عاصفة من الجدل أثارها فيلم «بيت غوتشي» أو هاوس أوف غوتشي House of Gucci فور عرضه عالميًا أواخر شهر نوفمبر الفائت، نظرًا لما يحويه الفيلم من أحداث واقعية عدّها بعض النقاد سردا لوقائع سابقة دون معالجة تُذكر. بل إن مصمم الأزياء توم فورد انتقد في مقال له عن الفيلم السيناريو الهزلي الذي يصعب تمييزه عن الفقرات الساخرة في برامج التلفاز المسائية، وإن كان قد أثنى في المقابل على التصوير والأزياء.
أما عن أحداث الفيلم الهوليوودي، فهي مستوحاة من الإمبراطورية العائلية التي تقف وراء غوتشي، العلامة التجارية الإيطالية الشهيرة الرائدة في عالم الأزياء والموضة. تمتد أحداث «بيت غوتشي» على مدى ثلاثة عقود من الحب والخيانة والانحلال والانتقام، والقتل في نهاية المطاف، فيما يكشف الفيلم عن معنى الاسم وقيمته، وإلى أي مدى ستذهب العائلة للسيطرة.
تدور أحداث الفيلم الذي تولّى إخراجه البريطاني الشهير رايدلي سكوت (83 عاما) حول قصة حب تقليدية بين ماوريتسيو (آدم درايفر) وباتريزيا (ليدي غاغا). وما يجعل العلاقة معقدة هو اسم شهرة ماوريتسيو: «غوتشي»، إحدى أكثر العائلات ثراء في إيطاليا. أما باتريزيا، فهي فتاة من طبقة متوسطة تطمح إلى تسلق السلم الاجتماعي.
غياب التشويق
تتطور أحداث الفيلم حتى تؤدي إلى حادث دموي منتظر. لكن عندما يصل لذروته، يصبح من الصعب، على ما أجمع كثير من النقاد، الشعور بهول الحدث، أو ثقل الصراعات. فالمشاهد كلها جاءت برأيهم أشبه بسلسلة من الأحداث المتتابعة التي تؤدي لنتيجة معلومة مسبقًا دون إضافة أو محاولة لصناعة رؤية سينمائية حقيقية لتلك الأحداث أو الشخصيات.
تتصاعد الأحداث بينما تنمو إمبراطورية غوتشي، فيصبح اسمها مرتبطا بسلسلة محلات ملابس كبرى، وتظهر فجأة علامة غوتشي التجارية، والنقش الذي يزيّن الحقائب والأثواب، فضلاً عن الأحذية الشهيرة ذات الحلقات المعدنية. وقد أُخذ على الفيلم أنه لم يهتم بإيضاح بداية العلامة التجارية البارزة، حيث يبدو الفيلم على الرغم من اسمه غير مهتم أو ملم بطبيعة عالم الأزياء أو التصميم بالرغم مما فيه من بذخ بصري وتمثيلي.
معالم أناقة باذخة
بالرغم من الآراء المتباينة حول الفيلم، إلا أن كثيرين أجمعوا على تفوق لايدي غاغا في أداء دور باتريزيا. لكن النجمة لم تستأثر بالاهتمام نتيجة لأدائها المتقن فحسب، ولكن أيضًا بسبب إطلالاتها الأنيقة والباذخة، على ما عكسته المشاهد التي تألقت فيها بأزياء السبعينيات والثمانينيات، من الأثواب الممهورة بتوقيع كبرى دور الأزياء العالمية، إلى معاطف الفراء، والجواهر الراقية، بما في ذلك أقراط الأذنين الضخمة وعقد اللآلئ الذي تزيّنت به في الملصق الإعلاني للفيلم.
House Of-gucci.. قصة الإمبراطورية العائلية لعلامة غوتشي
منفعة لغوتشي
تزامن عرض الفيلم مع ارتفاع عمليات البحث عن منتجات علامة غوتشي التجارية. ووفقًا لموقع Lovethesales.com المتخصص في جمع بيانات يومية عن عالم الأزياء، شهدت عمليات البحث عن أثواب غوتشي ارتفاعًا بنسبة 669% في غضون 48 ساعة، فيما ارتفعت عمليات البحث عن حقائب غوتشي خلال الفترة نفسها بنسبة 257%.
وتشير الأرقام إلى أن العلامة التجارية الفاخرة تستفيد من رواية هوليوود في الشق المتعلق بقصة الفاتنة باتريزيا ريجياني التي استأجرت قاتلًا محترفًا في عام 1995 لقتل زوجها ماوريتسيو غوتشي، الرئيس السابق لعلامة الأزياء الفاخرة.
رسميًا، زودت غوتشي شركة مترو جولدين ماير لإنتاج وتوزيع الأفلام الأمريكية وسكوت فري بروداكشنز Scott Free Productions بمجموعة مختارة من العناصر والدعائم الأصلية من أرشيف دار الأزياء، وسمحت بتصوير مشهد في متجرها الرئيس في Via Condotti بالعاصمة الإيطالية روما.
House Of-gucci.. قصة الإمبراطورية العائلية لعلامة غوتشي
أسرة غوتشي مستاءة من الفيلم
جدير بالذكر أن ارتباط عائلة غوتشي بالدار انقطع منذ تسعينيات القرن العشرين، إذ باتت العلامة جزءًا من مجموعة كيرينغ برئاسة الملياردير الفرنسي فرنسوا-هنري بينو. ولكن فيما يخص الفيلم، فإن عائلة غوتشي أبدت استياءها الشديد من مقاربة صنّاع الفيلم لحياة أفراد الأسرة وتصويرهم في هيئة مجرمين جهلة لا يبدون أي تعاطف للآخرين من حولهم. ففي تصريح نشرته وكالات الأنباء الإيطالية، انتقدت العائلة الفيلم بوصفه يقدمها في صورة بعيدة عن الواقع، ومهينة لإرث الدار.
وقد ردّ سكوت مخرج الفيلم على هذه الاتهامات بقوله: "إن أحد أفراد العائلة قُتل، وآخر دخل السجن بتهمة التهرب الضريبي. لذا لا يمكن اتهامي بتحقيق الربح فقط لتصويري ما حدث على أرض الواقع". وأضاف أنه حاول أن يكون «محترما قدر الإمكان من خلال كونه واقعيا في سرد الأحداث التي أدت إلى اغتيال ماوريتسيو غوتشي".