توفر تجارب السفر الخيرية فرصة للمانحين للاستمتاع بمغامرات فذة تسمو بأعمال نبيلة.
لطالما نظمت نيكولا شيبرد مؤسِّسة شركة إكسبلوريشنز كومباني البريطانية رحلات سياحية إلى أفريقيا على مدى ما يقارب ثلاثة عقود. ومع كون زبائنها رفيعي المستوى يقيمون في ملاذات فاخرة، إلا أنها تتوقع منهم أن تتسخ أيديهم قليلًا. فهي لن تصحبك في رحلة سفاري إلا إذا كنت راغبًا في العمل من أجلها.
تعمد شيبرد إلى تنظيم تجارب مهيبة ومترفعة عن الذات، من بينها مساعدة الباحثين في مجال الأسود في ناميبيا، وترويض حيوانات الغوريلا في أوغندا، وتثبيت أطواق ذكية حول رقاب الفيلة في كينيا مزودة بجهاز يحدد مكان الفيل ويتعقبه عن طريق نظام تحديد المواقع العالمي GPS.
تقول شيبرد: «لا يتعلق الأمر بالسفر فحسب، إنه يتعلق بالسفر لإحداث فرق. كل ما أسعى إليه هو أن يختبر الناس تجربة سفر يعز نظيرها، وأن يقيسوا تأثير ذلك في أي مكان يذهبون إليه في العالم».
تشكل شيبرد جزءًا من مجموعة متحمسة من شركات تنظيم الرحلات السياحية والمنظمات التي تسعى إلى تحويل رواد رحلات السفاري العابرين إلى محسنين ملتزمين، وذلك من خلال برامج تسمح للمانحين بتمويل الأبحاث وأعمال صون الحياة البرية التي يمكن أن يشاركوا فيها حقًا.
يمكن لهؤلاء المسافرين، بدلًا من الاكتفاء بالتباكي فقط على تفتت الموائل والمحنة التي تعانيها الأنواع المهددة بالانقراض، من على متن مركبة رحلات سفاري، أن يعتمدوا تغييرًا من خلال برامج مثل برنامج Rhinos Without Borders، أو وحيدو القرن بلا حدود، وبرنامج Orphans’ Project، أو مشروع الأيتام، لدى مؤسسة David Sheldrick Wildlife Trust.
يسمح برنامج «وحيدو القرن بلا حدود» للمسافرين، مقابل خمسة وأربعين ألف دولار للشخص، أن يشاركوا في نقل حيوانات وحيد القرن المهددة بالانقراض من مناطق خطرة في جنوب أفريقيا إلى ملاذات آمنة في بوتسوانا.
يوفر مشروع الأيتام لمانحيه فرصًا متعددة لمساعدة الباحثين في مجال إعادة توطين صغار الفيلة السائبة، ومشاهدة إطلاق الحيوانات مرة أخرى في البرية. كما أن المخيمات الفاخرة بدأت أيضًا في توفير برامج سياحية عملية للمحسنين. على سبيل المثال، يستضيف مخيم سينغيتا Singita بعثتين لتثبيت أطواق ذكية حول رقاب الفيلة في سيرنغيتي Serengeti، يبدأ السعر من حوالي ثلاثين ألف دولار للشخص.
عندما يطير وحيد القرن
نجح برنامج «وحيدو القرن بلا حدود»، وهو برنامج مشترك بين مخيم andBeyond، وشركة Great Plains Conservation، منذ إطلاقه في عام 2014، في نقل أكثر من خمسة وثمانين حيوانًا من حيوانات وحيد القرن المهددة بشدة بالانقراض. يتعاطى المسافرون المشاركون في بعثات البرنامج مع كل خطوة في التجربة، بداية من تخدير حيوان وحيد القرن وتثبيت جهاز إرسال بيانات ذي تردد عال جدًا في قرنه، حتى إطلاقه مرة أخرى في البرية بعد نقله جوًا في رحلة مثيرة إلى بوتسوانا.
"يسمح برنامج «وحيدو القرن بلا حدود» للمسافرين، مقابل خمسة وأربعين ألف دولار للشخص،
أن يشاركوا في نقل حيوانات وحيد القرن المهددة بالانقراض من مناطق خطرة في جنوب أفريقيا إلى ملاذات آمنة في بوتسوانا"
تتجاوز رحلات السفاري الفارهة حدود أفريقيا أيضًا. إذ تعمد شركة تنظيم الرحلات السياحية Impact Destinations، وهي شركة جديدة في نيوزيلندة متخصصة في رحلات السياحة الخيرية، إلى تنظيم مغامرات خيرية راقية تراوح ما بين بعثات استكشافية إلى آيسلندة لتعقب الثعلب القطبي المهدد بالانقراض، ورحلات إلى كوستاريكا لمساعدة علماء الأحياء البحرية في جهود صون البيئة لحماية القرش ذي المطرقة الذي يستوطن هذه المنطقة. وسّعت شركة إكسبلوريشنز كومباني التي تمتلكها شيبرد، من أنشطتها، إذ نظمت رحلات إلى نيبال والهند وبوتان لدعم أبحاث النمور البنغالية والنمور القطبية.
تقول شيبرد: «إن هذه الرحلة تخاطب الوجدان. فأنت تشعر، من خلال مقاربتنا الصغيرة، أننا أحدثنا فرقًا ملموسًا في كل من الحياة البشرية والحياة البرية، إنها تجربة لا تُنسى، إنها تغيير في نمط الحياة».