قبل خمسين عاما، كانت المتغلبة على فيراري نجمة متألقة، لكنها اختفت دون أي أثر تقريبا.

الآن، أعيد إحياء علامة Automobili Turismo e Sport. فمن المستعد لجولة منافسة جديدة؟

 

يحتاج خبراء السيارات الحقيقيون سنوات وربما عقودًا من الزمن لاكتساب مستواهم من التبصر، وتقدير المحتوى والسياق التاريخيين المناسبين، واستخدام هذه العوامل بوصفها أدلة لما ينبغي شراؤه. ثم إنهم غالبًا ما يحتفظون بسياراتهم لمدة لا بأس بها من حياتهم. إن معرفتهم بقصة علامة معينة، ومكانها في الصورة الكبيرة لتاريخ السيارات، والترتيب التسلسلي فيما يتعلق بالوضع الزاخر ضمن نماذج صانع سيارات أو باني مركبات، وما يفضي حقًا إلى التصميم الرائع أو الهندسة، إنما يتجاوز بكثير إحصائيات الأداء. إنها دقيقة ومعقدة، مثل حاسة تذوق محنكة.

 

أول سيارة ATS 2500 GT، من عام 1963.

أول سيارة ATS 2500 GT، من عام 1963

 

يمكن القول إن سيارة ATS GT هي سيارة خبير حقيقي. ذلك أن جمالها وخصائصها الدقيقة جذابة على نحو واضح، كما هو الحال في القصة الفريدة الكامنة وراءها. إن تأثير علامة Automobili Turismo e Sport على تاريخ السيارات يبدأ في عام 1963، عندما غيرت سيارة ATS الأصلية المصرح لها بالسير على الطرقات العامة المشهد الرياضي ومشهد ألعاب سباق السيارات بالفيديو. لوضع درجة إبداع السيارة ATS 2500 GT في منظورها الصحيح، فإنها كانت أول سيارة خارقة في العالم يحتل محركها موقعًا وسطيًا ويصرح لها بالسير على الطرقات العامة، وقد تفوقت على سيارة لامبورغيني ميورا لثلاث سنوات.

 

إن سيارة ATS 2500 GT جعلت من سيارات الطرقات العامة من فيراري، ومازيراتي، وأستون تبدو عتيقة.

 

بدأت قصة السيارة 2500 GT قبل عامين من انطلاقها أول مرة، عندما كانت فيراري تهيمن على عناوين المسابقات، حيث توجت بسباق لومان 24 ساعة، وسباق التحمل بسيارة TR61 ذات محرك أمامي، وتوجت ببطولات سباق سائقي فورمولا وسباق صانعي السيارات بسيارة 156 F1 التي يشغل محركها موقعًا وسطيًا. قد يعتقد شخص أن تلك الألقاب كان بوسعها أن تجلب احتفالا مبهجًا لشوارع بلدة مارانيلو في أواخر خريف عام 1961. لكن كانت هناك صدمة جماعية عندما رحل ثمانية من كبار التنفيذيين والمهندسين في فيراري عن الشركة فجأة وعلى نحو جماعي (سواء فُصِلوا من وظائفهم، أو رحلوا عنها، أو فُصِلوا منها قبل أن يرحلوا عنها، فهذا أمر شكلي.)

 

هذا النوع من الحالات نادرة الحدوث هو ما له تأثير تاريخي دائم في الواقع، أكثر عمقًا من أي أرقام تحققها السيارات اليوم في التسارع من صفر إلى 60 ميلاً، أو في معركة الربع ميل، أو ما هي السيارة التي حققت في الآونة الأخيرة أسرع لفة في مضمار نوربورغرينغ. خلال مدة تراوح بين 12 شهرًا و18 شهرًا، أصبحت هذه «السيارات الإحصائية» بمنزلة أخبار الأمس، بينما تداعيات نتجت عن أحداث مثل Ferrari’s Palace Revolt، أو ثورة القصر في فيراري عام 1961 استمرت عقدًا من الزمن أو أكثر. كانت شركة ATS واحدة من النتائج الكبرى للاضطراب. فبعد أربعة أشهر من الرحيل، حاصر المهندسون المنفيون كارلو تشيتي، وجيوتو بيزاريني، ومدير المبيعات جيرولامو غارديني، وآخرون، ثلاثةً من الداعمين الأثرياء جدًا (وزبائن فيراري)، وهم رجل الصناعة جورجيو بيلي، وقطب القصدير جامي-أورتيز باتينيو، والكونت جيوفاني فولبي راعي فريق السباق Scuderia Serenissima. وأنشؤوا معًا شركة ATS في يوم 11 فبراير شباط 1962. وكان هدف الشركة هو طرد فيراري من الطرقات العامة ومن المضمار. بينما كانت مسألة طرد فيراري من المضمار أضغاث أحلام، إلا أن السيارة 2500 GT الرائدة كانت آلة متميزة حقًا.

