اشترِ سيارة مستعملة، تأمّل تصميمها الجذاب كل صباح أمام المنزل، استمتع بقيادتها على الطرقات الريفية المفتوحة في عطل نهاية الأسبوع، ثم أعد بيعها بسعرٍ مضاعف ... هذا ليس حلمًا، بل واقع تتيحه المركبات الكلاسيكية النادرة. 

في الوقت الذي تُجمع فيه الغالبية العظمى من الخبراء على أنّ العقارات هي الاستثمار الأفضل لمن يرغب في تنمية ثروته ورفع قيمتها، ثمة وسيلة أخرى للاستثمار تحقق نموًا مشابهًا، ولكن مع تفصيل إضافي بغاية الأهمية. 

فمقابل العقارات التي توفر، بالإضافة إلى ارتفاع ثمنها بمرور الوقت، إمكانية استخدامها من قبل المالك أو تأجيرها والاستفادة من مدخول شهري تؤمنه من دون الانتقاص من قيمتها الأساسية، يضيف الاستثمار في السيارات الكلاسيكية النادرة ذات الأداء الاستثنائي جرعات مكثّفة من الإثارة.

كثيرة هي الأمثلة على السيارات التي سمحت لمالكيها بتحقيق أرباح طائلة بمرور الوقت، ونذكر منها على سبيل المثال سيارة McLaren F1 التي كانت تباع بمبلغ لا يزيد على 3 ملايين ريال سعودي عندما جرى تقديمها لأول مرة في بداية تسعينيات القرن الماضي، فيما يتجاوز سعرها اليوم حدود 70 مليون ريال سعودي. 

يعني ذلك أنه لو قُدر لشخص ما أن يشتري نموذجًا من هذا الطراز عام 1994، لكان تحوّل اليوم من صاحب ثروة صغيرة إلى صاحب ثروة كبيرة من دون القيام بأي جهد. 

ليس ذلك فحسب، بل يكون قد أمضى الأعوام الثلاثين الماضية وهو يستمتع بتجربة قيادة تحفة ميكانيكية مثيرة تلفت أنظار المارة أينما حلّت، وهو ما لا يتوفر لتلك الشقة الفارهة في أرقى أحياء نيويورك أو لندن أو دبي. 

على أن السرّ يكمن في اختيار السيارة المناسبة التي من المتوقع أن يتضاعف سعرها بمرور الزمن، وهذا الأمر معقّد ويصعب الإحاطة بكامل خباياه. 

فالخبراء ذوو الباع الطويل في هذا المجال لا يستطيعون تأكيد إمكانية ارتفاع سعر أي سيارة، إذ تبقى نصائحهم في هذا المجال مبنية على توقعات قد تصيب وقد تخطئ. في المقابل، ثمة عناصر ثبت من خلال التجرية أنّ لها علاقة مباشرة بارتفاع قيمة السيارة مع الوقت.

تجسّد سيارة Lamborghini Countach LPI 800 4 ما كان ليكون عليه طراز كونتاش لو أن لامبورغيني واصلت إنتاجه عبر العُقود.

Lamborghini

تجسّد سيارة Lamborghini Countach LPI 800 4 ما كان ليكون عليه طراز كونتاش لو أن لامبورغيني واصلت إنتاجه عبر العُقود.

تعددت الأسباب.. وارتفعت الأسعار 

قبل الحديث عن هذه العناصر، لا بد من الإشارة إلى أنّ ثمة فئة من السيارات يبدأ ثمنها بالارتفاع مباشرةً بعد أن تباع آخر نسخة منها، أي بتعبيرٍ أوضح في غضون السنوات الثلاث التي تلي ذلك على أبعد تقدير. 

تشمل هذه الفئة على سبيل الذكر وليس الحصر سيارة Ferrari SP3 Daytona. إنها السيارة الثانية ضمن سلسلة أيكونا من فيراري، وقد اختار لها الصانع تصميمًا مستوحى من طراز 330 P3/4، أو سيارة السباق التي تُعد من منظور عدد كبير من المؤرخين "أجمل سيارة سباق في التاريخ". 

