قد يكفي شاهدًا على نفاذ البصيرة والحكمة الإدارية والخبرات الطويلة التي يتحلى بها إريك مارتيل التحولات الجذرية التي شهدتها شركة بومباردييه في الآونة الأخيرة. فمارتيل، الذي عُين في شهر مارس من العام الفائت في منصب رئيس الشركة ورئيسها التنفيذي، أفلح بالرغم من التحديات التي فرضتها جائحة كورونا، في أن يقود بومباردييه إلى حقبة جديدة في تاريخها مع الإعلان عن إعادة تحديد هويتها لينحصر نشاطها اليوم في تطوير طائرات رجال الأعمال، وآخرها طراز Challenger 3500 الذي يعد بإعادة تحديد معايير السفر على متن الطائرات متوسطة الحجم من المستوى الأعلى.

في سياق معرض دبي للطيران الذي نُظم الشهر الفائت، تشارك إريك مارتيل مع مجلة Robb Report العربية مقاربة بومباردييه اليوم لتجربة المسافرين على متن طائرات رجال الأعمال، وأبرز المخططات التي تنطوي عليها الرؤية الطموحة لتحقيق مستقبل مشرق تمضي الشركة إليه بخطى ثابتة ومسعى حثيث للاضطلاع بدور ريادي في مواجهة تحديات مختلفة في طليعتها التأثيرات البيئية والتغير المناخي. وفي هذا يقول مارتيل: "بومباردييه ملتزمة ببناء مستقبل أكثر استدامة لقطاعنا".

تسلمتم زمام الأمور رسميًا في بومباردييه في أبريل نيسان من العام الفائت. كيف تقيّمون اليوم التحديات التي ينطوي عليها دوركم؟

سرّني حقيقة أن أعود إلى بومباردييه لأتسلم منصب رئيسها ورئيسها التنفيذي. ويتمثل دوري اليوم بقيادة الشركة في مسار التركيز على التصميم، والتصنيع، وخدمة طائرات رجال الأعمال الأفضل في العالم.

إننا ملتزمون بتقديم الأفضل على مستوى الأداء وتجربة المسافرين في المقصورة، بموازاة الحرص على أن يحظى زبائننا بخدمة متفرّدة عند انضمامهم إلى عائلة بومباردييه.

باتت بومباردييه اليوم شركة تنشط حصريًا في قطاع طائرات رجال الأعمال. هلا حدثتنا عن هذا التحوّل الفارق الذي يضعكم على أعتاب حقبة جديدة؟

إن مكانتنا اليوم، من حيث كوننا شركة تركّز حصريًا على طائرات رجال الأعمال، تتيح لنا جميعًا في بومباردييه توجيه خبراتنا، وقدراتنا الإبداعية، وحس الابتكار عندنا نحو هدف مشترك. نشعر بحماسة كبيرة لدخول هذه الحقبة الجديدة وفي جعبتنا محفظة متجددة من المنتجات تزامنًا مع عملية التوسّع الملحوظة في شبكة مراكز الخدمة التابعة لنا. يدرك زبائننا قوة التزامنا، وإذا ما أخذنا في الحسبان خبراتنا وشغفنا، فإن المستقبل سيكون مشرقًا بلا شك.

شملت خطتكم أيضًا التوقف تدريجيًا عن إنتاج طراز Learjet. فما الدافع الذي حفز اتخاذ مثل هذا القرار الذي يطال طائرة خلفت منذ دخولها حيز الخدمة عام 1963 تأثيرًا ملحوظًا على الطيران الخاص؟  

اتخذت بومباردييه القرار الصعب ولكن الاستراتيجي بالتوقف تدريجيًا عن إنتاج طراز Learjet بغية التركيز على طائرات رجال الأعمال من طرازي Challenger وGlobal التي نشهد زيادة في الطلب عليها وإمكانيات أكبر للنمو.

لا شك في أننا في بومباردييه نفخر بإرث Learjet وسنستمر في دعم أسطولها قيد الخدمة حاليًا والذي يضم أكثر من ألفي طائرة. يضم موقع بومباردييه في كانساس، حيث أبصر طراز Learjet النور، فريقًا من التقنيين الذين يتمتعون بكفاءات عالية وخبرات متفوقة في مجال صيانة هذه الطائرة الأيقونية.

