كان لجائحة كورونا تأثير كبير على دول العالم كافة دون استثناء، وهو التأثير الذي طال تقريبًا مختلف مناحي الحياة، بدءًا من القطاع الصحي، مرورًا بإمدادات سلاسل الغذاء وتباطؤ الصناعة والتجارة، وصولاً إلى قطاع المنتجات فاخرة وخدمات الرفاهية التي تأثرت بعض مكوناتها بشكل واضح. ولكن بمجرد انحصار المخاوف المتعلقة بفيروس كوفيد 19 وانتهاء موجة الإغلاقات، عادت الحياة مرة أخرى لتدب في أوصال العالم، وليظهر جني بعض الدول لثمار ربما لم تكن في الحسبان، مثل ما شهدته تايلاند ودول جنوب شرق آسيا من تنامٍ وارتفاع في الطلب على العقارات الفاخرة.

ومع هذا الارتفاع الملحوظ في الطلب على منتجات الفخامة وخدمات الرفاهية، ارتفعت الأسعار مع بداية عام 2023، ومن ثم برزت بعض الوجهات الجاذبة للمستثمرين العقاريين الأثرياء حول العالم، مثل مقاطعة بوكيت جنوب تايلاند، وهو ما طرح تساؤلاً حول سر جاذبية تلك البقعة لمثل هذا النوع من الاستثمارات.

الجزيرة الفردوسية 

"بوكيت" أو "فوكيت" كما ينطقها البعض هي أكبر جزيرة في تايلاند، وهي تقع على ساحل المحيط الهندي وبحر أندامان، على بعد حوالي 870 كيلومترًا جنوب العاصمة بانكوك. تنعم الجزيرة بالخلجان الرائعة والشواطئ البيضاء الغنية بالنخيل، والمياه المتلألئة  والطبيعة البحرية المزدحمة بالحياة الغنية بالألوان، وكذلك الطبيعة البرية الساحرة، حيث الجبال المورقة، والشلالات والحدائق الجميلة، والهندسة المعمارية المستمدة من العمارة الهندية والبرتغالية والصينية، والتي تعود إلى أكثر من قرن مضى، والكثير من المزارات والأماكن السياحية المتميزة، وهو ما يهيئ أجواء ساحرة مناسبة تمامًا للاستجمام والاسترخاء والترفيه.

جزيرة بوكيت التايلاندية

Hotels

وتعد بوكيت جزيرة كبيرة مقارنة بالجزر التي حولها، ولذلك فإن ثمة خيارات متعددة وسهلة لزيارتها، كما أنها تقدم خيارات كثيرة للاستمتاع بالطبيعة البرية والبحرية.

فهي محاطة من ناحية الشرق بأكثر من 30 جزيرة صغيرة ومتنوعة، كما أنها تتباهى بالعديد من الشواطئ الرائعة مثل راواي وباتونج وكارون وكامالا وكاتا ياي وكاتا نوي وماي خاو، وجميعها تقريبًا توفر إرشادات ومعدات للغوص وركوب الأمواج والإبحار. وحسب الخبراء فإن شواطئ الساحل الجنوبي من الجزيرة عادة ما تكون مزدحمة، في حين أن شواطئها الشمالية تكون في الغالب أكثر هدوءًا.

تتدرج هذه الشواطئ كأهلة من الرمال البيضاء الهادئة حتى تصل إلى الرؤوس الصخرية التي تقصفها الأمواج الهائجة، بينما تقع الخلجان المنعزلة مخبأة بين رؤوس الغابات الكثيفة التي تنبسط حول الشواطئ البيضاء. وفي العديد من هذه الأماكن يمكن للزائر أن يشعر بأنه بعيد عن الحضارة بسنوات. وفي ساحل الجزيرة الشرقي، توفّر الجزر فرصًا لدعم مجتمعات الصيد، وتزخر بمزارع جوز الهند ومراعي الغزلان وأعشاش الطيور.

فضلاً عن ذلك، تُعد مقاطعة بوكيت ككل واحدة من البوابات الآسيوية الرئيسة للرحلات البحرية في المحيط، لا سيّما أنها تتمايز بمفهوم جديد لرحلات الاسترخاء التي تركز، إلى جانب الأنشطة الترفيهية على الأساليب العلاجية التايلاندية التقليدية لتحقيق رفاه الجسم والعقل. بل إنها أصبحت بذلك منتجعًا يتمتع بشهرة عالمية ويتيح خيارات وفيرة من تجارب الإقامة الفندقية والمغامرات الاستكشافية.  

جزيرة بوكيت التايلاندية

Hotels

زخم التنمية والاستثمار

وإذا كانت جزيرة بوكيت تشتهر بأجمل مشاهد لغروب الشمس في تايلاند، فإنها تتباهى أيضًا بهندسة معمارية كلاسيكية رائعة، ومشاريع تنمية مستمرة جعلت منها وجهة للباحثين عن منازل لعطلات يستمتعون بها على مدار العام.

يرى الخبراء أن كل ما سبق يعد ضمن الأسباب المنطقية لما شهدته بوكيت مؤخرًا من تزايد في الطلب على عقاراتها الفاخرة، أو ارتفاع معدلات الاستثمار والتنمية في هذا القطاع. ولكن ثمة أسبابًا أخرى لهذا الزخم منها الاهتمام المتزايد الذي يبديه أثرياء العالم للاستفادة من تغيرات أسعار الصرف، ومن ثم تحقيق أقصى استفادة استثمارية من الأموال التي ينفقونها في مثل هذه الوجهات. 

جزيرة بوكيت التايلاندية

Hotels

كل ذلك جعل من غير المستغرب ملاحظة النمو السريع في عدد المستثمرين العقاريين الذين يبحثون عن فرص تملك جديدة في سوق العقارات الراقية المزدهر الآن في فوكيت، سواء أكان مطلبهم شقق بنتهاوس أو فيلات أو منازل تقع عند أطراف الشواطئ مترامية الأطراف. والحقيقة هي أن تقارير سوق العقارات في الجزيرة تكشف عن عن فرص تملّك لا حصر لها.

فعلى سبيل المثال، يزخر الساحل الغربي الممتد من كاليم وصولاً إلى ناي زون بأكثر من 80 عقارًا بملايين الدولارات، لعلامات شهيرة في عالم الضيافة توفر من الترف والفخامة ما يكفي لجذب الباحثين عن التفرد والخصوصية.

وحسب الخبراء فإنه دائمًا ما يكون مقدار المساحة المربعة التي يمكن للمشترين الحصول عليها مقابل أموالهم عاملاً حاسمًا عند التفكير في شراء العقارات والفيلات الفاخرة. والحقيقة هي أن هذه المساحة قد تضاعفت في بوكيت على مدار السنوات العشر الماضية، فيما لا تزال الأسعار معقولة مقارنة بما هو عليه الحال في أماكن أخرى في العالم.

كما أن لعديد من الفيلات في الجزيرة تتكامل مع مساحات خارجية رحبة، وليس هذا هو الحال دائمًا في بعض أكثر النقاط الساخنة للعقارات الفاخرة في العالم، ولذلك يُنظر إلى هذه الميزة أيضًا على أنها مكافأة تقدمها بوكيت لزبائن الاستثمار العقاري فيها.