يقول ديفيد غاسكي، الذي أمضى نحو ثلاث سنوات يجوب المحترفات عبر أوروبا بحثًا عن طرائق جديدة تتيح إضفاء الألوان على الجواهر: «باتت الألوان، بسبب نشأتي في ميامي، تشكل شغلي الشاغل». وقد آثر غاسكي، عوضًا عن التوجه إلى استخدام الأحجار الكريمة كبيرة الحجم بهدف إبراز الألوان الجريئة، استخدام السيراميك بوصفه البديل الأمثل، إذ إنه يوفر لوحة ألوان لا عد ولا حصر لها، ومنها اللونان الأخضر النعناعي والأصفر الليموني المبتكران خصيصًا لأجل تصاميمه. يُضاف إلى ذلك أن السيراميك أشد متانة من الميناء أو الذهب.
مسحة تمايز
تتوافر مجموعته من الجواهر المشغولة من السيراميك في 16 لونا مبتكرا بحسب الطلب.
شكلت باريس المحطة الأخيرة في رحلة غاسكي البحثية، إذ وجد فيها فريقًا من الحرفيين الفنيين الذين تعاونوا معه على تطوير تقنية صعبة للجمع بين الذهب وألوان السيراميك في تصاميم عصرية أنيقة يمكن التزين بها يوميًا. تبدأ عملية تنفيذ كل قطعة من كتلة من الذهب عيار 18 قيراطًا يصوغ فيها الحرفيون أشكال الأقواس المميزة لتصاميم غاسكي. يعمد الحرفيون بعد ذلك إلى تثبيت طبقات من السيراميك المصقول يدويًا باللك داخل الشقوق، ويصقلونها باليد للحصول على لمسة نهائية ناعمة ومتوهجة.
يستغرق هذا المسار الحرفي المتقن ما بين ستة أسابيع إلى ثمانية أسابيع لإنجاز قطعة جواهر واحدة. يقول رائد الأعمال البالغ من العمر ثلاثين عامًا: «ذكرتني اللمسات النهائية المصقولة للسيراميك بالسيارات عتيقة الطراز التي كنت أشارك والدي عمليات ترميمها في أثناء نشأتي. لكن ما نفعله يتشابه أكثر مع صناعة علب الساعات باعتماد قدر من الدقة لا يمكن تحقيقه من خلال التقنية التقليدية لصياغة الجواهر في قوالب الصب. فهذه التقنية تقتضي استخدام الحرارة ويمكن أن تؤدي إلى نشوب ثغرات في المعدن».
منذ خمسة أعوام، افتتح غاسكي صالونًا لابتكاراته في شارع رو دولا بيه، على مقربة من متاجر دور مثل كارتييه وفان كليف أند آربلز، وأسس هناك أيضًا محترفه الخاص الذي يضم أربعين حرفيًا يعملون على إنجاز مجموعة الجواهر المبتكرة في السيراميك، فضلاً عن سلسلة من تصاميم الجواهر المتفردة.
المضي قدما
يرغب غاسكي في أن يشكل محترفه مستقبلا الدار الفرنسية الأعلى تميزا.
استلهم غاسكي الأقواس الزخرفية المميزة لابتكاراته من الخطوط النقية التي تزهو بها تصاميم فن الآرت ديكو والفيلات الإيطالية المبنية وفقًا لطراز أندريا بالاديو المعماري. يقول غاسكي، الذي أمضى وقتًا طويلاً مرتحلاً في أرجاء إيطاليا برفقة والديه اللذين امتهنا صناعة الجواهر: «لقد ألهمني شكل الأقواس لأنه ذكرني بحالة رومانسية. فعندما كنت أنظر عبر الأقواس، كنت أرى دومًا مشهدًا آسرًا. فكأنها نافذة تنفتح على مكان آخر». بل إن غاسكي ترجم هذا الشكل في أسلوب قطع الألماس الخاص به والمعروف باسم قطع الأقواس الخاص بدافيدور Davidor Arch Cut، معتمدًا هذا القطع في تصاميمه المتفردة.
تتميز سلسلة غاسكي الأخيرة من التصاميم التي أطلقها تحت اسم L’Arc Deco بحجارة من الياقوت الأحمر والأزرق والألماس تزهو بقطع الأقواس وتُرصِع الجواهر المشغولة من البلاتين.
أما التصاميم المشغولة من السيراميك، فقد تحولت سريعًا إلى فرائد يحرص على جمعها زبائنه الباريسيون على ما يقول، مضيفًا أن السيدات يبتعن ابتكارين أو ثلاثة ابتكارات من هذه الابتكارات دفعة واحدة. يقول غاسكي: «ترغب السيدات في التزين بجواهرهن كل يوم والاستمتاع بها، والجواهر التي تُصاغ من السيراميك تكاد تكون عصية على التلف».