في معرض واتشز أند وندرز (ساعات وعجائب)، تنفلت الإبداعات من عقالها في كل عام أمام أنظار هواة الساعات الحاجّين إلى جنيف من مختلف أرجاء العالم. وفي كل دورة، تتكئ الدور المشاركة في المعرض على إرثها العريق وعلى ما تتمايز به من حس ابتكار يواكب العصر الحالي، تارة لتقدم تفسيرات جديدة لإصدارات كلاسيكية من الماضي، وطورًا لتبني على ما راكمته من إنجازات تقنية للإتيان بساعات عينها على المستقبل فحسب.
وبالرغم من أن الساعات الرجالية طغت على دورة عام 2024، إلا أن الساعات المخصصة للحِسان حظيت أيضًا بظهور متمايز حتى في ظل محدودية الطرز الجديدة. نستعرض في ما يأتي مجموعة مختارة من الساعات الجواهر التي تجسدت فيها شاعرية قياس الوقت والمقاربات الحرفية الباعثة على الدهشة والإعجاب.

أفخم الساعات الجواهر في معرض واتشز أند وندرز

Chopard IMPERIALE 

في عام 2010، كشفت كارولين شوفوليه، الرئيسة المشاركة في دار شوبارد ومديرتها الإبداعية، عن مجموعة IMPERIALE التي تتغنّى بالرموز الجمالية الإمبراطورية. كانت انطلاقة المجموعة محفوفة بالعديد من العناصر الشاهدة على اقتدار الدار في فئة الساعات الجواهر.

وبمرور السنوات، تأكد هذا الاقتدار من خلال إصدارات معززة بشتى أنواع التعقيدات، من آلية التوربيون إلى وظيفة أطوار القمر. وإذا كانت الدار قد أبدت اهتمامًا شديدًا بتطوير طرز مدهشة من الناحية التقنية، فإنها لم تتورع كذلك عن النهل من معين الحرف اليدوية العريقة والحرص على ابتكار لوحات فنية تلائم عاشقات الأناقة الفاخرة.

هذا النهج هو ما تجسد أخيرًا في معرض واتشز أند وندرز لعام 2024، حيث كشفت شوبارد عن تفسير مستحدث لساعة IMPERIALE، يحمل في طياته ملامح الإبداع المتفرد الذي عاينه هواة الساعات في التفسيرات السابقة.

صيغت الساعة الجديدة في علبة من الذهب الوردي بقطر 36 ملليمترًا، تقترن بقرص مرصّع بضياء الألماس ووصلات تتخذ هيئة أعمدة قديمة وتاج على هيئة زهرة لوتس تتوسطه ألماسة بقطع كابوشون. يتناغم ضياء حبيبات الألماس مع الميناء المشغول أيضًا من الذهب الوردي والذي يعد أبرز عنصر في هذا الإصدار، إذ يتجلى عبره إتقان حرفيي شوبارد لفن التطعيم بالخشب وفن الأرابيسك وفن الترصيع الرفيع.

ويتمايز الميناء بتطعيمات من عرق اللؤلؤ الأزرق، تتخللها شرائح ذهبية منتظمة على هيئة أزهار ناعمة، وتتباهى نقاط تقاطعها بياقوت بادبارادشا، بالإضافة إلى بتلات مشغولة من عرق اللؤلؤ الوردي تزهو ببريق الألماس. يكتمل هذا المشهد الزخرفي المتناسق بعقارب على هيئة خناجر مخرومة، تشير إلى انقضاء الوقت المنضبط على إيقاع آلية الحركة ذاتية التعبئة التي توفر احتياطيًا للطاقة يدوم 65 ساعة ومقاومة لضغط الماء حتى عمق 50 مترًا.

