في زيارة قمتُ بها مؤخرًا ذات صباح غائم إلى المقر الرئيس لشركة غلفستريم في سافانا بولاية جورجيا، عبرتُ الشارع الإسفلتي من مركز المبيعات والتصاميم لأقف بمحاذاة واحدة من أولى طائرات رجال الأعمال من طراز G500. إنه عام متميز للشركة المصنّعة للطائرات. فالنماذج من طراز G500 ومثيلاتها ذات المدى الأطول من طراز G600 تُعد الطائرات الجديدة الأولى التي تطرحها هذه العلامة منذ عام 2012.

يُعد الطراز G500 بديلاً جديدًا بالكامل عن طراز G450 الذي يمثل آخر نسخة جسّدت بها الشركة منظومتها من طائرات الفئة GIV. طُرح هذا الطراز القديم منذ عام 1985، وكان الوقت قد حان لإحالته إلى التقاعد. يمكن لطائرات الطراز الجديد، الذي يتفوق على سلفه بمختلف مقاييس الأداء تقريبًا، أن تقطع مسافة أطول تبلغ 5٫984 ميلاً مقارنة بالمسافة التي يمكن لطائرات الطراز الأقدم أن تجتازها دون توقف والتي تساوي 5٫005 أميال. كما أنها أسرع منها، إذ تبلغ سرعة سفرها 561 ميلاً/الساعة (أي بسرعة 0.85 ماخ) عوضًا عن 528 ميلاً/الساعة (0.80 ماخ). أما محركاتها الأكثر كفاءة في استهلاك الوقود، فكفيلة بأن تشكل عاملاً لإقناع الخبراء الماليين بقيمة طائرة من هذا النوع. فكفاءة المحركات تسهم في الإبقاء على كلفة امتلاك الطائرة الجديدة عند المعدل نفسه لسعر سالفتها بالرغم من التحسينات التي طرأت عليها بحسب ما تشهد الأرقام.

باتت المساحات الداخلية أكثر رحابة أيضًا، إذ صُممت بارتفاع ست أقدام وأربع بوصات. تطالعك هنا مقصورة تمتد بطول 41.5 قدم ويغلب عليها تصميم مفتوح يتسع لما مجموعه عشرة مقاعد، وأريكة مريحة تصلح مجلسًا لثلاثة ركاب وتثريها الوسائد، فضلاً عن شاشة تلفاز كبيرة الحجم ترتفع فوق نضد يقع قبالة القسم المخصص لتناول الطعام في الجزء الخلفي من الطائرة. تكمّل المقاعد الجلدية ضخمة الحجم التي يمكن تعديلها في أوضاع مختلفة، والتي يبعد أحدها عن الآخر مسافة سبع وعشرين بوصة، شاشة تفاعلية بسيطة تعمل باللمس، وتبرز من الحاجز الفاصل فقط بإزاحة لوح خفي. تُستخدم هذه الواجهة التفاعلية للتحكم في بعض المزايا مثل الإضاءة، ودرجة الحرارة، والنظام الترفيهي. لكنها تُعد خطة بديلة فقط، لأن معظم الركاب سيستخدمون على الأرجح هواتفهم الذكية لخفض مستوى الإضاءة أو تدفئة المقصورة من خلال البرنامج التطبيقي الخاص بغلفستريم.

 

" يتفرد طراز G500 في مهمته بمزايا موثوقة تغفلها إلى حد كبير العلامات الأخرى المصنعة لطائرات رجال الأعمال " 

 

صيغت مقصورة الطائرة G500 التي تتسع لعشرة ركاب في تصميم مفتوح بطول 41.5 قدم وارتفاع ست أقدام وأربع بوصات.

 

بغض النظر عن التصميم البديع لمقصورات الطائرات من طراز G500، يبقى على أي طائرة لرجال الأعمال أن تنقلك إلى وجهتك بسرعة. اختبرتُ مثل هذه السرعة عندما نشط المحركان وبدأت الطائرة تتقدم بنا فوق المدرج دون أن تهتز، فبدا كأنها تنزلق فوقه بغير مشقة لكن بقوة جعلتني أتسمّر في مقعدي ورسمت أمارات السرور على وجهي.

