تطور الذكاء الاصطناعي كثيرًا في الآونة الأخيرة، ليس في الحسابات المعقدة وعلوم البيانات العميقة التي تتطلب تحليل ملايين المدخلات ومقارنتها معًا فحسب، بل وصل هذا التطور أيضًا إلى مجال الصور بمختلف جوانبها واستخداماتها.
ويعد تطبيق Dall-E Mini المتاح مجانًا ونسخته الاحترافية Dall-e 2 مثالًا حيًا على هذا التطور، إذ تمكّن هذا التطبيق من إنتاج وتصميم صور مدهشة أعجبت الكثير من المستخدمين، وتفوّقت في بعض الأحيان بدقتها على ابتكارات المصممين التقليديين.
وتمتد استخدامات هذا التطبيق إلى مجالات الأزياء المختلفة، إذ يتيح تصميم أزياء جديدة تتفوق على تلك المبتكرة من قبل أشهر العاملين في مجال الموضة. ويمكنك أيضًا إعادة تصميم قطع جديدة بلمسات المصممين المشهورين باستخدام هذا التطبيق.
كيف تعمل برامج الذكاء الاصطناعي في عالم الموضة؟
قبل أن نجيب عن هذا السؤال يجب أن نعرف كيف تعمل تطبيقات الذكاء الاصطناعي بشكل عام.
لا يحتاج الشخص العادي إلى أي خبرة خاصة في البرمجة أو حتى في التصميم ليتمكن من التعامل مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي، إذ تعمل هذه التطبيقات على تحويل النصوص إلى صور وتخيل شكلها وعرضها لك مهما كان النص معقدًا أو مركبًا. ويقوم التطبيق بعمل ذلك عبر تحليل ملايين الصور والنصوص المرفقة بها من مختلف أنحاء الإنترنت، ومن ثم يجمع هذه الصور معًا بناءً على الوصف الذي قمت بتزويده به.
لذلك إن توجهت للتطبيق وكتبت في مربع النص "عنزة ترتدي زيًا أسود تمشي على السجادة الحمراء" فإنك ستجد أمامك صورة لعنزة على السجادة الحمراء، ومهما كانت جملتك غريبة أو غير منطقية فإنك ستجد أمامك نتيجة مصوّرة لها وتصميمًا يبدو واقعيًا للغاية. وكلما أدخلت تفاصيل أكثر وصلت إلى نتائج أقرب للشكل الذي تراه في مخيلتك.
ورغم أن جودة وسرعة تطبيقات الذكاء الاصطناعي في إنتاج الصور و الإجابة عن تساؤلاتك قد تختلف بين النماذج المتاحة مجانًا وتلك المدفوعة، إلا أن طريقة العمل تظل نفسها من دون أي اختلاف. فإذا طلبت من تطبيق للذكاء الاصطناعي تصميم فستان أو زي يشبه تصميمات توم براون، فإنك ستحصل على مجموعة من المعاطف الرمادية الصغيرة المزينة بأشرطة مختلفة، وهكذا الأمر مع مختلف المصممين المشهورين.
الجدير ذكره أيضًا هو أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي تقوم بتحليل ما تطلبه منها عبر الواجهة الكتابية ومن ثم التعرف على النقاط المميزة في التصميم والتي يستخدمها المصمم بكثرة، وبعد ذلك تعيد تقديمها لك في أشكال مختلفة تقترب من التصميم الحقيقي أو ما قد يقوم المصمم به.
المخاوف من الذكاء الاصطناعي
بينما يعد الذكاء الاصطناعي بعصر متقدم في مختلف المجالات، بما في ذلك في مجال تصميم الملابس من دون عناء، إلا أن هذه السهولة تجعل الكثير من المهتمين بمجال الموضة والأزياء قلقين للغاية من أمور أهمها حقوق الملكية الفكرية وتقليد الملابس.
إذ لا يوجد ما يمنع منصات بيع الملابس بالجملة من أن تقوم باستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي عبر خوادمها من أجل إنتاج ملابس وقطع تشبه القطع الأصلي. لذلك إن حاول أحدهم البحث عن منتجات غوتشي على سبيل المثال، فإن تطبيقات الذكاء الاصطناعي تستطيع تقليد هذه التصميمات وعرضها على أنها منتجات أصلية عبر المنصة.
أضف إلى ذلك المخاوف من سيطرة الذكاء الاصطناعي وتوجه الشركات إلى هذا الاستخدام بعيدًا عن توظيف المصممين الحقيقين الذين يعملون على التصميمات اليدوية، لا سيّما أن الذكاء الاصطناعي يتيح خفض التكاليف الضخمة لهذا المسار الإبداعي.
لكن بغض النظر عن هذه المخاوف المتعددة، يبقى الذكاء الاصطناعي قاصرًا في بعض الجوانب، وذلك لأنه لا يستطيع ابتكار تصميمات جديدة من العدم، بل يحتاج إلى البحث عن التصميمات الموجودة على شبكة الإنترنت وجمعها معًا من أجل تقديم تصميم جديد.
فالذكاء الاصطناعي لا يستطيع "ابتكار" تصميم جديد من الصفر ولكنه يعيد استخدام كل ما يراه أمامه، وهذا رغم ظهور بعض الاستخدامات الاحترافية للغاية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي مثل Dall e 2 الذي يستطيع إنتاج صور واضحة للغاية وأصلية تمامًا وليست مجرد إعادة تدوير لما يحدث على الإنترنت.
استخدامات الذكاء الاصطناعي في عالم الأزياء
ما زال الذكاء الاصطناعي بعيدًا عن ابتكار الأزياء بمفرده. ولكن هذا لا يعني أنه لا يمكن استخدامه بالشكل الحالي لتحسين الصناعة وتوفير الكثير من الوقت على المصممين والعاملين في مجال الأزياء، إذ يمكن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في بعض الوظائف التي لا تتطلب الكثير من الإبداع وتحتاج إلى مجهود بدني فحسب، مثل المقارنة والبحث عن درجات الألوان المتوافقة والمتطابقة معًا، أو ربما تحسين بعض الأخطاء ومعالجتها في التصميمات قبل نشرها وإرسالها إلى المصانع،.
هذا ما تحاول شركة Levi القيام به اليوم إذ أنشأت الشركة قسمًا مختصًا للذكاء الاصطناعي يعمل على تحسين التصميمات وإضافة بعض اللمسات النهائية عليها قبل نشرها بشكل نهائي والاعتماد عليها.
قد لا يكون الذكاء الاصطناعي قادرًا اليوم على إنتاج الملابس من الصفر، إلا أن المستقبل يعد بالكثير من التطور. فالوتيرة السريعة لما جرى تحقيقه إلى الآن تعني أنه من المنطقي أن نرى تطورًا أسرع وأكبر في مجال تصميم الملابس بالذكاء الاصطناعي.