Chopard IMPERIALE/ الساعات الجواهر

Chopard

Van Cleef & Arpels Lady Arpels Jour Enchanté

انغمست دار فان كليف أند آربلز هذا العام أيضًا في صياغة الأحلام والعواطف، مسترشدة بالحرف اليدوية النادرة ومعبّرة عن تقديرها لهذه الفنون العريقة في صيغة طرز من الساعات الجواهر تنبو عن المألوف لصالح المميّز، حتى وإن تطلب تنفيذها ساعات طويلة من العمل الدؤوب المتضافر الذي يتحلق حوله نخبة من الخبراء العالميين.

وقد تجسد هذا التمايز الحرفي البارع بدرجة كبيرة أخيرًا في ساعة Lady Arpels Jour Enchanté، التي تستوطن علبة من الذهب الأبيض بقطر 41 ملليمترًا، تقترن بقرص متلفع بمصفوفة من الألماس البراق. في ميناء الساعة، يطالع الناظر أوج الإبداع في فنون الصياغة والترصيع والطلاء.

فقد جمع حرفيو العلامة بين الذهب الأبيض والذهب الأصفر والألماس والياقوت الملوّن والسبيسارتيت غارنيت والفيروز، فضلاً عن تقنيات طلاء المينا المتنوعة، لإبداع لوحة دقيقة التفاصيل. تصوّر هذه اللوحة جنية مشغولة من الذهب الأبيض تفرد جناحيها فيما تتقدم لقطف الأزهار المرصعة بالياقوت الأصفر من مرج ممتد مصقول بطلاء المينا باستخدام تقنية جديدة طورتها الدار وتحمل اسم Façonné.

تنطوي هذه التقنية على سكب طلاء المينا فوق قاعدة من الفولاذ المقاوم للصدأ، ثم إشعاله في الفرن بدرجات حرارة ترتفع تدريجيًا، ثم صقله لاستحداث ملمس ناعم ومشرق. لم يتوقف إبداع خبراء فان كليف أند آربلز عند هذا الحد، إذ ابتكروا تقنية أخرى تقوم على ترصيع طبقة المينا المستحدثة بتقنية Plique-à-jour بمجموعة من الأحجار الكريمة من دون إضافة أي عناصر معدنية ثانية.

خلف الجنية المشغولة بإتقان، تنشر الشمس أشعتها الناتئة في السماء المكسوة بألوان الفيروز، فيما تحضر المخلوقة الأسطورية أيضًا على غطاء الجزء الخلفي. جدير بالذكر أن الساعة تنبض بآلية حركة ذاتية التعبئة وتكتمل بحزام من جلد التمساح قابل للاستبدال.

Van Cleef & Arpels Lady Arpels Jour Enchanté/ الساعات الجواهر

Van Cleef & Arpels

Cartier Crocodile Jewellery Watch

من الجائز القول إن شأن الرموز التصميمية الكلاسيكية قد تعاظم في معرض واتشز أند وندرز لهذا العام، حتى غطى في بعض الحالات على مجمل الإصدارات المعروضة. وقد تجلى هذا خصوصًا في طرز كارتييه النسائية، إذ أعادت إلى الواجهة الرموز الحيوانية الشهيرة التي زينت ابتكاراتها الفاخرة منذ عام 1914.

خلال المعرض، كشفت الدار عن مجموعة من الساعات المدهشة، التي تتمازج في بعضها صورة التمساح بصورة الحمار الوحشي، فيما يتفرد بعضها الآخر بصورة للنمر أو الفهد أو التمساح. تتباهى مختلف الإصدارات بتفاصيل دقيقة تدل على مقدار الجهد الحرفي المصبوب فيها، وخصوصًا ساعة Crocodile Jewellery Watch التي تستوطن علبة متفردة مشغولة من الذهب الأبيض المصقول بمادة الروديوم.

منذ النظرة الأولى، يتجلى حجم التعقيد الذي تنطوي عليه هذه الساعة. فالتمساح الحاضن للعلبة منحوت ببراعة واقعية شديدة، تُبدي محاسنه الألماسية البراقة كما تعزز تلاحم التورمالين والياقوت والزمرد المنثور باتزان على القرص والميناء.

