عندما يتعلق الأمر بالأناقة الإيطالية الفاخرة، فنجوم هذا القطاع يتمثلون بعدد ضئيل جدًا من الدور النخبوية التي رسّخت مكانتها على مر عقود، إن لم نقل قرونًا، من حيث كونها الأفضل في مجال حياكة الملابس رفيعة الطراز وصياغة الأحذية الفاخرة. يعني ذلك أنه نادرًا ما ينضم قادم جديد إلى صفوف هذه النخبة الحصرية.

لكن فيما قد يبدو اسم أنيونا Agnona، العلامة الأكثر إثارة للجلبة اليوم في أوساط كبار صنّاع الأزياء الإيطالية الفاخرة، غير مألوف لك، إلا أن ارتقاءها إلى مصاف هؤلاء ليس وليد اللحظة. فعلى مدى أكثر من نصف قرن، تخصصت هذه العلامة، التي كانت في الأصل مصنعًا، في إنتاج الأقمشة والمنسوجات الأشد فخامة. أما اليوم، وفي ظل وجود قائد جديد ورؤية متجددة، فتتربع أنيونا على عرشها من حيث كونها حكمًا أصيلاً فيما يخص فخامة الكشمير.

تأسست العلامة سنة 1953 على يد فرانشيسكو إيلوريني مو في المقاطعة الإيطالية الشمالية نفسها التي شهدت ولادة دار لورو بيانا. وعلى ما هو عليه حال جارتها، بدأت أنيونا نشاطها في تجارة المنسوجات، وراحت توفّر الكشمير وصوف الفيكونا وصوف الألبكة لكبار صنّاع الأزياء الفاخرة. في باريس، بما في ذلك كريستيان ديور وكريستوبال بالنسياغا. ذاع صيت أقمشة المؤسس إلى حد أن أنيونا أطلقت في نهاية المطاف، وبمساعدة جارتها الأخرى، دار زينيا، مجموعتها الخاصة من الألبسة الجاهزة. في تسعينيات القرن الفائت، استحوذت زينيا على الشركة التي شهدت محاولات عدة لإعادة إطلاقها، لكنها ظلت عاجزة عن إيجاد موطئ قدم لها وسط البنية المؤسسية لدار زينيا.

يقول ستيفانو إيمون، الرئيس التنفيذي الجديد لعلامة أنيونا ومديرها الإبداعي: "كانت الفكرة الرئيسة للمؤسس مو تقوم على الرأي القائل إن الملابس ليست سوى قطع من الأقمشة لها أكمام". إن هذه المقاربة – التي تختزلها تصاميم مبسّطة تُحاك من الأقمشة الأشد فخامة – هي ما مايز أنيونا عن غيرها من كبار صنّاع الكشمير في إيطاليا آنذاك. يقول إيمون: "كانت تصاميم مو تتفرّد بقصاتها المريحة. كانت ملابس عملية تصلح لكل يوم، حيكت بإتقان بالغ لكنها جُرّدت من أي صرامة. لذا تُعد هذه الابتكارات مثالية لعصرنا الحالي حيث لم يعد من وجود للبذلة بالغة الرسمية حتى عندما يتعلق الأمر بأناقة رجال الأعمال. لا قانون للملبس اليوم".

انغمس إيمون، سليل عائلة زينيا، خلال نشأته في عالم الحياكة، وقد تولى مؤخرًا منصب رئيس التصاميم في علامة Z Zegna. لكنه، وانطلاقًا من أسلوبه الشخصي "الذي يوحي بالاسترخاء إلى حد كبير"، كان يميل دائمًا إلى علامة أنيونا. عندما طرأت جائحة كورونا، قرر إيمون التحرّك، فاستحوذ مع والده على حصة الأكثرية في الشركة.

المجد المستعاد

يقول إيمون موضحًا: "ما نحاول فعله هو العودة إلى حيث بدأ كل شيء". تتبع مجموعته الأولى لموسم الخريف، وقد أعاد تقديم الملابس الرجالية، بعد سبات دام 20 عامًا، قيم المؤسس التي تركّز بشكل رئيس على الأقمشة الفاخرة، على ما تشهد سترات الكشمير مزدوجة الوجه وذات القصات الانسيابية عند الأكتاف، والمعاطف المشغولة من صوف الألبكة والمزدانة بتفاصيل من الجلد، وسراويل الجينز المصنوعة من الكشمير والقطن، فضلاً عن مجموعة متنوعة من الكنزات المحبوكة من الخيوط الأشد فخامة. تزهو هذه القطع بلوحة ألوان طبيعية تتفاوت بين اللون القشدي، ولون وبر الجمل، والبني والأسود، وتبدو مثالية لأوقات العمل أو خارجها، ولمراكز الأعمال أو بعيدًا عنها.

عند سؤال إيمون عن منافسيه، يجيب قائلاً: "لا يمكنني أن أذكر لورو بيانا لأن تصاميمها محافظة وكلاسيكية أكثر. كذلك الأمر بالنسبة إلى كوتشينيللي لأن إبداعاته تعكس هويته الخاصة. وفيما تبدو تصاميم علامة ذا رو The Row بسيطة للغاية، يتغلب طابع عصري جدًا على ابتكارات جيل ساندر". في المقابل، تجمع تصاميم أنيونا بحلتها الجديدة بين هذه الميزات كلها من دون أن تجسّد أسلوبًا محددًا. فبعض التصاميم مثل السراويل القطنية محددة القصات، وقمصان تي – شيرت المحبوكة من الصوف والحرير، والسترات الخفيفة المحبوكة من الكشمير، تصلح للارتداء لوقت طويل وبطرق لا عد ولا حصر لها.

يقول إيمون: "إنها تصاميم عصرية، والطابع العصري من منظوري يرتبط بالحرية في التعبير وليس بتصميم محدد أو قصة معيّنة". وفي حالة علامة متجذرة في أرض الإتقان الحرفي التقليدي، لا شك في أن أسلوب أنيونا يُعد حديثًا.