أما اسم دايتونا، فيشير إلى السيارة التي تحمل هذا اللقب وليس الاسم الرسمي Ferrari 365 GTB 4. واللقب أطلقته الصحافة على المركبة عندما عُرضت خلال نسخة عام 1967 من سباق دايتونا في الولايات المتحدة والذي حقق فيه الصانع الإيطالي العريق انتصارًا كبيرًا مع وصول ثلاث نسخ قائمة على طُرز 330 P3/4 و330 P4، و412 P إلى المراكز الثلاثة الأولى. 

بسبب تصميمها الخارجي الجذاب، واحتفائها بإرث فيراري العريق في سباقات لومان، وإنتاجها المحدود، وتركيبتها الميكانيكية القائمة على طراز لافيراري ولكن من دون المنظومة الهجينة، سجل سعر سيارة Ferrari SP3 Daytona ارتفاعًا ملحوظًا في فترة زمنية لا تتعدى الأعوام الثلاثة. بعد أن كان سعرها عند إطلاقها في عام 2022 يساوي حوالي 8 ملايين ريال سعودي، بات اليوم يتجاوز 17 مليون ريال سعودي.

 ينطبق هذا النمو التصاعدي أيضًا على سيارة Lamborghini Countach LPI 800 4 التي قُدّمت تحيةً لإرث لامبورغيني، وجسدّت بوضوح كيف كان يمكن لطراز كونتاش أن يتطور إلى سيارة رياضية خارقة في عصرنا الحالي. 

فقد سعى الصانع إلى رسم معالم السيارة بالشكل الذي كانت لتكون عليه كونتاش لو أنه واصل تطويرها وإنتاجها عبر العُقود، وصولاً ليومنا الحالي، بدلاً من تسليم الشُعلة إلى طراز ديابلو في عام 1990. 

فشكل السيارة عصري على نحو لا لبس فيه ويتشارك مع سيارات لامبورغيني العصرية الأخرى في كثير من السمات، لكن مع ملامح مُستلهمة من كونتاش، مثل المصابيح الأمامية، وتصميم مآخذ الهواء الجانبية، وفتحة التهوية الأمامية العرضية وطبعًا أقواس العجلات المُضلَّعة والخُطوط الحادة. 

ولأن سيارة Lamborghini Countach LPI 800 4 أو "كونتاش العصرية" تُعيد إحياء ذكريات جميلة في مخيّلة جيل كبير من أصحاب الثروات الذين عاصروا السيارة الأصلية عندما كانوا فتيانًا خلال إنتاجها في حقبة السبعينيات والثمانينيات، فضلاً عن العوامل البديهية الأخرى التي تؤدي إلى ارتفاع سعر السيارات المميزة مثل الندرة والمواصفات العالية، فقد ازداد سعرها بشكل طفيف حين بيعت النسخ كلها والبالغ عددها 112 نسخة (من حوالي 10 ملايين ريال سعودي عند إطلاقها في 2022 إلى أكثر من 11.5 مليون ريال سعودي اليوم). 

ولكن الأهم هو أن هذه المركبة ساهمت في ارتفاع سعر كونتاش الأصلية، إذ يبدو أنّ من حصل عليها رغب أيضًا في امتلاك نسخة من الطراز الأصلي، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الطلب عليه.

تستلهم سيارة Boat Tail الزرقاء من رولز -رويس العالم البحري، وتناغم في مظهرها بين طابع عملي مبهج، وسطح انسيابي وخطوط نُحتت بإتقان لتحاكي تصميم "ذيل القارب".

Benedict Campbell

تستلهم سيارة Boat Tail الزرقاء من رولز -رويس العالم البحري، وتناغم في مظهرها بين طابع عملي مبهج، وسطح انسيابي وخطوط نُحتت بإتقان لتحاكي تصميم "ذيل القارب".

في المقابل، ثمة سيارات ارتفع سعرها بظروف غير مفهومة، وهذا ما هو عليه مثلاً حال سيارة McLaren F1. كانت هذه أول سيارة مخصصة للسير على الطرقات من الصانع البريطاني ذي التاريخ العريق في سباقات الفورمولا 1. 

