تبتكر سيليا سوير مقصورة طائرة خاصة يغلب عليها
طابع تصميمي بديع ومتفرد.
عندما تسأل البريطانية سيليا سوير عما إذا كان زبائنها يستعينون بخدماتها بدافع من رغبتهم في طراز تصميمي معين، تجيبك خبيرة التصاميم الداخلية قائلة: «إنهم يدركون أني لا أبتكر تصاميم محايدة كلون البيج». وتضيف سوير موضحة: «إن التصاميم المحايدة لا تشكل جزءًا من قيمي الإبداعية. أريد دومًا أن أخرج عن حدود المتوقع والمألوف لأبتكر مساحات داخلية تدفع بالمفاهيم التصميمية نحو آفاق جديدة». أما بصمة سوير الخاصة، فيختصرها عنصر الإبهار، أو بتعبير آخر مساحات تصميمية باذخة ومتراكبة تتجلى الزينة فيها فضيلة، ويحددها حدس المصممة الصائب فيما يتعلق باحتواء النزعة إلى البذخ والإسراف، أو تلطيف حدتها بكياسة.
كان لتبصّر سوير الفطري في معرفة أطباع زبائنها دور في توجيه مسار العمل الذي نفذته لأجل مالك هذه الطائرة من طراز Airbus A340. فوفقًا للمصممة، «أراد صاحب الطائرة منزلاً فوق السحاب له ولأفراد عائلته، وأوصى بأن تشتمل المقصورة على مساحات خاصة رحبة تكملها جميع الخيارات المتاحة للترفيه عن ضيوفه من رجال الأعمال في أثناء السفر عبر مختلف أنحاء العالم». وقد وجدت سوير في هذا الطلب مهمة معتادة إذ سبق لها التعاون مع هذا الزبون، وهو من أفراد إحدى العائلات الملكية الحاكمة في منطقة الشرق الأوسط. لكن المهمة كانت تقتضي في الوقت نفسه تصميم أكبر مقصورة لطائرة خاصة ابتكرتها يومًا خلال مسيرتها المهنية. تقول سوير: «إن آخر ما كنت أريده هو الإتيان بتصميم داخلي مبهرج، أو خال من ملامح محددة. وقد أوصى الزبون بضرورة أن يتميز التصميم بعنصر الإبهار».
أريد دوما أن أخرج عن حدود المتوقع والمألوف لأبتكر مساحات داخلية تدفع بالمفاهيم التصميمية نحو آفاق جديدة
جاء رد سوير في مقاربة تصميمية فذة ومتفردة بما لا يقبل الشك، إذ اختارت للمقصورة لوحة لونية زرقاء بالغة الجرأة طعّمتها ببريق الذهب، مجنّدة لتنفيذ مخططها فيلقًا من الحرفيين المتخصصين المهيئين للانضمام إلى مغامرتها التصميمية المتفردة. في الصالون الرئيس والمجلس، اعتُمدت سلسلة من القواطع الفردية المطلية بالذهب لتحديد منحنيات الطائرة، ما أضفى على المساحة الداخلية طابعًا جريئًا في العمق. كما وازنت سوير بين هذه العناصر وقطع الأثاث محددة الخطوط المزدانة بكسوات من جلد توسكانا ذي الغرزات اليدوية والمنسوجات الحريرية الفاخرة التي كملتها مسحة من المخمل. وفيما تتوهج المساحة هنا بضياء ذهبي ينبعث من ثريتين من الكريستال مطعّمتين بمسحات من الذهب عيار 24 قيراطًا، تزهو الطاولات المنسقة في الوسط بقشرة خشبية للزينة شكّل استخدامها حلاً عمليًا، لأن الوزن يشكل مسألة لا بد من أخذها دومًا في الحسبان على متن أي طائرة، كحال عناصر السلامة تمامًا، ومقاومة الصدمات، والوقاية من الحرائق.
هذا الطابع الفريد الذي يغلب على الصالون والمجلس يتجلى بنسخته الأروع في الجناح الرئيس حيث اللوحة اللونية المميزة لابتكارات المصممة تزين كامل المساحة. هنا ثُبِّت لوح السرير الرأسي المكسو بالجلد المحاك يدويًا وسط تركيبتي إضاءة من الكريستال صُممتا بحسب الطلب، وصُنعتا على نحو يضمن عدم تأرجحهما خلال الرحلة. أما الحمام الرئيس فتميزه مغسلة مشغولة من الزجاج وكريستال سواروفسكي، وكسوة جدران من الرخام بلون أزرق الليل، وشاشة تلفاز مدمجة في المرآة تلبي رغبة الزبون في تجهيز المقصورة بالوسائل الإلكترونية.
يشكل هذا المشروع التصميمي رحلة مترفة ومبهرة إلى العالم التجريبي. فالمقصورة الداخلية توحي بأنها أشبه بفندق، أو مطعم معمّر من زمن مطاعم نوادي «سوهو هاوس» الشهيرة بمجالسها الجلدية التي كان يغلب عليها طابع جدي إنما غير صارم، مع فارق أنها تتمايز عنها بمسحة حيوية. لعل أعلى درجات الثناء على هذه المساحة تنعكس في القول إنها لا تبدو إطلاقًا مقصورة طائرة، الأمر الذي يكرس مكانة سوير المتمردة الماهرة في عالم صناعة الترف، وهي التي تتميز بمسيرة مهنية في مجال التصاميم تمتد على أكثر من عقدين. تقول سوير: «أعمل حاليًا مع البحرية الملكية على مشروع تصميم قاعة الطعام الخاصة بالضباط على متن السفينة الحربية HMS Queen Elizabeth. فالقاعة يغلب عليها طابع عتيق الطراز، لكني حريصة على تغيير تاريخها».