ما إن تصل عتبات قصر الإمارات في أبو ظبي، مرورًا بمسلك طويل يخترق الباحات الخارجية التي تتزيّن بأشجار نخيل باسقة واثنتي عشرة نافورة تعزف إيقاعاتها المائية العذبة، حتى تنغمس حواسك في معالم ترف تخال يدًا خفية استدرجتها إلى هذه الملكية الفندقية من قصص ألف ليلة وليلة وبلاطات سلاطين زمن مضى.

أما أولى بشائر هذا الترف، فتوحي به في القصر، الممتد على مساحة تُقدر بنحو مليون متر مربع عند أطراف شاطئ رملي خاص في العاصمة الإماراتية، توحي به القباب المئة والأربع عشرة التي تزيّن أبنيته المترابطة لترسم واجهة مأثرة معمارية عصية على الاستنساخ.

في مطلع عام 2020، انتقلت هذه الرائعة المعمارية التي تكرّست منذ عام 2005 معلمًا أيقونيًا في أبو ظبي، ووجهة بمعالم باذخة يستعذب الملوك وكبار الشخصيات فيها سُكنى، انتقلت إلى محفظة مجموعة ماندارين أورينتال الفندقية التي شرعت تخطّ بداية حقبة جديدة للقصر في عالم الضيافة الفاخرة.

فيما تضع المجموعة بصمتها الخاصة على الصرح المهيب، تنعكس مقاربتها في الحفاظ على إرثه العريق بموازاة إثراء تجربة الضيوف بأسباب الضيافة الأشد رقيًا وتميزًا بعناصر تستلهم الخارطة الجينية لماندارين أورينتال. فالعلامة تلتزم هنا أيضًا فلسفتها القائمة على المواءمة بين جذورها الثقافية الآسيوية ومعايير الفخامة الحديثة لابتكار تجارب عصية على النسيان تركّز على إرضاء الضيف وإبهاره عن طريق تجاوز توقعاته، بداية من تكريس خادم شخصي يلبي احتياجاته الخاصة ويشكل نقطة الاتصال بمحيطه الخارجي.

قصر الإمارات

لغة خاصة ومعالم بذخ غير متكلف

في قصر الإمارات، تبدو هذه الخدمة التي تُضفي طابعًا شخصيًا على تجربة الضيف امتدادًا طبيعيًا وغير متكلف لمعاني الإقامة الملكية الموعودة، ولكن التي حرصت ماندارين أورينتال على إعادة صياغتها بلغة تنأى عن الصرامة والتكلف.

وفي إطار تكريس لغتها الخاصة، أطلقت ماندارين أورينتال في عام 2021 مشروعًا مدته سنتان لتجديد مساحات الفندق الذي ما فتئ يتدثر بمعالم بذخ ملكي أول ما تستلبك إليه ردهات فسيحة تشكلت مزيجًا من أسقف مقببة تزدان بلوحات من الفسيفساء الزجاجي، وزخارف تزيّن الأعمدة، ومجموعة من 1002 ثريّا مهيبة ينهمر نورها شلالات وضّاءة على الأرضيات الرخامية والمجالس الوثيرة، وصولاً إلى جدارية عملاقة من السجّاد الحريري يبلغ وزنها طنًا، نُسجت يدويًا وطُرزت بخيوط من الذهب. وكانت السجادة التي تستحضر تفاصيلها عمارة القصر المهيبة قد قُدمت إلى الفندق هدية من العائلة الملكية في تايلند.

معاني الضيافة المتميزة في قصر الإمارات تصطبغ بفلسفة ماندارين أورينتال.

Mandarin Oriental
غرفة المعيشة في أحد الأجنحة الملكية التي اكتمل مسار تجديدها أخيرًا.

تركّزت عملية تجديد القصر التي استهلتها ماندارين أورينتال من حجرات الضيوف في الجناح الشرقي، ثم أتبعتها هذا العام بتحديث مركز اللياقة البدنية ومجلس النادي في الجناح نفسه، فضلاً عن حجرات الضيوف في الجناح الغربي، تركّزت على إعادة ابتكار فسحات الإقامة بإيحاء من تاريخ أبو ظبي وثقافتها في الألفية الثالثة وبما يعكس طابعًا حميمًا لمنزل مصمم حسب الطلب يغلب عليه مظهر بالغ الفخامة ولكنه بعيد عن التكلف.

في كل فسحة، حرصت شركة شامباليمو ومقرّها نيويورك على استحداث مساحات عصرية دُمجت فيها أحدث التقنيات بمؤثرات تصميمية من منطقة الخليج العربي، بداية من التدرجات اللونية للؤلؤ والبحر الأزرق، وتفاصيل المشربيات، والزخارف المشغولة يدويًا التي تتوزّع وسط قطع الأثاث وتراكيب الإنارة وغيرها من العناصر المبتكرة بحسب الطلب وبإتقان حرفي عالٍ.

وفيما انخفض عدد فسحات الإقامة إلى 390 غرفة، جرى تحويل الأجنحة الأربعة الأخرى إلى مجلس ناد حصري للأعضاء وكبار الشخصيات.ولهذه النخبة، تتكرّس أعلى معاني الترف في جناح ملكي يتكوّن في الأصل من ثلاثة أجنحة مترابطة تمتد على مساحة 680 مترًا مربعًا تتوزّع عبرها مجالس مهيبة، وثلاث حجرات نوم فخمة التأثيث، وحمامات مجهزة بأحواض جاكوزي، كلها معززة بلمسات باذخة من الحرير والرخام الإسباني. تكمّل الجناح أيضًا مساحات رحبة لتناول الطعام، ومطبخ كامل التجهيز، فضلاً عن إطلالة في زاوية 180 درجة على أفق الخليج.

