خمسة أجيال من عائلة معوض تتوارث الشغف بالتمايز.
منذ ما يزيد على قرن ونيف، تكرس اسم معوّض مرادفًا لإرث دار امتهنت الإبداع فنًا تعاقبت تجلياته فرائد جواهر تغتسل بضياء الألماس ونفائس الحجارة. أكثر من 110 أعوام انقضت على تاريخ تأسيس الدار ولا ينفك هذا الصانع يُتقن فنون الإبهار بما يجيء به موسمًا تلو الآخر من ابتكارات باذخة يستنطق فيها جماد الجواهر الأشد ندرة ونقاء ليبعثها مآثر متقنة الصياغة والتصميم. إنها مسيرة إبداع يعلو فوق تبدل الأزمنة والتوجهات الآنية ليبقى شاهدًا على تاريخ مستمر، وحكاية نجاحات لا تنفك فصولها تتوالى. اليوم يكمل الجيل الرابع من العائلة، متمثلاً بالمؤتمنين الثلاثة على الدار، فريد، وآلان، وباسكال معوض، حكاية السلف لتولي مقاليد مستقبل يمضي إليه الكل بعزيمة وجد. اليوم يتأمل الأب روبير معوّض في صفحات ماض صنع مجده والده فايز، ومن قبله الجد ديفيد، فيما يرنو في الوقت نفسه إلى مستقبل أعد أبناءه له منذ طفولتهم.
إنها حكاية خطّ أول فصولها الجد الأكبر ديفيد معوّض يوم حزم حقائبه في عام 1890 وغادر وطنه الأم لبنان إلى نيويورك والمكسيك حيث أمضى عقدين من الزمن يتمرس على الأصول الحرفية لصناعة الساعات وصياغة الجواهر. وإذ يستعيد حفيده روبير معوّض تلك البدايات، يقول: «كان جدي يتحلى بحس ريادي متفرد. انطلق في مغامرة تتجاوز حدود الوطن ليبني مستقبلاً زاهرًا لنفسه ولعائلته. وعندما عاد أدراجه إلى لبنان، كان يحمل في جعبته رؤية عظيمة. لكنه كان يدرك أيضًا أن تحقيق رؤيته يستلزم الجد في العمل، والنزاهة في إتمام الصفقات، والسعي إلى مقاربة الكمال. وكان التفوق الحرفي يشكل جزءًا أساسيًا آخر من هذه الرؤية.»
أدرك ديفيد معوّض على ما يبدو كيف تُصنع النجاحات، وكان أول الغيث محترفًا افتتحه في بيروت سنة 1908، زاوج فيه بين عمله اليومي في إصلاح الساعات والجواهر ومكمن شغفه الأعمق الذي تجلى في ابتكار ساعات حائط بديعة ومعقدة، وروائع جواهر أوكلت إليه مهمة إبداعها من قبل نخبة من الميسورين والشخصيات الرفيعة. وعلى مدى أجيال متعاقبة، بدءًا من الجد المؤسس ديفيد معوض، ومرورًا بابنه فايز، فوصولاً إلى روبير معوّض، وليس انتهاء بأبنائه الثلاثة، ازدهر نشاط العائلة من متجر صغير إلى دار عريقة تتمتع اليوم بحضور عالمي في قطاع الجواهر. وفي هذا يقول روبير معوض: «أعتقد أن سر نجاحنا يكمن في أننا اجتهدنا على مدى الأجيال المتعاقبة للحفاظ على استمرارية إرث المؤسس عبر تبني القيم نفسها مع البناء على إنجازاته من خلال رؤى استراتيجية متبصرة».
الجد المؤسس ديفيد معوض.
