في هونغ كونغ، يتحوّل ميناء فيكتوريا مساءً إلى مشهد آسر، خصوصًا لأولئك الذين يشاهدون أفق المدينة الشهير من على متن القوارب الخشبية السياحية ذات الأشرعة الثلاثية حمراء اللون.

ولكن لسنوات، ظل أصحاب اليخوت الراغبين في الرسو بميناء المدينة - والإبحار إلى جزرها المتناثرة في محيطها والبالغ عددها 263 جزيرة - محرومين من هذه المتعة.

فالعراقيل البيروقراطية وافتقار الميناء إلى بنى تحتية تستوعب القوارب الخاصة أبقت قطاع اليخوت في مدينة هونغ كونغ، التي تمتلك واحدة من أكثر الواجهات البحرية جاذبية في آسيا، في حالة من الركود.

لكن الأمور تغيرت في عام 2020، في ذروة جائحة كورونا، عندما أصبح نادي لانتاو لليخوت Lantau Yacht Club أول مرسى قوارب جديد يفتتح في المدينة منذ أكثر من عشر سنوات.

وبين عشية وضحاها تحولت المدينة إلى قطب لليخوت الفارهة التي أتيح لها نحو 150 رصيفًا بحريًا مقاومًا للأعاصير، بمقدور بعضها استيعاب يخوت يصل طولها إلى 328 قدمًا.

وفي هذا يقول فيكتور تشا، الرئيس التنفيذي لشركة HKR International، التي تعد أحد المساهمين الرئيسين في هذا المرسى: "إن وجود أرصفة بهذا الحجم في هونغ كونغ أمر غير مسبوق".

ليست هونغ كونغ المدينة الوحيدة التي أعلنت أخيرًا عن افتتاح مينائها الفاخر الذي يستضيف اليخوت الفارهة.

فمرسى تاون أوف بالم بيتش مارينا Town of Palm Beach Marina الذي كان يحتكر موقعًا يتيح له الاستفادة من الساحل الذهبي العامر باليخوت في فلوريدا، لم يكن مجهزًا حتى العام الماضي سوى برصيف بحري واحد يمكنه استيعاب يخت بطول 200 قدم.

ولكن بعد قرابة عامين من الأشغال وإنفاق ما قيمته 40 مليون دولار، استُحدث في المرسى، الذي تعود ملكيته إلى المدينة، رصيف رويال بالم الممتد على طول 250 قدمًا والذي يمكنه استضافة عشرة يخوت فارهة، وهذا ما يتناسب أكثر مع المظهر الراقي لجادة وورث أفنيو Worth Avenue المجاورة.

يجادل البعض بأن الأجواء المحلية الهادئة المميزة للمنطقة هي التي جعلت الأرصفة البحرية الكلاسيكية تجذب اليخوت على مدار العام في المقام الأول.

لكن في مختلف الأحوال، يُعد المرسى الجديد نقطة تحول حاسمة ستضع بالم بيتش في منافسة مع فورت لودرديل وميامي للاستئثار باليخوت.

ويبدو أن مشروعًا طموحًا أضخم كان وراء تحوّل مرسى مارينا بورت فيل Marina Port Vell في برشلونة إلى إحدى أكثر الوجهات المرغوبة في غرب البحر الأبيض المتوسط.

لقد جاهد حي الصيادين التقليدي "لا برشلونيتا" لتغيير سمعته التي حصرته في كونه وجهة سياحية تقام فيها حفلات توديع العزوبة، وأكثر ما ساعد على تحقيق ذلك كان عملية الترميم الضخمة التي أخضع لها المرسى وأسفرت عن استبدال أرصفة اليخوت الفارهة بأرصفة القوارب الصغيرة.

في القريب، سيصبح المرسى قادرًا على استضافة 23 يختًا من اليخوت التي يبلغ طولها 230 قدمًا، أو ما مجموعه 55 رصيفًا بحريًا يستوعب اليخوت الفارهة.

وبفضل التصميم الجديد يمكن زيادة هذا العدد إلى 65 رصيفًا خلال فترات الذروة.

يبلغ طول المرسى الإسباني 1,500 قدم تقريبًا، ما يسمح له باستضافة أكبر اليخوت في العالم.

أحالت هذه المنشآت مدينة برشلونة إلى وجهة مرغوبة على الساحل الكاتالوني، إذ منها يسهل الوصول إلى بعض أرقى الشواطئ في أوروبا، وزيارة ثلاثين مطعمًا حائزة نجوم ميشلان، وتفقد حلبة الفورمولا 1، والتزلج الفاخر في جبال البيريني القريبة.

اتُبعت في تطوير مرسى بورتو مونتينيغرو، الذي كان من قبل موقعًا بحريًا راكدًا في شرق البحر المتوسط، استراتيجية مماثلة، إذ أنشئ مجمع حديث - يضم 460 رصيفًا لليخوت ويُضاف إليها 390 رصيفًا آخر قيد الإعداد - مكان ميناء تيفات Tivat التاريخي في خليج بوكا.

وقد بلغ مقدار الاستثمار في المنطقة 560 مليون دولار، أُنفقت في إنشاء واستقطاب فنادق من فئة خمس نجوم وعلامات فاخرة ومطاعم راقية، فضلاً عن تشييد مدرسة داخلية دولية.

كان التحول مبهرًا: فقبل عقد من الزمن، اشتهر المكان بدفعه أطقم العاملين إلى الاستقالة تحت إصرار المالكين على إرساء قواربهم في فصل الشتاء.

أما الآن، فقد أصبح المرسى ملاذًا باذخًا في مختلف الفصول. وعندما يُفتتح حوض تجهيز اليخوت Adriatic 42 في وقت لاحق من هذا العام، سيتعزز موقع مونتينيغرو لتصبح وجهة رئيسة لليخوت الفارهة في شرق البحر المتوسط.

في غضون ذلك، أصبح ميناء دبي المترامي الأطراف، إلى جانب مناطق الإبحار المحيطة به، قبلة هواة اليخوت في الشرق الأوسط.

ويحتوي المجمّع، الذي يهدف مطوّروه إلى جعله الأكبر في المنطقة، على ثلاثة مراسٍ، يبلغ عدد أرصفتها البحرية 700 رصيف.

ويشتمل مرسى باي مارينا Bay Marina المخصص لليخوت الفارهة على 104 أرصفة، يمكن لبعضها استيعاب يخوت بطول 525 قدمًا.

أما الميزة الإضافية لهذا المرسى، فتتمثل بأنه يقع في وسط دبي الحديثة، بالقرب من نخلة الجميرة وجزيرة بلو واترز.