نحن في أواخر الربيع، وأنا أقود سيارتي عبر منطقة لايك ديستريكت الواقعة بشمال إنجلترا، وهي منطقة طافحة بالمياه، مثلها مثل سياتل، تشهد تساقطات مطرية لقرابة 200 يوم في السنة.
أنساب عبر تلال متماوجة وافرة الخضرة تتناثر عبر امتداداتها الأبقار والأغنام، وأمرّ بالسهول الطينية الممتدة على طول الساحل في خليج موركامب والمياه الساكنة لبحيرة ويندرمير التي تعج بالمراكب الشراعية والتي تسوّرها من الجهات كافة غابة كثيفة.
في هذه الرقعة الخصبة من بريطانيا، أتوقع أن أرى أكشاكًا لبيع المنتجات الزراعية في كل ركن، وآلاف الفدادين المزدهية بالخيرات الزراعية الصالحة للأكل.
كان الطاهي البريطاني سايمون روغان يتوقع نتيجة مماثلة في عام 2002، عندما باع هو وزوجته بِيني ممتلكاتهما كلها وانتقلا إلى بلدة كارتميل الصغيرة، البعيدة نحو 80 ميلاً عن جدار هادريان، جنوب حدود الإمبراطورية الرومانية مع اسكتلندا.
في هذا المكان، راهن روغان بكل ما يملك على افتتاح وجهة جديدة للطهي الموسمي الحديث في ما كان يشكل سابقًا ورشة حدادة تعود للقرن الثالث عشر وتقع بمحاذاة نهر إييا.
أطلق الطاهي على هذه الوجهة اسم "لونكلوم" L'Enclume، الكلمة التي تعني "السندان" بالفرنسية (كانت السنادين العتيقة المثبتة في حجرة الطعام تشكل جزءًا من الورشة الأصلية)، في إشارة إلى المطاعم الريفية الفرنسية التي شكلت مصدر إلهامه.
وفيما راح روغان يتولى مهامه في المطبخ، كانت زوجته تدير حجرة الطعام وترحب بالضيوف. يقول روغان عن زوجته التي توقفت عن هذا العمل: "كنا فريقًا متكاملاً في تلك الأيام".
الطريق إلى النجوم
وُلد روغان في الساحل الجنوبي لبريطانيا، وبدأ مسيرته المهنية في الطهي عندما كان مراهقًا، في مطعم يوناني عادي في ميناء ساوثهامبتون.
وبعد فترات قضاها بين باريس ولندن، كان يأمل أن يجد مجموعة متنوعة من المكونات المحلية يمكنه استخدامها في المطبخ حينما انتقل شمالاً لإدارة أول مطعم يمتلكه.
افتتح مطعمه مقابل المخبز الذي يزعم أنه اخترع حلوى التوفي اللزجة، وبالقرب من دير كارتميل الذي يعود بناؤه إلى القرون الوسطى.
وفي هذا يقول: "كنت أعلم أن أعلاف الماشية ستكون ممتازة هنا. ولكنني لم أتخيل أن تكون المحاصيل الزراعية في غاية السوء".
تبيّن أن أفضل الفواكه والخضراوات مستوردة كلها من أماكن أخرى، وذلك لأن قسمًا كبيرًا من الأراضي الصالحة للزراعة مخصص لتربية الماشية. ولذلك، قرر روغان زراعتها لنفسه. وفي هذا يقول: "كان أول شيء زرعناه هو الفجل، وليس بسبب سهولة زراعته فحسب، ولكن لأن الفجل في هذه المنطقة كان رديئًا".
منذ أن كشف مطعم "لونكلوم" النقاب عن قوائم طعامه الأولى التي مزجت بين المكونات المزروعة محليًا وأدوات وتقنيات الطهي المتطورة التي أحدثت ثورة في عالم الطعام الفاخر قبل عقدين، أثبت روغان لبريطانيا أن لهذه الزاوية الخضراء من أقصى شمال إنجلترا القدرة على إرضاء الذوّاقة (حقق مطعم Fat Duck إنجازًا مشابهًا غير بعيد عن لندن عندما افتتحه هيستون بلومنثال لأول مرة في بلدة براي قبل بضع سنوات).