 

إيمانويل بومبي إلى اليسار، ودانييل ماريتان، الشخصيتان الأساسيتان وراء إعادة إحياء علامة السيارات ATS

إيمانويل بومبي إلى اليسار، ودانييل ماريتان، الشخصيتان الأساسيتان وراء إعادة إحياء علامة السيارات ATS

 

كانت هذه السيارة الخارقة، التي أبصرت النور للمرة الأولى في شهر مارس آذار عام 1963، من أفكار كارلو تشيتي، وهي تتميز بمحرك V-8 من ثماني أسطوانات مثبت في الوسط ومصنوع بالكامل من الألمونيوم، سعة 2.5 لترات. وتتألق السيارة بناقل حركة من خمس سرعات، وتصل سرعتها القصوى إلى 150 ميلاً/الساعة، وبمكابح ثابتة، وهيكل أنبوبي صلب، ونظام تعليق مستقل في الأمام والخلف، إضافة إلى ما هو أكثر من ذلك بكثير، ما جعل من سيارات فيراري، ومازيراتي، وأستون للطرقات العامة تبدو عتيقة. أبدع فرانكو سكاليوني التصميم الأنيق لهيكل السيارة، وجرى تصنيعه بوساطة كاروزيريا أليمانو، لكونه موهوبًا وذا براعة فنية مثل أي مصمم. بالإضافة إلى السيارة  2500 GT، فإن سيرة سكاليوني الذاتية تشتمل على سيارة Alfa’s 33 Stradale،  وسيارة Bat 5، وسيارة Bat 7، وسيارة Bat 9، وسيارتي Sportivas و Sprint Speciale، بالإضافة إلى سيارة 350 GTV من لامبورغيني، وعدد آخر من السيارات.

 

كانت الفكرة هي الترويج لاسم علامة ATS من خلال سباق فورمولا 1 وسباق التحمل، كل ذلك في أثناء إبداع أكثر سيارات السير على الطرقات العامة تطورًا في العالم. في شهر سبتمبر أيلول عام 1964، احتلت سيارة  2500 GT موضوع الغلاف لمجلة Road & Track. لخّص الصحافي المخضرم غريف بروغيسون تجربة القيادة المذهلة  وزيارة المصنع بقوله: «غمرتني السعادة من فكرة أن ما أحيطت به بوغاتي علمًا في الماضي كان هنا، حيث جرى استيفاؤه على نحو كامل ومحدث.» وفي تصريح أكثر دلالة، قال إن «الأداء الرائع حقًا» للسيارة جاء من «تصميم رائع وليس من قوة كاسحة.»

 

 

 

لكن واقعية تلك المقالة، والتقييم المتقد، ومجموعة سيارات  2500 GT التي أبدعت ذاك العام، كانت غير كافية للإبقاء على علامة ATS في المجال. مما يؤسف له، كان هناك احتكاك بين المساهمين منذ وقت مبكر، فقد كان بيلي عصاميًا وكان الكونت فولبي أرستقراطيًا، وقد بدد هذا التنافر كل الجهد تقريبًا. كان الكونت فولبي الأكثر ثراءً وخبرة في مجال السيارات وهو أول من رحل، وسرعان ما تبعه أورتيز باتينيو. بينما كان بيلي ناجحًا للغاية ومتحمسًا تمامًا، إلا أنه لم يكن لديه القدرة المالية ولا المهارة اللازمة للتعاطي مع المشروع بكامله. ما فاقم من الأمور، أن سوء حظ فريق فورمولا 1(حادث تصادم للناقلة، وإخفاقات مستمرة في عبور خط النهاية، وما هو أكثر من ذلك) بدأ يسبب مشاكل متواصلة للمجهود على مدى موسم 1963. امتصت هذه الأمراض التي حلت بفريق فورمولا 1 الرصيد النقدي، وأبطأت من تطوير السيارة  2500 GT وإنتاجها.

