تعد حقيبة مايلو Mylo إنتاج إحدى العلامات الشهيرة الناشطة بيئيًا والتي تؤدي مسؤوليتها في التحول واستخدام الجلود المشتقة من الفطريات بدلا من الجلود التقليدية.

مارس البشر صناعة الجلود منذ أكثر من 7000 عام، ولا يزال الجلد أحد أكثر المواد متانة وتنوعا. ومع ذلك، شرع عدد متنام من المستهلكين في تجنب ارتداء المنتجات الحيوانية بسبب المخاوف البيئية في المقام الأول. فلا يخفى على أحد أن إنتاج الجلود التقليدية يمثل عبئا كبيرا، حيث تبلغ البصمة الكربونية حوالي 130 مليون طن سنويا. كما أن معالجة الجلد له تأثير بيئي حيث تتطلب العملية كميات كبيرة من المواد الكيميائية.

لم يعد الحديث عن الاستدامة مسألة عارضة، بل تحول هذا المفهوم إلى أولوية قصوى تتصدر اهتمامات قطاعات إنتاجية شتى تنشط في مواكبة مساعي الحكومات والمنظمات العالمية في التصدي لظاهرة التغيرات المناخية، والحد من الانبعاثات الكربونية.

ومن أوائل القطاعات التي بادرت إلى استخدام مواد مستدامة صديقة للبيئة في منتجاتها قطاع الأزياء والإكسسوارات الذي سارع إلى استخدام الجلود المشتقة من الفطريات في مجموعة متنوعة من الملابس والحقائب والأحذية.

تبرز هذه التقنية بعد موجة سابقة من البدائل الاصطناعية لجلود الحيوانات، والتي واجهت مشكلات تتعلق بالنفايات كما هو الحال مع البلاستيك، في وقت يبحث بعض المستهلكين عن منتجات مستدامة وصديقة للبيئة.

الجلود الفطرية تقتحم عالم الموضة

اتجه عدد من مصممي الأزياء والإكسسوارات حول العالم إلى الجلود المشتقة من الفطريات لتقديم منتجات جديدة خاصة بهم، ومنهم ستيلا مكارتنى صاحبة دار الأزياء البريطانية المشهورة بتصميماتها المشتقة من النبات، حيث عُرفت علامتها التجارية بخلوها من الجلود أو الريش أو الفراء. اتجهت مكارتنى بدلا من ذلك إلى استخدام مواد صديقة للبيئة، مثل فطر عيش الغراب.

خلال العام الماضي، انصب تركيز ستيلا مكارتنى على نحو متنام على الاستدامة. ففي أغسطس الماضي، أطلقت نسخة جديدة من أحذية Eclypse المصنوعة من مواد نباتية معاد تدويرها. كما أن مجموعة ستيلا مكارتنى لخريف 2021 هي الأكثر استدامة حتى الآن، حيث تتمايز بمواد مثل النايلون المُجدد والأقمشة القديمة المُعاد تدويرها.

حقيبة مايلو Mylo أنيقة ومستدامة

تعد حقيبة Frayme Mylo المصنوعة من فطر عيش الغراب والتي أزاحت ستيلا مكارتنى الستار عنها خلال أسبوع باريس للموضة الذي أقيم هذا العام، علامة فارقة كبيرة للأزياء المستدامة، ما يجعل خيارات المواد الأفضل متاحة للمستهلكين في جميع أنحاء العالم، وستكون الحقيبة جزءًا من مجموعة أزياء مكارتني في صيف 2022.

تستلهم Frame Mylo، التي تعاونت ستيلا مكارتنى في إنتاجها مع شركة بولت ثريدز Bolt Threads، شركة التكنولوجيا الحيوية الأمريكية، في تصميمها حقيبة فالابيلا Falabella الكلاسيكية من دار الأزياء البريطانية.

كانت بداية التعاون بين ستيلا مكارتني وبولت ثريدز لصنع نموذج أولي للحقيبة الجديدة عام 2018، ولكن طُرحت الحقيبة في الأسواق للمرة الأولى هذا العام.
وقد صُنعت الحقيبة من جلد نباتي يحمل اسم مايلو Mylo، ينمو  من الغزل الفطري- الجزء النباتي الأخضر في الفطر- وينافس جلد الحيوان في مظهره وملمسه.

تعاونات أخرى مع بولت ثريدز

ستيلا مكارتنى ليست الشركة الوحيدة التي تعاونت مع بولت ثريدز لتصنيع منتجات مستدامة صديقة للبيئة. فقد لحقت بها أيضا شركة لولوليمون Lululemon الكندية لتجارة التجزئة الرياضية الفاخرة، حيث أطلقا سويا منتجات محبوكة من مايلو، وهو جلد بديل مصنوع من mycelium، شبكة الجذر المتفرعة للفطريات.

وعبر شراكتها مع بولت ثريدز، كشفت Lululemon عن مجموعة جديدة تضم سجادة يوغا منسوجة وحقيبة يوغا وحقيبة من القماش الخشن، علما بأن تلك المنتجات ستكون متاحة للشراء في أوائل عام 2022.

 جلد مايلو Mylo

يشيع استخدام جلد مايلو أيضًا في أوساط علامات تجارية أخرى مثل أديداس وكيرينغ وغوتشي وبوتيغا فينيتا وأليكساندر ماكوين وبالينسياغا التي التزمت تصنيع المزيد من المنتجات صديقة البيئة.

"مايلو" هو مكون حيوي، مصنوع من مكونات طبيعية ومتجددة في الغالب، ومكونه الرئيس هو الميسيليوم mycelium، الجزء النباتي الأخضر الذي يوجد في الفطر.
وفضلا عن المزايا التي يتمتع بها  جلد "مايلو"، من حيث كونه ناعمًا ومرنًا وله مظهر حيواني، فهو قابل للتجدد بشكل لا نهائي. فقد طور الباحثون "مايلو" عن طريق إعادة إنتاج الفطريات في المختبر باستخدام الماء والهواء والطاقة المتجددة بنسبة 100٪.

تستغرق العملية أياما، بدلا من السنوات التي يستغرقها إنتاج جلد الحيوانات. ويساعد هذا في توفير المياه وانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. بالإضافة إلى ذلك، فإن إزالة تربية الماشية من المعادلة يعني عدم تعرض الحيوانات للأذى. كما أن هذا المنتج يحمي النظم البيئية الحيوية مثل غابات الأمازون من إزالة الغابات.

إيكوفايتف ديزاين على الطريق

يوما تلو الآخر يتزايد عدد الشركات التي تقتحم  مجال معالجة  الفطر واستخدامه في أغراض الموضة المتعددة كما صممت حقيبة مايلو Mylo، وذلك عبر الدخول في شراكات مع مجموعة من العلامات التجارية الرائدة في هذا المجال.

ومن بين تلك الشركات "إيكوفايتف ديزاين" Ecovative Design الشركة الرائدة في علوم ومواد الفطريات، والتي تقوم بمساعي ستحدث على الأرجح تحولا جذريا في نموذج عملها الذي يعتمد على ترخيص تلك التكنولوجيا للشركاء في السوق، وهو ما سيعطي إشارة البدء في إنتاج المنسوجات الفطرية الخاصة بها عبر استخدام جذر الفطر في تصنيع مواد التعبئة والتغليف والجلود النباتية والمواد الغذائية للعلامات التجارية والشركات الأخرى.