يُعد أورو مونتناري، المعروف أيضًا باسم جون غولدبيرجيه، واحدًا من أهم جامعي الساعات في العالم. خلال السنوات الأربع والثلاثين الماضية، جمع مونتناري ساعات يحفظها اليوم في خزانة ضخمة. فبعد الاستحواذ خلال أزمة الكوارتز في سبعينيات القرن الفائت على طُرز من باتيك فيليب ورولكس مقابل أثمان زهيدة، اكتشف مونتناري، خلال نهضة صناعة الساعات الميكانيكية التي نشأت بعد نحو عقدين، أنه يجلس على منجم ذهب.
كما ذاع صيته مؤخرًا في ظل الطفرة في الطلب على الساعات عتيقة الطراز. في عام 2018، بيعت ساعته من طراز رولكس كوزموغراف دايتونا Rolex Cosmograph Daytona ذات الرقم المرجعي 6265 - والملقبة بوحيد القرن لأنها تجسّد النموذج عتيق الطراز الوحيد المعروف من طراز دايتونا المشغول في علبة من الذهب الأبيض والمجهز بآلية حركة يدوية التعبئة - بيعت مقابل 5.9 مليون دولار عندما عُرضت في مزاد لدار فيليبس. تبرّع مونتناري بعائدات بيع الساعة إلى مؤسسة Children Action الخيرية في جنيف.
لكن ابن بولونيا الإيطالية يشتهر أيضًا بأناقته التي تعكس ذائقة رفيعة، وبعين جمالية تثمّن الفرائد، من الصور الفوتوغرافية إلى الكتب النادرة والخزف الصيني.
هل تتبع طقوسًا شخصية؟
- لا شيء سوى احتساء قهوة إسبريسو بنكهة الموكا على الطريقة الإيطالية التقليدية.
ما هو نظامك التدريبي وكم مرة تتبعه؟
- لا أمارس أي تمارين رياضية لأني كسول، إلا أن معدل الاستقلاب عندي جيد. لكني كنت رياضيًا نشطًا في مرحلة الصغر. عند بلوغي الثانية عشرة أو الثالثة عشرة من العمر، علمت أني أعاني اضطرابات في القلب وطُلب مني ألا أمارس أي رياضة.زيّفت آنذاك شهادة صحية لأتمكن من لعب كرة السلة. أما اليوم، فأحاول ممارسة رياضة المشي.
ما الذي تستخدمه ولا يزال يعمل بنظام التقنية التناظرية؟
- بالرغم من أني منغمس في العالم الرقمي، إلا أني ما زلت أقرأ الكتب القيّمة وأجمعها. أحب رائحة الورق. كما أني من أشد هواة الكتب المختصة بالصور الفوتوغرافية. أمتلك العديد من كتب هنري كارتييه – بروسون وإيرفينغ بين، لكنها نُسخ أصلية طُبعت في سبعينيات القرن الفائت. إنها فرائد تستحق الجمع. أعيدت طباعة هذه المؤلفات بجودة أفضل، لكني أؤثر النسخ الأصلية. أقصد الطبعات الأولى.
Martino Lombezzi
متى كانت المرة الأخيرة التي انقطعت فيها بشكل كامل عن وسائل الاتصال والتواصل الإلكترونية؟
- أنقطع عنها بشكل كامل عندما أقصد خزانة البنك مرة كل شهر لأتأمل باسترخاء تام مجموعتي من الساعات. أحتفظ بساعاتي كلها هناك لأن إيطاليا ليست آمنة. ثمة حجرة خاصة أجلس فيها تحت الأرض لأتفحص ساعاتي التي رتبتها بحسب الأسلوب، والطراز، والسنة. أقصد تلك الحجرة وأتفحص الساعات وألتقط صورًا لها. غالبًا ما أمكث هناك نحو ساعة أو 45 دقيقة.
