أسناني تصطكّ، وموسيقى إنيا تصدح في المكان، فيما أفكر بأنني سأموت.

هكذا أبدأ أحد علاجات العافية المميزة في منتجع Remedy Place في لوس أنجليس. يُطلق على هذا العلاج اسم "استوديو الحمام المتجمد" Ice Bath Studio، والمقصود به "الانغماس في مياه تبلغ حرارتها -38 درجة لست دقائق" (بل دفع كلفة لاختبار هذه التجربة).

إنها ليست تجربة هادئة وتقليدية في ناد صحي، بقدر ما هي تجربة سادية مازوخية لمعرفة الحد الذي قد يصل إليه بالبعض لتحسين صحة أجسادهم.

لكن الحقيقة هي أني أحببت هذا العلاج.

يدير معالج تقويم العظام يدويًا جوناثان ليري هذا المنتجع الذي أسسه أواخر عام 2019، ومن المتوقع أن يفتتح في نيويورك في سبتمبر المقبل منتجعًا آخر سيشكّل "أول نادٍ صحي اجتماعي في العالم".

(سيكون أشبه بنوادي سوهو، ولكن مع بعض التعزيزات الصحية).

تهدف "العلاجات" إلى إنعاش جسدك وتخليصه من أمراض الحياة، وكل ذلك في بيئة أنيقة حيث غرف الضغط العالي بالأكسجين لتأخير علامات الشيخوخة، وحمامات البخار بالأشعة تحت الحمراء لطرد المعادن والسموم الأخرى المتراكمة.

فلماذا اخترت العلاج الأقل جاذبية والأكثر عدوانية في القائمة؟ ثمة أدلة متزايدة، عُرضت في النشرة الدورية للعلوم الطبية والطب الرياضي في أمريكا الشمالية North American Journal of Medical Sciences and Sports Medicine، من بين دوريات أخرى، تشير إلى أن درجات الحرارة الشديدة الانخفاض تحفز الجهاز العصبي على ما يشبه إعادة التشغيل، مع الزعم بأن لها فوائد مثل تحسين النوم والدورة الدموية، ورفع مستوى الدوبامين وتعزيز عملية حرق الدهون.

اختبار الحمام الجليدي في منتجع Remedy Place

يعود جزء من نجاح هذا العلاج إلى استقطابه الأنظار عبر حساب المنتجع على إنستغرام وتيك توك التي تعجّ بمقاطع فيديو لأشخاص تعلو وجوههم الصدمة فور قفزهم في المياه الجليدية، في مشهد مسلّ بقدر تسلية الموسيقى الشجاعة التي ترافق تلك المقاطع. على أن هذا لا يعني أن الجلبة حول هذا العلاج تفقده فعاليته.

يقول ليري إن "الأوعية الدموية جميعها تتقلص عند الغطس في المياه الباردة، لكن عند مغادرتك المياه تنفتح الأوعية وتضخ الدم إلى السطح"، مضيفًا: "إن تقلص عضلات جسمك كلها واسترخاءها هو أساسًا تمرين داخلي".

فضلاً عن ذلك، ثمة عامل جذب بدائي يساعد في تفسير التقليد المسمى "غطسة الدب القطبي" Polar Bear Plunges في كل مكان من بروكلين إلى شاطئ برايتون في بريطانيا.

يقول ليري: "يعتريك شعور غير مريح للوهلة الأولى، ولكن الإحساس الغامر الذي تستشعره بعد ذلك يستحق كل هذا العناء. لا يسعك أن تتخيّل قوة جسمك وما يمكنك تدريبه عليه إذا تحلّيت بالعقلية الصحيحة".

يبدأ هذا العلاج بعشر دقائق من "التنفس العميق الشامل"، والذي يؤديه الضيوف في غرفة مظلمة تحت بطانية مريحة باتباع إرشادات صوتية تأتيهم من سماعات الرأس التي يضعونها.

صمّم ليري هذا الجزء من الإجراء العلاجي بالاستناد إلى بيانات مستقاة من النشرة الدورية Journal of Alternative and Complementary Medicine (الطب البديل والتكميلي) وغيرها.

وتشير هذه البيانات إلى أن استخدام التنفس يقود إلى التحكم في الجهاز العصبي وردود الأفعال تجاه المحفزات الخارجية. بمعنى آخر: تحكم العقل بالمادة.

توضع هذه الفكرة موضع الاختبار الأقصى عند خلع الملابس والغطس في حوض أسود صغير. التجربة صادمة. تختلّ حواسك على الفور، كما لو أن عطلاً كهربائيًا أصابها.

حجرة الضغط العالي بالمنتجع.

Tyson Sadlo
حجرة الضغط العالي بالمنتجع.

تقف مدرّبة تُدعى فلور سافيل في مكان قريب وتشغّل موسيقى ملهمة ومشتتة للانتباه (مثل أغاني الفنانة إنيا "Orinoco Flow" و"Sail Away") وتشجعني على الصمود.

أشعر بالذهول فيما أحاول التركيز على صوتها الذي يصدح بعبارات التشجيع فوق اللحن الوثّاب.

من ثم أتذكر أن باستطاعتي تنظيم أنفاسي، الشيء الوحيد الذي يمكنني الاستعانة به لتشتيت عقلي عن البرد. تتحول البرودة الشديدة تدريجيًا إلى شعور بالدفء، ويتواصل دفق الذكريات العشوائية فيما أدندن وأطلق أصواتًا هنا وهناك. إنها تجربة شاقة ولكنها ممتعة أيضًا.

بعد برهةٍ أسأل: "منذ متى وأنا هنا؟"

وتجيبني سافيل وهي تغني: "ما الوقت حتى؟"، فأضحك وأواصل التنفس.

تبدو تلك الدقائق الست وكأنها دهرٌ، ولكن بعد مرور ساعة بصعوبة أعود أحس بالألم. يغمرني شعور رائع بعدها وينعم جسمي بالطاقة بقية اليوم.

على أن الأمر المبهر هو شعوري بأنني لامست بأطرافي ذلك المكان الحدّي حيث يلتقي العقل والجسم، وأني ربما تمكنت، من خلال الدفع بجسمي إلى حدوده القصوى، من بلوغ جانب مستتر من ذاتي.

هل يكون الماء الباردُ المفتاحَ لإطلاق قدرات المرء الكامنة؟ لم يتم البتّ في الأمر بعد، مع أنني سأكون سعيدًا بخوض هذه التجربة مرة ثانية. لكن في المرة القادمة، سأشغل أغاني بيونسيه (سعر الجلسة الواحدة 50 دولارًا).