صناع القوارب واليخوت الفاخرة يتخلون أكثر فأكثر عن الوقود الأحفوري ويتبنون الطاقة الهجينة بديلا لتسيير ابتكاراتهم.
في عام 2005، تخلى مايكل كولر عن محركات الديزل التي وفّرت الطاقة لقواربه طيلة 23 عامًا، واختار بدلاً منها الطاقة الشمسية. بدت هذه الفكرة مضحكة آنذاك بسبب القدرات المحدودة للتقنية في ذلك الحين. لكن بعد خمس سنوات من مساعي الاختبار والتطوير، تحوّل يخت كولر Solarwave 46 إلى أول يخت في العالم يعمل بالطاقة الشمسية.
منذ ذلك الحين، باتت علامة Silent Yachts التابعة لكولر أكبر حجما وأشد فخامة، وقادرة على منافسة اليخوت التقليدية المجهّزة بمحركات الوقود. يحتضن اليخت الجديد البالغ طوله 80 قدمًا، والذي يرتفع إلى ثلاثة أسطح، مجلسًا فسيحًا وست مقصورات للنوم. كما يتميز بأسقفه التي ترتفع حتى علو 6.5 قدم، وإمكانات الإبحار المتفوقة، لا سيما وأن مجموعة بطاريات أيونات الليثيوم التي توفّر الطاقة لمحركات كهربائية بقوة 250 كيلو واط، تُشحن تلقائيًا باستمرار (ودون أي كلفة) من خلال الألواح الشمسية التي جُهز بها اليخت والتي تمتد على مساحة 1,227 قدمًا مربعة. لكن المنافع تتجاوز الإبقاء على معدل الانبعاثات وذبذبات المحركات عند الحد الأدنى. يقول كولر: "يزهو يختنا بمساحات للعيش تفوق ما هو عليه الحال على متن اليخوت المنافسة، لأن المحركات الكهربائية تشغل مساحة أقل مقارنة بمحركات الديزل."
Correct Craft
تستخدم قوارب مختلفة نظام الدفع الكهربائي للحد قدر الإمكان من الضوضاء والانبعاثات.
لا تزال دائرة اعتماد الطاقة الشمسية صغيرة لكنها تتنامى، لا سيما مع دخول مستخدمين جدد مثل يخوت شركة Serenity Yachts ومجموعة BYD Group. تبحر هذه اليخوت ذات المحركات بسرعة ثماني عقد، وتحقق سرعة قصوى قد تصل إلى 20 عقدة، لكنها ستتضرر بسرعة في حال الانطلاق بهذه السرعة باستخدام مجموعات البطاريات. هنا تكمن معضلة تصميم القوارب التي تستمد الطاقة من نظام بطاريات. فهل يجدر بالصنّاع إعطاء الأولوية لمدى الإبحار أم للسرعة؟
في الطراز الجديد GS22E المخصص لجر ألواح التزلج، توصلت شركة كورّكت كرافت Correct Craft لحل يتيح الاستفادة من الإمكانات المحدودة لنظام البطاريات. يقول شون ماريرو، رئيس شركة واترشيد إنوفايشن Watershed Innovation التي طوّرت نظام الدفع الكهربائي Ingenity لهذا الطراز: "صممنا نظام البطاريات القادر على إنتاج أكبر قدر من الطاقة للإبحار إلى الوجهات التي يتيح بلوغها في العادة محرك احتراق." صُمم القارب بما يتيح جلسات إبحار تستمر ساعات طويلة، الأمر الذي يمكّن المالك من ممارسة التزلج في أعقابه في الصباح، ثم إعادة شحن البطارية بحيث يصبح جاهزًا للاستخدام بعد ساعات العمل. يقول ماريرو: "لا ينطلق هذا القارب على غرار مركبة من تيسلا. بل إنه يحاكي تجربة التزلج المائي في أعقاب قارب تغمر المياه مقدمته، ولكن من غير ضوضاء أو ذبذبات." تسري شائعات أيضًا عن انشغال صناع آخرين بتطوير قوارب سحب كهربائية.
"هل يسعى صناع القوارب واليخوت إلى الإتيان بتصميم يخدم الإبحار بسرعات بطيئة أو الانطلاق بسرعة في ظل استخدام مصدر للطاقة ينضب سريعا؟"
أما في قطاع اليخوت الفارهة، فيأمل هانك دي فرايز، مدير فيدشيب، أن يرى بحلول عام 2025 كل يخت جديد يغادر حوض السفن التابع للشركة في هولندا وقد جُهز بنظام دفع هجين. ينطلق دي فرايز نحو تحقيق هذه المهمة بكل جدية، إلى حد أن فيدشيب ستتحمل التكاليف الإضافية التي ينطوي عليها استبدال هذه الأنظمة الكهربائية بأنظمة الدفع التقليدية، والتي تُقدر حاليًا بملايين الدولارات. جُهز حتى الآن اثنان من قوارب فيدشيب بنظام طاقة هجين: اليخت سافانا Savannah البالغ طوله 273 قدمًا، والذي أطلق سنة 2015، واليخت آنا Anna بطول 361 قدمًا، الذي يُعد أكبر يخت بنته فيدشيب على مدى تاريخها، والذي تسلمه المالك قبل سنتين. أطلقت الشركة في العام نفسه اليخت الثالث لونيان Lonian البالغ طوله 287 قدمًا، و"الهجين إلى حد بالغ" على ما يقول دي فرايز.
Correct Craft
يضيف دي فرايز: "عندما بنينا يخت سافانا الهجين والمجهز بنظام بطاريات تعادل قوتها جمع مركبات عدة من تيسلا في غرفة المحركات، ابتكرنا أيضًا قواعد تصنيف هذه اليخوت. صحيح أن المشروع كان ناجحًا، لكن تبني هذا التوجه في عالم اليخوت الفارهة كان بطيئًا. أود أن أصل إلى مرحلة يسأل فيها أحد المالكين مالكًا آخر وقد اعترته الدهشة: "أما زال قاربك يحرق الوقود الأحفوري؟". إن هذه الخطوة ستساعد على تحقيق الحالة الذهنية المرجوة.