منذ عشرينيات القرن الماضي، وسّعت موناكو حدودها ببناء الأراضي في الاتجاه الوحيد الممكن: نحو البحر. ويُعد مشروع ماريتيرا Mareterra خطوة نحو أراضٍ جديدة، ليس جغرافيًا فحسب، ولكن أيضًا من حيث الفرص العقارية والابتكار.
مشروع ماريتيرا الجديد
يشمل مشروع ماريتيرا في البحر الأبيض المتوسط توسعة برية جديدة بمساحة 15 فدانًا قبالة سواحل موناكو. وتبلغ تكلفة المشروع 2.1 مليار دولار.
تولى التخطيط العام للمشروع الشركة المعمارية الفرنسية Valode et Pistre Architects وقد استغرق إنجازه عشر سنوات ليضم مرسى، وأماكن مخصصة للمشاة بجانب شاطئ لارفوتو الشهير، مع حديقة عامة، بالإضافة إلى مساحات واسعة من المساكن السكنية الراقية. وستُتاح حوالي نصف مساحة الكتلة الأرضية الاصطناعية للعامة.
من اللافت أن المشروع، الذي زُرعت في مساحاته الخضراء 1000 شجرة مستوردة من توسكانا بإيطاليا، اكتمل قبل ستة أشهر من الموعد المحدد، إذ أعلن عن مشروع استصلاح الأراضي واسع النطاق في عام 2013، وجرى العمل على بناء غرف خرسانية أو صناديق في البحر، قبل تجفيفها من الماء، وملئها بـحوالي 750 ألف طن متري من الرمال.
Mareterra
وفيما أشرفت على المشروع شركة Valode & Pistre Architects، تولى تصميم المناظر الطبيعية ميشيل دوفيني، بهدف تلبية احتياجات النمو المستمر لإمارة موناكو.
وصف دينيس فالودي، المؤسس المشارك لمكتب Valode et Pistre Architects، مشروع ماريتيرا بقوله: "إنه مشروع استثنائي يحدث مرة واحدة في العمر". وأضاف: "كان من المهم في هذا المشروع تقديم أماكن جديدة للمشي وساحات ومساحات تضيف شيئًا جديدًا إلى موناكو".
كما قادت الشركة تصميم المنطقة المركزية Les Jardins d'Eau، التي تضم أربعة مبانٍ سكنية بشرفات تطل على مشهد طبيعي من الأشجار والبحر الممتد خلفها.
Mareterra
تشمل المساكن الخاصة الجديدة في ماريتيرا أكثر من 100 شقة و10 فيلات فاخرة. وقد كُلف العديد من المهندسين المعماريين البارزين، بينهم نورمان فوستر وتاداو أندو، بالمشاركة في المشروع.
ووضع المهندس المعماري الإيطالي رينزو بيانو، المعروف بتصميمه المشترك لمركز بومبيدو، بصمته على مبنى سكني يحمل اسم Le Renzo يتمتع بتصميم مجزأ يشبه السفينة، ويُعد علامة بارزة في المشروع.
من بين المساحات التي يضمها ماريتيرا يوجد أيضًا Quatre Lances، وهو متحف صغير في الهواء الطلق صممته أيضًا استوديوهات رينزو بيانو، ويهدف إلى عرض تركيب فني بارتفاع خمسة أمتار من إبداع الفنان الراحل ألكسندر كالدر. اقتنت الأميرة غرايس في موناكو هذا العمل في عام 1966، لكن جرى إخفاؤه في المخازن منذ ذلك الحين، ولم يكشف عن صور له بعد.
Mareterra
يُذكر أن استصلاح الأراضي في موناكو يخضع لتنظيم صارم، وقال مطورو ماريتيرا إنهم اتخذوا خطوات مختلفة "للتقليل من الأثر على النظام البيئي الطبيعي قدر الإمكان".
هذا ويزعم المطوّرون أنّ نسبة 80٪ من أنظمة التدفئة والتبريد في المنطقة سوف تعمل بالطاقة المتجدّدة، بما في ذلك الطاقة المولدة من الألواح الشمسية.
وورد على موقع المشروع الإلكتروني أنّ المخطّطين استشاروا خبراء بحريين لإنجاز المشروع. فنظرًا لأن التوسعة البرية للمشروع بُنيت على الماء، فقد صممت بشكل منحنٍ لضمان استمرارية التدفق الطبيعي للتيارات البحرية، ما يساهم في الحفاظ على صحة المياه المحيطة.
يعتمد المشروع على 18 هيكلًا غاطسًا من نوع Caissons، وهي هياكل مانعة لتسرب المياه تُستخدم كجدران دعم. كما تحيط بهذه الهياكل أسرّة اصطناعية من الأعشاب البحرية لتعزيز البيئة البحرية.
تتميز الهياكل الغاطسة Caissons بأخاديد على أسطحها، تهدف إلى تشجيع الطحالب وغيرها من الكائنات البحرية على الالتصاق بها واستعمارها، ما يعزز التنوع البيولوجي البحري في المنطقة.