في عالم المنتجات الفاخرة، يقتضي الوصول إلى فرائد ابتكارات الصناع مؤهلات تتجاوز حدود توافر المال.
قبل نحو عقد من الزمن، مع بداية تعافي الاقتصاد إثر الانهيار المالي العالمي، سافر أحد جامعي الأعمال الفنية الناشئين من نيويورك إلى معرض آرت بازل ميامي بيتش لشراء لوحة. إذ يتذكر تلك الرحلة يقول: «اعتقدت في قرارة نفسي أني الشخص المثالي المرجو، أي جامع الأعمال الفنية المنشود الذي يمضي قدمًا على طريق النجاح. كان حجم مجموعتي الفنية مقبولاً، لكني لم أكن ذائع الصيت. فلم أكن مصرفيًا يرغب في تقليب الأموال، بل كنت شخصًا يبتاع الأعمال الفنية بوصفها استثمارًا طويل الأمد.»
تزود جامع الأعمال الفنية، الذي يكن كثيرًا من الإعجاب لكارِل فانك، الفنان المفرط في الواقعية، بميزانية مقدارها 400 ألف دولار، وقصد جناح الصالة الفنية Gallery 303 في معرض بازل للاستعلام عن إحدى لوحات فانك الشهيرة التي تصور المعاطف الرياضية المزودة بقلنسوات، وذلك لشرائها. كان السعر المحدد للوحة يساوي نحو 40 ألف دولار، لكن «الثمن لم يكن بالطبع معروضًا» على ما يقول. حينئذٍ، أجابه المسؤول عن الصالة بفظاظة قائلاً: «ثمة أعمال لهذا الفنان في متحف ويتني. يمكنك الذهاب لرؤيتها هناك.» يسترجع اليوم جامع الأعمال الفنية حادثة صرفه من الجناح، فيقول: «أدرك الآن أن الأعمال تُحجز من قبل المهتمين بها قبل موعد المعرض الفني، وأن الحديث عن كونها متاحة للعامة الراغبين في شرائها ليس سوى ألعوبة.»
لا يمكن للمرء أن يقصد متجرا لهيرميس متوقعا أن يسمح له بشراء مثل هذه الحقيبة النفيسة.
فالحقائب من طراز بيركن لا تتوافر إلا مكافأة لزبون وفي من زبائن العلامة.
كل محظور مرغوب
تتولى حراسة أبواب الساحة الفنية المعاصرة رفيعة المستوى مجموعة نخبوية يبدو أن مهمتها تتمثل بردع العامة عن مسعاها. ولا يقتصر بالطبع هذا التشدد في الحصرية على عالم الفنون. ففي فئات كثيرة من المنتجات والتجارب الفاخرة، يبقى الوصول إلى الجوائز التي تشكل محط تنافس محتدم من أعلى المستويات مختصًا بنخبة قليلة مختارة. كما أن شروط الدخول إلى هذا العالم الحصري تتجاوز حدود توافر المال. فلا يمكنك أن تقصد متجر وكيل لساعات رولكس، أو إحدى صالات تشيلسي الفنية المرموقة، أو متجرًا لهيرميس، وتستعلم عن ساعة من طراز دايتونا، أو عن إحدى لوحات جيف كونز الفنية، أو عن حقيبة من طراز بيركن، متوقعًا أن يُسمح لك بشراء ما تنشده.
قد يبدو المتجر حيث لا شيء متاح للبيع فكرة مختلقة. لكنه يجسد في الواقع استراتيجية تسويقية راسخة. في هذا تقول كيت يارو، التي تحمل درجة الدكتوراه في علم النفس الاستهلاكي، والأستاذة الفخرية في جامعة غولدن غايت: «إن مفهوم الندرة يشكل في الحقيقة مبدأ رئيسًا في علم النفس. إننا نرغب فيما لا يمكننا الحصول عليه. وعندما نحرم منه، يبدو الأمر أشبه بتحد يجدر بنا تخطيه، فيزداد تورطنا النفسي في هذه المهمة.» تقول يارو إن الرغبة التي يستثيرها الحرمان تبلغ أشدها على وجه الخصوص لدى الأثرياء، وذلك «لأن مقدرة المرء على اقتناء كل ما يرغب فيه مضجرة. نبحث كلنا عن سبل لتعزيز شعور الأنا لدينا. ويتمثل السبيل إلى ذلك عند بعضهم بالاستحواذ على ما يصعب بلوغه، أو بحب شخص معين أو منتج ما. ومن الأسهل نوعًا ما التركيز على المنتجات.»
«نبحث كلنا عن سبل لتعزيز شعور الأنا لدينا. ويتمثل السبيل إلى ذلك عند بعضهم بالاستحواذ على ما يصعب بلوغه، أو بحب شخص معين أو منتج ما. ومن الأسهل نوعا ما التركيز على المنتجات»
يعد الرفض، والتحدي الذي يفرضه النجاح في الوصول إلى المنتج المرجو، جزءًا من منظومة العناصر التي تحفز الرغبة. يقول لوكا سولكا، المحلل في قطاع المنتجات الفاخرة لدى شركة سانفورد س. برنشتاين: «تسهم المنتجات الفاخرة في معالجة شعور الأفراد بانعدام الأمان حول مكانتهم في المجتمع، وذلك على مبدأ «أمتلك هذه المنتجات، إذًا أنا موجود». فهذه المنتجات هي ما يجعلنا نتمايز عن العامة، ويحدد تفردنا من المنظور الشخصي ومن منظور أترابنا.»
