إذا حذونا حذو المشككين، فلا مفرّ من القول إن سيارة بورشه 911 قد عانت سكرات الموت منذ ظهورها الأول في معرض فرانكفورت للسيارات عام 1963. 
في البداية، تعرّضت السيارة لانتقادات شديدة بسبب ثقلها وتعقيدها مقارنة بسلفها بورشه 356، ثم اتُهم الطراز ذو الذيل العريض بالابتداع المُشين عندما عززته العلامة بشاحن توربيني في عام 1974. 
وتكرر الأمر عقب الانتقال إلى التبريد السائل عام 1999، ثم بعد تغلغل الشواحن التوربينية في الطرز التي كشفت عنها بورشه في عام 2016.
هذه المرة يطال الاستنكار سيارة 911 GTS بسبب التهجين. يقول منتقدو السيارة الجديدة إن تطويرها جاء لغاية زيادة الكفاءة، لكنهم قد يتفاجؤون إذا علموا أنها مجهّزة بمحرك من ست أسطوانات في خط مستقيم وبسعة 3.6 لتر، يدعمه شاحن توربيني يرفع قوة عزم الدوران إلى 609 نيوتن متر والقوة إلى 532 حصانًا. 

وبذلك يتفوق هذا الطراز على الطراز القياسي المزود بمحرك سعة 3 لترات، كما يتفوق على قوة طراز كاريرا النموذجي بزهاء 144 حصانًا. 

هذا ما تعد به قيادة بورشه 911 GTS الهجينة

في أثناء قيادة السيارة الهجينة القادرة على توليد قوة 532 حصانًا على حلبة أسكاري الإسبانية./ بورشه 911 GTS الهجينة

Porsche © Rossen Gargolov

في أثناء قيادة السيارة الهجينة القادرة على توليد قوة 532 حصانًا على حلبة أسكاري الإسبانية.

تفاديًا لزيادة وزن سيارة 911 GTS الهجينة، تورّعت بورشه عن استخدام محرك هجين بمصدر شحنٍ ثابت، إذ إنه كان سيُثقل السيارة بسبب الحاجة إلى استخدام بطارية أكبر وقابض لفصل المحرك عن نظام الدفع.

وبفضل النظام الهجين الذي جهّزت به بورشه سيارة GTS، فإن وزنها لم يَزد على سلفها إلا بنحو 46 كيلوغرامًا، من دون احتساب وزن المقاعد الخلفية الاختيارية الذي يبلغ 10 كيلوغرامات.

يُعزز استخدام هذا المزيج من الوقود والقوة الكهربائية اندفاع السيارة، كما يعزز قوة عزم الدوران والتسارع السلس حتى دوران المحرك 7,500 دورة في الدقيقة. 

يستغرق تسارع سيارة الكوبيه من صفر إلى 60 ميلاً/الساعة نحو 2.9 ثانية، فيما يستغرق تسارع النسخة المجهزة بمحرك احتراق داخلي نحو 3.2 ثانية. 

تؤدي جنيحات سحب الهواء الجديدة إلى تبديد الحرارة عند تشغيلها وتقليل السحب عند إيقافها. / بورشه 911 GTS الهجينة

Porsche © Rossen Gargolov

تؤدي جنيحات سحب الهواء الجديدة إلى تبديد الحرارة عند تشغيلها وتقليل السحب عند إيقافها. 

ومع أن فورة المحرك لافتة ونبرة العادم مجزِية، وخصوصًا عند فتح جنيح العادم الرياضي القياسي، غير أن استجابة سيارة 911 GTS الهجينة تختلف بين فئات كوبيه وكابريوليه وتارغا، كما تَبيّن على الطرق الإسبانية المتعرجة عبر أرياف إقليم الأندلس. 

بفضل إعدادات القيادة المكشوفة في طرازي كابريوليه وتارغا، سيستشعر السائق فيضًا من الأحاسيس الغامرة، لكنها تبقى دون مستوى قيادة نسخة الكوبيه لأن توجيهها لا يرقى إلى درجة السموّ ولأن هيكلها يفتقر إلى طابع الفخامة المنشود.

أداء سلس

على حلبة أسكاري الإسبانية، تتكشف مزايا GTS المتصلة بالسرعة والتوازن، لكن ليس بالقدر المرغوب. صحيح أن هذه السيارة الهجينة تتفوق على سلفها بفارق 8.7 ثانية على حلبة نوربورغرينغ نوردشلايف، التي تُعد محكّ اختبار الكفاءة في القطاع، ولكنها تفتقر إلى الاستجابة الفورية والحيوية اللافتة التي تتمايز بها طرز بورشه الجامحة مثل طراز 911 S/T.

لن تندثر الأصوات المنتقِدة التي تزعم أن سيارة GTS تشوّه الهوية الموقّرة لخط بورشه 911، وقد لا يكون من يزعم ذلك مخطئًا بالكامل. فالمحرك الكهربائي يَحول دون اعتماد ناقل الحركة اليدوي في نظام الدفع الهجين. 

تُهيمن شاشة اللمس مقاس 10.9 بوصة على لوحة القيادة. / بورشه 911 GTS الهجينة

Porsche © Rossen Gargolov

تُهيمن شاشة اللمس مقاس 10.9 بوصة على لوحة القيادة في سيارة 911 GTS الهجينة.

على أن الناقل ليس العنصر الوحيد الحقيق باستنكار طائفة التقليديين الأوفياء الذين يتثير استهجانهم أيضًا زر التشغيل والإيقاف الذي حلّ محلّ المفتاح التقليدي على اليسار، والشاشة المنحنية مقاس 12.6 بوصة التي حلّت محل مقياس السرعة التناظري الأيقوني البارز. 

إن الاستغناء عن هذه العناصر المحبوبة علامة فارقة ومؤسفة، ما يثير العديد من التساؤلات حول طبيعة المزايا التي ينشدها هواة السيارات الرياضية الفاخرة: كان الأداء السلس مَطلبهم فقد بات تحقيقه سهلاً في السياق الراهن. لكن إذا كانت اللمسات التراثية هي المراد، فإنها سائرة إلى الاندثار يومًا تلو آخر.

بالرغم من ذلك، ينبغي التذكير بأن بورشه قد أكدت في مناسبات عدة أنها على استعداد لبناء طرز مجهزة بمحركات تعمل بالسحب الطبيعي ومقاييس تناظرية بالغة الإتقان. 

لذلك، لا بد من استحضار رمزية اسم سيارة GTS الجديدة، بمعنى "غران توريزمو سبورت" Grand Turismo Sport، لأن هذا التوصيف لا يدخل على سيارات 911 إلا بتحقق الأداء العالي وسهولة الاستخدام اليومي، وهذا ما تتّسم به هذه السيارة الهجينة إلى أبعد حد.