فازت الرياض باستضافة معرض "إكسبو الدولي 2030"، بعد تفوق واضح على روما الإيطالية وبوسان الكورية خلال تصويت شهدته مدينة إيسي ليه مولينو قرب العاصمة الفرنسية باريس، يوم الثلاثاء 28 نوفمبر 2023. وجاء فوز العاصمة السعودية بهذا الحدث العالمي بعد حصول ملفها على 119 صوتًا من إجمالي 180 صوتًا للدول الأعضاء في المكتب الدولي للمعارض.
الطريق إلى إكسبو 2030
الطريق إلى هذا الانجاز لم يكن سهلاً، بل كان مليئًا بالتحديات والجهود الكبيرة. فمنذ إعلان ولي العهد السعودي، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، في أكتوبر 2021، عن رغبة المملكة في استضافة المعرض، بدأت الحملة الدبلوماسية والتسويقية لدعم ملف الرياض.
زار وفد سعودي رفيع المستوى في سبتمبر 2022 العاصمة الفرنسية باريس، حيث قدم الملف السعودي الرسمي إلى أمين عام المكتب الدولي للمعارض ديمتري كيركينتزس.
كان الملف السعودي الأول على طاولة القرار. وفي مارس 2023، زار وفد من المكتب الدولي للمعارض الرياض ليستمع ويقيّم بنفسه إمكانيات العاصمة السعودية لاستضافة الحدث العالمي. كما شهد شهر يونيو الفائت تكثيف جهود الترويج التي شملت تنظيم المملكة حفل استقبال رسمي في باريس بحضور ولي العهد، أظهرت خلاله جاهزية الرياض وتألقها الفريد لاحتضان هذا الحدث العالمي.
كما نظمت الهيئة الملكية لمدينة الرياض في شهري سبتمبر وأكتوبر 2023 سلسلة من ورش العمل في باريس، استعرضت فيها موضوعات المعرض وأبعاده المختلفة، قبل إقامة حفل اختتامي للحملة في 6 نوفمبر 2023.
ملامح ملف المملكة لإكسبو 2030
وعدت المملكة بتقديم نسخة استثنائية للمعرض، الذي يُقام خلال الفترة من 1 أكتوبر 2030 و31 مارس 2031. لتحقيق هذا الوعد، خصصت ميزانية ضخمة بلغت 7.2 مليارات دولار. أما الموضوع الرئيس للمعرض، فيحمل عنوان: "حقبة التغيير: معًا نستشرف المستقبل"، ويعد بمنزلة دعوة إلى تضافر الجهود في مواجهة التحديات الناشئة، وبناء الخطط لتحقيق غد أفضل.
وتحت هذا العنوان الرئيس تندرج 3 موضوعات فرعية للمعرض: الأول بعنوان "غد أفضل"، ويُناقش تصور شكل العالم في عام 2050، وأخلاقيات العلوم والتقنية، ودورهما في خدمة الإنسانية وتحقيق غد أفضل. وفيما يبحث الموضوع الفرعي الثاني، وهو بعنوان "العمل المناخي"، سبل المحافظة على الأنظمة البيئية الطبيعية وتوفير طاقة نظيفة للجميع عبر حلول مستدامة، بتناول الموضوع الثالث "الازدهار للجميع" سبل تعزيز العمل الجماعي لمعالجة أوجه التفاوت والاختلالات العالمية، ودعم الفرص والمساواة. ويمكن القول إن المحاور الثلاثة تشكل إطارًا فريدًا لاستكشاف سبل مواجهة التحديات العالمية من منظور شامل.
إكسبو 2030.. من العالم إلى العالم
رؤى طموحة يستحضرها ملف السعودية التي وعدت بتنظيم "معرضٍ من العالم إلى العالم"، تشارك في بنائه وتشييده والاستفادة منه الشركات المحلية والدولية. لتحقيق ذلك، ستُتخذ إجراءات لتسهيل استيراد مواد البناء وإصدار التأشيرات للفرق والعائلات. كما ستُوفر الخيارات المتنوعة للسكن والخدمات المصرفية والصحية والتعليمية التي تلتزم بأعلى المعايير.
أكدت المملكة أيضًا التزامها القوي تجاه الاستدامة البيئية ومواجهة تحديات التغير المناخي. ومن هنا الحرص على إنشاء معرض صديق للبيئة، يحقق مستوى صفريًا من الانبعاثات الكربونية، ويعتمد بشكل كامل على الطاقة الشمسية. كما سيعمل منظمو المعرض على تطوير استراتيجيات لتعزيز التنوع البيولوجي، والحد من هدر الطعام، وضمان إدارة فعالة للنفايات الخضراء، بما في ذلك إعادة التدوير. وفي ختام المعرض، سيُعاد استخدام أجنحته لخدمة المدارس والعيادات ومراكز الأبحاث في 100 دولة مختارة، بما يرفع شعار الاستدامة عاليًا.
إضافة إلى ذلك، أكدت المملكة التزامها بتعزيز التجارة والاستثمار، وبناء جسور التفاهم والتسامح عبر الحوار بين الأديان والحضارات.