لم يكن الإذعان خيارًا في السنوات التي تلت الحادثة التي واجهها جامع الأعمال الفنية المذكور آنفًا، والذي تحول لاحقًا إلى واحد من المشترين في معرض آرت بازل ميامي بيتش. وفي هذا يقول: «بدلاً من ذلك، أنفقت منذ ذلك الحين ملايين الدولارات على شراء الأعمال الفنية. لكني اختبرت تجربة مشابهة العام الفائت مع الصالة الفنية هاوزر آند فيرت. قصدت الصالة مستعلمًا عن أعمال مارك برادفورد، فضحك مني العاملون هناك قائلين: «قبل أن نقدم حتى على التفكير في طلبك، يجدر بك أن ترسل لنا لائحة بأسماء الفنانين الذين تجمع أعمالهم.» جاريتهم في مطلبهم وأرسلت اللائحة، فكان ردهم: «حسنًا، يمكنك القدوم غدًا.»
لوحة لمعطف رياضي بقلنسوة من إبداعات الفنان كارل فانك التي لا تتيح صالة 303 Gallery شراءها إلا لنخبة من جامعي الأعمال الفنية.
استراتيجية تسويقية
لا يُقصد بهذا النهج، من منظور أصحاب الصالات الفنية، صد المشترين. بل إنه وسيلة يعتمدونها للحفاظ على سمعة فنانيهم. يقول مارك بايو، الرئيس المشارك في الصالة الفنية هاوزر آند فيرت: «إذا ما زارنا جامع أعمال فنية ليس لدينا سابق معرفة به، فإنه يحتاج بالطبع إلى أن يعرّف بنفسه ويعلمنا بما حققه وبدوافعه في هذا المجال.» فهذه الصالة الفنية التي تتوزع فروعها في دول عدة، والتي تمثل مجموعة من الفنانين ذائعي الصيت على غرار لويز بورجوا وغلين ليغون، ليست «متجرًا تُباع فيه الأعمال الفنية بوصفها منتجات يحظى بها السباقون إلى شرائها.» بدلاً من ذلك، تضطلع الصالة بمهمة «بطاقة التعريف المهنية». إن هدفها في نهاية المطاف ليس وضع الأعمال الفنية في متناول أفراد من العامة، بل في المتاحف المرموقة، لأن «نجاح الفنان على المدى الطويل يعتمد مباشرة على وجود أعماله في هذه المؤسسات.» وفي هذا يقول بايو إن مهمة الصالة الفنية ليس البيع بقدر ما هو «وضع الفنانين الذين نمثلهم في سياق تاريخ الفنون.»
إزاء هذا الطموح، غالبًا ما يلجأ جامعو الأعمال الفنية المبتدئون إلى الخبراء الاستشاريين في المجال الفني. تقول سوزان موديكا، المشاركة في تأسيس شركة الاستشارات الفنية Modica Carr Art Advisory: «إننا نشكل جسر وصال بين الزبون والصالة الفنية. وما يبحث عنه أصحاب الصالات لدى المشترين المستقبليين هو الفضول الفكري. إنهم يريدون التأكد أن الزبون لا يرى في الفنان حفنة من الدولارات المعلقة على الجدار فحسب.»
يعمد بريت غورفي، المؤسس المشارك في صالة ليفي غورفي الفنية، والرئيس الأسبق لقسم فنون ما بعد الحرب والفن المعاصر في دار كريستيز، إلى شرح الترتيب الهرمي لتخصيص الأعمال الفنية، فيقول: «ثمة ترتيب هرمي تتربع على قمته المتاحف، تليها المؤسسات الخاصة، ثم جامعو الأعمال الفنية الذين تربطهم علاقات قوية بالمتاحف، ويليهم جامعو الأعمال الفنية المرموقون الذين يعيرون مقتنياتهم النفيسة للمتاحف.» لا يؤخذ جامعو الأعمال الفنية العاديون في الحسبان إلا بعد المرور على هذه القائمة الطويلة رفيعة المستوى.
لكن ثمة حيَلاً في هذا المجال تتيح لك موطئ قدم فيه على ما يشير مستشار فني يمتلك شبكة علاقات واسعة، إذ يقول: «إذا كنت ثريًا جدًا، فإن بوسعك أن تصبح أحد الأمناء في متحف ما، الأمر الذي يحقق لك مكانة رفيعة.» يخولك الانضمام إلى لجنة المتحف أيضًا بناء علاقات مع الأمناء فيه. كما أن «رؤيتك قريبًا من أمناء المتاحف في معرض فني ما قد يؤثر إيجابًا في فرص دخولك الدائرة الحصرية في العالم الفني.» لكن العلاقات مع المتاحف تقوم، بالإضافة إلى التبرعات المالية، على استشراف فرص أن تجد بعض الأعمال الفنية التي تقتنيها منتهاها في المتحف المعني إذ تنتقل إليه في هيئة هدية أو تركة يُوصى بها.
