في أواسط شهر أكتوبر تشرين الأول من العام الفائت، راح كيم وإيان ترايبك يسابقان الوقت لترتيب شؤون حياتهما في منطقة ريفرسايد الساحلية الراقية بكونيتيكت. لم يتبقَ أمام الزوجين سوى أربعة أيام قبل أن ينتقلا إلى متن قاربهما الجديد طراز Fleming 65 ويبحرا جنوبًا نحو خط الاستواء في رحلة تستغرق عامًا كاملاً أو ربما أكثر. في حديث لمجلة Robb Report قبل بدء الرحلة، يقول إيان، البالغ من العمر 43 عامًا، والذي يعمل في مجال العملات المشفّرة: "حلمت طيلة حياتي بالانعتاق في رحلة بحرية. وعندما التقينا، بتنا نتشارك هذا الحلم." توافقه الرأي زوجته البالغة من العمر 39 عامًا، وهي ربة منزل وأم لثلاثة أطفال لا يزيد عمر أكبرهم على عشرة أعوام. تقول كيم: "خططنا في الأصل للقيام بهذه الرحلة بعد أن يبلغ الأولاد سن الالتحاق بالجامعة"، مضيفة بعد أن انقطعت عن الكلام لبرهة: "ثم حلّت الجائحة." عندما انقلبت الحياة اليومية رأسًا على عقب، قرر الزوجان تحويل النهج الجديد لملازمة المنازل إلى مغامرة من خلال المضي في إجازة عائلية لسنة كاملة.
لم يكن هذا حال آل ترايبك وحدهم. فأزواج وعائلات كثيرة من الموسرين راحوا يحذون حذوهم مع تفشي الجائحة ليشدوا الرحال خارج حدود منازلهم منطلقين في رحلات أطول كـ اجازات فاخرة كينيا أو حتى طويلة الأمد.
في عام 2020، تحوّل جزء كبير من الجوانب الحياتية إلى عالم الإنترنت، وراحت تلوح في الأفق قيود إضافية، الأمر الذي شكل مبررًا لهذه العائلات للاستمتاع بالعزلة في مكان أكثر نفعًا، وأكثر إمتاعًا على حد سواء. ما عادت مثل هذه الرحلات تستثير القدر نفسه من القلق في نفوس العائلات التي تضم أولادًا في مرحلة المدرسة، مثل عائلة كيم وإيان. فالأطفال ألفوا التعلم عن بعد. أو يمكن للأهل ببساطة ضم معلّم إلى العائلة في رحلتها. بغض النظر عما إذا كان لهؤلاء الأزواج الشغوفين بالترحال أطفال أم لا، فإنهم يسافرون سعيًا وراء مناظر مختلفة، وهذه فرصة لإشباع ذاك الشغف الذي ظلّ مثبطًا مدة طويلة منذ العام الفائت. كما أن شركات السفر والدول المتعطشة إلى السياح على حد سواء قد سارعت إلى التكيف مع الطلب الجديد.
اعتاد الزوجان ترايبك السفر منذ أمد بعيد، وكانا ينطلقان في رحلات منتظمة، وإن كانت مدتها أقصر. لكن التحرر من العادات اليومية بات اليوم ممكنًا أكثر من أي وقت مضى، وأكثر جاذبية أيضًا. يُعد كيم وإيان بحارين متمرّسين، وقد أقنعا المالك السابق ليختهما ببيعه لهما عبر إطلاعه على خططهما للعيش على متن اليخت بدلاً من استخدامه لقضاء عطلات نهاية الأسبوع فحسب. صاغ الزوجان مسوّدة أولية لمسار الرحلة التي تشمل الإبحار بمحاذاة الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية مرورًا بشارلستون وصولاً إلى بالم بيتش حيث ستنتظر العائلة انقضاء موسم الأعاصير الكاريبية.
ستبحر العائلة بعد ذلك غربًا مرورًا بجزر فيرجن آيلاندز البريطانية حتى تبلغ الفجوة البحرية بلو هول Blue Hole قبالة ساحل بيليز لممارسة رياضة الغوص. ستكون الوجهة التالية كوستا ريكا، ومنها ستبحر العائلة عبر قناة بنما إلى جزر غالاباغوس. تقول كيم: "أتطلع بصفة خاصة إلى بلوغ وجهات قلما يقصدها زوّار، على غرار جزر سان بلاس آيلاندز في بنما. كما أن عبور القناة سيشكل تجربة رائعة."