يواصل موقع ويتشيتا، حيث استمر تصنيع هذه الطائرة لعقود، الازدهار وتوسيع نطاق قدراته. وبالإضافة إلى كونه مركز الصيانة المختار فيما يخص أسطول Learjet الحالي وطائرات بومباردييه الأخرى، يحتضن هذا الموقع مركز بومباردييه لاختبارات الطيران الذي يتولى حاليًا اختبار طائرة Challenger 3500 الجديدة. كما أن موقع Learjet هو أيضًا مركز التميّز الخاص بمجموعة الطائرات المتخصصة من بومباردييه

هلا حدثتنا عن خطة النمو المتعلقة بمراكز الخدمة من بومباردييه؟

التزمت بومباردييه توسيع نطاق الدعم الذي توفّره عالميًا على نحو ملحوظ، الأمر الذي يتيح لنا أن نخدم زبائننا أينما كانوا بصورة أفضل. إننا اليوم في المرحلة النهائية في مشروع التوسع الأكبر حجمًا في تاريخ بومباردييه على مستوى بصمتنا في سوق ما بعد البيع.

بتعبير أوضح، نعمل على تعزيز شبكتنا العالمية بنسبة 50% من خلال مشاريع توسع وأبنية جديدة تشمل ميامي، ولندن، وميلبورن، وسنغافورة. كما أننا نعمل على زيادة فرق الاستجابة الميدانية بما يتيح لنا الوصول إلى زبائننا في غضون وقت أسرع.

وقد أضفنا خدمات مهمة مثل برنامج Certified Pre-Owned لإجازة الطائرات المستعملة، ونظام Smart Link Plus لمراقبة سلامة الطائرات. تندرج هذه المزايا كلها ضمن فلسفتنا الخاصة بتوفير أفضل تجربة صيانة لزبائن بومباردييه.

أطلقتكم في شهر سبتمبر الفائت طراز Challenger 3500. ما الذي يجعل من هذه الطائرة ابتكارًا متمايزًا؟

تجسّد طائرة Challenger 3500 التطور الأخير في منصة Challenger الأفضل مبيعًا من بومباردييه والتي حققت نجاحًا بالغًا.

يحافظ هذا الطراز على العناصر التي جعلت من طائرة Challenger 350 لرجال الأعمال إحدى الطائرات الأكثر مبيعًا، بما في ذلك حجم المقصورة المثالي والجناح المحسّن إلى أقصى حد ممكن، لكنه يعد أيضًا بتجربة تحوّلية للمسافرين في هذه المقصورة. فقد أعيد تصميم المقصورة بالكامل.

حرص فريق التصاميم في شركتنا على مراجعة أبعادها، والارتقاء بالأسطح وتعزيز خطوطها الانسيابية على نحو يوحي بالرحابة، والجمال، والتوازن. كما أننا عمدنا إلى خفض معدل الضغط الجوي في المقصورة إلى ارتفاع لا يزيد على ألفي قدم، أو ما يساوي 31% مقارنة بما هو عليه الحال في طائرة Challenger 350، الأمر الذي يساعد المسافرين على بلوغ وجهتهم وهم يشعرون بالحيوية والاسترخاء.

فضلاً عن ذلك، تزهو طائرة Challenger 3500 بالمقصورة الأكثر تطورًا ضمن فئتها على المستوى التقني، إذ إنها مجهزة بتقنيات غير مسبوقة في هذا القطاع، بما في ذلك خاصية استخدام الأوامر الصوتية للتحكم بالمقصورة، والشواحن اللاسلكية الموزعة عبر أرجائها.

كما أن هذه المقصورة هي الوحيدة في فئتها المجهزة بشاشات عرض بدقة 4K وحجم 24 بوصة. لكن الميزة الأبرز فيها هي المقاعد من طراز Nuage الذي تمتلك بومباردييه براءة اختراعه، والمستخدم للمرة الأولى في فئة الطائرات متوسطة الحجم من المستوى الأعلى Super Mid-size.

ابتُكر بداية مقعد Nuage الحائز جائزة لطراز Global 7500 الرئيس في أسطول بومباردييه، ثم أصبح متاحًا على متن طائراتنا الجديدة من طرازي Global 5500 وGlobal 6500. ولا شك في أن توافر هذا المقعد اليوم، ضمن فئة الطائرات متوسطة الحجم من المستوى الأعلى، حصريًا على متن طائرة Challenger 3500 يُعد خبرًا مثيرًا جدًا لزبائننا.

