لا ينفك صانع الساعات إريك كودراي ينشط في الإتيان بابتكارات
ومعايير حركية متفوقة تكشف عن عبقريته المتفردة في هذا القطاع.
يصف إريك كودراي أسلوبه في صناعة الساعات، فيقول ضاحكًا من مقره الرئيس في مصنع TEC Ebauches ببلدة فالورب السويسرية: «إن أسلوبي في صناعة الساعات تقليدي بنسبة %50 منه، وتشوبه مسحة تطور». لكن تصريح كودراي هذا يعكس انتقاصًا لواقع الحال على نحو هزلي. فالتقنيات التي يعتمدها قد تكون أقرب إلى تلك التي كانت سائدة في القرن التاسع عشر، لكن آلياته تشكل مآثر عصرية تعكس مخيلة إبداعية جامحة، الأمر الذي كرس موقعه على قائمة أبرز صناع الساعات من جيله.
من المرجح أنك لم تسمع قط باسم كودراي، والسبب في ذلك يُعزى إلى واقع أنه يعمل في الكواليس لصالح قلة قليلة من دور الساعات الأكثر حصرية في العالم. صحيح أن معظم ابتكاراته تبقى طي الكتمان، لكن قيل إن المرء قد يجد في محترفه مكونات لساعات عدد من أبرز الأسماء العريقة في عالم صناعة الساعات. فكودراي لا يسمح باستخدام اسمه إلا لقلة من الشركات، تشمل دورًا مستقلة مثل إم بي آند إف، وبورنيل، وعلامة جاجيه - لوكوتر الأوسع انتشارًا.
على ما هو عليه حال العديد من كبار صناع الساعات اليوم، استهل كودراي مهنته بتعلم أصول استعادة الساعات الأثرية في مدرسة تابعة للمتحف الدولي لصناعة الساعات في لا شو دو فون. لكن في دار جاجيه - لوكوتر تحديدًا، حيث أمضى قرابة عقدين من الزمن وحيث كان ماكس باسر، مؤسس علامة إم بي آند إف زميلاً له، أبصر واحد من أعظم إنجازاته النور.
عندما أطلقت دار جاجيه – لوكوتر في عام 2004 ساعة Master Gyrotourbillon 1، حدد هذا الابتكار ولادة ثاني نظام للتوربيون الدائري ثنائي المحور في العالم (كان فرانك مولر قد بدأ العمل على معيار حركي مشابه في الفترة نفسها، لكنه كشف عنه قبل عام واحد من موعد طرح ابتكار كودراي). وكان المعيار الحركي يعمل على تدوير قفص التوربيون نفسه لتحقيق قدر أكبر من الدقة. يدور القفص الخارجي الدائري مرة واحدة كل دقيقة، فيما القفص الداخلي المثبت في وضع متعامد، يتم دورة كاملة مرة كل أربع وعشرين ثانية.
كانت آليات التوربيون تدور في السابق حول محور أحادي لأنها كانت مصممة لضبط الدقة في ساعات الجيب التي تجثم في وضع عمودي داخل الجيب.
«تشكل الآليات التي يبتكرها إريك كودراي مآثر عصرية تعكس مخيلة إبداعية جامحة. »
وبالرغم من أن كودراي بدأ العمل على هذه الآلية الجديدة الجامحة بعد انضمامه إلى دار جاجيه – لوكوتر بخمسة عشر عامًا، إلا أن الفكرة كانت قد تبلورت في ذهنه مذ كان لا يزال في مدرسة صناعة الساعات، واستلهمها آنذاك من ساعة بآلية متأرجحة من ابتكار عبقري آخر في هذا القطاع هو أنتوني راندال.
يقول كودراي: «إنها ليست آلية مطابقة لكنها تجسد فكرة مشابهة تعتمد على الفلسفة نفسها. رأيت أنه سيكون من الرائع نقل هذه الآلية إلى ساعة معصم، لكني اعتقدت أنها ستكون كبيرة الحجم إلى حد مسرف. لكنهم أخبروني في جاجيه – لوكوتر أنهم سيبتكرون صندوقًا من حولها، وهذا ما حدث.» اكتمل المعيار الحركي النهائي بعد أن حلم كودراي بفكرته بنحو عشرين عامًا.
عمل كودراي مؤخرًا على تقديم نسختين جديدتين محسنتين من ابتكاره هذا، تمثلتا بآلية توربيون ثلاثية المحاور من طراز Spherion موجهة عموديًا لصالح علامة إم بي آند إف، وآليتين حركيتين مصممتين في هيئة كرة تنشطان بالتزامن إحداهما مع الأخرى لصالح علامة بورنيل. تتميز كل من النسختين بسرعات أداء تفوق على نحو ملحوظ سرعة آلية الجيروتوربيون الأصلية. لكن كودراي يصر على أن أسلوبه في صناعة الساعات لا يقتصر على استعرض العبقرية التقنية فحسب. وفي هذا يقول إن الأمر بات، في حقبة تنتفي فيها الحاجة إلى مثل هذه الابتكارات، يرتبط بفن الابتكار أكثر منه بوظيفة الآليات الميكانيكية.
يقول كودراي: «إن ابتكاراتي في معظمها ليست ساعات فقط. فالغاية منها ليست الأداء وما شابه ذلك. إنها مسعى يعكس تفرد الأسلوب.»