تعترف كيم بأن التعلم عن بعد كان ليجعلها تتردد قبل زمن الجائحة. أما الآن، فلا تبدو الرحلة مقلقة بالقدر نفسه. يتبع الأولاد إطار عمل رسمياً للدروس من خلال أكاديمية كالفرت، المنصة المجازة للتعليم عبر الإنترنت، بدلاً من المدرسة المحلية التي التحقوا بها لسنوات عدة. لكن التعلم الحقيقي يُكتسب على الأرجح بعيدًا عن الشاشة. تقول كيم موضحة: "يواظب الأطفال على السؤال عن موعد انتقالنا إلى القارب.
كما أنهم متحمسون للغاية لاستكشاف مظاهر الحياة البحرية، مثل الدلافين والحيتان والسلاحف. ترتبط المسألة بالاطلاع على ثقافات مختلفة." سيواصل إيان العمل عن بعد، وقد عمد في سياق الإعداد لابتعادهما عن المنزل إلى إعادة تنظيم التزاماته، مبقيًا على زبائنه الحاليين دون قبول صفقات أعمال جديدة. كما أنه غير متخوّف من التغيرات على القيود والإجراءات الصارمة في زمن الجائحة لأن القانون البحري الدولي يفرض على المرافئ أن تتيح للسفن التي تعاني أي ضائقة التوقف فيها وإعادة التزود بالمؤن. لكن الزوجين يتوقعان أن يواجها التحدي الأكبر بحلول هذا الصيف عند انتهاء الرحلة التي خططا لها.
فهل ستعود العائلة لاستئناف حياتها في كونيتيكت أم أنها ستواصل الإبحار، ربما إلى حوض البحر الأبيض المتوسط، أو غربًا حيث يتأتى لها التنقل بين الدول الجزر في المحيط الهادئ؟ يبدو إيان مقتنعًا، ويقول ضاحكًا: "إن أولئك الذين يقدمون على مثل هذه الرحلات يبحرون إما لأسبوعين أو حتى تُستنفد مواردهم المالية. في الوضع الراهن، سأواصل الإبحار إلى أن تنضب نقودي."
ومن خلال تجربتهم في السياحة في كينيا وغيرها، نستعرض فضل العروض والمغامرات والنصائح في السطور التالية:
ينضوي منتجع Chileno Bay Resort & Residences في لوس كابوس بالمكسيك تحت مظلة مجموعة منتجعات أوبيرج التي أطلقت برنامجين جديدين للكبار الذين يتابعون أعمالهم وللأطفال في سن المدرسة.
تأشيرات وعروض جديدة
أعادت دول عدة تنظيم الفرص المتاحة لإغراء الموسرين والضجرين بالمكوث في مساكن مؤقتة فيما يستمر العمل في مختلف أنحاء العالم من خلال شاشات الحواسيب. في صيف العام الفائت، أطلقت باربادوس تأشيرة الترحال الرقمي The Welcome Stamp الصالحة لاثني عشر شهرًا والتي تستهدف أمثال آل ترايبك.
كما أعلنت جزر كايمان، وبرمودا، وأنتيغوا عن برامج مماثلة. أما في أوروبا، فتسمح إستونيا للزوار بالإقامة فيها بموجب التأشيرة طويلة الأمد التي تشكل امتداداً لبرنامجها للإقامة الرقمية e-Residency الذي كان ساريًا قبل الجائحة. عند إعداد هذا التقرير، أعلنت كرواتيا أيضًا عن مخططات لمحاكاة هذه الآلية وتجاهل الإجراءات الاحترازية في دول الاتحاد الأوروبي، وإن لم تكن التفاصيل آنذاك واضحة. تفوّقت تايلاند من جهتها على هذه الخطط بطرحها تأشيرة Elite Card، المشابهة لبطاقة Centurion Card الشهيرة من أميريكان إكسبرس، والتي تجمع بين مزايا عدة مثل خدمات استئجار اليخوت، وحجز جولات الغولف على أرض ملاعب مميزة، إلى جانب الحق بالإقامة طويلة الأمد في المملكة. تبلغ كلفة المستوى الأعلى من هذه التأشيرة نحو 64 ألف دولار.
