ظلت برشلونة لعقود من الزمان الوجهة المفضلة للسياح الذين يقصدون إسبانيا لقضاء العطلة. ولكن مع بروز ملكيات مهيبة، جديدة أو أعيد تصميمها، تحمل توقيع علامات مثل فورسيزونز وماندارين أورينتال وروزوود، بالإضافة إلى الظهور الأول في مدريد لفندق من علامة إديشن وآخر من دجاي دبليو ماريوت، فإن العاصمة التي تعرضت دومًا للانتقاد المجحف أصبحت تزهو بمجموعة من الوجهات الفندقية التي تتمايز بمكانتها المرموقة في عالم السفر الفاخر.
مع ذلك، لم يكن الاهتمام الذي تتلقاه المدينة حاليًا بالأمر المؤكد أبدًا. فعلى سبيل المثال، افتتح فندق فورسيزونز أواخر عام 2020، في مبنى تراثي كبير على بعد خطوات من موقع Kilómetro Cero، الذي يعد المركز الجغرافي لإسبانيا. قد يُظن أنه موقع متميز، غير أنّ أثرياء مدريد، الذين شبّهوا المنطقة لفترة طويلة - بازدراء - بميدان تايمز سكوير، داخلهم الارتباك عند سماع هذا الخبر. لكن وصول فندق فورسيزونز إلى المنطقة التاريخية كان دلالة على اهتمام علامات الضيافة المتزايد بمدريد، الأمر الذي عُدّ تصويتا بالثقة على وجهة لم تحظَ بالتقدير حتى من قبل السكان المحليين.
بدأت خطط إطلاق فندق فورسيزونز مدريد Four Seasons Hotel Madrid، الذي كان محور مشروع تطويرٍ بلغت تكلفته نحو 700 مليون دولار، ويشمل أيضًا مساكن ومركزًا تسوقيًا راقيًا، منذ عام 2012، الأمر الذي شكل مجازفة كبيرة في ذلك الوقت. ولكن الاضطرابات السياسية التي عمّت برشلونة في وقت لاحق والاحتجاجات المتكررة والكراهية تجاه السياح وسط تقارير تدين السياحة المفرطة – لتتوقف قبل الوباء أنشطة الفنادق الجديدة التي افتُتحت في الأحياء الشعبية - جعلت من الرهان على مدريد رهانا مثمرًا. ولم تكن علامة فورسيزونز الوحيدة التي راهنت على مستقبل مدريد.
فعلى ما يقول العاملون في قطاع الضيافة بالمدينة، إن القصة هي نفسها: أثارت الاضطرابات في برشلونة حفيظة المستثمرين، لذا وجهت علامات الفنادق الفاخرة أنظارها إلى الداخل.
تندرج ماندارين أورينتال ضمن قائمة هذه العلامات. فقد أخضعت المجموعة الفندقية، التي تتخذ من هونغ كونغ مقرًا لها، فندق الريتز، الذي أنشأه سيزار ريتز في عام 1910 والذي شكل جوهرة مدريد في الحقبة الجميلة، لمشروع تجديد استغرق سنوات بعد الاستحواذ عليه في عام 2015. أعيد افتتاح الفندق منتصف عام 2021 تحت الاسم الجديد: ماندارين أورينتال ريتز في مدريد Mandarin Oriental Ritz Madrid.
يضم الفندق مسبحًا تحت الأرض مضاء بالثريات ومطعم Deessa الذي تتلألأ أرجاؤه بلون ذهبي ويشرف عليه الطاهي كويكي داكوستا مقدمًا على قائمة طعامه "بيضة" قشرتها مصنوعة من هليون أبيض مخفوق. لكن المكانة الأعلى تميزًا التي بات الفندق يوحي بها باتت متاحة بسعر أعلى: كان متوسط الأسعار قبل وصول ماندارين أورينتال نحو 400 دولار، في حين أنه صار يبدأ اليوم من 1,020 دولارًا.
Rosewood/أفخم الفنادق في مدريد
الوضع مشابه على بعد ميل شمالا حيث تنبسط فيلا ماغنا Villa Magna. تأسس هذا الفندق عام 1972، وأغلق للتجديد أواخر عام 2020، ليعاد افتتاحه بعد عام واحد تحت اسم روزوود فيلا ماغنا Rosewood Villa Magna. (يزعم الموظفون أن مالكي الفندق أرادوا الدخول في شراكة مع علامة تجارية كبرى في مجال الضيافة لكي يحوز الفندق تقديرا عالميا أكبر، وليس فقط بسبب المنافسة المحلية الشرسة المفاجئة).
أفخم الفنادق في مدريد
يتجلى الرقي المعتاد الذي تشتهر به علامة روزوود في جميع أنحاء الفندق، خصوصًا في مطعم أموس Amós الرائع الذي يديره جيسوس سانشيز الحاصل على ثلاث نجوم ميشلان. قفز سعر الإقامة ليلة واحدة في الفندق من نحو 650 دولارًا أمريكيًا قبل إعادة الفتح، إلى نحو 800 دولار أمريكي بعده، ومن المتوقع أن يستقر السعر عند قرابة 1000 دولار أمريكي أو أكثر.
بالعودة إلى فورسيزونز، حيث تبدأ الأسعار من نحو 1,100 دولار لليلة، نجد مطعم داني غارسيا الواقع على السطح، والذي حُلّي بمزيج جميل من اللونين الأحمر والأخضر اللامع، محتضنًا شرفة تطل على عدد من المعالم البارزة، بما فيها أكاديمية سان فرناندو للفنون الجميلة Real Academia de Bellas Artes de San Fernando. لم ترد علامة فورسيزونز مطعمًا للمناسبات الخاصة، بل مكانا عصريًا وحيويًا يمكن أن يرحب به السكان المحليون. وهذا بالضبط ما وجدته خلال زيارتي له، إذ كان المطعم مليئا بالروّاد الذين خرجوا إلى الشرفة لإلقاء نظرة جديدة على مدينتهم.