مثل مولود صغير، تخطو صناعة السيارات خطواتها الأولى المتعثرة في الطريق الوعِر المؤدي إلى اعتماد الكهرباء، وهذا أمر يستحق الإشادة، وإن كان يُتوقع منها المزيد في هذه الناحية.

بقصد تعزيز الزخم الأولي المُكتَسب، تعلّق صانعو السيارات بتقنية بطاريات أيونات الليثيوم التي تُعد حاليًا أكثر التقنيات كفاءة من حيث تكلفة الإنتاج. ولكنهم سيحتاجون قريبًا جدًا إلى هجْر هذه التقنية إذا ما أرادوا المضي قدمًا في هذا الطريق.

يقول بابلو دي سي، رئيس مجموعة فولكسفاغن أمريكا ورئيسها التنفيذي: "لقد شرعت الصناعة في تطوير السيارات الكهربائية منذ أقل من 10 سنوات فقط، ولذلك ثمة الكثير مما ينبغي أن نتعلمه". ويضيف: "ما علينا إلا أن نتذكر حال الهواتف المحمولة قبل 30 عامًا".

تقوم بطاريات أيونات الليثيوم القابلة لإعادة الشحن على معادن مثل النيكل والمغنيسيوم والكوبالت والغرافيت، وهي مواد تتطلب تعدينًا مكثفًا، كما أن الإلكتروليتات السائلة داخلها شديدة الاشتعال.

ويقول الدكتور أُوِي كيلرْ، رئيس قسم تطوير البطاريات في مرسيدس - بنز: "إن رياح التغيير آتية لا محالة. وفي هذه المرحلة، نعمل جميعًا على تطوير مواد كاثوديّة خالية من الكوبالت، كما نتطلع إلى إدخال السيليكا في أقطاب الأنود"، ما سيزيد سعة البطاريات. ويرى كيلر أن هذه التطورات من شأنها "زيادة كثافة الطاقة" وتقليل وزن البطاريات في الوقت نفسه. بتعبير آخر، سيؤدي ذلك إلى تقليل وقت الشحن ورفع كفاءة القيادة.

على أن الترياق الشافي لهذه العقبات يتمثل في بطاريات الحالة الصلبة، التي تتخذ من المواد الصلبة بديلاً عن الإلكتروليتات السائلة القابلة للاشتعال. ومن البدائل المهمة أيضًا مادةَ الغرافين، المُكونة من مصفوفة سداسية البنية من ذرات الكربون، والمتمايزة بمتانة عالية وسماكة رفيعة، وهذا ما يمنحها "قدرة توصيل حرارية وكهربائية عالية جدًا" على ما يقول كيلر، الذي يشير أيضًا إلى تكلفتها الباهظة وصعوبة إنتاجها.

لكن إذا كانت تصفية انبعاثات الكربون هي المُبتغى، فإن طرْح محركات الاحتراق الداخلي من المعادلة قد يكون أمرًا سابقًا لأوانه، خصوصًا إذا أخذنا في الحسبان الوقود المستدام. لطالما كانت مركبات السباق مرتعًا خصبًا لتطوير تقنيات السيارات، ويرى العديد من المُطّلعين على هذا القطاع أن محركات الاحتراق الداخلي لن تختفي في أي وقت قريب.

وفي هذا يقول زاك براون، الرئيس التنفيذي لفريق ماكلارين للفورمولا 1: "أعتقد أن ثمة الكثير من التطورات التي يمكن إدخالها على محركات الاحتراق الداخلي". ويشير براون كذلك إلى أن التركيز قد ينصبّ مستقبلاً على "المحركات الهجينة، والوقود المستدام، وتقنيات تجديد الطاقة".

في النهاية، وعلى ما يُشير دي سي، فإن "مصدر غاز ثاني أكسيد الكربون ليس المحرك، إنّما ما يُصبّ فيه". لذلك، تُعد علامة بورشه التابعة لفولكسفاغن من بين أبرز العلامات المُطوِّرة للوقود المستدام، ويقول أحد المتحدثين باسمها: "إننا نودّ أن نثبت أن بالإمكان إنتاج الوقود المستدام على نطاق واسع".

على أن الإنتاج واسع النطاق عقبةٌ أيضًا في طريق الهيدروجين الذي يُعد أحد البدائل الممكنة للوقود التقليدي. يُشير أنجيلو كافانتاريس، مؤسس علامة "هايبِرْيون موتورز" Hyperion Motors التي طورت سيارة XP-1 الخارقة التي تعمل بالهيدروجين وتُولد قوة تساوي 2,038 حصانًا، إلى أن سعة تخزين هذا العنصر للطاقة "أفضل بنحو 112.6 مرة من أيونات الليثيوم". ولكن كافانتاريس يعترف بأن "الصعوبة التي يُلاقيها تتمثل في جعل هذه البطاريات في متناول الجميع".

إن بطاريات أيونات الليثيوم خطوة أولى مهمة نحو تطوير محركاتٍ بلا انبعاثات، لكن التقنيات الأخرى تحتاج أيضًا إلى مواكبة التطورات بالسرعة نفسها. ويرى الدكتور كي فينكاتيش براساد، نائب الرئيس الأول وكبير مسؤولي الابتكار في مركز أبحاث السيارات الذي يقع في ولاية ميشيغان أن "صناعة السيارات تواصل البحث عن البدائل، وهذا ما لا بد منه". ويُتابع: "ينبغي تأمّل السياق العام، فالتركيز الحالي على تطوير المحركات الكهربائية في غاية الأهمية، ولكنه ليس نهاية الطريق".