يقول ريتش باليزي، الشريك الإداري في شركة evoJets المتخصصة في تأجير رحلات الطيران الخاصة: إن نسبة الطلبات التي تلقاها في عام 2019 لرحلات تستمر أكثر من 30 يومًا لم تتجاوز 3% من مجموع الرحلات التي تنظمها شركته. أما في الفترة الممتدة من أبريل نيسان إلى سبتمبر أيلول 2020، فكان هذا حال كل رحلة من أصل عشر رحلات، وكانت المناطق غير الحضرية هي الوجهة المقصودة في 80% من الرحلات.
يعمد أيضًا أهل الاختصاص في قطاع السفر إلى تعديل عروضهم. في أواخر شهر أغسطس آب من العام الفائت، ابتكرت شركة Embark Beyond في نيويورك وحدة جديدة باسم Embark Longer تركّز فقط على فرص الإقامة التي تزيد على شهر واحد. في حديث إلى مجلة Robb Report، يقول جاك إيزون مؤسس الشركة: إنه حجز في غضون شهرين من تاريخ إطلاق هذه الوحدة 90 رحلة كلها انتظمت تحت خانة عقود الاستئجار. يبلغ المعدل الوسطي لمدة الإقامة 2.1 شهر، والمعدل الوسطي للكلفة 100 ألف دولار ونيف. اعتمدت شركة براونيل ترافل في برمنغهام بألاباما مقاربة مماثلة إلى حد ما، فأطلقت برنامج Sojourns by Brownell الذي يضم مجموعة من الملكيات الفاخرة المختارة بعناية والمخصصة لإقامة مدتها شهر أو أكثر.
تقول هايزلي سميث، مديرة قسم التسويق والتطوير في الشركة: "يحلم كل شخص تابع تحصيله الجامعي خارج البلاد بأن تتسنى له الفرصة يومًا للعيش في أوروبا أو في أمريكا الجنوبية. وقد تعلمنا في زمن الجائحة أن الوقت ثمين وأن العالم هو صفك الدراسي إن كانت خدمة واي فاي السريعة متاحة لك. كما أن الحجر المنزلي لفترات طويلة أيقظ هذا الحلم في نفوس الأفراد."
عروض السياحة في كينيا
بات من الأسهل على شركة براونيل ترافل والشركات الأخرى التخطيط للرحلات طويلة الأمد لأن المنتجعات الفاخرة عمدت هي أيضًا إلى تعديل عروضها، موفرة خدماتها خصوصًا لأولئك الحريصين على اتخاذ مساكن مؤقتة فيها بدلاً من الإقامة لـ عطلة عائلية في كينيا نهاية أسبوع طويلة فحسب.
نأخذ مثالاً على ذلك نظام Remote With Auberge الذي تدير المجموعة الفندقية الفاخرة أوبيرج تحت مظلته برنامجي Learn وWork. يوفر برنامج التعلم المخصص للأطفال المقيمين في ملكيات المجموعة خدمات تعليمية شخصية وافتراضية، بالإضافة إلى صفوف لتعزيز الثراء الثقافي مستلهمة من كل فندق: تشمل الأمثلة على ذلك صفوفًا للرقص بالطوق والعزف على القيثارة في جزيرة هاواي، أو صفوفًا عن تاريخ الفن المكسيكي في لوس كابوس. أما الكبار، فيمكنهم أن يحجزوا كوخًا مكتبيًا بمحاذاة حوض السباحة يستخدمونه مكتبًا داخليًا، مستفيدين أيضًا من خدمات الدعم التي يقدّمها موظفو مركز الأعمال في الفندق، وذلك من خلال برنامج وورك.
