بطل البولو العالمي وسفير ريتشارد ميل يطرح رؤيته لبطولة بولو الصحراء في العلا،
ومستقبل اللعبة في المملكة العربية السعودية.
لم يكن وصول اللاعب الأرجنتيني بابلو ماكدونا إلى مكانته العالمية في رياضة البولو نتاج تجربة احترافية لا تستند إلى دعائم راسخة في جذوره وتفاصيل نشأته، بل إن إرث والده الذي تشبّع به ظل سببًا رئيسًا وراء النجاح الذي حققه بابلو في مسيرته الرياضية الحافلة بالألقاب. فقد كان والده مُربيًا لمهور البولو وعاشقًا لهذه الرياضة. على هذا لم يكن من المستغرب أن يبدأ بابلو ركوب الخيل في سن الرابعة.
بابلو ماكدونا البالغ من العمر 37 عامًا هو أحد أعضاء فريق لا دولفينا الأرجنتيني، وصاحب تصنيف العشرة أهداف الذي لا يحظى به إلا قلة قليلة من لاعبي البولو في العالم. ولقد نزل في تصنيفه العالمي الحالي إلى المركز الثامن، بعد أن كان قد بلغ التصنيف الأول عالميًا من قبل. مسيرة ماكدونا حافلة بالألقاب والبطولات، إذ حقق الفوز في أكبر بطولات الأرجنتين الدولية، من بينها عشرة ألقاب من بطولة الأرجنتين المفتوحة، وعشرة ألقاب من بطولة هورلينغهام المفتوحة، وأحد عشر لقبًا من بطولة تورتوغاس المفتوحة، وغيرها من الانتصارات التي صقلت مسيرته في عالم البولو.
تناول بابلو، في حديثه إلى مجلة Robb Report العربية، بشغف كبير حضوره مع أعضاء فريقه للمشاركة في بطولة بولو الصحراء في مدينة العلا بالمملكة العربية السعودية التي جسدت نقطة انطلاق مهمة لرياضة البولو في المملكة تبشر بانتشارها مستقبلاً.
هذه بطولة البولو العالمية الأولى التي تنظم في المملكة العربية السعودية، كيف تقيم مشاركتك في البطولة مع أعضاء فريق لا دولفينا؟
شعرت وأعضاء فريقي بأعظم الحماس حينما وُجهت إلينا الدعوة للحضور إلى العلا، لاسيما عندما علمنا أننا سنكون في موقع تاريخي يضم مناطق أثرية مذهلة. لقد زرت مدائن صالح بمنطقة الحِجر التاريخية ووجدتها مذهلة، وذكّرتني بزيارتي السابقة إلى البتراء في الأردن.
وإنه لشرف كبير في أن أكون من أوائل اللاعبين الذين يحظون بفرصة ممارسة البولو على الرمال، وليس كما اعتدنا عليه من لعب البولو في الميادين العشبية.
لعبت مباريات بطولة بولو الصحراء على ميدان رملي على غير ما درجت عليه العادة من اللعب في ميادين عشبية. كيف تنظرون إلى هذه التجربة المختلفة؟
أدرك تمامًا أن مهمة هذه البطولة في المقام الأول هي جعل لعبة البولو أقرب للجمهور السعودي. وستشهد المملكة العربية السعودية مستقبلاً بناء ملاعب عشبية لممارسة رياضة البولو لتقديم بطولات احترافية تتضمن كل المواصفات الفنية المطلوبة لممارسة هذه الرياضة. الملاعب العشبية التي سيجري إنشاؤها ستكون بالأبعاد الحقيقية لملاعب البولو الاحترافية. ومع هذه الأبعاد وطبيعة الأرض العشبية سيتعرّف الجمهور السرعة الحقيقية التي تجري فيها ممارسة لعبة البولو على غير ما هو عليه الحال في الميادين الرملية.
إن بطولة بولو الصحراء هي الخطوة الأولى فقط. وسيكون بمقدور المسؤولين عن رياضة البولو هنا أن يرصدوا الإيجابيات والسلبيات التي مرت بها التجارب السابقة في الدول الأخرى.
على الرغم من أن رياضة البولو نخبوية إلى حد بعيد على مستوى العالم، إلا أنها تحظى باهتمام شعبي واسع في الأرجنتين، ما سبب ذلك، ولماذا تبرز الأرجنتين في مقدمة الدول التي تشتهر فيها البولو؟
من أهم أسباب انتشار البولو في الأرجنتين ذلك الشغف الشعبي الكبير بالخيول وتربيتها على مستوى البلاد، هذا إضافة إلى طبيعة الأراضي المستوية في الأرجنتين، ما يعين على ممارسة هذه اللعبة في الميادين المتاحة دون الحاجة إلى تكاليف لإنشاء ميادين خاصة على غير ما هو عليه الحال في كثير من الدول. وأرى أن تفوق الأرجنتين في هذه الرياضة سيستمر مستقبلاً بل وسيتعاظم أكثر. فثمة عدد كبير من اللاعبين الصغار على مستوى البلاد، ما يعني تأهيل نسبة كبيرة من اللاعبين المحترفين قريبًا. وهذا ما سيعزز أكثر من مكانة الأرجنتين.