على خطى السلف
يستحضر الحديث عن توارث هذه القيم صورًا من زمن الطفولة، فيقول روبير: «كنت في صغري أختبر متعة خالصة وأنا أراقب والدي منكبًا على عمله. كان شخصًا مبدعًا يمتلك موهبة التصميم، لكنه كان أيضًا رجلاً مجتهدًا لا يرضى إلا بالأفضل. لقد حرص على أن نحذو أنا وإخوتي حذوه، فنتعلم أصول المهنة منه من خلال التنفيذ المباشر. تعلمت كثيرا وأنا أراقب أسلوبه في الإدارة وبناء العلاقات.» ويعلق ابنه باسكال، الذي يتولى اليوم إدارة قسم البيع بالتجزئة، فيقول: «كانت رحلة مشابهة لي ولشقيقي. اختبرنا منذ نعومة أظفارنا عالم والدي وما يزخر به من نفائس الأحجار الكريمة، والأعمال الفنية، وتجارب السفر. اكتسبت معارف وخبرات وفيرة من خلال مرافقتي له، وكنت أتطلع قدمًا إلى بلوغ السن المناسب لوضع كل ما تعلمته موضع التنفيذ. كنت أكبر في العمر، وأزداد إصراراً على تتبع خطاه وخطى جدي». لم تكن طفولة آلان مغايرة، وإن كان ما شغفه تحديدًا هو فن صناعة الساعات. يقول آلان، المؤتمن على قسم الساعات في دار معوض: «استأثر هذا العالم بوجداني في مرحلة مبكرة، وكنت أمضي وقتًا طويلاً في تأمل مجموعة والدي الخاصة من الساعات. وعندما رحت لاحقًا أتردد على المحترف الذي أسسه والدي في سويسرا، تسنّت لي الفرصة لاستكشاف الإتقان الحرفي الذي يقتضيه ابتكار هذه الروائع. كنت دومًا مفتونًا بالجانبين التقني والميكانيكي في صناعة الساعات، ولكن أبهرني أيضًا تناسقهما مع فن الجمال».
فايز معوض.
كان روبير معوض قد استحدث محترفًا لصناعة الساعات يحمل علامة روبرجيه Robergé عندما أقدم في سبعينيات القرن الفائت على نقل المقر الرئيس للدار إلى جنيف. أتاح مشروعه التوسعي آنذاك ترسيخ حضور معوّض على امتداد أنحاء العالم في خطوة بدت مكملة للمساعي التي أطلقها من قبله والده فايز الذي لم يبدع في تصميم الجواهر المبتكرة فحسب، بل برع أيضًا في بناء شبكة متينة من العلاقات وقاعدة زبائن واسعة النطاق، لا سيما في أوساط العائلات الملكية في المنطقة. يقول آلان: «إن هذه الإنجازات السابقة أسست لإرث حي أتاح لنا تبني نهج فكري عالمي، والجمع بين الانفتاح على ثقافات العالم المختلفة مع الحفاظ على جذور ثقافتنا العائلية. تعلمنا منذ الصغر الاعتزاز بما حققته عائلتنا، ولكننا تشربنا أيضًا منظومة القيم الضرورية لتحقيق النجاح من خلال المثابرة. فالنجاح من منظورنا ليس من المسلمات.» ويستطرد فريد، الأخ الأكبر لآلان، والمؤتمن على قسم الجواهر في الدار، قائلاً: «إن ما تحقق في عهد الجيلين السابقين خصوصًا يضعنا في مواجهة تحد عظيم. لكني أرى في هذا التحدي فرصة مشرفة للمساهمة في مسيرة العائلة وتوظيف إرثها في صياغة المستقبل. إنه باختصار تحد ماتع يملؤنا حبورًا.» أما الوالد روبير، فيقول في التحديات التي رافقت مسيرته: «لم أنظر يومًا إلى أي عقبة بوصفها تحديًا. الكل يعرف أني صاحب رؤية طموحة يدعمها حس ريادي فطري تجلى لدي منذ الطفولة. وقد أتاح لي تضافر هذا الحس مع أخلاقيات مهنية متينة الانطلاق بزخم لتحقيق رؤيتي. اعتدت أن أقارب أي مهمة بفلسفة فكرية تجمع بين الجد في العمل، والالتزام بأعلى المعايير، وبناء علاقات وطيدة، واعتماد أسلوب تفكير استراتيجي». ويردف الأب قائلاً: «لا أخفي أني اختبرت بعض المجازفات وحتى الخيبات خلال هذه المسيرة، لكن ناظريّ كانا مصوبين دومًا نحو طموحاتي التي سعيت إليها بدعم من إخوتي وفي إطار الوضوح في تحديد الأدوار.»
"إن السعي إلى التميز رحلة مستمرة. يعني ذلك أننا سنظل نغذي شغفنا بإبداع مآثر متفردة فيما نبحث باستمرار عن سبل جديدة للارتقاء بكل ما نفعله نحو آفاق أعلى. – آلان معوض"
مسؤولية مشتركة وإنجازات وفيرة
في عام 2010، بزغ فجر حقبة جديدة في تاريخ معوّض مع إعلان الأب روبير عن تسليمه زمام الشركة لأبنائه الثلاثة. وفي هذا يقول: «عندما حانت تلك اللحظة الحاسمة، أدركت أن الأوان قد آن ليتقدم كل منهم إلى موقعه ويُسهم في تطوير الرؤية الاستراتيجية للدار.» وفيما يُتوقع في العادة أن يكون لأي شركة قائد واحد، اختار الأب أن ينصب ثلاثة قادة يقومون اليوم بمهام المؤتمنين على دار معوض. يقول فريد موضحًا: «أعتقد أن النجاح في هذه الحالة يكمن في حسن توزيع الأدوار، وتحديد وجهة استراتيجية واضحة المعالم، فضلاً عن توفير قنوات تواصل رفيعة المستوى بين المعنيين جميعهم.» وفيما يؤكد فريد على أن توزيع الأدوار لم يكن مستعصيًا، إذ ارتكز إلى مواطن القوة التي يتحلى بها كل منهم، يضيف شقيقه آلان قائلاً: «إننا مسؤولون بالقدر نفسه عن مسيرة الدار. كل منا يضطلع بمهامه مع تنسيقنا المنتظم بعضنا مع بعض بشأن أي خطوة نقدم عليها.»