بعيدا عن المنزل
لكن بعض المسافرين يؤثرون استئجار منزل بدلاً من السكن في فندق خلال إقامتهم المطوّلة في الخارج. عمدت ديفن كونيل، معلمة صفوف الطهو والمدوّنة التي تبلغ من العمر 39 عامًا، مع زوجها المستثمر وابنيهما البالغين من العمر خمسة أعوام وسبعة أعوام، إلى استئجار منزل في مجمّع مسوّر في باربادوس على الأقل للأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021.
لطالما استهوت باربادوس العائلة التي تعيش في حي روزدايل بتورونتو، لكن زيارتها كانت تقتصر في العادة على عطلات قصيرة في فصل الشتاء، لا سيّما عندما يكون الطقس في كندا موحشًا. كان الثنائي قد تباحثا من قبل إمكانية الانتقال للعيش خارج البلاد، لكن عمل الزوج كان يعتمد على الاجتماعات الشخصية، لذا كانت الخيارات المتاحة تقتصر على مركز عالمي للأعمال مثل لندن أو سنغافورة. غير أن هذا العام أتاح توسيع الآفاق لتشمل الخيارات جزيرة فردوسية.
تقول كونيل في حديث إلى مجلة Robb Report: "تتيح لي طبيعة عملي مرونة في الحركة، وبات زوجي اليوم يتابع عمله عن بعد. رأينا في هذه الخطوة فرصة رائعة لاستمتاع ولدينا بالهواء الطلق، والتحرر من المهام المألوفة التي يحتشد بها اليوم أو الأسبوع." تشير كونيل إلى أنها سجّلت الطفلين في مدرسة محلية من المدارس الدولية الخاصة ليتسنى لهما فرصة لقاء أطفال آخرين، وتقول: "ثمة فرص أكبر أمامنا لتشارك المغامرة والاستكشاف فيما ننغمس في الثقافة المحلية. يمكننا أن نتابع معًا صفوفًا لتعلم ركوب الأمواج في عطلة نهاية الأسبوع، أو استكشاف موقع رائع جديد على أرض الجزيرة."
إيان ترايبك يتابع عمله على متن يخته طراز Fleming 65.
متعة وعمل
أعاد منتجع Eden Roc Cap Cana في جمهورية الدومينيكان تقديم فيلاته الفاخرة تحت ما أطلق عليه مبادرة Family Staycations (عطلات منزلية لعائلات). كما عيّن الفندق موظفًا لرعاية الأطفال يشرف على مسار تدريسهم عن بعد: يتابع الأولاد الدروس عن بعد داخل أجنحتهم ثم يصحبهم الموظف إلى الخارج حيث يتولى رعايتهم في فترات الاستراحة. فضلاً عن ذلك، يتناول الأطفال طعام الغداء في الفيلا المخصصة للعائلة حيث يتذوّقون ما أعده الطاهي الخاص، قبل أن يمضوا فترة ما بعد الظهر في تعلم أصول السباحة، أو متابعة دروس في اللغة الإسبانية مثلاً، أو تعلم الحرف المحلية. ينصرف الأهالي عندئذ بكل حرية للعمل "من المنزل"، أي الفيلا، فيما الأطفال منشغلون في أنشطة مفيدة.
بل إن منتجع بونتا ميتا التابع لمجموعة فورسيزونز في المكسيك يوفّر "إجازات دراسية" برفقة معلّمين يشرفون على إنجاز الفروض التعليمية، وإن كان ضيوف الفندق الحاليين الذين قرروا الإقامة فيه لمدة طويلة لم يصلوا كلهم برفقة أطفال صغار. تبلغ إريكا بايتنمان الرابعة والستين من العمر، وهي فارسة تشارك في الألعاب الأولمبية للمعوقين، وتوزّع وقتها في العادة بين لوس أنجليس ومكسيكو سيتي. تُعد بايتنمان أكثر عرضة لمخاطر فيروس كورونا بسبب إصابتها بداء التصلب اللويحي المتعدد، لذا عزلت نفسها في منتجع فورسيزونز منذ ربيع العام الفائت. حال الحر دون استقدام جيادها إلى نادي البولو المجاور للفندق، لذا بدأت تواظب على المشي والسباحة يوميًا. قالت بايتنمان في حديث عبر الهاتف من موقعها في المنتجع: "إن الرحلات القصيرة لا تناسبني. أحتاج إلى التريث." كانت بايتنمان تخطط لاستئناف حياتها الطبيعية في شهر يناير كانون الثاني إذا لم تتفشَ موجة ثانية من الجائحة. فلا جدوى من المجازفة على ما قالت.
