعات الفاخرة كيف نجح لويس كارتييه في أن يجد مستقرًا لمعالم العمارة الصينية في ساعة مربعة الشكل برزت أضلاعها الأفقية على أضلاعها العمودية. خضعت هذه الساعة للتحديث مرارًا، بيد أن آخر تصميم مستحدث لها يعود إلى عام 2004.
للاحتفاء بمرور قرن على طرح الابتكار الأصلي، قررت الدار أن الأوان قد حان لتقديم تفسير جديد له، وكانت النتيجة طرازين مختلفين جدًا، أحدهما بميناء هيكلي والآخر بميناء يميل أكثر إلى الرسمية. صيغ هذا الطراز الأخير في علبة مشغولة من الذهب الأصفر بسماكة 6.09 ملليمتر، وازدان بميناء ذهبي مزخرف على نمط أشعة الشمس، وعقارب زرقاء من الفولاذ المقاوم للصدأ، وتاج مرصع بحجر ياقوت مُسطح الجوانب.
كما احتضنت الساعة آلية الحركة ذاتية التعبئة 430 MC التي توفر احتياطيًا للطاقة يدوم 38 ساعة ومقاومة لضغط الماء حتى عمق 30 مترًا. ويكتمل هذا الإصدار الذي يقتصر إنتاجه على 150 نموذجًا مُرقمًا، بحزام أسود خفيف اللمعان مصنوع من جلد التمساح.
Antoine Pividori
تستوطن الساعة علبة مشغولة من الذهب الأصفر يميّزها ميناء ذهبي مزخرف على نمط أشعة الشمس.
Patek Philippe Nautilus Ref. 5712/1R-001
أطلقت باتيك فيليب الساعة ذات الرقم المرجعي 5712/1 في عام 2006، في الذكرى الثلاثين لإصدار مجموعة نوتيلوس Nautilus، وقد لاقت هذه الساعة آنذاك نجاحًا كبيرًا، خصوصًا في الطراز المشغول من الفولاذ المقاوم للصدأ والمزدان بميناء أزرق تحيطه حلقة متدرجة السواد.
في أواخر عام 2022، عادت الدار السويسرية العريقة لتقدم تفسيرًا جديدًا لذلك الطراز، تفسيرًا ينحو أكثر نحو الرسمية، بالرغم من احتفاظه بالطابع الرياضي الأنيق الذي جعل منه واحدًا من أنجح الطرز في تاريخ الدار.
صيغ طراز Nautilus Ref. 5712/1R-001 الجديد هذا في علبة من الذهب الوردي بقطر 40 ملليمترًا، وازدان بميناء بُني اللون بزخارف على نمط أشعة الشمس، وقرص ثماني الأوجه، ومؤشرات ذهبية مطلية بمادة وضاءة، فضلاً عن عقارب دائرية الحواف مشغولة أيضًا من الذهب الوردي.
على الميناء المنقوش أفقيًا، يبرز ميناء فرعي لعرض الثواني الصغيرة عند مؤشر الساعة 4، وميناء فرعي آخر يعرض التاريخ وأطوار القمر عند مؤشر الساعة 7، إلى جانب مؤشرٍ يُظهر احتياطي الطاقة الذي يدوم نحو 48 ساعة.
تنبض هذه الساعة بآلية الحركة ذاتية التعبئة 240 PS IRM C LU التي تعد من بين أدقّ الآليات التي ابتكرتها باتيك فيليب، وهي تُتيح مقاومة لضغط الماء حتى عمق 60 مترًا. أما السوار المدمج المشغول من الذهب الوردي، فيأتي ليزيد من تألق هذا الطراز الذي تناغمت تعقيداته الوظيفية في تصميم أنيق بطابع رسمي ورياضي في الوقت نفسه.
Patek Philippe
صيغت الساعة في علبة من الذهب الوردي، وازدان ميناؤها بوظائف عرض الثواني الصغيرة والتاريخ وأطوار القمر، فضلاً عن احتياطي الطاقة.
Breguet Classique 7337 Calendar
لطالما وجدت دار بريغيه في إرث مؤسسها أبراهام - لويس بريغيه المبادئ التي استطاعت بها أن تُحدث ثورة في عالم صناعة الساعات الفاخرة.
وقد دارت هذه المبادئ حول أناقة الشكل وتناغم النِّسب وسهولة قراءة الوقت، وهي سمات يمكن تمييزها فورًا في طُرز الدار، ومنها طراز Classique 7337 Calendar الجديد المستلهم من ساعة الجيب التي طُرحت لأول مرة في عام 1829.
صيغت هذه الساعة في علبة من الذهب الأحمر بقطر 39 ملليمترًا، وازدانت بميناء منحرف عن المركز، تتخلله زخارف على نمط غيوشيه منقوشة يدويًا. وأما الجزء الخارجي للميناء، فقد زيّنته أنامل حرفيي الدار البارعة بنقوش دائرية تحاكي هيئة حبّات الشعير.
تظهر نافذة أطوار القمر عند مؤشر الساعة 12، وتزهو بقمر ذهبي مُطرّق يدويًا، تحيط به غيوم خفيفة اللمعان مصقولة بتقنية السفع الرملي، تطفو في سماء بلون أزرق لامع استُخدمت في تحقيقها تقنية طلاء المينا، بما يحاكي تألق النجوم في ظلام الليل.