بعد نجاح محاولته الأولى، افتتح روغان مطعمين آخرين في كارتميل: مطعم Rogan & Co. البسيط الحائز نجمة ميشلان، ومطعم Aulis التجريبي المجهز بمائدة من ستة مقاعد يجلس الضيوف من حولها ليختبروا لأول مرة الأطباق التي بلغت مراحل التطوير النهائية قبل إقرارها في قائمة طعام "لونكليم".
وفي مطلع هذا العام، نال مطعم "لونكليم" نجمة ميشلان ثالثة بفضل استخدامه نكهات معقدة متعددة الطبقات ومكونات أساسية أصيلة، وهو يعد أول مطعم في المنطقة يحقق هذا الإنجاز.
يقول روغان: "يقصدنا أشخاص من مختلف أنحاء العالم، إلى حد أن نصف ضيوف المطعم حاليًا من الأجانب، مطاردي المطاعم الحائزة ثلاث نجوم، وهؤلاء هم تحديدًا من ننشدهم".
بالرغم من أن دليل ميشلان الجديد يغدق الثناء على المطعم (ممتدحًا "أطباقًا جديدة مذهلة... مدمجة بسلاسة في القائمة")، إلا أن النقاد البريطانيين المشككين لم يكونوا دومًا على وفاق مع أسلوب روغان المتكلف: في مقال نُشر عام 2018 في صحيفة ذا غارديان، كتبت غريس دِينت تقول: "إن طعام روغان هو دائمًا تجربة ذاتية للغاية.
تستثير أطباقه حماستك في البداية، وبعدها بدقائق تنفرك.
وربما هذا هو بيت القصيد".
مع ذلك، تصدّر حصول مطعم "لونكليم" على النجمة الثالثة عناوين الصحف في مختلف أنحاء البلاد، فاندفع جمهور من روّاد سياحة المطاعم إلى كارتميل والمناطق المحيطة.
فلطالما كانت منطقة لايك ديستريكت ملاذًا للصيادين والمتنزهين في الأرياف ومتسلقي الصخور، واشتهرت بمعالمها السياحية الجذابة التي تحدثت عنها الكاتبة بياتريكس بوتر في كتابها The Tale of Peter Rabbit (قصة الأرنب بيتر) وبالأنشطة التي يمكن للعائلات الاستمتاع بها في الهواء الطلق.
ولكن، بفضل روغان، أصبحت المنطقة وجهة مكتملة الأركان للباحثين عن تذوق أطايب الطعام. لكن سمعتها الجديدة هذه لم تعد تنحصر بالعرّاب المؤسس، بل باتت تتجاوزه.
Amanda Farnese Heat
بطاطس بامبينو ممزوجة مع رماد أوراق البصل وجبن تشيدر ويستكومب ومخلل الجوز في مطعم "لونكلوم" الكائن في بلدة كارتميل في إنجلترا.
مثالٌ يُحتذى
في السنوات الأخيرة، شجعت شهرة روغان نفرًا من الطهاة الشباب للسير على خطاه، وهكذا أحالوا عددًا من الأبنية القديمة والتاريخية في المنطقة إلى مطاعم متفردة.
نذكر من هذه الوجهات مطعم Old Stamp House الذي يحتل مبنى يقع في أمبلسايد يعود إلى القرن التاسع عشر، استخدمه الشاعر ويليام ووردسوورث مكتبًا حينًا من الزمن. وقد أعدت قائمة الطعام هنا لتكون رحلة عبر المناظر الطبيعية للمنطقة.
عمل راين بلاكبورن، الذي افتتح المطعم في عام 2014، في "لونكليم" قُبيل حصول روغان على نجمة ميشلان الثانية في عام 2013.