ألزم زوجان من نيويورك هما تانا ميغالوس (31 عامًا)، وزوجها جوردن ليبوفيتز (38 عامًا)، نفسيهما بمنزلهما الجديد. في حديث إلى مجلة Robb Report من مجمّع Acre Baja مترامي الأطراف في لوس كابوس، حيث اتخذا من إحدى الفيلات مسكنًا لهما، تقول ميغالوس: "سننتقل على الأرجح للعيش هنا. أدركنا أننا لا نحتاج إلى أشياء كثيرة. أحضرنا حقيبة لكل منّا وما يهم هو أننا معًا." تعمل ميغالوس في قطاع الخدمات المالية، أما ليبوفيتز فهو مطوّر عقاري.
احتفل الثنائي بزفافهما في هذا المنتجع الفاخر في ربيع العام الفائت، واقتنيا كلبهما تاكو من ملاذ الحيوانات الأليفة التابع للمنتجع. كان الزوجان يميلان دومًا إلى قضاء عطلة مطوّلة في المكسيك. وبالرغم من أنهما من الهواة المتحمسين للسفر، إلا أنهما كان يشعران بصعوبة الإقدام على هذه الخطوة، على الأقل قبل الجائحة. تقول ميغالوس: "في الولايات المتحدة الأمريكية، ثمة وصمة تلحق بأولئك الذين يمضون أكثر من عشرة أيام خارج البلاد."
لكن الظروف تبدلت في شهر يونيو حزيران من العام الفائت. يقول ليبوفيتز: "كنا نتنزه ذات أمسية برفقة كلبنا تاكو في أرجاء الحي حيث نقطن، وعندما نظرنا إلى الشقق المحيطة، وجدنا أنها كانت تغرق في العتمة.
كما أن إدارة الشركة أعلنت أننا سنعمل عن بعد حتى شهر أغسطس آب، الأمر الذي أعطانا ضوءًا أخضر للإقامة في أي مكان." سرعان ما قرر الزوجان سريعًا قضاء شهرين في لوس كابوس بالرغم من أن جدول عمل ميغالوس الأكثر رسمية كان يفرض عليها مباشرة العمل في تمام الساعة السابعة صباحًا بالتوقيت المحلي. لكن عندما حان وقت العودة في شهر أغسطس آب، ما عادت نيويورك تبدو المستقر المثالي لهما. غير أنهما غادرا لوس كابوس، لتفادي موسم الأعاصير من جهة، ولنقل المقتنيات من شقتهما من جهة أخرى. وإذ طبقا شرط إلغاء عقد الإيجار قبل انتهاء مدته، عادا أدراجهما إلى منتجع Acre Baja في الأول من أكتوبر تشرين الأول. كان الزوجان يخططان للبقاء في المنتجع حتى أواخر السنة والعودة إلى نيويورك في شهر يناير كانون الثاني من العام الحالي. تقول ميغالوس: "لا ننكر أن مقدرتنا على القيام بهذه الخطوة تُعد نعمة. لكنها حقًا فرصة رائعة أن نتمكن من الابتعاد عن مظاهر الكدح والجلبة في نيويورك."
ثمة خيارات أخرى تتيحها وجهات نائية أبعد من المكسيك أو جزر الكاريبي. وتشمل الأمثلة على ذلك جزيرة فاكارو في المالديف حيث يوفّر برنامجها Work Well ترقية مجانية إلى فيلا أكبر مساحة مجهّزة بغرفة مكتب لكل ضيف يحجز لإقامة تستمر 21 يومًا أو أكثر. وفي بوليا بإيطاليا، يدير اليوم فندق Borgo Egnazia صغير الحجم برنامج Smart Working الذي يوفّر في مجالسه العامة مساحة مشتركة لمتابعة الأعمال تستلهم أسلوب نادي سوهو هاوس الشهير، فضلاً عن مرافق للاجتماعات، وحتى منطقة للتخلص من تأثيرات العالم الرقمي غير مزوّدة بخدمة واي – فاي بهدف تشجيع الضيوف على التوقف عن الكد في العمل طيلة الوقت.