تبدو نافذة عرض التاريخ عند مؤشر الساعة 2، في حين تبرز نافذة عرض الأيام عند مؤشر الساعة 10، وكلتا النافذتين مصممة على نحو يسهّل قراءة الوقت. وقد جُهزت الساعة بآلية الحركة ذاتية التعبئة Calibre 502، التي تعد من أدقّ الآليات التي ابتكرها حرفيو الدار، بسماكة لا تتعدّى 2.4 ملليمتر. ويمكن الاستمتاع بأداء مكوّنات هذه الآلية التي تتيح احتياطيًا للطاقة يدوم 45 ساعة عبر غطاء الجزء الخلفي للعلبة المشغول من البلور الياقوتي.
Breguet
في علبة الساعة المشغولة من الذهب الأحمر يستعرض الميناء أطوار القمر والتاريخ وأيام الأسبوع.
A. Lange & Söhne Grand Lange 1
بعد أن كاد اسم آي. لانغيه أند زونه يتلاشى في أعقاب الحرب العالمية الثانية، عمد والتر لانغيه، ابن حفيد مؤسس الدار، إلى بعث العلامة من كبوتها في عام 1990، ومضى بها على طريق النجاح حتى أصبحت واحدة من أرقى العلامات الفاخرة في العالم. تطرح الدار كل سنة ساعات رسمية معظمها من الذهب والبلاتين، تمتاز بتعقيدات متطورة ووظائف متقنة.
وتعد ساعةGrand Lange 1 إحدى تلك الساعات، إذ صيغت في علبة من الذهب الوردي بقطر 41 ملليمترًا وازدانت بميناء رمادي غير متماثل مشغول من الفضة وتتخلله زخارف دقيقة على هيئة حبيبات.
وبالرغم من أن هذا الميناء غير متماثل، إلا أن عناصره جاءت متناغمة في إتقان. فعند مؤشر الساعة 1، تظهر نافذة مزدوجة لعرض التاريخ يُحيطها إطار ذهبي، فيما يتبدّى ميناء فرعي لعرض الثواني يمتاز بنقوش على هيئة أخاديد عند مؤشر الساعة 5، فضلاً عن ميناء فرعي آخر عند مؤشر الساعة 9 تبرز عليه أرقام رومانية وعقارب مدققة الحواف مشغولة من الذهب الوردي.
وفي هذه الساعة، توفّر آلية الحركة ذاتية التعبئة L095.1 احتياطيًا للطاقة يدوم 72 ساعة، ويمكن مطالعة مقداره عند مؤشر الساعة 3. صُنعت هذه الآلية وفقًا لأعلى معايير الدقة الحرفية التي تلتزمها آي. لانغيه أند زونه، بداية من الزخارف والتشطيبات البديعة، ونهاية بالطريقة المتقنة التي تداخلت فيها المكونات البالغ عددها 397 مكونًا. وتكتمل هذه الساعة بحزام جلدي محيك يدويًا، بلون بني يميل إلى الحمرة.
A. Lange & Söhne
جُهزت الساعة بآلية الحركة ذاتية التعبئة L095.1 التي توفرّ احتياطيًا للطاقة يدوم 72 ساعة.
H. Moser & Cie. Streamliner Tourbillon Vantablack
تطرح دار إتش موزر أند سي نحو ألفي نموذج من طرزها سنويًا، وهي طرز تزهو بوظائف ومواد وألوان مبتكرة وأنيقة رسخت منزلتها في قطاع صناعة الساعات الفاخرة.
وكما توجهت دور الساعات المرموقة إلى استخدام الفولاذ المقاوم للصدأ على مدار سنوات عديدة، كذلك فعلت هذه الدار السويسرية العريقة، ولكنها لم تنصرف كليًا عن استخدام الذهب الذي طالما أضفى على الساعات طابعًا أكثر رسمية.
ويتأكد هذا الميل في طرازStreamliner Tourbillon Vantablack، الذي أصدرته الدار بداية في علبة مشغولة من الفولاذ، ثم قررت تقديمه في إصدار جديد في عام 2022، من خلال علبة مشغولة من الذهب الأحمر بقطر 40 ملليمترًا. تزدان العلبة المصقولة بعناية بميناء مطلي بمادة Vantablack المميزة التي تفننت الدار في استخدامها منذ ابتكارها في عام 2012، وقد جرى تثبيت مؤشرات الساعات من الأسفل، بحيث تظهر وتختفي بناءً على زاوية النظر إلى هذا الميناء الداكن المعتم.
H. Moser & Cie
جرى تثبيت مؤشرات الساعات في هذا الطراز بحيث تظهر وتختفي بناءً على زاوية النظر إلى الميناء الداكن المعتم.
وتبرز عند مؤشر الساعة 6 آلية التوربيون المحلق التي تمتاز بجسور هيكلية، وقدرة فائقة على مقاومة تأثيرات الجاذبية، ما يتيح لها عرض الوقت بدقة مُحكمة. تنبض هذه الساعة بآلية الحركة ذاتية التعبئة HMC 804، التي توفر احتياطيًا للطاقة يدوم 72 ساعة، ومقاومة لضغط الماء حتى عمق 120 مترًا.
بالإضافة إلى التقنيات المبتكرة التي طعّم بها حرفيو إتش موزر أند سي هذه الساعة، يرقى بطابعها الرسمي الأنيق سوار مدمج مشغول من الذهب الأحمر.