كان بلاكبورن رئيسًا للطهاة في مؤسسة أخرى، ولكنه أراد أن ينهل من معارف المعلم. وإذ يستعيد ذكريات تلك المرحلة، يقول: "كان المطبخ جامحًا، يحتوي على محاقن، وحوض مائي ذاتي الصنع، وتجهيزات أخرى غريبة.
ولكن كان يمكنك أن ترى على الفور أنه كان مطبخًا مميزًا". يعمل بلاكبورن اليوم على بناء إمبراطوريته الصغيرة في أمبلسايد، أعلى بحيرة ويندرمير، حيث يجهّز لافتتاح مطعم صغير للمقبلات بمحاذاة مطعمه الفاخر الرئيس، وحيث افتتح أخيرًا مطعم Kysty الأقل رسمية في نهاية الشارع نفسه.
ثمة خطة توسعية مماثلة قيد الإنجاز في بلدة سيدبيرغ على الحافة الشرقية من لايك ديستريكت، حيث حوّل جيمس راتكليف ونينا ماتسوناغا في عام 2018 نزلاً مهجورًا إلى مطعم طموح يحمل اسم Black Bull، ويضم أيضًا غرفًا فندقية في الطابق العلوي.
تتميز القائمة التي تشرف عليها ماتسوناغا، المهاجرة الألمانية ذات الأصول اليابانية، بمزيج متنوع من أطايب المطبخين البريطاني والآسيوي (مثل التوفو مع لحم الضأن المحلي، ولحم الأرانب البرية مع المربى).
ويأمل الثنائي أن يضيفا مطعمًا ثانيًا إلى ممتلكاتها في البلدة قريبًا (تقول ماتسوناغا إنه "سيكون محلًا يقدم أطباقًا صغيرة مطهوة بِحسّ شخصي أكثر")، وكذلك مخبز وفرن لتدخين الأغذية. يصرح راتكليف: "نحن في سعي دائم إلى تحقيق الإنجاز التالي".
Amanda Farnese Heat
الإطلالة على بحيرة ويندرمير من مطعم Henrock، الإضافة الأحدث من روغان إلى مطاعم منطقة لايك ديستريكت.
من المزرعة إلى المائدة
في كارتميل، يزرع روغان الآن الكثير مما فشلت منطقة لايك ديستريكت في زراعته.
وتزود مزرعته التي تبلغ مساحتها 12 فدانًا مطاعمه الأربعة في المنطقة ومطعمًا آخر في لندن بمختلف أصناف الفواكه والخضراوات والأعشاب الضرورية.
وفيما يتجول بين أحواض المنتجات بعد ظهر أحد الأيام في أوائل شهر يونيو، يقول: "لقد كانت بداية الموسم بطيئة جدًا، فلا الجو متجمد تمامًا ولا هو دافئ بدرجة كافية.
لم تبدأ انطلاقة الموسم الحقيقية بعد". ويتابع مشيرًا إلى الفراولة والبازلاء الطازجة والأزهار الصالحة للأكل والفاصوليا وبراعم الجرجير ونبات الكراث الصغير: "عندما نحصد النباتات، نتطلع دائمًا إلى استخدام كل جزء منها: الجذور والسيقان والأوراق والأزهار وغيرها. فهذا ما يقود الإبداع".
تحتضن المزرعة أيضًا بستانًا به أشجار كمثرى وتفاح، وثمة دجاجات تبيض في الأرجاء.
مساء ذلك اليوم، تتبعت دورة حياة المكوّنات من المزرعة وصولاً إلى الطبق المقدم، ثم جلست لتناول العشاء تحت الدعامات الخشبية الثقيلة لغرفة الطعام القديمة في مطعم "لونكلوم".
وعلى منصة في نهاية طاولتي الخافتة الإضاءة، وُضع مغلف مختوم بالشمع بداخله قائمة الطعام الطويلة لهذا المساء. يخبرني النادل: "الأمر متروك لك، إما أن تفتحه أو تنتظر المفاجأة".