إن لم تكن لاعب بولو، فما هي الرياضة الأخرى التي كنت تفضل احترافها؟
لطالما أحببت رياضة الغولف منذ أن كنت في العاشرة. كنت أمارسها كثيرًا مع رياضة البولو. ولكن شغف أبي الكبير برياضة البولو دفعني إلى ممارستها في الأرجنتين على نطاق واسع. ثم قررت من بعد أن تكون البولو الرياضة التي أحترفها لتصبح كل حياتي. ولكن، حتى الآن، ثمة هاجس يدفعني إلى لعب الغولف.
صنعت شركة ريتشارد ميل ساعتي بولو تحت اسمك، ارتديت منهما طراز RM 53-01 خلال البطولة. إلى أي مدى تجد نفسك منخرطا في تصنيع الساعات التي تنتجها لك الشركة؟
لست خبيرًا في عالم صناعة الساعات، لذلك فدوري الرئيس ينحصر في أن أوضح للشركة كيف أن البولو رياضة قاسية تحمل جوانب من الخطورة والقوة في ممارستها. فأنت تمتطي جوادًا يصل وزنه إلى 500 كيلوغرام قد يتأتى للفارس أن يسقط عن متنه، ثم إن المضارب المستخدمة في اللعبة شديدة القوة وتستخدم لضرب كرات خشبية تتسم بالصلابة. وفي أجواء المنافسة قد يتعرض اللاعب إلى صدمات قوية خلال اللعب. هنا يكمن التحدي في أن تصنع ريتشارد ميل ساعة تصمد في هذه الظروف. ولقد نجحت الشركة بصناعة نسختين هما: RM 053 و RM 53-01، حيث استخدم الزجاج الياقوتي المُصفّح لضمان القوة وحماية الساعة، وإنني أرى أن ريتشارد ميل قامت بعمل متميز جدًا في صناعة الساعتين.
ولقد أصبحت الشركة خبيرة في التفاصيل الخاصة بساعات البولو من حيث القوة والتحمل. وها قد انقضت نحو عشرة أعوام على إنتاج الساعاتين السابقتين، ساعة كل خمسة أعوام للطرازين، ولربما بات إنتاج ساعة جديدة وشيكًا.
ما هي السعادة عندك؟
أكثر ما يشعرني بالسعادة هو أن أجد عائلتي سعيدة. فعندما أجد أطفالي فرحين يتسرب الشعور بالسعادة إلى كل شيء يحيط بي. الأمر الآخر الذي يسعدني هو شعوري بالنجاح فيما أقوم به من مهام. والأهم من ذلك هو السعي وراء ذلك بكل ما أوتيت من قوة. إن أسوأ إحساس يتملك المرء إنما هو إحساسه بأنه عاجز عن بذل المزيد. قد لا يكون الأهم عدد المرات التي فزت فيها بقدر الشعور بأنك بذلت أقصى ما تستطيع في سبيل ذلك.
في سفرك إلى مختلف الوجهات حول العالم، أيها تجد الأقرب إليك؟
لقد كنت محظوظًا جدًا بزيارة كثير من البلدان الجميلة. ولكن إن كان يتحتم عليّ الاختيار، فإنني سأختار مزرعتي الخاصة في الأرجنتين التي تقع على بعد ثلاث ساعات من العاصمة بوينس آيرس، حيث أستمتع بمتابعة برامج تربية الخيول ورعايتها هناك. لقد غادرتها بعد أن أمضيت نحو عشرين يومًا قبل حضوري إلى المملكة العربية السعودية.
ماذا عن خططك المستقبلية؟
ما أفعله الآن هو المشاركة في المنافسات والبطولات بكثرة. ولكن هذا لا يمكن أن يستمر لمدة طويلة. ربما بقي الآن أمامي نحو ست سنوات أو سبع سنوات كحد أقصى في المنافسة على المستويات المتقدمة. بعد ذلك سيتحول نشاطي إلى السفر للدول المختلفة حول العالم بهدف دعم رياضة البولو بكل ما أوتيت من قوة. كما أنني أعتزم أيضًا إنشاء عمل خاص يدور حول رياضة البولو مستقبلاً.