وهذا وحده كان كفيلاً بأن يجعل قيمتها عالية، بالإضافة إلى كونها أتت بعد حقبة ذهبية لعلامة ماكلارين (مباشرةً بعد أن شهدت حلبات الفورمولا 1 صراعًا كبيرًا بين سائقي الفريق أيرتون سينا وألان بروست)، وأنها كانت تتمتع بمواصفات خارقة وذات إنتاج محدود. 

على أن هذه السيارة لم تنل الكثير من اهتمام المراقبين عند ظهورها، وذلك لأسباب عدة، أبرزها أنها، وعلى غير ما هو عليه حال بوغاتي وجاغوار ولامبورغيني وفيراري، لم تكن تحمل اسمًا ذا قيمة كبيرة. 

كما أنّ تصميمها، الذي لا يزهو بأي لمسة فنية ساحرة مثل تلك التي تتوفر لسيارات العلامات التي ذكرناها، لم ينل إعجاب عشاق هذا النوع من السيارات الذين لم تقنعهم رواية ماكلارين التي تفيد بأنّ تصميم السيارة الرياضية يجب أن يكون عمليًا وفعّالاً فحسب ولا حاجة إلى أن يتمتع بجاذبية ساحرة. وأخيرًا، رأى هؤلاء أن المحرك المستعار من بي إم دبليو لا يليق بسيارة رياضية خارقة يبلغ سعرها 3 ملايين ريال سعودي (آنذاك).

ولكن رُب ضارة نافعة. فقد يكون السبب وراء ارتفاع سعر السيارة اليوم إلى حدود 70 مليون ريال سعودي هو أنّ ضعف الإقبال عليها دفع بالشركة إلى حصر إنتاجها بحوالي 100 نسخة فقط. 

وبذلك حققت F1 أول وأبرز شرط من شروط ارتفاع القيمة: الندرة. ليس هذا فحسب. فمع توقف إنتاج F1، توقف إنتاج الشركة بشكلٍ عام (باستثناء أجسام وهياكل سيارات الفورمولا 1) قبل أن تعود الشركة بشكلٍ مختلف وتوجّه مختلف في عام 2009، وهذا يعني أنّ F1 باتت تمثل حقبة من تاريخ الصانع البريطاني.

رغم كل هذا وذاك، فإنّ سعر McLaren F1 ارتفع اليوم بشكلٍ مبالغ فيه ويفوق كل ما تتمتع به من صفات. فهي ليست السيارة الوحيدة التي تتوفر فيها العوامل التي أدت إلى ارتفاع سعرها بهذا المقدار.

نذكر أيضًا سيارة Mercedes 300 SLR Uhlenhaut من مرسيدس. فإنتاج هذه السيارة محصور بنسختين فقط وهذا يعني أنها نادرة للغاية، الأمر الذي يبرر ارتفاع سعرها.

سيارة Mercedes 300 SLR Uhlenhaut من مرسيدس، التي اقتصر إنتاجها على نسختين فقط.

Mercedes - Benz

سيارة Mercedes 300 SLR Uhlenhaut من مرسيدس، التي اقتصر إنتاجها على نسختين فقط.

ولكن الرقم القياسي الذي حققه سعرها والبالغ 496 مليون ريال سعودي أتى بسبب عملية بيع جرت بين المتحف الخاص بالشركة وبين زبون سري لم يُفصح عن اسمه. وهذا يعني أننا لا نملك سوى الوثوق بمرسيدس إذا أردنا أن نتأكد من أنّ عملية البيع قد جرت حقًا وبهذا السعر. 

أما رولز – رويس، فأثارت سيارتها Boat Tail ذات اللون الأزرق البحري ضجة عالمية عند الكشف عنها في عام 2021. كانت السيارة التي أبدع تصميمها قسم المشاريع الخاصة في رولز – رويس لصالح أحد الزبائن مستلهمة من العالم البحري، ومن سيارة Rolls – Royce Sweeptail لعام 2017 (تجاوز سعرها 48 مليون ريال سعودي)، وقد ناغم فيها الصانع بين طابع عملي خفي ومبهج، وسطح انسيابي وخطوط نُحتت بإتقان لتحاكي تصميم "ذيل القارب" في الجزء الخلفي من الهيكل، حيث الكسوة الخشبية ذات النقوش الطولية أعادت إلى الأذهان البناء الخشبي التقليدي لأسطح اليخوت. 