وسرعان ما تصلني أولى الوجبات الخفيفة المتمثلة بفطيرة لحم أنقليس تُغمس في خليط الكاشم الرومي القشدي اللذيذ ومكعب من عجينة كرواسون بالجبن منكّه بشراب شجر البتولا.
ويشبه تناول ترتار لحم الغزال المُطرى بزيت الفحم (منقوع مدخّن يُبتكر في مختبر المطعم) أكل جمرة من نار ولكن على نحو جيد، إذا استطعت تخيل ذلك.
تأتي الأطباق تباعًا. وبعد ثلاث ساعات و15 دورة طعام، تبدو الغرفة مثل عربة مهرّجين: تظهر وجوه جديدة في كل مكان، مع تناوب العاملين والمضيفين والطهاة على تقديم الأطباق للضيوف.
وفيما يستقر الكافيار المتبّل بملح مالدون فوق طبق كاسترد مالح مرصع بالمحار ومدهون بمرق اللحم البقري، يتكئ سمك التربوت غير المطبوخ كليًا إلى قطع محار دقيقة تتلألأ بزيت الصنوبر.
وبسبب استنفاد قدر كبير من المخزونات المحلية في لايك ديستريكت (فحتى الروبيان البني الذي يشتهر به خليج موركامب شحيح هذه الأيام بعد سنوات من الصيد الجائر)، تُستقدم أغلب المأكولات البحرية إلى مطعم "لونكلوم" من أماكن أخرى في إنجلترا.
بالرغم من ذلك، يُعد لحم خرفان هيردويك الرمادية الصوف المنتشرة في المنطقة من أكثر اللحوم التي تحظى بتقدير كبير في البلاد.
يصل وعاء خزفي ترابي المظهر إلى طاولتي، وعاء يحتضن أول ثلاثة أطباق مُعدة بلحم ضأن هيردويك إلى جانب قطع من خبز حلو يقطر بعسل رامسون تحت طبقة من الثوم الأسود.
وبعد أن تذكر النادلة مكونات الطبق المعقدة، تخبرني بابتهاج: "عليك أن تباشر في تناولها حالاً".
للاحتفال بمرور عشرين عامًا على افتتاح مطعم "لونكلوم"، شرع روغان في عقد مشاريع تعاون جديدة مع منتجين محليين منذ مطلع العام.
وقبيل اختتام الوجبة، قُدّم طبق من جبن حليب الأغنام ملفوف بأوراق الثوم البري، الذي ابتكره فريق روغان بالشراكة مع صانع الجبن المحلي مارتن غوت (من مصنع ألبان سانت جيمس المجاور).
سيصدر أيضًا كتابان للاحتفال بالذكرى التأسيسية العشرين، الأول يصفه روغان بأنه "كتاب فني لا يضم أي وصفات، وإنما يرصد دورة حياة الملفوف".
أما الثاني، فيقول إنه "كتاب وصفات به الكثير من الصور" ويستعرض مسيرة سنة في مطعم "لونكلوم". ولاختتام هذا الاحتفال، قد يتوسع المطعم بإزالة بعض الجدران، ليس بغرض إضافة مزيد من الموائد ولكن لتوفير مساحة أكبر.
ويأمل روغان أن يوظف خزّافًا بدوام كامل لصنع أطباق جديدة لمختلف مطاعمه في كارتميل التي تقع على مقربة بعضها من بعض.
Amanda Farnese Heat
على أتم الاستعداد في Aulis، مطعم روغان المجهز بمائدة من ستة مقاعد.
في زمن الجائحة
بمرور السنين، تغلغل روغان تدريجيًا في البلدة (يبلغ عدد سكانها على مدار العام نحو 4000 نسمة)، واستحوذ على عدد من العقارات، وهذا ما مكّنه من إضافة مساحات مكتبية ومتجر صغير للبيع بالتجزئة وغرف للضيوف.