Nicola Cipriani
بات فندق Borgo Egnazi في بوليا بإيطاليا يوفر مرافق تتيح للضيوف متابعة أعمالهم، فضلا عن منطقة غير مزودة بخدمة واي – فاي.
السياحة في كينيا هي رحلة الأحلام
لكن يبدو أن أحد البلدان قد تحوّل إلى وجهة قصية رئيسة لأولئك الحريصين على أن يجعلوا من سنة الإجازة العائلية اجازات فاخرة كينيا.
تقول ديبورا كالماير، التي تدير شركة Roar Africa رحلة سفاري بالغة الفخامة، إن السبب في ذلك يُعزى إلى مزيج متناسق من العناصر بعضها لوجستي. ففيما تبقى حدود كثير من الدول الإفريقية مغلقة أو ترزح تحت وطأة الإجراءات المتشددة، أعيدت السياحة في كينيا وفتحت كينيا حدودها في وقت مبكر معتمدة تدابير واضحة لإجراء فحوصات كورونا.
وفي حالة الولايات المتحدة الأمريكية، تُعد الرحلة الجوية السهلة والمباشرة من مطار جون ف. كينيدي إلى نيروبي على متن الخطوط الكينية ميزة إضافية، لا سيّما وأن كلفة الطيران الخاص للرحلة الواحدة قد تصل إلى 400 ألف دولار.
لكن ثمة إغراءات أخرى يصعب قياسها إن كنت تبحث عن عطلة الأزواج نيروبي. تقول كالماير موضحة: "يمكنك أن تنطلق كل صباح في جولة على متن سيارة دفع رباعي لاستكشاف مظاهر الحياة البرية، وربما تمارس التمارين الرياضية بعد ذلك قبل أن تبدأ في فترة ما بعد الظهر متابعة الدروس في أمريكا. تتابع عندئذ الدروس، وربما تُستدعى خلال ذلك لمشاهدة جراء فهد رُصدت للتو." من الجلي أن إجازات المغامرة كينيا في الهواء الطلق تشكل عنصرًا جاذبًا للأهل لأن الأطفال يستعيضون بالطبيعة وسيجربون عطلة الغوص نيروبي أكثر من تصفح شاشات الأجهزة الإلكترونية.
فضلاً عن ذلك، كانت كالماير قد أطلقت أواخر العام الفائت الوحدة الجديدة Roar Villas التي تستهدف مباشرة أولئك الذين ينوون الإقامة في إفريقيا لفترات مطوّلة. وكان أول من اشترك في برنامج هذه الوحدة عائلة أمريكية كانت كالماير قد التقتها في الكاريبي وأقنعتها بتجربة السياحة في كينيا لمدة شهر. اصطحب الزوجان معهما مدرّساً للأطفال. تقول كالماير: "أخبرني الوالدان أنهما يريدان لأطفالهما الاندماج والانخراط في البيئة المحلية حيث المساحات الخارجية المفتوحة والهواء النقي والامتدادات الكافية للركض في الأرجاء.
لكنهما سألا أيضًا عن مستوى خدمة واي – فاي للتأكد من حسن أدائها." كان من المقرر أن تمكث العائلة في مجمّع Segera Retreat المستقل في كينيا والمكوّن من مجموعة من الفيلات. يُعد هذا المجمّع مثاليًا للضيوف الذين يمكثون في المكان لفترات طويلة ويرغبون في أن تتاح لهم حرية التجول في الأرجاء بقدر يفوق ما تسمح به معظم مخيمات السفاري المفتوحة على الأدغال والحيوانات المفترسة.
تشمل قائمة زبائن كالماير أيضًا زوجين آخرين انتقلا من منزلهما في بلدة كلارك بنيو جيرسي لقضاء شهر كامل في المجمّع. زار الزوجان إفريقيا مرات عدة من قبل، لكنهما لم يبقيا لفترة طويلة إلى هذا الحد. كان الحد الأقصى الذي يمكن للزوجة سوزان غرين تخصيصه للعطلة، بوصفها جرّاحة، هو أسبوعين. لكن تقاعدها الذي خططت له في وقت سابق من العام الفائت، وأزمة عام 2020، دفعا بالزوجين إلى التفكير في رحلة من طراز مختلف.
