تعيد رولز – رويس ابتكار طرازها الأكثر مبيعا "غوست" في تصميم جديد يجسد حقيقة مفهوم شعار السعادة.
يكاد كل امرئ يحتفظ في وجدانه بمكانة خاصة لسيارة محددة، سواء أكانت تلك المركبة التي يزهو بها ملصق كان يزين أحد جدران غرفته في مرحلة الشباب، أم أول سيارة امتلكها. في ما يتعلق بي شخصيًا، تمثلت تلك المركبة بسيارة سيدان ضخمة وفاخرة اصطحبت فيها زوجتي للمرة الأولى. بل إن السيارة كانت هي مسرح لقائنا: كنا جالسين تحت قبة Starlight Headliner لمركبة من طراز رولز – رويس غوست من عام 2017، مستغرقين لساعات في تبادل الأحاديث داخل مقصورة يغلب عليها طابع شاعري وتوفّر لنا ملاذًا ننعتق إليه دون الاضطرار حتى إلى مغادرة ممر إيقاف السيارات.
James Lipman/Rolls Royce
لذا كان من الصعب أن أبتهج حقًا عندما أعلنت رولز – رويس، التي كانت قد أطلقت طراز غوست للمرة الأولى سنة 2009، عن إعادة تصميمه بما يتماشى مع تغليب البساطة، هذا التوجه السائد الذي أطلقت عليه الشركة اسم الفخامة المطلقة (Post Opulence). صحيح أن الشركة العريقة في قطاع صناعة السيارات تستهدف باستمرار زبائن أصغر سنًا (يبلغ المعدل الوسطي لأعمارهم 42 سنة)، ولكن ما الدافع إلى التخلي عن أي عنصر في طراز كان الأكثر مبيعًا في أسطول العلامة على مدى تاريخها الممتد عبر 116 عامًا؟ غير أن قيادة مركبة الصالون من طراز غوست لعام 2021 عبر طرقات أوستن وتكساس هيل كاونتري أسهمت في تنويري.
"يتحول تجاوز الحفر في الطريق إلى لعبة على متن سيارة غوست، فيما إطارات بيريللي من طراز Pirelli P Zero تمتص الاهتزازات عبر المطبات على نحو لافت."
عند المضي في جولة حول السيارة، يبدو جليًا أن فريق التصاميم لدى رولز – رويس قد جرد طراز غوست من الزوائد كافة للإتيان بطابع جمالي أكثر حيوية وأقل حدة يغلب على المظهر الخارجي للسيارة وعلى مقصورتها الداخلية في آن. تغيب الخطوط الفاصلة بين ألواح الهيكل الخارجي، الأمر الذي يتيح للمرء أن يعاين بنظرة شاملة امتداد البنية الخارجية التي جرى لحم عناصرها يدويًا، والتي تنساب خطوطها الجانبية مثل قطرة ماء ممتدة. يتجلى هذا الامتداد البصري أيضًا من مقعد السائق. وإذ باتت الشبكة الأمامية الآن مدمجة في البنية الخارجية، فما عاد يعترض مدى الرؤية عبر غطاء المحرك سوى شعار السعادة الذي يرتفع من مقدمة السيارة.
في المقصورة الداخلية، أحيلت معظم إعدادات التحكم بالقيادة إلى القرص الدوار الخاص بنظام المعلومات والترفيه، وأزرار القائمة في لوحة التحكم المركزية، فيما تكامل لوح العدادات الرقمية مع الامتداد المصقول برقائق خشب الجوز الأطلسي Paldao مفتوحة المسام. أما اللوحة الجديدة من جهة الراكب الأمامي، والمكوّنة من ست طبقات من الألواح، فتعرض مشهدًا سماويًا يتوهج بالإضاءة.