ثمة حاليًا 16 غرفة للإيجار في عدد من المباني المجاورة، كلها قريبة من مطعم "لونكلوم"، وجميعها محجوزة باستمرار (لم أنجح في حجز واحدة).
حتى وقت قريب، كسب روغان ثقة سكان البلدة عن طريق إضافة وجبة غداء ميسورة التكلفة إلى قائمة الطعام في "لونكلوم".
وقبل إحراز النجمة الثالثة، كان المطعم يقدم قائمة مختصرة في الظهيرة سعرها 75 جنيهًا فقط (نحو 90 دولارًا).
لكن الحال تغيّر أوائل هذا العام، إذ عمّ الغضب الأرجاء عندما ألغيت تلك القائمة وارتفع سعر قائمة الطعام التقليدية بنسبة 22% لتصل إلى 250 جنيهًا (نحو 300 دولار) للفرد.
(في مايو الماضي، علقت صحيفة "ذا تايمز" على هذا الحدث بهذا العنوان: "إخراج السكاكين بعد رفع مطعم 'لونكلوم' الحائز نجمة ميشلان أسعاره").
وفي هذا يقول روغان: "بدا الأمر كما لو أن ارتفاع الأسعار جاء نتيجة حصولنا على النجمة الثالثة، ولكن لا علاقة للنجمة بذلك.
ما عليك إلا أن تنظر إلى أحوال العالم لتدرك السبب". ومع ذلك، أدت تلك الزيادة إلى اندلاع حملة مقاطعة.
يقول روغان: "كانت عمليات الإلغاء قاسية، ولكن الأمور عادت إلى مجاريها الآن".
Amanda Farnese Heat
طبق من مطعم "لونكلوم" مكوّن من لحم مصدره مزرعةHuntsham Farm مع اللفت وأوراق السلق الملونة والثوم الأسود.
قبل الوباء، كان انتباه روغان موزعًا أكثر. كان حينها طاهيًا مثل مشاهير الطهاة كافة، يقفز من طائرة إلى طائرة ومن قطار إلى قطار، ويزور مطاعمه في لندن وهونغ كونغ، وكان على وشك افتتاح مطعم في نيويورك.
ولكن عندما فُرض الحظر عالميًا، تداعت صفقة نيويورك.
كذلك أغلق مطعمه اللندني الرئيس Roganic الذي يعد نسخة مصغرة عن "لونكلوم"، والذي كان يصفه "بالواجهة التي تقود الناس إلى الشمال" (لا يزال يدير هناك مطعم Aulis المجهز بثمانية مقاعد).
وعندما استقر روغان في لايك ديستريكت، صبّ اهتمامه على المزرعة التي أضافت أرضًا ثالثة للزراعة خلال العام الماضي، كما أطلق خدمة لطلب الطعام تحت اسم Home by Simon Rogan (طعام منزلي من سايمون روغان).
وجه روغان تركيزه بعد ذلك إلى الارتقاء بمستوى الطعام في "لونكلوم".
وفي هذا يقول: "قبل الإغلاق مباشرة، كنا نعلم أننا نقترب من إحراز النجمة الثالثة.
كنا واعين للتعديلات الصغيرة التي يتعين علينا إجراؤها. لقد أراد المحكمون تدرجًا أكثر في طبقة النكهات، ذلك العامل الحاسم والبعد المختلف".
Amanda Farnese Heat
طبق من مطعم Black Bull يُعد من لحم البط المخبوز بالملح والذرة الحلوة والكرز والشمر والفطر الاسكتلندي.
فيما كانت عيناه على الجائزة، حط روغان الرحال في المطعم عندما أعيد فتحه بعد رفع القيود، وهو يقول: "لقد كنت أعمل جنبًا إلى جنب مع الفريق كل يوم، وقد أحببت هذا. راق للفريق رؤيتي هناك، وكذلك الزبائن. كان الأمر أشبه بافتتاح المطعم مرة أخرى في عام 2002".
