" لا تشكل كفاءة استهلاك الوقود عنصر الجذب الرئيس في النظام الهجين.
بل تحل محلها مزايا الراحة المحسنة التي يضمنها الإبحار بصمت "
بالرغم من توقد الاهتمام في قطاع الصناعات البحرية بالدفع الكهربائي على مر عقد كامل من الزمن، إلا أن أصداء هذا الاهتمام لم تتردد حقًا إلا بدءًا من السنة الماضية أو في حدودها. عندما أطلق حوض السفن الهولندي Heesen Yachts اليخت Home في عام 2017، تحوّل ابتكاره إلى أول يخت مجهز بمحرك وهيكل للإزاحة السريعة يُعتمد فيه نظام دفع هجين. يؤشر مصطلح «هجين» إلى مجموعة حركة تستمد الطاقة لمتطلبات الدفع والاحتياجات الأخرى على متن وسيلة نقل من مصدرين (أو أكثر) للطاقة يمكن استخدامهما معًا أو كل على حدة. وغالبًا ما يتمثل هذان المصدران في محركات الديزل والمحركات الكهربائية. في حالة السيارة الهجينة، تهدف عادة مثل هذه المقاربة إلى التوفير في استهلاك الطاقة والحد من الانبعاثات. أما استخدام نظام دفع هجين في وسائل النقل البحرية فموجه نحو مجموعة أكثر تنوعًا من الأهداف.
جُهز اليخت Home بمحركين رئيسين بقوة تعادل 840 حصانًا يكملهما محركان كهربائيان من طراز DC مكونان من حافظتين أسطوانيتي الشكل ويجري تبريدهما بالماء. ويمكن لهذا اليخت أن يبحر بسرعة قصوى تصل لدى استخدام المحركين الكهربائيين وحدهما إلى تسع عقد.
لكن كفاءة استهلاك الوقود قد لا تشكل، من منظور مالك اليخت، عنصر الجذب الرئيس في النظام الهجين. بل تحل محلها مزايا الراحة المحسنة التي يضمنها الإبحار بصمت. عند الإبحار باستخدام إعدادات الدفع الكهربائي تنخفض معدلات الضجيج في مقصورة مالك اليخت إلى ما دون ستة وأربعين ديسيبل، أي إلى ما يوازي القوة الصوتية لتساقط المطر الخفيف. من المتوقع أن يُسلم النموذج المشابه لليخت Home، الذي يحمل حاليًا اسم Project Electra، إلى مالكه في شهر أبريل نيسان من عام 2020.
وحدة الدفع الكهربائي Veth Integrated L-drive.
لكن فوائد نظام الدفع الكهربائي لا تقف عند هذا الحد. فنظام الدفع الكهربائي بالكامل Veth Integrated L-drive الذي يدور في اتجاه معاكس، والذي أطلقته مؤخرًا شركة Veth Propulsion، يسلط الضوء على عنصر جذب آخر يتمثل في الحجم. صيغ هذا النظام في حجم مدمج للغاية، وهو متوافر حاليًا بقوة تصل إلى ما يعادل 3٫151 حصانًا، ما يجعله ملائمًا ليخت فاره قد يصل طوله إلى 246 قدمًا، إضافة إلى إمكانية استخدامه وحدةً للإبحار بسرعات منخفضة على متن اليخوت التي يتجاوز طولها 328 قدمًا. تضمن هذه المواصفات تعزيز المرونة في تصميم حجرة المحركات على متن اليخت. يمكن تنشيط الوحدتين الكهربائيتين بوساطة بطاريتين أو مولّدين للطاقة الكهربائية، كما يمكن وضع هذين المولدين في أي موقع على متن يخت فاره، ما يتيح وضع المولد إذًا في المقدمة والاستفادة قدر الإمكان من المساحة في القسم الخلفي لتصميم أماكن إقامة فسيحة – وربما حوض للغواصة أو غير ذلك – دون أن تقف حجرة المحركات الضخمة المبنية في وسط اليخت عائقًا أمام ذلك.
يقول مارتن جانسن من شركة Veth Propulsion: «إن الوحدة التي ابتكرناها توفر كثيرًا من الخيارات الممكنة على مستوى التصميم، وعلى مستوى سهولة تركيبها من منظور حوض السفن. كما أنها تتميز بسهولة تشغيلها وموثوقيتها لأن المحركين الكهربائيين يشتملان على عدد ضئيل من الأجزاء المتحركة، ما يجعل أعمال الصيانة سهلة ومنخفضة الكلفة».