يعتز الوالد بمساعي الجيل الرابع في العائلة، ويقول: «لقد حققوا إنجازات كثيرة على مدى العقد الأخير، فافتتحوا متاجر جديدة للدار، وأكملوا مشروع الدمج العمودي (الذي باتت الشركة بموجبه كيانًا متكاملاً في نشاطه الذي تبدأ مراحله من الاستحواذ على الأحجار الكريمة الخام مرورًا بصياغتها جواهر بديعة تُباع في متاجر الدار)، ونجحوا في إدراج اسم معوّض على قائمة De Beers Sightholders.»
تحمل هذه القائمة من مجموعة دي بيرز العالمية أسماء نخبة حصرية من تجار الألماس المجازين. وعن هذا الإنجاز يقول فريد: «كان هذا الإنجاز محطة بالغة الأهمية في مسيرتنا، إذ إنه منح معوّض امتياز الحصول على الألماس الخام من المناطق الخالية من النزاعات. يعني ذلك أننا بتنا قادرين على الإتيان بحجارة الألماس الأشد نقاء والأكثر تفردًا لصياغتها تصاميم بديعة ترقى بقيمتها النفيسة وجمالها الآسر. لقد ضمنت لنا شهادة دي بيرز التحكم بالجودة مع الالتزام بالقيم الخُلُقية.»
نجح روبير معوض في ترسيخ اسم العائلة على خارطة كبار اللاعبين العالميين في قطاع الألماس.
كنوز نفيسة وإبداع لا ينضب
ربما لا يخفى على العارفين بأسرار هذا القطاع أن روبير معوّض استحوذ في مسيرته على عدد من الألماسات الأكبر حجمًا في العالم، مرسخًا موقعه في أوساط كبار اللاعبين في هذا القطاع. أما أبرز الألماسات التي وجدت طريقها إلى خزائن العائلة، فشملت، على سبيل المثال، ألماسة بورتون Burton الشهيرة التي كانت تمتلكها الممثلة إليزابيث تايلور والتي ابتاعها روبير معوض في سبعينيات القرن الفائت، وألماسة داينستي Dynasty التي تزن نحو 51.12 قيراط والتي استحوذت عليها الدار عام 2018. أما أحدث عمليات الاستحواذ التي ارتبطت باسم معوض، فتمثلت بجوهرة دراغون البالغ وزنها 54.21 قيراط. أعادت الدار منتصف العام الفائت بعث الوهج الناري لهذه الألماسة الصفراء في طقم حمل اسمها وتجلى مأثرة إبداعية تحتفي ببراعة الصانع.
الواقع هو أن دار معوّض دأبت عبر تاريخها على تشكيل فرائد الجواهر روائع تسر الناظرين، على ما تشهد تحديدًا بعض ابتكاراتها التي سجلت أرقامًا قياسية عالمية مثل العقد الألماسي الشهير L’incomparable، وحقيبة اليد المرصعة بالألماس Mouawad 1001 Nights، وصندوق الجواهر النفيس Flower of Eternity. وقد لا يكون عبثًا والحالة كذلك أن تختار العائلة لنفسها شعار: «ابتكار الاستثنائي». وفي هذا يقول فريد: «إنه مسار يتطلب وقتًا، ومخيلة خصبة، ومهارات تقنية، ومستوى متمايزًا من البراعة الحرفية. إن اكتمال أي مأثرة نبدعها يتوج رحلة قد تستغرق شهورًا أو سنوات في بعض الحالات، بدءًا من العثور على الحجارة النفيسة، ومرورًا بابتكار التصميم، وصولاً إلى صياغته وترصيعه».
جوهرة داينتسي، إحدى أعظم الألماسات التي وجدت طريقها إلى خزائن معوض.