تحققت هذه المنحوتة المصغّرة التي تشع الحياة من عينيها المرصعتين بزمردتين بقطع كابوشون في محترفات كارتييه الفنية الواقعة في لا شو دو فون، حيث عكف خبراء الدار المهرة على انتقاء الأحجار الكريمة وقطعها ثم رصفها بدقة حتى تتدرّج ألوانها وتتناغم في هيئة تجمع بين الجموح والفخامة في الوقت نفسه.

لقد ركزت كارتييه على التصوير الفني المتقن في هذه الساعة، لذلك تشتمل على آلية حركة من الكوارتز فحسب، بيد أنها تضم مع ذلك سوارًا مرصعًا بالألماس يوصل الزنة الإجمالية لهذا الحجر البرّاق إلى 9.8 قيراط.

Cartier Crocodile Jewellery Watch/ الساعات الجواهر

Antoine Pividori © Cartier

Vacheron Constantin Égérie – The Pleats of Time

تنعم فاشرون كونستانتين بسمعة محمودة في ميدان التمايز الساعاتي بعيد المنال، وقد يكون الدليل على ذلك أنها كشفت هذا العام في معرض واتشز أند وندرز عن أعجوبة حطمت الأرقام القياسية كلها ونالت لقب الساعة الأشد تعقيدًا في العالم، وهو اللقب الذي كان أصلاً في حوزتها منذ عام 2015.

وإذا كانت هذه الساعة قد استأثرت باهتمام هواة التعقيدات المتسامية، فإن هذا لا يعني أنها الوحيدة الجديرة بالانتباه. فقد كشفت الدار المرموقة خلال أسبوع جنيف عن مأثرة نسائية جديدة من الساعات الجواهر تجمع في ثناياها بين صناعة الساعات الراقية والأزياء الفاخرة والعطور الفخمة. قد يبدو اجتماع هذه الصناعات في ساعة ما داعيًا للاستغراب، لكنه في حالة فاشرون كونستانتين مدعاة للإعجاب، لأنه تمخض عن مفهوم ساعاتي فريد على مختلف المستويات.

Vacheron Constantin Égérie – The Pleats of Time/ الساعات الجواهر

Clément Rousset-Studio Contraste Sàrl © Vacheron Constantin

صيغت ساعة Égérie – The Pleats of Time في علبة من الذهب الوردي بقطر 43 ملليمترًا، مع قرص يتألق بضياء 58 ألماسة ذات قطع مستدير وتاج مرصع بحجر قمري. وقد تناغم بريق الألماس اللطيف مع الميناء الذي تفننت المصممة الموهوبة ييشينغ يين في تطعيمه بنمط الطيّات الأثير عندها، فتحرر من مؤشرات الساعات وتزيّن بثنايا أرجوانية متتالية مشغولة من عرق اللؤلؤ.

يبرز هذا اللون أيضًا على الحلقة الذهبية المرصعة بالألماس والتي تبدي أطوار القمر المحتجب بين سحب عرق اللؤلؤ والسابح بمحاذاة النجوم المتوهجة في الليل. وزيادة في الفخامة، كلفت فاشرون كونستانتين خبير العطور الفرنسي دومينيك روبيون بابتكار عطر يوثّق الزمن بشاعرية ويمكن احتواؤه في الحزام الحصري الذي صممته ييشينغ يين لمحاكاة تدفق المياه في الطبيعة.

كلما لامس الحزام المعصم، يضوع شذى نفحات زكية ومنعشة تراوح بين عبق زهر البرتقال واللوز وبين دفء رائحة اللبان والعود. أما قلب مأثرة فاشرون كونستانتين الفنية، فينبض بآلية حركة ذاتية التعبئة توفر احتياطيًا للطاقة يدوم 40 ساعة تقريبًا.