قبل افتتاح مطعم "لونكلوم"، كان تناول الطعام الفاخر في منطقة لايك ديستريكت حكرًا على فنادقها الكبرى، تلك القصور الأرستقراطية السابقة التي تحولت إلى أماكن لإقامة حفلات الزفاف والمنتجعات العائلية التي تتوزع على ضفاف البحيرة.
وقبيل تفشي الجائحة، تعاون روغان مع أحد أروع تلك الفنادق الريفية. فعلى قمة تل فوق بحيرة ويندرمير، سيتولى روغان عمليات إعداد الطعام في فندق Linthwaite House الذي فتح أبوابه بعد تحديثات أنفق عليها، أنالجيت سينغ، المالك الجديد ورجل الأعمال الذي يدير مجموعة ليو للفنادق الفاخرة في جنوب إفريقيا، أكثر من 12 مليون دولار.
يقع مطعم روغان الجديد "هينروك" Henrock (الذي سمي على اسم جزيرة في بحيرة ويندرمير) في المبنى الرئيس الذي بني في أوائل القرن العشرين ليكون منزلاً خاصًا، وها هو الآن يعج بأعمال فنية منتقاة من روائع الفن العالمي.
وتعد أجنحة Fell Suites المحاطة بالأزهار البرية والأعشاب الطويلة في مساحة منعزلة فوق الأراضي المشذبة المكان المثالي للتأمل بعد تناول وجبة فاخرة.
في فندق Linthwaite House، يبدي روغان الاهتمام نفسه بالتفاصيل الذي يوليه للأطباق المقدمة في مطعم "لونكلوم"، ولكن مع إضفاء بُعد عالمي أكثر.
Amanda Farnese Heat
قطيع ماشية بالقرب من بحيرة ويندرمير.
وفي الوقت نفسه، تمزج قائمة عشاء "هينروك" بين مكوّنات مستقدمة من المزرعة ولمسات إبداعية من رحلات روغان وفريقه إلى أماكن مختلفة من العالم.
تبدأ وجبات الطعام بلقمة خاصة بالمطعم: صفار بيض مدخن مع خضراوات موسمية في قشر بيض خزفي على قاعدة حجرية.
وفيما يقدّد سمك الإسقمري المنقوع في عصيدة الهالبينو على طريقة أطباق السيفيشي، يأتي الدجاج الغيني مع السماق والعدس المتبل المهروس على الطريقة الشرق أوسطية.
انطلق مطعم "هينروك" انطلاقة بطيئة، إذ إنه افتتح قبل تطبيق حالة الإغلاق الكامل. ولكن الآن، وبعد ترسيخ حضوره، وعودة "لونكلوم" إلى العمل بكامل طاقته، يخطط روغان لمعاودة السفر ثانية.
بعد مرور عامين، لا يطيق صبرًا للعودة إلى هونغ كونغ، حيث يدير مطعم Roganic ومطعم Aulis.
من بعيد، افتتح مطعمًا ثالثًا هناك أخيرًا، ويفكر في التوسع إلى شنغهاي، مشيرًا أيضًا إلى أنه سيعيد في النهاية فتح مطعم Roganic اللندني. وفي هذا يقول: "يسألني الجميع باستمرار متى سيعاد افتتاحه".
صحيح أن روغان لا يزال يحلم بالتوسع إلى نيويورك، إلا أنه مستقر في لايك ديستريكت، وسعيد، برؤية المنطقة تتحول إلى واجهة مرغوبة للطعام الفاخر على ما يقول مضيفًا: "ربما فتحت أعين الناس على هذه المنطقة، وهذا ما أسهم في جذب أشخاص موهوبين يسعون إلى الحصول على حصة من هذه الوجهة وما يجتمع فيها من مناظر طبيعية ومكونات وأسلوب الحياة. ولا أعتقد أن ثمة حاليًا مكانًا في المملكة المتحدة أفضل للعمل من هنا".