تعددت السبل والجمال وفير
هذا التكامل في عناصر الإبداع يثريه إلهام لا يعوز العائلة التي ألف أفرادها تعقب مكامن الجمال في أصقاع الأرض. يقول باسكال، الذي يجد في الارتحال مصدر إلهام لا ينضب: «في السفر يثري المرء معارفه، ويختبر اختلاف الثقافات. وإذا ما أردنا القيام بالأعمال على نطاق عالمي، فإن الانفتاح الفكري على العالم ضرورة لا غنى عنها. بل إن ابتكار روائع متفردة يقتضي أن نمضي في مغامرات مستمرة إلى وجهات جديدة نستكشف فيها جماليات ملهمة». إنها على الأرجح سمة أخرى ورثها باسكال عن والده الذي يقول: «لطالما كان السعي وراء الفن والجمال والإبداع جوهر حياتي. ينعكس ذلك في الألماسات التي نستحوذ عليها، والجواهر والساعات التي نبتكرها، وحتى في المشاريع العقارية التي نطورها في أنحاء مختلفة من العالم. الإبداع المتفرد ليس موطن شغف لدي فحسب، بل هو أيضًا التزام حياتي ومهني».
"إن الانفتاح الفكري على العالم ضرورة لا غنى عنها. بل إن ابتكار روائع متفردة يقتضي أن نمضي في مغامرات مستمرة إلى وجهات جديدة نستكشف فيها جماليات ملهمة. – باسكال معوض"
يكفي أن يحط المرء الرحال يومًا في فندق وسبا غراند هيلز الذي أنشأه روبير معوّض في هيئة قرية تراثية تحتجب في خفاء غابات الصنوبر في مرتفعات برمانا اللبنانية، ليقف شاهدًا على تقدير رجل الأعمال لمختلف مكامن الجمال. فصائغ الجواهر والمطور العقاري الذي جعل من منتجعه فضاء لروائع أعمال فنية تعكس ذائقته الرفيعة، يرى في الضيافة أيضًا شكلاً من أشكال الفن الإبداعي، وفي ذلك يقول: «إن قطاع التطوير العقاري يشكل أيضًا عالمًا ملهمًا لي، سواء على مستوى الهندسة المعمارية أم التصاميم الداخلية. في جزيرة الريف الصناعية التي طورناها مثلاً في البحرين، وفي منتجع برمانا، لا يمكن لأحدهم أن يغفل عما يزين المساحات من تجليات الجمال، والفن، والحرفية البديعة».
يتشارك باسكال أيضًا مع والده هذا الافتتان بالتصاميم الداخلية، ويقول: «لدي ملكيات عدة في أنحاء مختلفة من العالم، ويطيب لي أن أنسق مساحاتها الداخلية. يرتبط الأمر بشغفي بالتصميم الذي أنغمس فيه من خلال بحثي الدائم عن قطع أثاث من إبداع مصممين، وأعمال فنية مختلفة، وتذكارات متنوعة من عالم الأفلام. أعيش في هوليوود، ولدي كثير من الأصدقاء في قطاع صناعة الأفلام، الأمر الذي أتاح لي الوصول إلى كثير من التذكارات الفريدة.»
أعادت دار معوض صياغة جوهرة دراغون النفيسة في تصميم بديع يرقى بالوهج الناري للألماسة الصفراء.
ذائقة فنية متوارثة
يقول روبير معوض، الذي شغفه الفن حد تأسيسه متحفًا خاصًا في بيروت بهدف تشارك القيم الحرفية والتراثية والثقافية مع العالم كله: «يقدّر أولادي كلهم الفن والعمل الحرفي، وإن كان لكل منهم ذائقته المتفردة. أعتقد أن نشأتهم في هذه البيئة العائلية الخاصة قد أثرت في ذائقتهم، وشكلت لديهم الميل إلى التميز الفني». يتجلى هذا الميل لدى باسكال أيضًا في ولعه بعالم السيارات، لكنه يقول: «لا أعد نفسي جامع سيارات. أفضل دومًا استبدال مركباتي الرياضية الفاخرة. يدفعني ولعي بعالم التقنية إلى المواظبة على اقتناء الطرز الأحدث من علامات السيارات التي تستهويني». أما شقيقه آلان، المفتون أيضًا بالتقنيات التي تقف وراء المواد المستخدمة في عصرنا الحالي، فيشير إلى أن شغفه بالساعات «يشمل عالم التصاميم الحديثة في مجالات قطع الأثاث، والسيارات والطائرات، وأدوات الكتابة، والمباني.» في المقابل، يبدو شقيقهما الأكبر فريد، الذي تستهويه رياضات مثل التزلج والغوص، أكثر ميلاً إلى القراءة، إذ يقول موضحًا: «أهوى المطالعة، وأقترح أن يأخذ المرء العلم من مصادر متنوعة. فلا كتاب يختزل المعارف المتبصرة الضرورية للمضي قدمًا في عالمنا المعقد. أنا شخصيًا أطالع المؤلفات في مجالات مختلفة تشمل الأعمال والقيادة، والتقنية، والسياسة والعلوم الاجتماعية، والرياضة والفن. إن رؤية العالم وفهمه من زوايا متعددة يتيح لنا توسيع آفاقنا.»
