على غير ما هو عليه حال السيارات التي تعمل بالبطاريات، لمّا تبرز بعد القوارب الكهربائية بقوة على الساحة، بالرغم من أن أقدم طراز من هذه الفئة ظهر في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، تقريبًا في الوقت نفسه الذي ظهرت فيه أول سيارة كهربائية. لكن رياح التغيير قد تكون على الأبواب، مع وصول الجيل الأول من القوارب الكهربائية التجارية عديمة الانبعاثات إلى المياه.

إلى جانب تخلّي هذه القوارب الجديدة عن الوقود الأحفوري، فإنها تمتاز أيضًا بسهولة الصيانة، وانخفاض تكاليف التشغيل، وإمكانية تصليح الأعطال وإجراء تحديثات البرامج بالكامل عن بُعد.
اختبرنا عددًا من هذه القوارب المُجهزة بالبطاريات، وانتقينا ثلاثة منها فاقت التوقعات. لكن القاسم المشترك الجاذب للانتباه بين هذه الطُرز يتمثل في التصاميم الذكية الزاخرة بالتفاصيل.

قـوارب كهربائية فاخرة مخصصة للرحلات البحرية

Voltari 260 

صُمم هذا القارب، البالغ سعره 450,000 دولار، بالاستناد إلى ذلك الهيكل الذي جعل من علامة "بانتيرا" أسطورة بحرية حية. لكن هذا القارب المصنوع بالكامل من ألياف الكربون أخفّ بنحو 998 كيلوغرامًا من القوارب التقليدية المصنوعة من ألياف الزجاج، ويتّصل مُحرّكاه الكهربائيان بنظام دفع واحد وستّ بطاريات تبلغ قدرتها الإجمالية 142 كيلو واط في الساعة، ما يرفع وزنه الإجمالي إلى 3,175 كيلوغرامًا.

تبلغ القوة القصوى لهذا القارب 550 كيلو واط (ما يعادل 740 حصانًا)، وهي قوة يستشعرها الرّكاب فوْر اختراقه مياه المحيط الأطلسي. تُنتج المحركات قوة عزم دوران تساوي 1,349 نيوتن متر، وتتسارع بالقارب تسارعًا عنيفًا، ومع ذلك، يَقي الهيكل المُصمّم بزاوية حادة على هيئة حرف V جميع مَن على متن القارب من الرذاذ المتناثر.

وبالرغم من أن كلاً من المحرك الخارجي من طراز كونراد Konrad ونظام التوجيه يضفيان ضوضاء محيطة على الرحلة الموسومة بالصمت، إلا أن الحديث بين الركاب لا يصل إلى درجة الصياح، وهو أمر يتعذّر في العادة إذا كانت المحركات الخارجية في مؤخرة القارب ضخمة.

تشتمل دفة القيادة على مختلف المزايا المُنتظرة من قارب فاخر بطول 26 قدمًا، مثل أسطح تعديل الموازنة، وصمامات الخانق عالية الأداء، والشاشتين مقاس 17 بوصة من غارمن، اللتين تعرضان الخرائط الملاحية وبيانات الرحلة البحرية.

ويزهو القارب أيضًا بتجهيزات وتشطيبات عالية الجودة، وهيكل وقُمرة أنيقين من ألياف الكربون (تُركت بعض المواضع مكشوفة لغايات جمالية)، تغطيهما كسوة من جلد ألكانتارا حيكت يدويًا.

وقد تعمّد المُصمم جي ديفيد فايس استخدام ألوان مُبهرجة (الأسود والذهبي) لطلاء مُقدمة جوانب القارب الذي يعلوه سقف متين مُستوحى من أسماك شيطان البحر، لكنه حقق ذلك من دون أن يُسقط التصميم في الابتذال (نشير هنا إلى أن بمقدور الزبائن اختيار الألوان التي تناسب ذائقتهم).

مع ذلك، ثمة مخاوف بشأن مدى السفر الذي يمكن تحقيقه بهذا القارب الذي تبلغ سرعته القصوى 60 ميلاً/الساعة. ولكن شركة فولتاري تقول إنه قادر على قطع 35 ميلاً عند قيادته بسرعة 30 عقدة بحرية في ظل ظروف جوية مثالية، وهي مسافة نموذجية لـقوارب الرحلات اليومية

تبلغ القوة القصوى لهذا القارب المصنوع من ألياف الكربون 550 كيلو واط.

Voltari
تبلغ القوة القصوى لهذا القارب المصنوع من ألياف الكربون 550 كيلو واط.


Hacker-Craft 27 Special Sport 

يُعد قارب 27 Special Sport من هاكر - كرافت نظيرًا لقارب فولتاري السابق الذكر، غير أنه يمتاز عنه بتصميم يُغطيه خشب الماهوغاني في أسلوب جمالي يستدعي عشرينيات القرن الماضي، وهذا ما يجعل منه معيارًا للقوارب الفاخرة التي تخترق البحيرات.

