حين تُطرح ساعتان من باتيك فيليب لم يُرَ لهما مثيل من قبل على منصة دار سوذبيز هذا الخريف، فإن الحديث لا يدور عن مزاد اعتيادي، بل عن حدث يعيد تعريف معنى الندرة في عالم الساعات. المزاد، الذي يحمل عنوان اكتشافات استثنائية: مجموعة أولمستيد للساعات المعقدة Exceptional Discoveries: The Olmsted Complications Collection، يجمع بين التاريخ والهندسة الدقيقة ضمن مجموعة استثنائية تُعرض على مدار يومين ابتداءً من 8 ديسمبر المقبل.

روبرت إم. أولمستيد، عاشق الساعات، بدأ رحلته في أوائل ستينيات القرن الماضي عندما كان طالبًا في جامعة برينستون. شغفه بالساعات المعقدة قاده إلى بناء مجموعة تخطت 75 قطعة نادرة بتوقيع كبرى دور الساعات في العالم، منها باتيك فيليب، وأوديمار بيغيه، وإس. سميث آند سانز S. Smith & Sons، وهنري كابت Henry Capt، ورولكس. كانت هذه المجموعة انعكاسًا لشغفه بالعلوم والدقة الميكانيكية، إذ كان يتلقى ساعات جديدة من سويسرا مباشرة إلى غرفته الجامعية. مجموعة أولمستيد كانت بمنزلة شهادة زمنية على مسيرة رجل جعل من الدقة فنًا، ومن الوقت إرثًا يستحق العرض في المزادات الكبرى.

في مزاد سوذبيز.. ساعتان نادرتان من باتيك فيليب تكشفان أسرار الإبداع الميكانيكي

Sotheby’s

على أن ما يميّز هذا المزاد حقًا هو ظهور ساعتين للجيب من باتيك فيليب لم تُشاهدا من قبل وتمثلان قمة الابتكار والحرفية. الساعتان، المصنوعتان في عامي 1921 و1924، تحتويان على آليتين مستقلتين لكل واحدة منهما، مع عقربين مزدوجين للساعات والدقائق والثواني، بتركيبة ميكانيكية فريدة لا يُعرف لها مثيل في تاريخ صناعة الساعات. الأولى مجهزة بوظيفة مُعيد الدقائق وتقدّر قيمتها بين 300 ألف دولار و500 ألف دولار أمريكي، فيما الثانية مجهّزة بمُعيد الدقائق وكرونوغراف الثواني المنقسمة، وتقدّر قيمتها بين 500 ألف دولار ومليون دولار.

في مزاد سوذبيز.. ساعتان نادرتان من باتيك فيليب تكشفان أسرار الإبداع الميكانيكي

Sotheby’s

وما يزيد من تفرد هاتين الساعتين هو أنهما يمثلان إنجازًا غير مسبوق في سجل صناعة الساعات، إذ تعدان الوحيدتين في تاريخ باتيك فيليب وأي دار أخرى اللتين يجتمع فيهما نظامان ميكانيكيان مستقلان داخل هيكل واحد. كما أنهما تتصلان بآلية تعبئة مشتركة. هذا التصميم الفريد لم يأتِ مصادفة، بل جاء بطلب خاص من الصناعي الأمريكي جون موتلي مورهد، أحد هواة الساعات الأبرز في التاريخ الحديث، والذي أسهم مع هنري غريفز الابن وجيمس وورد باكارد في ترسيخ مكانة باتيك فيليب بوصفها رمزًا للتعقيد الميكانيكي والفخامة الهادئة.

تقول دارين شنبر، الرئيسة الفخرية لقسم الساعات في سوذبيز: "لم نشهد مثيلاً لهاتين الساعتين من قبل. كل واحدة تحتوي على آليتين مثبتتين إحداهما  فوق الأخرى، والسبب في هذا التصميم لا يزال لغزًا. قد تكون الفكرة وراءه تشغيل وظيفة التوقيت المزدوج، أو ربما قياس الوقت النجمي الذي يتأخر بأربع دقائق عن التوقيت الوسطي، وهو ما يستخدمه علماء الفلك".

في مزاد سوذبيز.. ساعتان نادرتان من باتيك فيليب تكشفان أسرار الإبداع الميكانيكي

Sotheby’s

ولا تقف روائع المجموعة عند هذا الحد، إذ تبرز ساعة مكتب من باتيك فيليب تُعد من القطع الأشد ندرة في تاريخ الدار. صُنعت هذه الساعة عام 1927 من الفضة الخالصة، وكانت قطعة شخصية يحتفظ بها أولمستيد إلى جوار سريره، وكأنها بوصلته الزمنية الخاصة. 

في مزاد سوذبيز.. ساعتان نادرتان من باتيك فيليب تكشفان أسرار الإبداع الميكانيكي

Sotheby’s

لا يُعرف من هذا الطراز سوى ثلاث ساعات فقط، اثنتان منها تتربعان في متحف باتيك فيليب بجنيف. أما الثالثة، فتكشف عن نفسها لأول مرة في مزاد دار سوذبيز بقيمة تقديرية تراوح بين 500 ألف دولار ومليون دولار أمريكي. ويأتي ظهورها في لحظة ذات دلالة، إذ أعادت الدار السويسرية هذا العام إنتاج نسخة محدودة من ساعات المكتب التاريخية نفسها، نفدت جميعها فور طرحها مقابل 1.25 مليون دولار للقطعة الواحدة، في تأكيد جديد على استمرار بريق إرث باتيك فيليب عبر العصور.