معاني الضيافة المتميزة في قصر الإمارات تصطبغ بفلسفة ماندارين أورينتال.

Mandarin Oriental
حجرة النوم في جناح Panoramic Suite في تصميم جديد يعكس طابعًا عصريًا تعززه إيحاءات من الإرث الإماراتي.

مذاقات أصيلة

تتواصل أيضًا أعمال تجديد عدد من أبرز وجهات الطعام في قصر الإمارات، وفي طليعتها المقهى الشهير الواقع أسفل القبة، والذي انتقل مؤقتًا إلى موقع آخر في الردهة ليتسنّى للضيوف الاستمتاع بلقاءاتهم وبتجربة شاي بعد الظهيرة على أنغام العزف الحيّ على البيانو، ومطعم مزلاي الذي يتيح اختبار أطايب المطبخين العربي والإماراتي، ومطعم الشواء BBQ AL Qasr الذي ينبسط عند أطراف الشاطئ ويعد بجلسات شاعرية. وإلى أن تعيد ماندارين أورينتال افتتاح هذه الوجهات في حلتها الجديدة، لا تفوّتوا زيارة مطعم مرطبان Martabaan.

هناك تولم الحواس ترفًا على مائدة الطاهي الشهير هيمانت أوبري الذي يعيد ابتكار الوصفات المتجذرة في تقاليد المطبخ الهندي ليقدّمها في ترجمات حديثة، على ما تشهد أطباق مثل حساء اليقطين وجوز الهند، وجبن بانير المعد مع الفلفل الأحمر الحار، وسلطعون فاركي المتبّل بفلفل تيليشيري الأسود والملفوف برقائق العجين، وصولاً إلى طبق العدس الهندي الشهير Dal Makhni، ومرطبان لحم الضأن المطهو طيلة اثنتي عشرة ساعة والمنكّه بمخلل الفلفل الحار والبصل وكاري الطماطم.

أما إذا كنتم تؤثرون مذاقات المطبخ الإيطالي، فإن خياركم الأمثل سيكون مطعم Talea by Antonio Guida حيث قائمة الطعام تعكس رؤية الطاهي أنطونيو غويدا ومقاربته للجمع بين أساليب الطهو التقليدية في ميلانو وحس ابتكار معاصر في أطباق مثل الرافيولي والريزوتو، والبيتزا، وسمك القد مع المحار والزيتون ونبات القبّار.

معاني الضيافة المتميزة في قصر الإمارات تصطبغ بفلسفة ماندارين أورينتال.

Mandarin Oriental
مطعم Martabaan الذي تعكس قائمة الطعام فيه ترجمة الطاهي هيمانت أوبري للوصفات الهندية التقليدية.

ترفيه ورفاه

في محيط قصر الإمارات، يتسنى للضيوف اختبار كثير من المباهج التي تعد بها مرافقه الترفيهية والاستجمامية، من منطقة ركوب الجمال والبقعة المخصصة لتناول الفطور فوق مرج معشوشب، إلى ملاعب كرة المضرب وبرك السباحة والمغامرات، ومرسى اليخوت ومنطقة الألعاب المائية وصفوف الغوص.

وفي إطار تعزيز ماندارين أورينتال روابطها بمحيطها، تنسق مع السلطات الثقافية في العاصمة مجموعة من الأنشطة الخارجية التي تشمل جولات في مسجد الشيخ زايد الكبير، والقرية التراثية، وقصر الوطن الرئاسي.

في أعقاب نهار تقضونه في المغامرات والاستكشاف، تشكل جلسات الرفاه الصحي فرصة لاستعادة الحيوية والشعور بالعافية.

معاني الضيافة المتميزة في قصر الإمارات تصطبغ بفلسفة ماندارين أورينتال.

Mandarin Oriental
استُحدثت واحة The Hideaway by Emirates Palace Spa في هيئة ملاذ سري لاختبار طقوس علاجية تعيد إلى الأجساد عافيتها وإلى الحواس إحساسًا غامرًا بالسكينة.

بالرغم من أن عملية تجديد النادي الصحي لن تكتمل على ما هو متوقع إلا بحلول الفصل الأول من العام المقبل، إلا أن الفندق استحدث في شهر أغسطس الفائت واحة The Hideaway by Emirates Palace Spa على نسق جزيرة وادعة لاختبار ذروة السكينة. فقد جرى تحويل بعض الأجنحة، التي يفضي إليها ممر سري، إلى ملاذ تتدثر معالمه التصميمية بنقاء اللون الأبيض وتتردد في رحابه إيقاعات صوت البحر لتشكل خلفية مثالية لطقوس علاجية متمايزة.

بموازاة جلسات التدليك التايلندي، وعلاجات البشرة، تتيح هذه الواحة اختبار المنافع الصحية للطب الانعكاسي، وتقنيات الوخز بالإبر، وحمامات العلاج بالصوت، وشرانق الورود التي يُغلف فيها الجسم بخلاصة الورد. على أنكم قد ترغبون أيضًا في تجربة رحلة العلاج الملكي Rose & Oud Haute Couture المصممة حسب احتياجات الزائر والتي يُستخدم فيها زيت العود الفاخر من سوداشي بموازاة تقنيات مستلهمة من التقاليد العربية، بما في ذلك جلسة تدليك يُطبق في ختامها مستحضر من الورد يغلّف البشرة بملمس مخملي.