يمثل جيمي الجيل الخامس في العائلة ويتولى اليوم إدارة صندوق معوض الخيري.
جيل خامس وبشائر مستقبل واعد
الواقع أن فلسفة الانفتاح هذه تبدو جزءًا لا يتجزأ من المسيرة الطموحة لأجيال أحسنت تحقيق التوازن المتقن بين إرث العائلة والرحلة إلى المستقبل. وعن هذا يقول باسكال: «أعتقد أن هذا التوازن يتحقق تلقائيًا لأنه مرتبط بإدراك الخارطة الجينية للعلامة، والسمات الجوهرية المميزة لها والتي تضمن المضي بها قدمًا على طريق النجاح. لا بد لنا من الاحتفاء بهذه الهوية مع التطلع دومًا نحو المستقبل وإمكانات الازدهار، سواء من خلال الابتكار واعتماد التقنيات الجديدة، أم من خلال مشاريع التوسع وإدارة توجهاتنا الاستراتيجية.» يعلق آلان من جهته قائلاً: «إن السعي إلى التميز رحلة مستمرة. يعني ذلك أننا سنظل نغذي شغفنا بإبداع مآثر متفردة فيما نبحث باستمرار عن سبل جديدة للارتقاء بكل ما نفعله نحو آفاق أعلى». تتجلى هذه الثقة الراسخة بمستقبل معوّض أيضًا لدى فريد الذي يقول: “من النادر أن نجد شركة عائلية نجحت في تحقيق نموها في ظل الحفاظ على ملكيتها ضمن أفراد العائلة نفسها التي أنشأتها. إنه لإنجاز مهيب نختبره اليوم ونحن نرى الجيل الخامس من العائلة ينضم إلى الدار ليسهم في كتابة فصول جديدة في قصة نجاحنا.” يضيف فريد قائلاً: «أشعر بالفخر وأنا أرى ابني جيمي يشق طريقه اليوم في الدار حاملاً معه أفكارًا جديدة للمستقبل»، مشيرًا بذلك إلى تعيين ولده مؤخرًا رئيسًا لصندوق معوّض الخيري Mouawad Diamond Impact Fund الهادف إلى تحسين حياة المجتمعات المحرومة والمهمشة في دول مناجم الألماس. أما شقيقه آلان، فيعد رؤية ابنته أناستازيا وهي تخطو أولى خطواتها في عالم الدار «إنجازًا يلامس شغاف القلب.»
"أشعر بالفخر وأنا أرى ابني جيمي يشق طريقه اليوم في الدار حاملا معه أفكارا جديدة للمستقبل.
– فريد معوض"
في عالم رجالات معوض، الدروب كلها تفضي إلى مستقبل لا يتنكر للماضي، لحكاية نجاحات يفاخر بها الكل، ويحرص على صونها إرثًا لغد مزدهر بمثل حرصه على استمرار الروابط العائلية الوطيدة التي صنعت هذا المجد التليد. بالرغم من كثرة الانشغالات وازدحام المواعيد، يصر أفراد العائلة كلهم على الاجتماع معًا، لا سيما في عطلة نهاية العام وعطلة الصيف على ما يشير باسكال، مضيفًا: “إن اجتماعاتنا تمتد في العادة من عشرة أيام إلى 14 يومًا. إنها أوقات ثمينة لنا للتقارب وقضاء المستطاع من الوقت مع أبوينا اللذين يتقدم بهما العمر. فهذا جوهر سعادتنا” يقول والده: «إن ذروة الترف تكمن في الوقت الذي يمضيه المرء مع العائلة، يشاركهم بناء هذا الإرث وسعادة يستمدها من المقدرة على تقدير تلك اللحظات التي تحمل في كل مرة بشائر يوم جديد.» أما آلان، فالسعادة من منظوره تكمن في شعور الإنسان بالرضا وبأن لحياته معنى، وهو يقول في ذلك: “إنها المقدرة على تجاوز المشاعر السلبية والتواصل مع الآخرين”، فيما شقيقه فريد يجد السعادة في ذاك الإحساس بالسكينة أو الصفاء الداخلي.