على أن التصميم البديع لم يكن وحده ما استأثر بالاهتمام. فالكل كان يحاول تكهّن اسم صاحب السيارة، وترددت شائعات أنها ابتُكرت بتكليف من الزوجين بيونسيه وجاي زي. 

على أن الخبر لم يتأكد، شأنه في ذلك شأن السعر النهائي الذي تكبّده المالك (سرت أقاويل غير مؤكدة أنه بلغ 103 ملايين ريال سعودي). لكن Boat Tail عُدت آنذاك أغلى سيارة جديدة، فضلاً عن كونها الأغلى في أسطول رولز – رويس. واليوم أيضًا، لا أحد يعرف ما أصبح عليه سعرها.

ما خفي قد يكون... أعظم 

في معرض البحث عن العوامل التي تحدد سعر أي سيارة كلاسيكية، لا بد من الإشارة إلى أمر مهم وهو أنّ الأسعار تحدد في نهاية المطاف من خلال عمليات البيع الرسمية التي تُنفذ في العلن، الأمر الذي يعني أنه إذا ما تلقى جامع سيارات عرضًا ماليًا سخيًا جدًا يفوق بنسبة كبيرة ما يحدده السوق مقابل استغنائه عن السيارة الكلاسيكية النادرة التي يملكها ورفض هذا العرض، تكون السيارة قد حققت هذا السعر المرتفع حقيقةً ولكن من دون أن يُوثّق ذلك في أي سجل من سجلات بيع السيارات. 

فإذا تقدم أحد الأثرياء الكبار بعرض دفع مبلغ 200 مليون دولار (736 مليون ريال سعودي) لقاء الحصول على بوغاتي أتلانتيك التي يمتلكها رالف لورين، ورفض المصمم الأمريكي هذا العرض، تكون قيمة أتلانتيك هي أعلى من هذا المبلغ، خصوصًا أنّ سجلات البيع ودور المزادات العلنية التي تراقب تطور مبيعات السيارات الكلاسيكية تعتمد هذا المعيار خلال تحديد السعر. فافتراضًا، لو قبل رالف لورن بعرض قيمته 200 مليون دولار أمريكي، سيعتمد المراقبون هذا السعر على أنه يعكس قيمة السيارة.

سيارة Porsche 918 Spyder التي أنتجتها بورشه في 918 نموذجًا.

Porsche

سيارة Porsche 918 Spyder التي أنتجتها بورشه في 918 نموذجًا.

عكس التيّار

ثمة سيارات لا يرتفع ثمنها كثيرًا أو لا يرتفع أبدًا، وهذه الفئة تُعد محيّرة بعض الشيء. بطبيعة الحال، لن يقدم أحد على شراء سيارة سيدان عائلية بهدف الاستثمار، بل سيحصر خياراته بالطرز التي تتمتع بجاذبية ومواصفات مثيرة، وهذا بحد ذاته أمر يساعد على ارتفاع سعر السيارة في المستقبل. 

كما أنّ عامل الندرة الذي يُعد في النهاية أهم عنصر من عناصر ارتفاع القيمة هو غالبًا أمر معروف منذ البداية، إذ إنّ الشركات المصنّعة بمعظمها تُعلن عن عدد النماذج الذي تعتزم إنتاجه عندما تطلق طُرزًا جديدة. 

وهنا، وبغض النظر عن نظريات المؤامرة التي تُفيد بأنّ ثمة صانعين ينتجون من الطراز الحصري المعيّن أكثر من العدد المعلن، إلا أنّ هذا الأمر لن يؤثر كثيرًا على عامل الندرة: فإذا أنتجت فيراري مثلًا 600 نسخة من طراز LaFerrari بعد أن تكون قد أعلنت عن إنتاج 499 نموذجًا فقط، فإنّ هذا لن يؤثر سوى بشكلٍ طفيف على مستوى توفرها في السوق ولن يجعل منها سيارة مخصصة للإنتاج على نطاق واسع، فتبقى في النهاية سيارة نادرة.

