في عالم باتت فيه الاستدامة محور الابتكار، كشفت أوتو أفييشن Otto Aviation عن رؤيتها الجريئة لمستقبل الطيران الخاص عبر طائرتها فانتوم Phantom 3500. خلال معرض باريس للطيران، وفي مشهد لا يقل طموحاً عن تصميم الطائرة نفسه، أعلنت الشركة الأمريكية الناشئة عن خططها لإطلاق أول طائرة رجال أعمال فاخرة تعمل بكفاءة الوقود وتُحقق الحياد الكربوني الكامل قبل عقدين من الموعد الذي التزم به القطاع العالمي.

تَعِد فانتوم 3500 بتجربة سفر غير مسبوقة تجمع بين الفخامة والتكنولوجيا والاستدامة في ثلاثية نادرة تُعيد تعريف معنى الطيران الخاص في القرن الحادي والعشرين.

يتميّز جسم الطائرة غير التقليدي وأجنحتها الأصغر بتقليل السحب الهوائي بنسبة 35% مقارنة بتصاميم الطائرات المنافسة، بحسب Otto. وستُبنى الطائرة بتصميم يرتكز إلى مفهوم التدفق الانسيابي Laminar Flow، ما يعني تدفق الهواء بشكل أكثر سلاسة فوق الأجنحة المائلة وجسم الطائرة، ما يقلل من مقاومة الهواء. وستُزوّد الطائرة بمحركين من نوع Williams FJ44.

تقول الشركة إن الطائرة ستحرق وقودًا أقل بنسبة 60% مقارنة بالطائرات المماثلة في الحجم، بفضل التصميم الانسيابي الذي يقلل الوزن العام إلى النصف مقارنة بطائرات مثل Citation X أو Praetor 500. 

وصرح سكوت درينان، الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة أوتو، لمجلة Robb Report أن التصميم يسمح أيضاً بتقليل حجم المكونات الأخرى مثل المحركات والأجنحة وهيكل الطائرة. ويضيف درينان أنه من خلال حرق وقود الطيران المستدام، ستقلل الطائرة الانبعاثات بنسبة 90%. 

تُعد فانتوم 3500 طائرة أعمال متوسطة الحجم فائقة الرحابة، تتسع إلى ما يصل إلى 9 ركاب ويبلغ ارتفاع مقصورتها 6 أقدام و5 بوصات، وطولها 23 قدمًا، وعرضها 7 أقدام و6 بوصات. 

وستبلغ سرعتها القصوى 600 ميل في الساعة، مع قدرة على التحليق على ارتفاع 51 ألف قدم، وتحقيق مدى أقصى يبلغ 3500 ميل بحري. ويقول درينان إن تكاليف التشغيل ستكون أقل بنسبة 50% مقارنة بمثيلاتها من طائرات رجال الأعمال المتوسطة الحجم التي تنتجها شركات منافسة، وذلك بفضل محرك ويليامز الأصغر حجماً.

تزهو المقصورة أيضًا بطابع تصميمي مستقبلي يتجاوز المألوف، وقد جُرّدت من النوافذ التقليدية التي استعيض عنها بشاشات بانورامية عالية الدقة، أطلقت عليها الشركة اسم Super Natural Vision، وتُظهر مناظر للسماء والمناظر الطبيعية الجانبية. 

فانتوم 3500 من Otto Aviation.. طائرة رجال الأعمال التي تحلّق نحو المستقبل بلا انبعاثات

Otto Aviation

ورغم أن تصميم الطائرة لا يزال في مراحله الأولى، إلا أن فانتوم 3500 لفتت الأنظار خلال مؤتمر صحفي في باريس، حيث أعلنت Otto عن منشأة تصنيع جديدة ستُقام في فلوريدا. وتصف الشركة الطائرة بأنها "تصميم جديد بالكامل مدعوم بـالذكاء الاصطناعي، يعتمد على تدفق هوائي فوق صوتي فائق الانسيابية مع مزايا ديناميكية هوائية متقدمة".

تتبع طائرة فانتوم 3500 النموذج الأولي السابق لطائرة Celera 500L من أوتو، والذي اكتمل اختباره عام 2019. وأوضح درينان: "كانت طائرة Celera تجربة ناجحة أثبتت أن تدفق الهواء الانسيابي قابل للتطبيق فعلياً"، وأشار إلى أن اختبارات النموذج الأولي ستنتهي في أكتوبر، وأن التصميم المُصغّر خضع لاختبارات نفق الرياح بسرعات منخفضة وعالية، وجاءت النتائج متطابقة بنسبة 95% مع التوقعات. وأضاف درينان أن موردي المكونات الرئيسة مثل المحركات وإلكترونيات الطيران ومعدات الهبوط جاهزون بمعظمهم، لذا ستكون جاكسونفيل بمنزلة مركز تجميع بدلاً من مصنع لتطوير كل مكون من الصفر.

تخطط الشركة لإدخال الطائرة الفائقة متوسطة الحجم إلى الخدمة بحلول عام 2030، أي قبل 20 سنة من تعهد القطاع بتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول 2050. 

ومن المقرر أن تبدأ الشركة باختبار النموذج الأولي في عام 2027، مع الحصول على شهادة إدارة الطيران الفيدرالية (FAA) ودخول السوق بحلول 2030. وصرح بول تو، المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة: "بتحقيق الحياد الكربوني قبل 20 عامًا من هدف عام 2050، فإننا لا نكتفي بتحقيق التوقعات فحسب، بل نُعيد تعريف الإمكانيات في مجال الطيران".

كما صرح حاكم فلوريدا، رون ديسانتيس، خلال المؤتمر الصحفي الذي عُقد في معرض باريس الجوي، أن شركة أوتو ستحصل على حزمة حوافز بقيمة تقارب 500 مليون دولار من سلطات الولاية والسلطات المحلية لإنشاء مقرها الرئيس في جاكسونفيل. سيُقام المقر على قطعة أرض مساحتها 100 فدان، ويضم مصنعًا بمساحة 850 ألف قدم مربعة. وأوضح أن أوتو أفييشن تعتزم تصنيع ما يصل إلى 1600 طائرة فانتوم 3500 بين عامي 2030 و2040.

يُذكر أن معرض باريس للطيران شهد هذا العام لحظات استثنائية حُفرت في سجلات السرعة والإنجاز، إذ خطّت طائرة Bombardier Global 7500 من بومباردييه اسمها في قائمة الأرقام القياسية برحلة انطلقت من مونتريال إلى باريس في زمن قياسي بلغ خمس ساعات وثلاثين دقيقة. ولم تمضِ لحظات حتى ردّت غلفستريم Gulfstream بتحدٍّ مدوٍّ عبر طائرتها G700 التي حلّقت من سان فرانسيسكو إلى مطار باريس لو بورجيه في تسع ساعات وست وعشرين دقيقة.