أي ملابس ترتدي في غالب الأحيان؟
- قمصان أكسفورد باللون الأزرق الفاتح من علامة بروكز براذرز في نيويورك، وقمصان شامبري عتيقة الطراز.
من أين تبتاع ملابسك الأخرى؟
- أبتاع القطع عتيقة الطراز والملابس عسكرية الطابع من أسواق الأغراض المستعملة في مختلف أنحاء العالم. تعجبني أيضًا أزياء علامات مثل دابل آر إل Double RL. أما بذلاتي، فكلها مصممة حسب الطلب على يد الحائكين الذين أتعامل معهم في بولونيا ونابولي. أحدهم يُدعى سوليتو ويتخصص في حياكة السترات بأسلوب نابولي. تتميز هذه السترات بقصات الأكتاف المتقنة، والغرزات اليدوية، والجيوب الفوقية.
كيف تصف إطلالتك؟
- تعكس إطلالتي أسلوب La sprezzatura، أي المظهر المسترخي المدروس.
من أكثر شخص يحظى بتقديرك؟
- والدي كان مرشدي ولطالما رأيت فيه قدوة يُحتذى بها. لقد عمل جاهدًا لتحقيق النجاح، وأنشأ شركة من لا شيء. كان مهندسًا بارعًا، وأسس شركة حديثة في إيطاليا تركز في نشاطاتها على تقنية المعلومات. كما أنه كان رجلاً متأنقًا يقارب توجهات عالم الأزياء بأسلوب صائب.
لم يكن يومًا ضحية لهذه التوجهات. لقد علّمني كيف أعثر على عناصر الأسلوب الصحيحة، سواء أفي محترف حائك أو في متجر، وكيف أدخر المال لابتياع قطع عتيقة الطراز.
هل أورثك أيًا من ساعاته؟
- كلا. قدم لي والدي ساعة عتيقة من طراز أوميغا سيماستر Omega Seamaster عندما كنت بين الثامنة والعاشرة من العمر. ابُتكرت الساعة في عام 1957، وهي السنة نفسها التي وُلدت فيها. لاحقًا، في سبعينيات القرن الفائت، قدّم لي نصيحة جيدة. قال لي آنذاك: "ابدأ بابتياع الساعات لأن أسعارها بخس جدًا. اشترِ ساعات باتيك فيليب لأنها علامة ذات حضور قوي". سألته: "ما هي هذه العلامة؟".
لم أكن أعرف سوى دور كارتييه، وأوميغا، ورولكس. أجابني والدي قائلاً: "اذهب إلى جنيف وادرس أمرها". وهكذا قصدت ذاك البناء الصغير عند إحدى البحيرات، حيث متجر باتيك فيليب الصغير لأفهم سر نجاح هذه العلامة. لم تكن آنذاك أي كتب أو معلومات متوافرة عنها. بدأت أنمّي معارفي وأجمع الساعات في عام 1978، وكان عمري آنذاك 20 سنة.
ما هي أول ساعة ابتعتها؟
- كانت ساعة كرونوغراف عتيقة الطراز من رولكس ابتعتها من متجر للقطع الأثرية في بولونيا مقابل 500 دولار. وفي ثمانينيات القرن الفائت، ابتعت ساعة من باتيك فيليب من طراز Hour Glass في علبة مستطيلة الشكل. اشتريتها من سوق للأغراض المستعملة في إيطاليا مقابل 900 دولار (يبلغ سعرها اليوم نحو 22,000 دولار). اكتشفت أيضًا سنة 1978 مصدرًا للساعات في نيويورك.
في سوق للأغراض المستعملة، التقيت بشابة كانت تبتاع الساعات لآندي وارهول، وتولّت تعريفي به. وكان ثمة متجر للخردوات أيضًا في بيفرلي هيلز يمكنك أن تجد فيه ساعات وجواهر رائعة من المقتنيات السابقة للنجوم أمثال آفا غاردنر.