على أن ثمة سيارات محدودة الإنتاج لا يرتفع ثمنها كثيرًا أو لا يرتفع نهائيًا، ومنها على سبيل الذكر وليس الحصر سيارة Porsche 918 Spyder. 

في عام 2013، أدت بورشه 918 سبايدر دور الطرف الثالث، في ما كان يسمى بثالوث السيارات الخارقة إلى جانب كل من Ferrari LaFerrari وMcLaren P1. 

ولكن رغم المكانة العالية التي تتمتع بها بورشه في كل من عالم التميز ومضامير السباق، إلا أنّ البعض يرى أنها لا ترقى إلى مستوى علامتي ماكلارين أو فيراري. كما أن بورشه أنتجت من السيارة 918 نسخة، وهذا عدد يُعد مرتفعًا بالنسبة للسيارات التي تُسعّر من قبل صانعيها عند إطلاقها بسعرٍ يدور في فلك المليون دولار ( 3.6 مليون ريال سعودي).

أستون مارتن فالكيري

مثال آخر هو سيارة Valkyrie من أستون مارتن. لا شك في أن هذه المركبة تزهو بتصميم مثير وخطوط لا تفتقر إلى الأناقة رغم جنوحها نحو توفير فعالية ديناميكية خارقة، فضلاً عن ارتباطها بكل من المصمم الأشهر في عالم سباقات الفورمولا 1 أدريان نيوي وعلامة أستون مارتن ذات الجاذبية الكبيرة. 

لكنها في المقابل لا تتمتع بطابع عملي، لا سيّما على مستوى المساحة المتوفرة في مقصورة القيادة وطريقة الدخول إليها، ومنظومتها الميكانيكية غير ملائمة لضرورات السير على الطرقات العامة، كما أن محركها ذا الأسطوانات الاثنتي عشرة يصدر ضجيجًا عاليًا، الأمر الذي قد يفرض على السائق والراكب إلى جانبه ارتداء سماعات للرأس للحماية من الضوضاء وللتواصل بينهما. وهذه العناصر كلها قد جعلت سعرها يتأرجح في سوق السيارات الكلاسيكية مع إشارات تفيد بأنّ قيمتها ستتدنى في المستقبل القريب.

ولكن رغم كل ما تقدم، إلا أن البعض يتوقع أن يرتفع سعر السيارة على المدى الطويل، أو على الأقل أن تحافظ على قيمتها للأسباب الإيجابية نفسها التي ذكرناها آنفًا، فضلاً عن كونها مجهّزة بمحرك احتراق داخلي كبير. فهل سيكون مصير Valkyrie مشابهًا لمصير McLaren F1 ؟ وحده المستقبل سيجيب عن هذا السؤال.

تحقق سيارة F50 من فيراري قيمة عالية في السوق الشرق أوسطي.

Benedict Campbell\ Getty Images

تحقق سيارة F50 من فيراري قيمة عالية في السوق الشرق أوسطي.

رأي خبير

بالعودة إلى العوامل التي لها تأثير كبير على تزايد قيمة السيارات المميزة وتحوّلها إلى سيارات كلاسيكية منشودة، تحدثنا إلى دوتشيو فيليبو لوبرستو، المدير العام لدار آر إم سوذبيز RM Sotheby's في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا والذي ذكر العوامل على الشكل الآتي:

1 – الإنتاج المحدود 

إنّ الإنتاج المحدود للطراز يزيد بشكلٍ كبير من رغبة الناس فيه. فالسيارات النادرة على غرار McLaren F1 أو Ferrari 250 LM، تولد شعورًا بالحصرية يقدّره هواة الجمع بشكلٍ كبير. 

كما أن عدد النماذج الأقل يعني تزايد فرصة ارتفاع قيمة السيارة بمرور الوقت، خصوصًا في عالم تهيمن عليه اليوم المركبات الهجينة، أو حتى الكهربائية.