بعيدًا عن العناصر الجمالية المستجدة، جرى الإبقاء على بعض السمات المميزة لمركبات رولز – رويس. فبالرغم من أن طراز غوست، المجهّز بنظام دفع رباعي، قادر على إنتاج قوة تساوي 563 حصانًا من خلال محركه V-12 المكوّن من اثنتي عشرة أسطوانة بسعة 6.75 لتر والمعزز بشاحن توربيني مزدوج، إلا أن الراكب يكاد يشعر بصمت مطبق في المقصورة الداخلية، سواء أكانت السيارة تتوقف مرارًا عند إشارات السير المتعاقبة في أوستن، أم تندفع بكامل قوتها عبر الطريق السريع. فالهندسة الصوتية، التي شملت استخدام نحو 100 كيلوغرام من مواد التخميد الصوتي، أتاحت استحداث بيئة داخلية يكاد خلوها من أي ضجيج يكون مزعجًا. لكن نظام المضخم الصوتي الذي يتحكم بثماني عشرة قناة، مولدًا قوة صوتية مقدارها 1,300 واط، قادر على ملء الفراغ.
"عند المضي في جولة حول السيارة، يبدو جليا أن فريق التصاميم لدى رولز – رويس قد جرد طراز غوست من الزوائد كافة للإتيان بطابع جمالي أكثر حيوية وأقل حدة."
اعتمدت الشركة في بناء طراز غوست منصة هندسة الفخامة (Architecture of Luxury) المميزة لطرازي فانتوم وكالينان الحديثين، والتي تستند إلى استخدام الهيكل الهندسي المصنوع من الألمنيوم. أصبح طراز غوست يزهو نتيجة لذلك بتقنيات رائدة تفوق ما هو عليه الحال في أي مركبة سابقة من رولز – رويس. أتاح لي طريق ريفي يمتد عبر مسارات متعرجة غير متناسقة اختبار نظام التعليق المسطح المبتكر (Planar Suspension System) المعزز بموجه التخميد العرضي العلوي (Upper Wishbone Damper) الذي يُشكل عنصرًا إضافيًا لامتصاص الصدمات ويُعد إنجازًا صناعيًا غير مسبوق في السيارات التي تُنتج على نطاق واسع. يتكامل هذا النظام مع وحدة مكوّنة من آلتي تصوير لمسح الطريق أمام السائق بما يتيح تعديل إعدادات نظام التعليق على نحو استباقي. يتحول تجاوز الحفر في الطريق إلى لعبة على متن سيارة غوست، فيما إطارات بيريللي من طراز Pirelli P Zero تمتص الاهتزازات عبر المطبات على نحو لافت. بموازاة ذلك، توفّر الصور التي تُلتقط بالأقمار الصناعية معلومات تتيح لنظام ناقل الحركة الآلي المكون من ثماني سرعات اختيار ترس السرعة الأمثل لمختلف التضاريس عبر الطرقات الزلقة بسبب الأمطار، فيما نظام التوجيه الرباعي يُبقي السيارة عبر المنعطفات ثابتة مثل سند ادخار.
James Lipman/Rolls Royce
في المقصورة الداخلية، تتكامل لوحة العدادات الرقمية مع الامتداد المصقول برقائق خشب الجوز الأطلسي Paldao .
يتيح الضغط إلى أقصى حد على الدوّاسة عبر الطرقات المستقيمة إنتاج قوة عزم تساوي 850 نيوتن متر، وعند التسارع بالمركبة، البالغ وزنها 2,490 كيلوغرامًا، من صفر إلى 60 ميلاً/دقيقة في غضون 4.8 ثاني، يبقى توزيع القوة عبر العجلات الأربع متساويًا. لكن طراز غوست لا يشتمل على وضع القيادة الرياضية Sport أو أي وضع آخر. فعلى غير ما هو عليه حال المنافس الأقرب، طراز Flying Spur الأقوى من بنتلي، والذي يشتمل على أربعة خيارات مختلفة لإعدادات المحرك ونظام التعليق، ما يوفره طراز غوست من رولز – رويس لعام 2021، المتاح بأسعار تبدأ من 332,500 دولار، هو جولة متفردة على متن بساط سحري تليق بأولئك الذين ينشدون تجربة تبهرهم.
www.rolls-roycemotorcars.com