 

أعطى مصممو علامة السيارات ATS التصميم الداخلي المصنوع بحسب الطلب بالكامل اهتمامًا بالقدر نفسه الذي أعطوه للتصميم الخارجي

أعطى مصممو علامة السيارات ATS التصميم الداخلي المصنوع بحسب الطلب بالكامل اهتماما بالقدر نفسه الذي أعطوه للتصميم الخارجي.

 

بحلول الوقت الذي بدأ فيه تسليم السيارات لأصحابها في خلال النصف الثاني من عام 1964، كان الإنتاج قليلاً جدًا وكان الوقت متأخرًا للغاية، ما حمل علامة ATS على إغلاق أبوابها عند نهاية العام. أصبحت الشركة والسيارات الفرصة المثلى لخبراء السيارات. اليوم، تُعد أمثلة مكامن الجمال نادرة ومرغوبة. إن سيارة الجامع بروس ميلنر ATS 2500 GTS لعام 1964 كانت أفضل سيارة في تجمع السيارات The Quail في عام 2017. في الآونة الأخيرة، تردد أنها بيعت بثلاثة ملايين دولار لجامع آخر.

 

إن سيارة ATS GT الجديدة تجسيد جديد ورائع للسيارة المميزة  2500 GT. يُعد دانييل ماريتان، وإيمانويل بومبوي القوتين اللتين وقفتا وراء إعادة إحياء العلامة. إن ماريتان متسابق هاو ورائد أعمال ناجح، بينما يتمتع بومبوي بخبرة طويلة في صناعة بناء العربات، ومنها عمله في شركة Carrozzeria Bertone، وشركة Centro Stile Fiat.

 

في زيارة خاصة للشركاء في الفيلا التي تضم مقرهم في قرية بومبيا الصغيرة، والتي تقع على مسافة غير بعيدة عن بحيرة ماجوري في شمال إيطاليا، سمعت كيف عمدوا إلى إحياء العلامة العريقة. إن بومبوي، بوصفه مديرًا للتصاميم في شركة Carrozzeria Viotti ابتكر سيارة Willys AW380، هي نموذج أولي رائع بمحرك وسطي للسيارة Alpine A110 الجديدة. لقد كشف النقاب عن السيارة AW380 في معرض بولونيا للسيارات في عام 2014، الذي بذرت فيه البذور الأولى لإعادة إحياء علامة ATS.

 

تلاقى الرجلان مصادفة، لكن معرض بولونيا كان الأول الذي ارتبطا فيه حقًا. بينما ازدهرت صداقتهما، برز اهتمامهما المتبادل بعلامة ATS وما أثير حولها من تكهنات مثيرة، وقرر الاثنان التعاون من أجل إعادة إحياء اسمها. استفاد الرجلان من النموذج الأساسي للعلامة ATS لسيارة كوبيه أنيقة وعالية الأداء وذات محرك وسطي ومقعدين وعمدا إلى مواءمتها للقرن الحادي والعشرين، نظرًا لأنهما يتمتعان بالدهاء في الإنتاج والتصميم.

 

أنا أول صحافي يقودها. إنها تتألق بكل ما ينبغي أن تكون عليه سيارة خارقة حديثة.

 

إن السيارة التي كانت متوقفة في فناء الفيلا الخاصة بهما هي ثمرة جهودهما: إنها صورة ظلية متناغمة ذات شكل انسيابي تتميز بأبعاد رشيقة ومنحنيات ناعمة من الواضح أنها استُلهمت من تصميم فرانكو سكاليوني الأصلي. في اليوم التالي، كنت أول صحافي يقودها، إنها تتألق بكل ما ينبغي أن تكون عليه سيارة خارقة حديثة: فهي تزهو بتصميم بحسب الطلب، وبلمسات هندسية، وهي مريحة ورشيقة عند السرعات المنخفضة، وتصبح مركبة صاروخية عندما تضع قدمك داخلها. إن نظام التعليق متوافق ومتجاوب، ونظام التوجيه متميز. يمكنك أن تستخدمها بسهولة كل يوم، أو تستمتع بها في عطلة نهاية الأسبوع. إن بومبوي وماريتان لديهما رؤية ممتازة للتفاصيل، ويتحدثان عن «استحسان للأشكال الفنية والأناقة.» وهذا ما يظهر على هذه السيارة، حيث إن أحد أهدافهما هو «استحضار الجمال الإيطالي الحقيقي في التصميم مرة أخرى إلى الطرقات.»