في بدايات الجائحة العالمية، بدا أن القطاعات كلها تواجه المجهول. إلى أي مدى كان تحقيق انتقال بومباردييه إلى مكانتها الحالية صعبًا في سياق التصدي لتداعيات جائحة كورونا؟

غني عن القول أن الجائحة حملت معها بعدًا آخر كان لا بد من أخذه في الحسبان فيما تنطلق بومباردييه في رحلة تحديد هويتها الجديدة. إني فخور جدًا باستجابة شركتنا خلال الجائحة. لقد اتخذنا تدابير سريعة وحاسمة للحفاظ على سلامة موظفينا وزبائننا بموازاة الاستمرار في إدارة نشاطنا.

تسببت القيود على السفر التي فرضتها الجائحة بطفرة في عالم الطيران الخاص ودفق من الزبائن الجدد القادمين إلى هذا العالم من شركات الطيران التجارية. هل يعني ذلك أن الطيران الخاص بات الواقع الطبيعي الجديد أم أن ما نشهده لا يعدو كونه ظاهرة آنية ستخبو مع تراجع الجائحة؟

لا شك في أن الجائحة سلطت الضوء على السلامة المحسنة والطابع العملي للسفر على متن طائرات رجال الأعمال. أعلمنا زبائننا الذين تربطنا بهم علاقة منذ زمن طويل كيف أنهم ثمّنوا طائراتهم الخاصة واستمرارنا في صيانتها في زمن الجائحة. كما أن طائراتنا كانت محط استحسان بالغ من قبل الزبائن الجدد الذين أذهلهم أيضًا مقدار الوقت الذي يتأتى لهم توفيره عبر التحول إلى استخدام طائرات رجال الأعمال.

وبالرغم من أننا لا نستطيع التنبؤ بالمستقبل، إلا أننا نستشرف أن تستمر قاعدة الزبائن الأوسع اليوم في التحول إلى السفر على متن طائرات رجال الأعمال حتى مع انحسار الجائحة. هذا ما تثبته مؤشرات رئيسة مثل ارتفاع عدد أصحاب الثروات وتزايد معدل استخدام طائرات رجال الأعمال.

طائرة 3500 Challenger

طائرة 3500 Challenger

كيف استجابت بومباردييه لهذا الطلب المتزايد في سوق طائرات رجال الأعمال؟

كانت بومباردييه في وضع جيد يتيح لها تلبية هذا الطلب المتزايد، لا سيّما وأننا نمتلك محفظة متجددة من المنتجات وحضورًا راسخًا في أسطول العديد من مشغلي الطائرات. كما أننا نعمل على توسيع شبكتنا للصيانة في مختلف أنحاء العالم، الأمر الذي يتيح لنا خدمة عدد أكبر من الطائرات.

يُحدد اليوم طراز Global 7500 سقف المعايير فيما يتعلق بطائرات رجال الأعمال، لا سيّما من حيث الأداء، ومدى السفر، وتجربة المسافرين. فماذا بعد؟

إننا فخورون حقيقة بأداء طائرة Global 7500 منذ دخولها حيّز الخدمة. ويسرني أن أقول إن النموذج رقم 100 من هذا الطراز بات في طور اكتمال بنائه حاليًا، الأمر الذي يبين مستوى الاهتمام بهذه الطائرة الرئيسة في قطاع طيران رجال الأعمال. فطائرتنا طراز Global 7500 مجهزة بالعديد من المزايا غير المسبوقة في هذا القطاع، على غرار مجموعة مقاعد Nuage ونظام الإضاءة Soleil الذي يساعد على مقاومة الشعور بالإنهاك بسبب السفر في رحلات طويلة.

أما فيما يتعلق بالخطوات المقبلة، فإن بومباردييه تتطلع دومًا إلى المستقبل وتبحث عن سبل للارتقاء بقدرات أي طائرة لرجال الأعمال.

ما هي برأيكم العوامل التي تحدد اليوم القدرات التنافسية في سوق طائرات رجال الأعمال؟

قطعنا في مجالنا أشوطاً كبيرة على مستوى مدى السفر. فطائرات رجال الأعمال ذات المدى الطويل والطويل جدًا باتت قادرة على الربط بين مدينتين متباعدتين للغاية من دون الحاجة إلى التوقف خلال الرحلة للتزود بالوقود.

بات المسافرون أكثر حماسة للرحلات الأطول، الأمر الذي يضفي أهمية بالغة على تجربتهم في المقصورة. فإذا كنت ستمضي وقتًا طويلاً في الجو، فإنك ستحتاج إلى بيئة مصممة من حول المسافر وتوفر في الأعالي تجربة تحاكي أجواء المنزل أو المكتب. إن الراحة والرفاه الصحي عاملان بالغا الأهمية للمسافر، وبومباردييه تتمايز في هذا المجال.