اعترض أفراد العائلة على رغبتهما في السفر إلى وجهة قصية في الوقت الراهن، لكن مبررات غرين كانت عملية وواقعية. تقول الجرّاحة المتقاعدة والبالغة من العمر 62 عامًا: "أشعر بدرجة أقل من الأمان وأنا أقصد متجر البقالة. كما أننا نهوى المغامرة ولكن نتسم بحس منطقي. عندما تسوء الأحوال في بلدنا إلى هذا الحد، يتجلى على الفور الميل إلى إعادة التواصل مع الطبيعة. إنها مسألة بالغة الأهمية نوعًا ما. أرغب في أن أكون محاطة بالحيوانات وبعيدة عما كانت عليه حياتي اليومية. إن الضغوط التي نجمت عن غياب العدالة الاجتماعية والجائحة على حد سواء أثقلت كاهلنا." تأمل غرين أن تكون هذه العطلة بداية لعطلات طويلة في إفريقيا يتشاركانها في المستقبل القريب.
كان التحوّل إلى العطلات طويلة الأمد التي تجمع بين الإقامة والعمل جذريًا في أوساط المسافرين الموسرين أمثال غرين، وآل ترايبك، وكونيل. بل إن كالماير تقول: "من غير المتوقع أن تذوي هذه النزعة المتجددة إلى السفر قريبًا. لو أني اقترحت على زبائني في عام 2019 إمضاء شهر في كينيا، لسخروا مني. أما اليوم، فالكل يريد خوض هذه التجربة."
قبل السفر.. ما ينبغي أن تعرفه عن دليل السياحة في كينيا
لأولئك الذين يفكرون في القيام برحلة مطوّلة مماثلة، تقترح هايزلي سميث من شركة براونيل ترافل طرح الأسئلة الآتية لتحديد الوجهة المثلى والرحلة الفضلى.
- التواصل: هل من الضروري أن تكون لغتكم الأم رائجة في الوجهة المختارة، أم أنكم تتطلعون إلى تجربة انغماس لغوي؟
- الطهو: ما هي خياراتكم المفضلة فيما يتعلق بالطعام؟ هل تؤثرون تولي مهمة الطهو وتحتاجون إلى متجر بقالة قريب، أم تفضلون تناول كل وجبة في المطعم؟ أم أن توافر طاه خاص يُعد ضروريًا لكم؟
- الرحلات الجوية: هل من الضروري أن تكونوا قادرين على العودة إلى بلادكم إذا ما خطر لكم ذلك فجأة أم أنكم تستطيعون الالتزام بالبقاء في وجهة السفر لفترة محددة؟ فكروا أيضًا في مدى قرب المطارات.
- الوقت: ما هو فارق الوقت بين بلدكم ووجهة السفر؟ هل يمكن لمواعيد الاتصالات عبر الفيديو والتعلم عن بعد أن تتعارض مع إيقاع الرحلة؟
- الحيوانات الأليفة: هل تقتنون حيوانًا أليفًا تريدون اصطحابه معكم في الرحلة؟
- معايير الضيافة: ما هو المستوى الخدمي الكفيل بإرضائكم؟ هل تحتاجون إلى موظفين يتولون خدمتكم على مدار الساعة، أم تفضلون أسلوبًا أقرب إلى ما يشيع في المنازل الريفية حيث تتوافر خدمة تنظيف المنزل وتدبير شؤونه مرة واحدة في الأسبوع؟
- فيروس كورونا: ما هي الامتيازات التي توفرها التأمينات الصحية الخاصة بكم؟ هل تشمل التغطية الإصابة بالمرض خارج البلاد أم ستحتاجون إلى وثيقة تأمين إضافية خاصة بمرحلة الجائحة؟
وختاما، كان هذا ملخص تجربة كيم وإيان ترايبك ونصائحهما لـ عطلة عائلية في كينيا، وننتظر أن تخبرنا بتجربتك بعدما تذهب إلى السياحة في كينيا.