 

وهذا ما أراه في السيارة GT. إنه ليس إشارة نيون تومض بحيث تُسلط في وجهك لكي تنتبه. لكنها سيارة ذات جمال متأصل لا يبليه كر الأيام. أنت تنظر إليها بوصفها عملا فنيًا، وكلما تفعل ذلك فأنت تلاحظ شيئًا جديدًا.

 

بدأ الإنتاج في محترف ATS الجديد في ضواحي تورينو. هناك، تلتزم الشركة بتزويد المشترين بنماذج مصنوعة بحسب الطلب بالكامل. يجري طلاء كل نموذج منها على نحو منفرد، حتى لا يتشابه نموذجان في اللون. يتميز التصميم الداخلي بالمستوى نفسه من التصميم المدروس والمنفذ بحسب الطلب، وكذلك الهندسة والمهارة الحرفية مثل التصميم الخارجي. إن مجموعة نقل الحركة والبنية الهيكلية للسيارة McLaren 650S لا تجلب الموثوقية والرقي للسيارة فحسب، لكنها تقضي أيضًا على الحاجة إلى التجانس المكلف والمستهلك للوقت.

 

لكن علامة ATS لم تتوقف عند اعتماد تقنية ماكلارين وتقول إن المهمة قد أُنجزت. بدلاً من ذلك، طبق الفريق مواهبه على مجموعة نقل الحركة بالكامل، وطور نموذجين من المحرك V-8 المكون من ثماني أسطوانات والمعزز بشاحن توربيني مزدوج، والذي يتمتع بقدرة حصانية أكبر بكثير من القدرة البالغة 650 حصانًا الموجودة في السيارة 650S السريعة حقًا. إن محرك السيارة ATS GT القياسي V-8 المكون من ثماني أسطوانات بسعة 3.8 لترات ينتج قوة حصانية قدرها 730 حصانًا أو 830 حصانًا، بينما المحرك V-8 الشرس من طراز Tipo 4100 بسعة 4.1 لتر ينتج 900 حصان، و1٫012 حصانًا، و1٫200 حصان. كما هو الحال مع المحرك سعة 3.8 لترات، فإنه يأتي مصحوبًا بضمان مناسب.

 

ATS GT

 

على الرغم من كل هذه التفاصيل، فإن بعضهم سوف يسخر دون شك من هذه الآلة المصنوعة بحسب الطلب بسبب ارتكاز بنائها على أسس ماكلارين. لكن قلة من الناس يعيدون التفكير بشأن إنفاق نحو ضعف ثمن سيارة ATS يراوح ما بين 900 ألف دولار ومليون دولار لشراء سيارة بورشه جرى استعادتها من قِبل شركة Singer Vehicle Design والتي ترتكز إلى بنية هيكلية أكثر قِدمًا. وسوف يعلن الرافضون أن هذه السيارة جرى تعديلها على نحو كبير. هكذا علامة ATS.

 

هذا ما يعيدنا إلى دور الخبراء في مشهد السيارات. إن سيارة ATS GT هي سيارة أُبدعت لهم، إنها شيء ما يتميز بتنفيذ رائع، وخطوط لا يحدها زمان، وأداء مذهل، ومهارة حرفية يدوية حقيقية، كلها صممت وطورت وصنعت في مصنع مرموق. بيد أنه لم يتضح بعد ما إن كان هناك ما يكفي من الزبائن المحتملين الذين يركزون على ما هو أكثر «نكهة» من سيارة هذا الأسبوع، إنه تصميم ذو إحصائيات بسيطة وجريء، «نعم، سوف تحدق في وجهي.» دعنا نأمل ذلك.