في المياه الهادئة، يُولد القارب قوة عزم دوران فورية كفيلة بأن تُلصق الرّكاب بالمقاعد المكسوة بالجلد الأبيض الناعم (يعرف هذا اللون باسم Prodigy Cream)، إذ يتسارع من صفر إلى 34 ميلاً/الساعة في غضون ثوانٍ، قبل أن يُقلل السرعة تلقائيًا إلى 30 ميلاً/الساعة لتجنب ارتفاع درجة حرارة نظام التشغيل. وتشكل هذه الميزة جزءًا من خاصية إدارة الحرارة التي جُهز بها. 

يصعب تحديد العامل الأكثر إثارة للإعجاب في هذا القارب: هل هو مُقدمة جوانبه الجميلة المكسوّة بخشب ماهوغاني في نمط مخطط، أم هو الصوت الشبيه بنغم الغيتار والصادر عن الهيكل الخشبي لحظة يضرب صفحة الماء؟ يقترن المحرك الذي ينتج قوة تساوي 220 كيلو واط ببطاريتين تبلغ قدرة تخزينهما الإجمالية 126 كيلو واط في الساعة. 

عندما أبحر قارب 27 Special Sport عبر بحيرة كونواي الواقعة في أورلاندو، شقّ المياه في خط مستقيم، ثم استدار بخفة وأناقة باهرة، كأنه خارج من رواية غاتسبي العظيم، في تناقض صارخ مع القوارب البلاستيكية التي تناثرت في الأرجاء.

يصل سعر هذا القارب إلى 695,000 دولار، بزيادة قدرها 172,000 دولار عن الإصدار نفسه المزود بمحركٍ من طراز "إلمور" Ilmor بقوة تساوي 400 حصان. يجمع هذا القارب بين التكنولوجيا المتطورة والحرفية العالية من دون الإخلال بالأداء، وهذا ما يجعل منه قارب رحلاتٍ يومية في غاية التفرد. 

يمتاز القارب بتصميم يُغطيه خشب الماهوغاني في أسلوب جمالي يستدعي عشرينيات القرن الماضي.

Aaron Katen
يمتاز القارب بتصميم يُغطيه خشب الماهوغاني في أسلوب جمالي يستدعي عشرينيات القرن الماضي.


X Shore Eelex 8000 

يتطلب الإبحار عبر الممر المائي الساحلي لفلوريداIntracoastal Waterway تصميمًا مختلفًا، وهو ما تجسد في قارب Eelex 8000 من شركة إكس شور. يمتاز هذا القارب السويدي الصنع الذي يبلغ طوله 26 قدمًا بدفة قيادة تقع في المنتصف، وسطح مفتوح بسيط التصميم، مع مقدمة مرتفعة ومؤخرة مفتوحة.

ويمكن أيضًا تبديل هيئة قمرته بسهولة بفضل وحدات الأثاث المتحركة. كما يتكامل فيه الطابع العملي (مساحة التخزين الواسعة) مع الاستدامة (السطح وحواف الهيكل مصنوعة من الفلين)، وتثريه بعض الزخارف المتفرقة، مثل المقبض المنحوت على شكل سمكة الأنقليس الرعاد والقائم على مقدمة القارب.

يتفرّد هذا القارب بدفة قيادة تقع في المنتصف، وسطح مفتوح بسيط التصميم.

X Shore
يتفرّد هذا القارب بدفة قيادة تقع في المنتصف، وسطح مفتوح بسيط التصميم.


يبلغ سعر القارب نحو 329,000 دولار، وهو مجهز بمحرك كهربائي وبطاريتين قدرتهما الإجمالية تساوي 126 كيلو واط في الساعة، ما يجعل الإبحار على متنه رحلة مثيرة بكل ما في الكلمة من معنى. وعلى ما هو عليه حال الطرز السالفة الذكر، يتسارع هذا القارب بثبات مذهل وهدوء صارخ من صفر إلى 34.5 ميل/الساعة، فلا يُسمع في الأجواء صوتٌ إلا صوت الرياح والأمواج.

بعد برهة من القيادة بالسرعة القصوى، يُخفض النظام تلقائيًا السرعة إلى 23 ميلاً/الساعة. وهذا أمر منطقي، لأن التصميم المفتوح للقارب يقصد إلى جعل الرحلة مناسبةً غايتها التواصل، لا التسابق. وبالرغم من أن المدى الذي يستطيع هذا القارب قطْعه محدود، إلا أنه قادر على الإبحار لمسافة 90 ميلاً بحريًا إذا لم تتجاوز سرعته 8 أميال في الساعة. فضلاً عن ذلك، جُهّز القارب بميزة تمكّنه من العودة إلى المنزل إذا بلغ مستوى البطارية 10%، وهذا ما يتيح له قطع 10 أميال أخرى في أناة.