اكتشف علماء آثار مدينة النطاة القديمة التي تعود إلى العصر البرونزي ضمن واحة سعودية في منطقة المدينة المنورة، وفقًا لدراسة حديثة نشرت في مجلة بلوس وان PLoS ONE.
تختبئ بقايا المدينة تحت واحة خيبر المحاطة بأسوار، والتي تتكون من أراضٍ خصبة تحيط بها مناطق صحراوية. بدأ الاستيطان في المدينة تدريجيًا من عام 2400 قبل الميلاد حتى 1500 قبل الميلاد (وأقصى تقدير 1300 قبل الميلاد)، وقد بنيت المدينة في وقت تحولت فيه المنطقة من الحياة البدوية إلى الاستقرار في مستوطنات دائمة.
وفي البحث المنشور في بلوس وان التي أشرف عليها باحثون سعوديون وفرنسيون، تكشف الدراسة عن مفاجآت حول حياة العرب في العصور القديمة، وتسلط الضوء على التحولات الحضرية التي كانت تمر بها المنطقة خلال العصر البرونزي المبكر.
كانت المدينة موطنًا لحوالي 500 ساكن على مساحة 3.7 فدان، وكانت تحتوي على منطقة مركزية ومستوطنة سكنية قريبة محمية بأسوار. كانت أساسات البناء في الموقع قوية بما يكفي لدعم المساكن المكوّنة من طابق واحد أو طابقين، ويبدو أنه قد جرى التخلي عن المدينة بعد حوالي 1000 عام من سكنها في البداية.
تعلن @RCU_SA عن التوصل إلى اكتشاف أثري في واحة #خيبر والذي يغير المفاهيم القديمة حول الحالة الرعوية في العصر البرونزي، حيث يعد هذا الاكتشاف الأول من نوعه في المنطقة من خلال قرية #النطاة التي تبرز الحياة الاجتماعية والاقتصادية خلال ذلك العصر. pic.twitter.com/P7uVI6SPnX
— الهيئة الملكية لمحافظة العلا (@RCU_SA) November 2, 2024
كما عثر بالقرب من البلدة على مجموعة من القبور تحتوي على أسلحة معدنية مثل الفؤوس والخناجر، بالإضافة إلى حجارة مثل العقيق. وتشير جودة هذه الاكتشافات وطريقة تنفيذ ممارسات الدفن إلى مستوى معين من التقدم بين السكان الذين عاشوا هناك.
حتى وقت قريب، كان من الصعب دراسة شمال الجزيرة العربية نظرًا لوجود عدد قليل من المواقع الأثرية المحفوظة جيدًا. وتوفر مواقع مثل النطاة رؤية أكبر لجهود التحضر المبكرة في المنطقة.
كتب الفريق: "بالمقارنة مع مراكز الواحات المجاورة، نظن أن شمال غرب شبه الجزيرة العربية خلال العصر البرونزي كان تحت سيطرة مجموعات البدو إلى حد كبير ودُمج بالفعل في شبكات التجارة بعيدة المدى".
خلال أوائل العصر البرونزي الأوسط، فضل السكان على ما يبدو المدن الصغيرة المحصنة التي ربما تكون قد أنشأت شبكة تجارية مبكرة للبهارات واللبان والمر بين جنوب الجزيرة العربية وحوض البحر الأبيض المتوسط.
تعد التحديات التي واجهها علماء الآثار في دراسة موقع القرية كبيرة، وتضاهي في صعوبتها التحصينات البازلتية المحيطة بالموقع. فقد كانت البلدة مغطاة بصخور بركانية سوداء منحتها حماية طبيعية من عوامل الزمن وصدّت عنها لصوص الآثار. كما لم يتمكن الفريق البحثي من اكتشاف مسارات وأساسات القرية إلا باستخدام تقنية المسح عن بعد.
تُعد هذه التقنية حاسمة في كشف العديد من المواقع الأثرية، إذ اعتمد الباحثون على التصوير الجوي عالي الدقة لرصد المعالم المخفية تحت أكوام الصخور البازلتية السوداء التي يصعب اكتشافها من الأرض.
وباستخدام الطائرات المسيّرة والتصوير الفوتوغرافي بدقة تصل إلى 1.5 سنتيمتر لكل بكسل، تمكن الفريق من وضع خريطة مفصلة ساعدته في تحديد مواقع الحفر بدقة كبيرة.