لطالما استقى ريجيس ماثيو، رئيس شركة ماثيو لوستروري Mathieu Lustrerie العائلية الفرنسية المتخصصة في تراكيب الإنارة، إلهامه لتصميم ثرياته الفاخرة من مصادر غير متوقعة، بدايةً من الفيلم الكلاسيكي "2001: أوديسة الفضاء" للمخرج ستانلي كوبريك، وصولاً إلى شجرة البانيان (أو التين البنغالي).
أما أحدث مجموعاته، فمستوحاة من الرسوم البحرية الساحرة للفنان وعالم الأحياء الألماني إرنست هيكل الذي اشتهر في القرن التاسع عشر. وفي هذا يقول ماثيو: "تلك التصاميم المجنونة كانت حديثة للغاية آنذاك. بل إن غوستاف إيفل، مصمم برج إيفل، وجد الإلهام أيضًا في أعمال ذاك الفنان".
تتخذ وحدات الإضاءة في المجموعة شكل كائنات بحرية مثل الشعاب المرجانية، وقنديل البحر، وقنفذ البحر المرصع بالجواهر (على ما يظهر هنا)، وتستحضر الأنماط الطبيعية والخطوط الانسيابية لحركة الآرت نوفو. يقول ماثيو: "بالنسبة لي، تعد حقبة الآرت نوفو حقبة مجنونة للغاية.
فقد شهد القرن التاسع عشر اكتشاف الكهرباء، وبدأنا بوضع مصابيح الإضاءة خلف الزجاج لأول مرة، ما سمح بانعكاس الضوء للأسفل، وهو أمر لم يكن ممكنًا مع اللهب".
أسس هنري، والد ماثيو ريجيس، الشركة عام 1948، واليوم تتولى ابنته إيناس تدريجيًا زمام الأمور. لا تقتصر أعمال الشركة على إبداع تراكيب الإنارة فحسب، بل تشمل أيضًا مشاريع لاستعادة وإعادة إصدار الثريات القديمة باستخدام تقنيات عمرها قرون.
ومن أبرز إنجازاتها الأخيرة إعادة أكثر من 70 وحدة إضاءة داخل كاتدرائية نوتردام إلى مجدها السابق بعد الحريق المدمّر الذي طال أجزاء واسعة منها. يدير ماثيو ورشة عمل وصالة عرض في باريس، بالإضافة إلى محترف ومتحف لتراكيب الإنارة في قرية غارغاس بمنطقة بروفانس، حيث يحتفظ بمجموعته الخاصة.
يستغرق إنتاج ثريا قنفذ البحر من ثلاثة إلى أربعة أشهر، ويبتكر كل حرفي أدواته الخاصة لإنجاز مهام مثل النحت والنقش. نظرًا لصعوبة تنفيذ التصميم، لا تنتج الشركة أكثر من 10 وحدات سنويًا، ويبلغ سعر كل واحدة منها نحو 55,000 دولار أمريكي. يقول ماثيو: "أحب أن أقول إن هذا المشروع كان ليكون مناسبًا لطاولة لويس الخامس عشر".
رسومات متقنة
يبدأ ماثيو برسومات أولية. استغرق فريق الشركة ما يقرب من عام لتحويل تصميم ثريا قنفذ البحر إلى نموذج أولي عملي. وفي هذا يقول ماثيو موضحًا: "درسنا عملية الإنتاج وبحثنا عن حلول للعقبات التي واجهتنا".
Baptiste De Ville D’Avray
طباعة ثلاثية الأبعاد
تولد الثريا من رسومات على الورق تتحول لاحقًا إلى نماذج ثلاثية الأبعاد جاهزة للسبك الرملي. في سياق هذا المسار، تُكبس النماذج في الرمل المضغوط لإنشاء القالب قبل صب البرونز المنصهر فيه لتحقيق الشكل المطلوب.
Baptiste De Ville D’Avray
سبك المعادن
بعد أن يتصلب المعدن، تُزال الأجزاء وتُختبر لضمان تطابقها. يتألف التاج من خمسة عناصر برونزية مصبوبة بالرمل، بينما يُلحم نصفا كرتين مجوفان لتشكيل القلب المركزي.
وخلال هذه العملية، يأخذ الحرفيون في الحسبان انكماش المعدن في أثناء التبريد. يقول ماثيو: "ليس من السهل الإتيان بقطعة مثالية لأنها ليست مصنوعة بالحاسوب، بل بطريقة السبك اليدوي".
Baptiste De Ville D’Avray
انعكاسات ضوئية
باستخدام تقنيات من القرن الثامن عشر، ينحت الحرفي تفاصيل تعكس الضوء على سطح البرونز، مستعينًا بأداة حادة الأطراف ومطرقة لاستحداث تباين مبهر. يقول ماثيو: "إنها طريقة لنقش البرونز أو لجعل أجزاء منه تعكس الضوء فيما أجزاء أخرى تلتقطه".
Baptiste De Ville D’Avray
صقل وتلميع
تُستخدم بعد ذلك عجلة تلميع لصقل القطع وإزالة أي حواف خشنة أو خدوش، ما يمنح الثريا لمعانها النهائي.
Baptiste De Ville D’Avray
تذهيب حسب الطلب
لصقل الثريا بالذهب، يغمرها الحرفي في محلول تآكلي لتترسب فوق سطحها طبقة زخرفية ذهبية. يجري تعديل المحلول بحسب الدرجة اللونية المطلوبة، وفي هذا يقول ماثيو: "تكون الثريا متفردة نوعًا ما لأنني عندما أثبت الطلاء، أحرص على ألا تكون المحصلة نموذجية. ننجح في هذه المهمة لأننا نقوم بالتذهيب بأنفسنا، ويمكنني تعديل الحلول اللونية حسب الحاجة".
Baptiste De Ville D’Avray
ترصيع يدوي
يستخدم حرفي ملقطًا لترصيع الثريا بمجموعة من 800 حجر شبه كريم، يثبّتها واحدًا تلو الآخر على نحو يسمح للضوء بالانتشار عبرها. يبتاع ماثيو الأحجار بنفسه، وينفذ تشكيلات لونية مخصصة حسب طلب الزبائن.
وفي هذا يقول: "لقد صنعت ثريا باللونين الأسود والفضي، وأخرى بلون الجمشت والفضة، ونسخة ثالثة بتشطيب ذهبي مع أحجار خضراء اللون".
Baptiste De Ville D’Avray
مسار التجميع
تتمثل المرحلة الأخيرة من التصنيع في عملية التجميع التي تشمل تركيب المكوّنات الكهربائية، بما في ذلك تثبيت مصابيح LED أسفل الثريا ووراء كل حجر شبه كريم. تُجرى أيضًا اختبارات كهربائية على الثريّا لضمان الأداء المثالي.
Baptiste De Ville D’Avray
اكتمال النور
بعد أن يكتمل تجميع وحدة الإضاءة، يساعد فريق ماثيو الزبائن على تعليقها في موقعها. تزن ثريا قنفذ البحر حوالي 155 رطلاً، وتُعلق بسلسلة مصممة لإخفاء الأسلاك المارة عبرها.
Baptiste De Ville D’Avray
بل إن ماثيو ابتكر مظلة خاصة لإخفاء المحوّل الكهربائي. وفي هذا يقول: "إنها ثريا ثقيلة للغاية، لكن عند اكتمالها، تشعر كأنها تطفو في الهواء".