سواء تعلق الأمر بالطائرات الخاصة الخفيفة أو الطائرات التجارية العابرة للقارات، يظل الاتجاه السائد حاليا في مجال الطيران الخاص متركزًا حول زيادة المساحات الداخلية قدر الإمكان. يقول مات هيل، نائب رئيس قسم المبيعات والتسويق في شركة Aloft AeroArchitects، التي تصمم مساحات داخلية حسب الطلب لمالكين غاياتهم متباينة: "لقد أصبحت زيادة المساحة إلى حدودها القصوى من الأمور البديهية التي يترقبها الزبائن". تعمل الشركة حصريًا على طائرات بوينغ المخصصة لرجال الأعمال، وهي أكبر طائرات نفاثة خاصة في العالم حُوّلت لهذه الغاية من طائرات تجارية.

بعد تسلّم الطائرة بمقصورة داخلية "خضراء" (أي فارغة)، تشرع الشركة في تجهيز المقصورة، وهي عملية قد تستغرق آلاف الساعات. ومع أن طائرات بوينغ المخصصة لرجال الأعمال تبدو كأنها تضم بين جنباتها فدادين من المساحة الداخلية المتاحة، إلا أن هيل يقارن التحديات التي يلاقيها فريقه بتلك التي يلاقيها من يود تصميم منزل صغير الحجم: فالأبعاد محددة بدقة في كلتا الحالتين، ما يجبر المصممين على التفكير بطريقة إبداعية. عادة ما تكون زيادة المساحة القابلة للاستخدام مسألة تتوقف على سنتيمترات قليلة، ولذلك يصبح إيجاد أذكى الطرق لاستغلال كل حيز ممكن أولوية قصوى. يقول هيل: "لطالما أولينا أهمية كبيرة لجعل المساحات الصغيرة مزودة بتجهيزات متعددة، بحيث تزيد كفاءة كل حيز مهما كان صغيرًا".

على سبيل المثال، إذا أراد أحد المالكين مكتبًا وغرفة نوم للضيوف في مساحة محدودة، ستحاول الشركة التوصل إلى حل لمشكلة التصميم. ويعرض هيل الحلول الممكنة قائلاً: "هل بإمكاننا إنشاء مكتب قابل للتخزين، ووضع مقاعد على مسارات بحيث تشكل سريرًا كبير الحجم، أو ربما استخدام سرير قابل للطي؟".

أصبحت أيضًا زيادة المساحات الداخلية للطائرات الخاصة الأصغر حجمًا أمرًا بالغ الأهمية. في مؤتمر الطيران الخاص برجال الأعمال الذي عُقد مؤخرًا، قال إريك مارتل، الرئيس التنفيذي لشركة بومباردييه (Bombardier): "إني مع الرأي القائل إن المساحات الداخلية هي عنصر النجاح في بيع الطائرات"، وجاء حديثه هذا في معرض إشارته إلى نموذج مقصورة طائرة تشالنجر 3500 الجديدة من فئة الطائرات متوسطة الحجم من المستوى الأعلى. وقد رفض مارتل في المقابل الفكرة القائلة إن المدى الذي تقطعه الطائرة هو العامل الأكثر أهمية، مشددًا بدلاً من ذلك على الراحة والاستخدام الذكي للمساحة.

تنافس جديد بين الصناع في رحابة الطائرات الخاصة

ALOFT AeroArchitects/تنافس جديد بين الصناع في رحابة الطائرات الخاصة
صورتان للحمام داخل طائرة من طراز BBJ 737-700، حيث صممت شركتا Aloft AeroArchitects وEdese Doret Industrial Design المقصورة الداخلية لتبدو كأنها منزل مؤقت معلق في الهواء.