تُعزى هذه القوة كلها إلى محركين جديدين من علامة Pratt & Whitney Canada ينتجان قوة دفع للإقلاع قدرها 15٫144 رطلاً، أي بزيادة قدرها 1٫294 رطلاً عن قوة دفع المحركات من نوع رولز-رويس التي كانت معتمدة في الطائرات من طراز G450. ارتفعت الطائرة التي كنا نستقلها فوق السحاب، وغمر الضوء المقصورة عبر أربع عشرة نافذة عملاقة بيضاوية الشكل يبلغ عرض الواحدة ثمانيًا وعشرين بوصة. إنها بحسب تعبير ربان الطائرة سكوت إيفانز «كبيرة إلى الحد الذي يجعلك تشعر بأنك قد تسقط منها». كان الجلوس بمحاذاة إحدى هذه النوافذ يشبه مشاهدة فيلم سينمائي يُعرض عبر نظام IMAX بعد التحديق لسنوات إلى شاشات أجهزة الآيباد.

عندما صار بمقدورنا التحرك عبر أرجاء المقصورة، تحققت سريعًا من حجرة القيادة، والمطبخ الفسيح، والحمام بديع التصميم الذي صُقلت جدرانه باللون الأسود وأحاط الرخام بمغسلته (شعرت آنذاك بالتعاطف مع من سيتولى بعد كل رحلة مسح البصمات التي خلفتها الأصابع على الأسطح هنا). لا يحمل التصميم النموذجي للمقصورة أي تغيير جذري في نهج غلفستريم. كانت المساحات الداخلية للطائرة التي سافرت بنا تتدثر بتدرجات اللون الرمادي الحيادية أنفسها التي تعتمد عادة في الطائرات. أما إذا كنت ترغب حقيقة في إضفاء طابع شخصي على طائرتك الخاصة، فسوف تحتاج إلى زيارة أحد المراكز المتخصصة في التصاميم الداخلية للطائرات، أو إلى الانغماس في خيارات التصميم بحسب الطلب التي توفرها غلفستريم والتي لا تقف عند أي حدود، شأنها في ذلك شأن التكاليف الإضافية المتأتية عنها. يمكن لفريق التصميم بحسب الطلب أن يجد بديلاً صالحًا للملاحة الجوية عن أي نوع من الأخشاب يريده الزبون. كما يمكنه توفير مواد مختلفة، كالجلود والمواد المحددة، حتى الإتيان بأدوات المائدة من أي مزود يختاره الزبون نفسه.

 

صيغت مقصورة الطائرة G500 التي تتسع لعشرة ركاب في تصميم مفتوح بطول 41.5 قدم وارتفاع ست أقدام وأربع بوصات.
صيغت مقصورة الطائرة G500 التي تتسع لعشرة ركاب في تصميم مفتوح بطول 41.5 قدم وارتفاع ست أقدام وأربع بوصات.

 

عندما أوشكت رحلتنا على نهايتها، وكانت أقرب إلى جولة في مسار دائري عبر أربع ولايات، رحت أشاهد عبر شاشة التلفاز الرئيسة البث الحي الذي كانت آلات تصوير عدة تنقله من خارج الطائرة. وإذ ضبطت إعدادات المشاهدة على آلة التصوير المثبتة إلى الجانب السفلي من الطائرة، شاهدنا مناظر الخضرة الغناء في جورجيا على امتداد الطريق إلى سافانا. كانت غيوم الصباح قد انقشعت تقريبًا.

إن الأجواء الخالية من العقبات هي تحديدًا ما تأمل غلفستريم بتوافره لطائراتها من طراز G500 الذي يتفرد في مهمته بمزايا موثوقة تغفلها إلى حد كبير العلامات الأخرى المصنّعة لطائرات رجال الأعمال. فأقرب منافس لطائرات هذا الطراز يتمثل بطائرة Bombardier Global 5000 التي توازيها من حيث المدى وأبعاد المقصورة، لكنها تتخلف عنها على مستوى السرعة القصوى، ولا تستوعب العدد نفسه من المسافرين، فيما كلفتها تزيد بنحو خمسة ملايين دولار على سعر بيع طائرة غلفستريم الجديدة البالغ ثمنها 45.5 مليون دولار. ويبدو أن هذا الطراز الجديد يلقى تجاوبًا في أوساط المستهلكين. فطلبات شراء طائرات من طراز G500 بدأت تتكدس في سجلات الشركة.

 


www.gulfstream.com