Martino Lombezzi
ما هو أحدث طراز أضفته إلى مجموعتك؟
- اقتنيت مؤخرًا ساعة نادرة جدًا ومتفردة من طراز Cartier Tonneau من كارتييه. صُنعت الساعة المجهزة بآلية كرونوغراف وزر ضاغط واحد في عشرينيات القرن الفائت.
من هو التاجر الذي تتعامل معه وما هي طُرز الساعات التي يوفّرها لك؟
- إنه صديق لي. ألقّبه بالمحفّز لأنه كلما وجد ساعة يعتقد أنها ستعجبني حاول بيعها لي. إنه إيطالي ويعرف ذائقتي جيدًا فيما يتعلق بالساعات. كما أنه واحد من أهم التجار في إيطاليا، أو حتى في أوروبا. فكل ساعة يبيعها تكون نادرة وبحالة مثالية، فضلاً عن تمايز منشئها وحكايتها.
هل من ساعة رغبت دومًا في اقتنائها لكنك لمّا تجدها بعد؟
- ثمة ساعات كثيرة. بل إن الساعة المثلى هي تلك التي سأكتشفها تاليًا. لكني رغبت دومًا في اقتناء ساعة محددة: إنها ساعة الرقم المرجعي Ref. 1518 من باتيك فيليب المجهزة بتعقيدي التقويم الدائم والكرونوغراف. أقتني نموذجين من هذا الطراز، أحدهما في علبة من الذهب الوردي والثاني في علبة من الفولاذ. لكننا نعلم من سجلات باتيك فيليب أن الدار صنعت هذا الطراز أيضًا في نموذج من البلاتين. لم يسبق لأحد أن رأى صورة لهذا النموذج، ولا أحد يعرف أين هو الآن.
ما هو طراز الساعة التي تزين معصمك الآن؟
- أحب أن أتزيّن بساعتي من طراز Tank Cintrée من كارتييه المصنوعة في علبة من البلاتين. طلبت تعديل هذا الابتكار لي شخصيًا في متجر كارتييه بباريس واستخدام الأرقام الرومانية الزرقاء للميناء بدلاً من الأرقام العربية.
Martino Lombezzi
بعيدًا عن الساعات، هل تهوى جمع مقتنيات أخرى؟
- أهوى جمع بعض قطع الخزف الصيني القديمة لمطبخي، لا سيّما الآنية التي كانت تُستخدم لحفظ مسحوق الشاي بدءًا من أواخر القرن التاسع عشر. ابتعت هذه الآنية كلها من نيويورك قبل نحو 20 عامًا. كان سعرها آنذاك 900 دولار أو 1,000 دولار. لكنها اليوم أغلى بكثير وثمة قطع شرقية كثيرة زائفة.
ما هو الطبق الذي تبرع حقيقة في إعداده؟
- أحب قضاء الوقت في مطبخي، والصنف الذي أتفوق في إعداده هو طبق الباستا مع الكوسا الذي أعده كما يفعلون في قرية نيرانو عند ساحل سورينتو. أستخدم موقدًا من طراز Wolf وفرنًا من الولايات المتحدة الأمريكية. شحنوا لي هذا الفرن إلى إيطاليا لأن العثور على مثيل له هنا صعب. ابتعت أيضًا القدور من الولايات المتحدة الأمريكية. أنفقت مبالغ طائلة على الشحن.
ما هي النصيحة التي تمنيت لو أخذت بها؟
- بدأت دراستي الجامعية في إيطاليا للتخصص في مجال التصميم والتصوير الفوتوغرافي في جامعة تشبه كلية بارسونز في نيويورك. نصحني والدي بعد ذلك بالالتحاق بكلية جيدة في كاليفورنيا مثل ستانفورد أو USC، لكني كنت كسولاً للغاية. كنت أؤثر قضاء الوقت في لعب كرة السلة، وركوب الأمواج، وابتياع الساعات من أسواق الأغراض المستعملة عتيقة الطراز.
