خارج مسارات الملاحة التقليدية، انبثق يخت فايف أوشنز Five Oceans بوصفه تجسيدًا لرؤية بحرية تتطلّع إلى المجهول وتهز قواعد المألوف. 

صُمّم اليخت، الذي يمتد بطول 175 قدمًا، بهندسة متقدّمة من شركة دامن Damen الهولندية، بوصفه الجيل الثاني من طراز YS53 الذي خلف اليخت الشهير "باد كومباني سبورت" Bad Company Support. 

غير أن ما يميّزه ليس حجمه ولا نسبه، بل الغاية التي وُلد من أجلها: قيادة رحلة استكشافية تدوم ثلاث سنوات وتطوف أقاصي آسيا، من الصين إلى إندونيسيا وأستراليا والفلبين، مستقلًا بذاته من دون الحاجة إلى دعم خارجي.

تصدّر المشروع تومي ألين، مدير العمليات في شركة فايف أوشنز غلوبال سوليوشنز Five Oceans Global Solutions، بالشراكة مع عائلة أمريكية خاضت تجربتها الأولى في عالم اليخوت الفاخرة من خلال تمويل هذا المشروع الطموح. 

واستغرق الإعداد له عامين كاملين من التخطيط الدقيق قبل أن تبدأ أعمال البناء في عام 2022، بهدف صياغة ما يتجاوز حدود الفخامة: منصة بحرية مصممة للاستكشاف الذاتي والاستقلال الكامل.

غير أن الطموح اصطدم بالواقع. فبعد تسليم اليخت في سبتمبر 2024، اقتصرت رحلته الأولى على الانتقال من أنطاليا إلى موناكو. وبعد أقل من عام، وتحديدًا في مايو 2025، بيع اليخت مقابل 30 مليون دولار نتيجة خلافات في الرؤية، ليُعاد توظيفه بوصفه سفينة ظل تُستخدم لدعم اليخت الرئيس المقبل، الذي لم يُكشف عن هويته بعد.

حلم الإبحار حول الأرض يتوقف في موناكو: قصة يخت فاخر لم يُكمل رحلته

Verpeka Dolling

يخت فايف أوشنز.. تصميم استكشافي غير مسبوق

يضم اليخت قائمة مذهلة من التجهيزات، تشمل طائرة ICON A5 ذات الأجنحة القابلة للطي، وغواصة Triton 3300 التي تتّسع لثلاثة أشخاص وتغوص حتى عمق 3,300 قدم، إلى جانب زورقَين بطول 33 قدمًا من طراز نوفا مارين Nova Marine مصنوعَين من الكيفلار والمواد الكربونية، وتصل سرعتهما إلى 50 عقدة بحرية. 

كما جُهّز اليخت بزلاجة خارقة تبلغ سرعتها 70 عقدة، صُمّمت في الأساس لاستخدامات علمية، مع مساحة خلفية رحبة تستوعب هذه الكماليات كافة.

أما أكثر ما يميّز اليخت فهو مركز الغوص المتكامل، الذي يضم ضاغطَي نيتروكس Nitrox، وغرفتين: إحداهما للضغط المزدوج، والأخرى لتجفيف بدلات الغوص عبر أنابيب هواء ساخن، إلى جانب طاولة مصنوعة من حجر كافيار ستون. 

بل إن فريق الطاقم اختير بعناية، إذ يضم عناصر سابقين من المارينز، من بينهم من يقود الغواصة، وآخر يقود الطائرة، وثالث يقود اليخت نفسه.

حلم الإبحار حول الأرض يتوقف في موناكو: قصة يخت فاخر لم يُكمل رحلته

Verpeka Dolling

استندت رؤية التصميم في "فايف أوشنز" إلى تجارب سابقة، أبرزها تجربة المالكين مع يخت 6711 Geo، الذي اشتهر بمظهره العسكري ولونه الرمادي القاتم. 

ذاك المظهر، رغم فخامته، أثار كثيرًا من الشبهات خلال الإبحار في مناطق مثل بحر الصين الجنوبي، ما استدعى تدخّل المروحيات العسكرية مرارًا. لتفادي هذا الانطباع، اختار الفريق الذي يقف خلف المشروع لوحة ألوان لافتة تجمع بين الأزرق الفاتح والبرتقالي، مستوحاة من دراجات "كاي تي إم" KTM، لمنح اليخت طابعًا وديًا لا يثير الحذر.

أما المساحات الداخلية، فجاءت بتصميم يوازن بين التقنية والراحة، إذ يضم الصالون الرئيس طاولة طعام من الرخام، وخزائن من خشب السنديان مع لمسات نحاسية، إلى جانب نظام صوتي متقدّم تجاوزت تكلفته 900 ألف دولار. 

ويمكن تحويل الصالون إلى غرفة سينما أو مركز اجتماعات سري بفضل الستائر الكهربائية المعتمة. كما يحتوي جناح المالك على طاولة ملاحة ذكية بشاشة مدمجة تتيح له إرسال المسارات مباشرة إلى جسر القيادة، حيث يُراقب طاقم اليخت كل منفذ وفتحة عبر نظام أمني متكامل.