Riyadh Expo 2030
شعار يعكس تنوع الرياض
شعار معرض "الرياض إكسبو 2030" مستوحى من البيئة الطبيعية للمملكة، إذ يأتي على شكل نخلة تتفرع منها 6 سعفات، كل سعفة منها تتميز بنمط ولون فريد، ما يعكس تنوع وحيوية العاصمة السعودية. يعكس التصميم أيضًا عناصر المعرض الرئيسة: الطبيعة، والعمارة، والفن، والتقنية، والعلوم، والتراث.
يُقام المعرض على مساحة إجمالية تبلغ حوالي 6 ملايين متر مربع، بينها منطقة مسيّجة مساحتها 3.38 مليون متر مربع. خُصص 432 ألف متر مربع للأجنحة الدولية، و2.62 مليون متر مربع للمرافق والخدمات.
يقع الموقع المختار للمعرض حول وادي عتيق قرب مطار الملك سلمان الدولي الجاري تطويره حاليًا، الأمر الذي يسهّل على الزائر القادم عبر المطار الوصول إليه خلال دقائق معدودة، عبر شبكة مترو الرياض والطرق الحديثة التي تغطي أرجاء العاصمة.
جناح واحد لكل دولة
سيكون المعرض جاهزًا قبل عام 2030. وتتضمن رؤية الرياض للمعرض ضمان المشاركة الكاملة والمتساوية للجميع. لتحقيق ذلك، سيُخصص "جناح واحد لكل دولة"، مع إتاحة الفرصة لها لتطويره بما يعكس ثقافتها وتراثها وطموحها. كما وعدت الرياض بتخصيص مبلغ 353 مليون دولار لتقديم الدعم لأكثر من 100 دولة نامية للمشاركة في المعرض.
تتمتع الأجنحة، المقدّر عددها بنحو 226 جناحًا، باستقلالية تامة، وبمساحات تراوح بين 500 و6000 متر مربع.صُممت مساحة الأجنحة على شكل كرة أرضية يتوسطها خط الاستواء، في توجه بصري يُطابق توجه المعرض ورؤيته التي تضمن فرصًا متساوية للمشاركين في المعرض.
ستُحدد مواقع أجنحة الدول في المعرض بطريقة مرنة وفقًا لخطوط الطول لكل دولة، في ترتيبٍ يجمع دولاً من شمال الكرة الأرضية وجنوبها جنبًا إلى جنب، لترمز هذه الخطوة في جوهرها إلى الدور المهم الذي تقوم به المملكة في تسهيل التعاون بين دول العالم.
يشمل المعرض أيضا معلمًا بارزًا يرمز إلى "المسؤولية عن حماية الكوكب"، إذ إنه يرتكز على 195 عمودًا تُمثل عدد الدول المشاركة في المعرض. ويحيط بهذا المعلم ثلاثة أجنحة يجسّد كل منها موضوعات المعرض الفرعية: "غد أفضل" و"العمل المناخي" و"الازدهار للجميع".
فضلاً عن ذلك، يضم المعرض "ركن التغيير التشاركي" (C3)، الذي سيكون محركًا للابتكار والإبداع؛ إذ يهدف إلى إظهار سبل التعاون بين أكثر العقول ذكاءً على مستوى الابتكارات العلمية والاجتماعية والفكرية. بل إن هذا الركن سيوفّر الفرص لدعم نمو أكثر من 27 مشروعًا ومبادرة من مختلف أنحاء العالم.
Riyadh Expo 2030
40 مليون زائر
لم تغفل رؤية المعرض عن توفير سبل الراحة والترفيه للزوار، لا سيما أن السعودية تطمح إلى استقطاب 40 مليون زائر. لذا فإن المعرض سيُراعي تيسير رحلة الزائر، وضمان قطع مسافات قصيرة جدًا للتنقل بين الأجنحة والساحات العامة والمرافق المخصصة للثقافة والابتكار، ومرافق الخدمات الخاصة بالطعام، والاستراحة والانتظار.
كما تعد الرياض بتوفير أماكن إقامة فاخرة تعكس تقاليد الضيافة الراسخة في إرثها وثقافتها. يشمل طلك التخطيط لاستحداث 70 ألف غرفة فندقية جديدة، مرتبطة بمحطة قطار تنطلق من مطار الملك سلمان الدولي. وللارتقاء بتجربة الزوار، سيحتضن موقع الرياض إكسبو 2030 برنامجًا حافلاً بالأنشطة والفعاليات الترفيهية والثقافية والرياضية التي تُقام في الحدائق العامة وساحات الألعاب الإلكترونية والمسارح الضخمة والمرافق الرياضية بالموقع.
Riyadh Expo 2030
ما هو إكسبو؟
يُقام معرض إكسبو كل 5 سنوات منذ عام 1851، وكانت محطته الأولى العاصمة البريطانية لندن. يُشكّل هذا الحدث أكبر منصة عالمية لعرض أحدث الإنجازات والتقنيات، والترويج للتعاون الدولي في التنمية الاقتصادية والتجارة والفنون والثقافة ونشر العلوم والتقنية.
يستمر المعرض لمدة 6 أشهر، بمشاركة حكومات وشركات ومنظمات دولية، تسعى إلى استعراض مساهمتها في الموضوع المحدد للمعرض. كما يحضره ملايين الزوار من مختلف أنحاء العالم للاستفادة من المعرفة والابتكار والفرص التجارية. وقد أُقيمت آخر نسخة من المعرض في دبي، بينما تستضيف مدينة أوساكا اليابانية نسخة 2025.