لمَ وقع الاختيار على كاليفورنيا؟
- عندما قصدت الولايات المتحدة الأمريكية للمرة الأولى سنة 1978، ذهبت إلى نيويورك واكتشفت أنها مكلفة جدًا لشاب في عمري. لذا انتقلت لاحقًا إلى كاليفورنيا واكتشفت أن الحياة فيها رائعة وغير مكلفة. أذكر سنتي الأولى في كاليفورنيا.
كنا في عام 1980 أو 1981، وكان من السهل شراء سيارة، واستئجار شقة في فينيس بيتش أو سانتا مونيكا. كانت الحياة مثيرة أيضًا. مكثت في كاليفورنيا من عام 1980 حتى عام 1984. كنت في الثانية والعشرين أو الثالثة والعشرين من العمر، أو ربما في الخامسة والعشرين، والتقيت هناك بزوجتي. كانت شابة ألمانية تعيش في كاليفورنيا أيضًا. توفيت منذ نحو 20 عامًا إثر إصابتها بداء السرطان. تزوّجت مجددًا، ولكني أمضيت أوقاتًا سعيدة في كاليفورنيا.
Martino Lombezzi
كيف تختبر الشعور بالسكينة؟
- أحاول الاستفادة من الطقس المشمس قدر الإمكان. أحب قضاء الوقت في نيويورك، وفي كثير من الأحيان أقصد المتنزّه للجلوس فوق مقعد مواجه للشمس، وغالبًا ما يكون الموسم شتاء. تبدو بشرتي ملوّحة طيلة السنة.
هل تقود السيارة أم يقودها سائق؟
- لا أهوى قيادة السيارة. أؤثر السفر بالقطار أو الطائرة.
ما هي السيارة التي ترتبط بها أكثر من غيرها؟
- كانت سيارتي الأولى مركبة مكشوفة من طراز VW Beetle. لكني أهديتها إلى مهندس شاب في شركتي يهوى السيارات عتيقة الطراز. لم أستخدمها منذ 10 أعوام أو 20 عامًا، لكن المهندس سيسمح لي بقيادتها.
ما هو فندقك المفضل؟
- فندق ذا ويتبي The Whitby في نيويورك لأنه يتميّز بموقعه المثالي، ومستوى الخدمات الرفيع، والتصميم الداخلي البديع. كما أني أحب المجلس في الطابق السفلي المجهز بمدفأة والمتاح حصريًا لضيوف الفندق، فضلاً عن الحديقة الصغيرة. يقدم هذا الفندق أيضًا وجبة فطور رائعة.
ما هو الغرض الذي تحتفظ به دومًا في حقيبة السفر الصغيرة؟
- أحتفظ بآلة تصوير من طراز Sony AR7 II. أستخدم أيضًا في بعض الأحيان آلة تصوير من لايكا، لكنها ليست رقمية. تعجبني آلة سوني بسبب جودتها وسعرها المناسب. إنها تتيح التقاط صور رائعة.
هل تؤثر مشاهدة أحدث الأفلام في السينما أو الإكثار من متابعة الإنتاجات على نتفلكس؟
- ابتعت مؤخرًا فيلم لومانز Le Mans للممثل ستيف ماكوين في هيئة قرص رقمي DVD لأني أعمل مع سيزار ماريا مانوتشي على تأليف كتاب جديد عنوانه Time to Race, Part II (وقت السباق، الجزء الثاني)، وأحاول تعرّف ساعات المعصم التي ارتداها الأبطال في الفيلم.
إلى أي فنان تميل أكثر، ديفيد بوي أم بوب ديلان؟
- أفضل بوي. كان شخصًا عظيمًا في مرحلة شبابي.
ماذا يعني لك النجاح؟
- أن أكون قادرًا على القيام بما يستهويني دون أن أسبب أي أذى لأفراد عائلتي أو لفريقي في العمل.
ما الذي يستحق أن تدفع ثمنه؟
- الحرية.