قد تشترك تشالنجر 3500 الجديدة المعدّلة مع طراز تشالنجر 350 في جسم الطائرة نفسه، ولكنها ليست تحديثا له فقط. يقول أدريان غورينغ، كبير المصممين الصناعيين في بومباردييه: "لقد بسّطنا معالم المقصورة وقلصنا الحجم قدر المستطاع باستخدام مقاعد Nuage الخاصة بعلامتنا، إلى حد أننا نحتنا مساند الظهر". ويضيف: "وفّرنا الحجم حيثما أمكننا ذلك، وكل هذا بهدف زيادة المساحات المفتوحة".

تنافس جديد بين الصناع في رحابة الطائرات الخاصة

ALOFT AeroArchitects/تنافس جديد بين الصناع في رحابة الطائرات الخاصة
صورتان للحمام داخل طائرة من طراز BBJ 737-700، حيث صممت شركتا Aloft AeroArchitects وEdese Doret Industrial Design المقصورة الداخلية لتبدو كأنها منزل مؤقت معلق في الهواء.

أما في شركة غلفستريم (Gulfstream)، فقد أصبحت المزايا الوظيفية المتعددة الشعار الذي يتردد داخل جدرانها. يقول تيم أوهارا، مدير قسم ابتكار التصاميم: "إذا كانت أمامك عدة أقسام في الطائرة تقدم تجارب متفرّدة - قسمين أو ثلاثة أو أربعة - فلن يكون الحجم عاملاً فارقاً بعد الآن.

ولكن الفارق سيكون مدى جودة التجربة التي تقدمها المقصورة". تأتي طائرة G700 الرائدة من غلفستريم مجهزة بطاولات تنزلق عبر الممرات لتشكل مساحة كبيرة لتناول الطعام، فضلاً عن تقنية الصوت المحيط التي تُحدث شرنقة بلا جدران حول مساحة الترفيه. وفي طراز G400 الجديد، تتحول المقاعد إلى أسرّة. وقد استحدث المصممون هنا أيضًا حجرات تخزين خلف المقاعد بما يسمح ببسْطها كليًا.

تنافس جديد بين الصناع في رحابة الطائرات الخاصة

Airbus/تنافس جديد بين الصناع في رحابة الطائرات الخاصة
صمم فنان الغرافيتي الفرنسي سيريل كونغو هذه المساحات الداخلية الملونة داخل طائرة من طراز ACJ TwoTwenty.

يقول أرنو مارتن، الرئيس التنفيذي للاستراتيجية والتطوير المؤسسي في شركة كوملوكس Comlux، التي يقع مقرها في زيورخ والتي استلمت مؤخرًا أول طائرة من أصل 15 طائرة من طراز ACJ TwoTwenty لإنجاز تصاميمها الداخلية: "في الوقت الراهن، بات أسلوب الحياة المتّبع في مقدمة اهتمامات المالكين عند تصميم طائراتهم". وأضاف: "قبل بضع سنوات فقط، كان أغلب المالكين يطلبون مساحات داخلية مخصّصة تشتمل على أكبر عدد ممكن من الغرف. أما الآن، فقد صاروا يريدون أقسامًا خاصة للنوم أو العمل، وفي الوقت نفسه واحات اجتماعية أكبر بمساحات أكثر اتساعًا".

تتميز طائرة ACJ TwoTwenty، التي اعتُمد في تصميمها على طائرة إيرباص 220 التجارية، بحجم داخلي أكبر بكثير من حجم طائرات الأعمال المصممة لأغراض خاصة، مثل طائرة Gulfstream G700 أو طائرة Bombardier Global 7500، ولكن مداها وسرعتها وارتفاعها أقل مقارنة بما هو عليه الحال في هاتين الطائرتين. ويعتقد بينوا ديفورج، رئيس ACJ، أن مزيدًا من المالكين سيتقبلون هذه المقايضات إذا كان ذلك يعني مثلاً الحصول على غرفة نوم واسعة مع سرير بحجم كبير ومرش ماء بطول سبع أقدام. ويعلق ديفورج قائلاً: "لماذا تتسابق للحصول على طائرة تقطع أقصى مدى ممكن، إذا كان بإمكانك الطيران بأريحية لمدة 12 ساعة وفي الوقت نفسه عبور القارات؟"