فطائرات Global التي تحقق مدى سفر طويلاً توفّر تجربة لا مثيل لها داخل مقصورتها. لا تتيح مقصوراتنا الفسيحة عقد الاجتماعات المهنية فحسب، ولكن أيضًا مساحات شخصية ووسائل للترفيه والراحة في النوم. كما أن الأداء الانسيابي المميز لطائرات بومباردييه يرقى بتجربة السفر. تشتهر بومباردييه بتجربة السفر التي تركز على المسافر، وهذا ما يحدث كل الفرق فيما يتعلق بزبائننا.

كيف تتصورون مستقبل الطيران الخاص، وما هي أبرز العوامل التي ستحكم هذا المستقبل؟

ستشكل الاستدامة من الآن فصاعدًا عاملاً تتنامى أهميته في قطاع طائرات رجال الأعمال، وبومباردييه تضطلع بدور ريادي على مستوى العديد من مبادرات القطاع للحد من تأثيرنا على المناخ. نستثمر مبالغ ضخمة من ميزانية الإنفاق على مساعي الأبحاث والتطوير في التقنيات التي تتيح الحد من الانبعاثات الكربونية.

 

إريك مارتيل

ما هي أبرز محاور التركيز والمبادرات التي تتبنونها للحد من تأثير السفر جوًا على التغير المناخي وتحقيق التميز البيئي؟  

إننا في بومباردييه فخورون جدًا بالمشاركة في الالتزام الذي تقدم به قطاع طائرات رجال الأعمال في أكتوبر الفائت خلال مؤتمر ومعرض طيران رجال الأعمال NBAA لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى معدل صفر بحلول عام 2050. تسعى شركتنا دومًا إلى البحث عن سبل لتقليص بصمتنا الكربونية، ونجد الإلهام في تضافر جهود المعنيين في هذا القطاع من أجل تحقيق غاية مشتركة.

كانت بومباردييه منذ وقت طويل صوتًا صادحًا في مجال الحث على توفير وقود الطائرات المستدام وتبنيه على نطاق واسع لأنه يشكل وسيلة فعالة للحد فورًا من التأثيرات على البيئة.

ولا بد لي من الإشارة أيضًا إلى أن بومباردييه رائدة في قطاع صناعة الطائرات الخاصة على مستوى التصاريح البيئية الخاصة بالمنتجات والتي تشكل كتابًا مفتوحًا حول البصمة البيئية لأي طائرة على مدى خدمتها. كانت طائرة Global 7500 الرئيسة في أسطولنا أول طائرة لرجال الأعمال تحصل على هذا التصريح، وقد التزمنا منذ ذلك الحين توفير تصاريح مماثلة لكل طراز جديد من طائراتنا، بما في ذلك طائرة Challenger 3500 التي أطلقناها مؤخرًا.

بل إن بومباردييه هي أول مصنّع لطائرات رجال الأعمال يتبنّى هذه المقاربة. الواقع أن طائرة Challenger 3500 تشكل خير مثال عن دورنا الريادي في مساعي الاستدامة. فهذه الطائرة جُمعت في منشآت تعمل بالطاقة الكهربائية المائية، ومصنع Challenger في كندا يستخدم تقنية تتيح خفض الانبعاثات من نوع المركبات العضوية المتطايرة VOC في محترفات الطلاء بنسبة 92% على الأقل.

فضلاً عن ذلك، سيكون برنامج اختبارات الطيران الخاص بهذه الطائرة محايد الكربون بسبب عمليات شراء وقود الطائرات المستدام والتعويض عن الانبعاثات الكربونية.

كما ستوفّر هذه الطائرة أول حل تطبيقي بيئي في قطاعنا مصمم خصوصًا لتحسين خطط الطيران إلى الحد الأقصى والحد من معدل حرق الوقود، ما يسمح أيضًا بخفض التكاليف التشغيلية للطائرة. وفيما يتعلق بمقصورة Challenger 3500، سيتأتى للزبائن اختيار ما يناسبهم من مجموعة متنوعة من المواد المستدامة المصنوعة من منتجات مرنة مستعادة أو ألياف طبيعية. إنها وسليتنا لتشجيع تصاميم المقصورة على نحو صديق للبيئة من دون المساومة على معايير الأناقة أو الراحة.    

ما هي السعادة عندك، وما تعريفك لذروة الترف؟  

أعظم شعور بالسعادة أختبره في الوجود مع أفراد عائلتي. فذروة الترف تكمن في قضاء الوقت معهم.

طائرة 7500 Global

طائرة 7500 Global