" إنه لشعور آسر ذاك الذي يولده الانزلاق فوق صفحة المياه في سكون تام
وحيث لا يسمع المرء سوى حفيف الريح وصوت مقدمة اليخت إذ تشق الموج "
ـــــ كونراد بيرغستروم، شركة X Shore
ابتاعت مؤخرًا مجموعة Italian Sea Group المصنّعة لليخوت اثنتين من وحدات Veth القادرة على إنتاج قوة تعادل 2٫012 حصانًا بغية استخدامهما في مشروع حالي يتمثل ببناء يخت بطول 230 قدمًا مجهز بمجموعة حركة تجمع بين وقود الديزل والطاقة الكهربائية. بموازاة ذلك، طرحت شركات أخرى في مجال تصنيع اليخوت، على غرار Oceanco وPerini Navi (لخط إنتاجها E-volution) خيارات أخرى لأنظمة الدفع الكهربائي. يقول جانسن: «يرغب كبار صناع اليخوت في الإتيان بابتكار مختلف. كما يساورهم شعور عارم بأن نظام الدفع الكهربائي سيشكل الخيار المفضل مستقبلاً. لذا يعمل هؤلاء على البحث في كل الإمكانات التي تتيح لهم أن يقدموا للسوق ابتكارًا مغايرًا».
انتقلت شركة Greenline Yachts السلوفينية إلى اعتماد أنظمة الدفع الكهربائي بصورة كاملة. فإذ يشكل مبدأ الاستدامة قيمة جوهرية راسخة في علامة الشركة، تحولت تدريجيًا إلى ما يعادل شركة Tesla في العالم البحري بعد أن أطلقت في عام 2008 أول يخت من ابتكارها يعمل بنظام دفع هجين. تُجهز اليوم اليخوت كافة في أسطول Greenline Yachts بألواح شمسية نموذجية تُستخدم لتشغيل مختلف الأجهزة المنزلية. وفي دورة عام 2018 من معرض موناكو لليخوت، أطلقت الشركة اليخت NEO EDrive الترفيهي الكهربائي بالكامل. جُهز اليخت بمحركين كهربائيين خارجيين من طراز Torqeedo Deep Blue بقوة ثمانين حصانًا، وبطاريتي ليثيوم عاليتي الأداء، فبات قادرًا على الإبحار مسافة أربعين ميلاً بحريًا بسرعة ست عقد كمعدل وسطي.
يشق اليخت الكهربائي من X Shore صفحة الماء بصمت.
يقول فلاديمير زينتشنكو، مؤسس حوض صناعة السفن SVP Yachts، ومالك العلامتين التجاريتين Greenline Yachts وShipman Carbon Yachts: «ربما كان نظام الدفع الهجين يشكل في عام 2008 ابتكارًا سابقًا لزمانه. أما اليوم، وبعد مرور عشرة أعوام، فقد باتت السوق جاهزة للخطوة التالية، أي لنظام دفع كهربائي بالكامل، وما اليخت NEO البالغ طوله ثلاثًا وثلاثين قدمًا سوى نقطة البداية. في المستقبل، ستكون كل اليخوت في أسطولنا مجهزة بخيار الدفع الكهربائي فحسب».
يشكل اليخت المخصص للاستهلاك اليومي X Shore eElectric 8000 Smögen Edition الذي يستلهم تصميم القوارب الاسكندنافية، مثالاً آخر على خفض الانبعاثات والنفقات. يمكن لهذا اليخت البالغ طوله ستًا وعشرين قدمًا، والمجهز بمحركين من طراز Torqeedo Deep Blue 80i 1800 أن يحقق سرعة أقصاها خمس وعشرون عقدة. كما أنه مزود ببطاريتين من BMW معززتين بنظام متطور للتبريد بالماء يضمن توافر طاقتهما لوقت أطول ويعزز أداءهما إلى الحد الأقصى، ما يسمح لليخت بالإبحار حتى مسافة أربعين ميلاً بحريًا. فضلاً عن ذلك، صُمم هيكله، المستلهم من شكل سمك الإنقليس الرعاش، بما يتيح نفاذ الهواء إليه من الجوانب، ما يجعل طبقة من الفقاعات الهوائية تتكون بينه وبين المياه، الأمر الذي يساعد على خفض معدل الاحتكاك وتوفير مزيد من الطاقة. بل إن كلفة قيادة اليخت X Shore تقل تقريبًا عشر مرات عما هي عليه في قارب مجهز بمحرك بنزين تقليدي.
يقول كونراد بيرغستروم، مؤسس X Shore: «إنه لشعور آسر ذاك الذي يولده الانزلاق فوق صفحة المياه في سكون تام وحيث لا يسمع المرء سوى حفيف الريح وصوت مقدمة اليخت إذ تشق الموج. ما إن يختبر المرء مزايا المحرك الكهربائي الصامت حتى يتخلى عما كان قبله».