منذ أن بنى كارل بنز سيارة Patent Motorwagen قبل 135 عامًا، عكف مصنعو السيارات على تحسين محركات الاحتراق الداخلي وتطويرها، وهي لا تزال تحرك معظم سياراتنا. لكننا وصلنا أخيرًا إلى لحظة فاصلة، ذلك أن صانعي السيارات أعلنوا عن توقفهم عن تطوير المحركات التقليدية لصالح المحركات الهجينة والكهربائية. بل إنهم حددوا التواريخ التي سيتوقفون فيها تمامًا عن تصنيع المحركات التقليدية على ما فعلت أيضًا بوغاتي. الآن وقد أصبحت غالبية أسهم بوغاتي من حصة شركة ريماك الناشئة التي تنشط في مجال تطوير السيارات الخارقة وتقنيات المركبات الكهربائية، فإن الطراز المقبل الجديد كليًا من العلامة الفرنسية سيكون هجينًا، ثم سيتبعه طراز كهربائي بالكامل. لذا جاء الإطلاق الأخير لسيارة بوغاتي شيرون سوبر سبورت.
بوغاتي شيرون سوبر سبورت
هذه السيارة القادرة على إنتاج قوة تساوي 1,578 حصانًا ليوثّق على أفضل وجه هذه اللحظة الحلوة والمرة في آن: إنها ليست أسرع سيارات الصانع العريق المجهزة بمحرك احتراق داخلي وأقواها فحسب، بل ثمة احتمال كبير أن تتربع على هذا العرش إلى الأبد.
لا شك في أن هذه الفرضية ستكون مثار جدال وممحاكات، لا سيّما وأن شركات هينيسي Hennessey وكونيغسيغ Koenigsegg وإس إس سي نورث أمريكا SSC North America تطوّر سيارات تزعم أنها ستكون أقوى من سيارة بوغاتي شيرون سوبر سبورت. ولكن إذا ما حصلت هذه المركبات على الموافقة المطلوبة لإجازتها ووصلت مرحلة الإنتاج دون أن يطرأ تغيير على ناتجها المنشود، فإنها ستظل بحاجة إلى وقود E85 للوفاء بهذه الوعود. في المقابل، قوة سيارة شيرون سوبر سبورت مصدرها الوقود العادي، ويمكن شراؤها الآن.
لم يتبقَ من النماذج المتاحة من هذا الطراز سوى 40 نموذجًا ستنقسم بين نسخة سوبر سبورت Super Sport ونسخة بور سبورت Pur Sport المجهّزة لحلبات السباق والتي تصل قوتها إلى 1,479 حصانًا (فقط). إذا كنت محظوظا بما يكفي لامتلاك نموذج من كلتا النسختين - والمحظوظون قلائل – فإنك ستُفاجأ إذ تكتشف أن السيارة الأقوى من حيث القدرة الحصانية تبدو في الواقع أبطأ قليلاً على الطرقات من سيارة بور سبورت، وذلك بسبب سرعة تبديل التروس التي تمكّن سيارة الحلبة من الإسراع أكثر إلى حدود 180 ميلاً/الساعة.
Chiron Super Sport / سيارة بوغاتي شيرون سوبر سبورت
لكن سيارة بوغاتي شيرون سوبر سبورت لم تُبتكر بهدف جعلها سريعة على الطرقات كلها. بل إنها صممت استنادًا إلى نموذج شيرون الأصلي، فجُرّدت من الطابع الضاري لسيارة بور سبورت، للحفاظ على الفخامة التي تشتهر بها السيارة الأصلية وتصنف ضمن السيارات الخارقة. مع ذلك، جاء هذا الطراز بقوة تصعب مجاراتها، وسرعة قصوى هائلة (وإن نظريًا) حُددت عند 273 ميلاً/الساعة.
تجسّد هذه السيارة، حتى بسعرها الذي يتجاوز 3.5 مليون دولار، مزيجًا مثيرًا وآسرًا للغاية. وبالرغم من قوة نسخة سوبر سبورت، إلا أني وجدتها سهلة الانقياد ومتعاونة عند السرعات المنخفضة، كأنها سيارة فولكس فاغن غولف ولكن تمتلك من قوة الزخم والثبات ما يتيح لها أن تنهب الطرقات كما لو أنها طائرة من طراز ليرجيت تسير في الشوارع.
جرى إحكام التعليق قليلاً للتعامل مع السرعات المرتفعة، لكنه لا ينتقص من تجربة القيادة الأنيقة التي يعد بها هذا الطراز، وإن كان يجعل السيارة أكثر رشاقة على الطرقات الجبلية. إنه لأمر مدهش كيف تنسى سريعًا حجم السيارة وكتلتها - فضلاً عن قيمتها المالية - وهي تنطلق عبر طرقات القمم الجبلية مثل سيارة فيراري كبيرة؛ ليس الأمر مخيفًا، بل ممتعًا. وبالمثل، يتيح نظام السحب الهائل تسخير جل تلك القوة على أي مسار مستقيم، ولو للحظات.
Chiron Super Sport / سيارة بوغاتي شيرون سوبر سبورت
لكن، إذا أردت استشعار فوائد الشاحن التوربيني المزدوج الأكبر حجمًا في سيارة بوغاتي شيرون سوبر سبورت ومزايا الديناميكية الهوائية، التي أعيد تصميمها بمهارة مع الهيكل "ممتد الذيل" على غرار سيارات لو مان، فأنت بحاجة إلى مسار حلبة طويل للغاية. في حلبة الاختبارات إهرا ليسيين Ehra-Lessien التابعة لشركة فولكس فاغن، والتي تضم مسارات مستقيمة يصل طولها إلى خمسة أميال، سجلت سيارة بوغاتي سرعة بلغت 304.8 ميل/الساعة عبر أحد هذه المسارات.
Chiron Super Sport / سيارة بوغاتي شيرون سوبر سبورت
أما في حلبة بول ريكارد بجنوب فرنسا، وعلى امتداد مسار مستقيم بطول 1.1 ميل فقط، فقدِمْتُ بالسرعة نفسها تقريبًا واستخدمت المكابح في المكان نفسه تقريبًا، مسجلاً سرعة قصوى بلغت 206 أميال/الساعة على متن سيارة بور سبورت، في حين سجلت سيارة بوغاتي شيرون سوبر سبورت سرعة بلغت 217 ميلاً/الساعة، وبدا تسارعها أسرع وأقوى بكثير مقارنة بشقيقتها، أو أي سيارة سبق أن قدتها، أو على الأرجح أي سيارة قد أقودها مستقبلاً.