2 - الأهمية التاريخية

غالبًا ما تحقق السيارات ذات الأهمية التاريخية، مثل تلك المرتبطة بأحداث بارزة أو انتصارات في السباقات أو شخصيات مؤثرة، أسعارًا أعلى. 

فعلى سبيل المثال، نذكر عملية البيع الأخيرة التي نظمتها دار آر إم سوذبيز لسيارة Mercedes W196 Streamliner التي قادها ستيرليغ موس وخوان مانويل فانجيو. فقد حققت السيارة أكثر من 50 مليون دولار أمريكي ( 184 مليون ريال سعودي) في المزاد.

3 - الحالة الفنية والأصالة

للحالة العامة للسيارة، بما في ذلك أصالتها وما إذا كانت قد خضعت للاستعادة، دور حاسم في تحديد قيمتها. عادةً ما تحقق السيارات ذات الأجزاء الأصلية وسجلات الخدمة الموثقة جيدًا أسعارًا أعلى، إذ يُعد الحفاظ على مواصفات المصنع أمرًا أساسيًا. 

في الوقت الحاضر، يثمّن هواة الجمع السيارات الأصلية التي بقيت على حالها (حتى ولو كانت بعض أجزائها بالية) أكثر من مركبة جرت استعادتها بالكامل. 

والمثال الواضح على ذلك هو سيارة بوغاتي 59 التي فازت بجائزة أفضل سيارة في مسابقة بيبل بيتش للأناقة في العام الماضي كونها لم تخضع لأي عملية استعادة.

4 -تراث العلامة وسمعتها

تتباهى بعض العلامات مثل فيراري، ومرسيدس، وبوغاتي، وبورشه بإرث عريق يعزز من قيمة طرزها، إذ يمكن للمكانة المرموقة المرتبطة بهذه العلامات أن تزيد من الطلب على سياراتها بغض النظر عن المواصفات الفنية.

5 - التصميم والأداء

الجماليات والهندسة أمران مهمان في تعزيز جاذبية السيارة. فغالبًا ما ينجذب هواة الجمع إلى المركبات التي تتفرّد بتصميم مبتكر أو خصائص أداء مميزة، ويمكن للتوازن بين الشكل والوظيفة أن يؤثر على نحو ملحوظ على الرغبة في الحصول على السيارة.

6 - اتجاهات السوق 

تتأثر السيارات الكلاسيكية باتجاهات السوق، بما في ذلك التحوّلات في التركيبة السكانية للمشترين والعوامل الاقتصادية. قد تشهد السيارات التي تتوافق مع الأذواق الحالية اهتمامًا أعلى وقيمة متزايدة، خصوصًا في الأسواق الجديدة مثل سوق الشرق الأوسط، حيث نرى سيارات مثل F40 أو F50 تحقق قيمة عالية بشكلٍ لا يصدق.

7 – تاريخ الملكية

يمكن أن يؤثر تاريخ ملكية السيارة بشكلٍ كبير على قيمتها، إذ يمكن للسيارات ذات السجل الموثق جيدًا، وخصوصًا تلك التي كانت سابقًا بحوزة المشاهير أو الشخصيات المهمة، أن تفرض ارتفاعًا بالقيمة. أحد الأمثلة على ذلك سيارة فيات 500 بوانو الصغيرة التي جرى بناؤها لجياني أنيلي، والتي بيعت بسعرٍ بلغ 378 ألف دولار أمريكي (1.39 مليون ريال سعودي) في مزاد لدار آر إم سوذبيز بباريس خلال عام 2024. فحقيقة أنّ السيارة صُنعت من أجل أنيلي كانت سببًا في ارتفاع سعرها.

في النهاية، وللدلالة على أهمية الاستثمار في السيارات الكلاسيكية التي أصبحت تُعد من الأصول عالية القيمة، لا بد من الإشارة إلى أنّ ثمة جهات عدة توفّر قروضًا لتمويل شراء السيارات الكلاسيكية، وقروضًا للجامعين بضمان السيارات الكلاسيكية التي يملكونها، على ما يشهد البرنامج الذي أطلقته سوذبيز للخدمات المالية  Sotheby’s Financial Services في عام 2023.