إن لم یكن مقتنو الأعمال الفنیة من النخبة التي یشھد لھا تاريخها بتذوق الأعمال الفنة واقتنائھا، فإن المال الوفر وحده لن یغني عن صاحبه شیئا إذا ما رغب في
اقتناء عمل فني لفنان شھیر من كبریات المعارض الفنیة مثل معرض آرت بازل میامي بیتش الذي یخص نخبته بنفائسه الفنیة قبل العرض
فضلاً عن ذلك، يحرص كثير من الصالات الفنية الجادة، إلى جانب بعض علامات السيارات الرياضية، على تضمين اتفاقات المبيعات لديها صيغة لغوية تحظر على المشترين إعادة بيع المشتريات في المزادات العلنية سعيًا إلى تحقيق الربح. لا تفرض دور الساعات مثل هذا الحظر في بنود خطية، إلا أنها في المقابل تتعقب ساعاتها عن كثب. أما أولئك الذين يخالفون هذا المبدأ في أي من هذه الفئات، فيواجهون خطر إدراجهم على اللائحة السوداء. لكن قيمة الأعمال الفنية الجديدة التي يبدعها فنانون يكثر الطلب على ابتكاراتهم غالبًا ما تكون أدنى بكثير من المبالغ التي يمكن تحقيقها في المزادات العلنية، فتصبح هذه الممارسة مغرية جدًا لبعضهم. وفي هذا يقول بايو: «عندما تتسع الفجوة في السعر بين السوق الأولية والسوق الثانوية، نطلب من الزبائن منحنا حق الشفعة. لم يسبق لنا أن رفعنا أي دعوى قضائية في هذا المجال، إلا أنه سيصعب على الزبون المخالف الوصول مستقبلاً إلى الأعمال التي نقدمها. تبقى العلاقة أقوى أشكال الحماية، لكنك لا تستطيع إدراجها في العقود.»
قرطان للأذنين من هيميرلي التي لا يمكن عادة الوصول إلى إبداعاتها المرغوبة للغاية إلا عن طريق
موعد مسبق لزيارة المتجر الوحيد للدار في ميونخ.
للأوفياء من الزبائن
في القطاع الفني، ثمة حدود لعدد الأعمال التي يمكن لأي فنان إنتاجها. لكن في حالة المنتجات الفاخرة المصنعة أيضًا، تترجم محدودية العرض إلى تصنيف للمشترين على أساس ترتيبهم. تكافئ علامات السيارات الرياضية، بما في ذلك فيراري ولامبورغيني وبوغاتي، زبائنها الأكثر ولاء بإعطائهم الأولوية عند إطلاقها طرز سياراتها المتميزة التي لا يمكن إلا لأصحاب الدعوات الوصول إليها. يقول ديفيد لي، جامع سيارات فيراري الذي ظهر في البرنامج التلفازي Jay Leno’s Garage، إن مقدرة الزبون على اقتناء سيارة من مركبات الصانع الإيطالي كانت ترتبط في الماضي «بمعارفه داخل المصنع». لكن نظام تعقب جديدًا «بات يُعلم فيراري على نحو دقيق أي السيارات يمتلك الزبون، فيتيح لها أن تتبين إذا ما كان مدفوعًا بالشغف أو يتبنى سلوكًا سائدًا. ابتعت نموذجًا من كل طراز أطلقته الشركة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك بعض الطرز التي لم تحظ باستحسان واسع النطاق. تبين هذه المعطيات أني من أهم زبائن فيراري.»
لكن الامتيازات قد تُسلب حتى من زبائن الشركة المفضلين. في عام 2017، حُرم لي، الذي يمتلك 30 سيارة فيراري، من فرصة شراء نموذج من طرازLaFerrari Aperta الذي اقتصر إنتاجه على 210 سيارات. كان الخطأ الذي ارتكبه، على ما يقول، مناقشته مع صحيفة لوس أنجليس تايمز عملية الانتقاء السرية التي تعتمدها فيراري. يقول لي موضحًا: «أطلعتني فيراري على أنني واحد من المرشحين المحتملين للفوز بإمكانية شراء إحدى سيارات ذاك الطراز، إلا أنها لم تحسم قرارها النهائي بعد.» وأخبر لي الصحيفة بأن الشركة لم تعرض عليه نموذجًا من السيارة. لم يلقَ هذا الخبر الاستحسان في مقر فيراري الرئيس، بدءًا مما قاله لي، والعنوان الذي تصدر المقال في الصحيفة، إذ جاء فيه: «رجل يمتلك عشرات سيارات فيراري وثروة هائلة. لماذا لا يمكنه إذًا شراء نموذج من سيارة LaFerrari Aperta بعيدة المنال والبالغ سعرها 2.2 مليون دولار؟»
«ربما تكون فيراري خير مثال على شركة نجحت في أن تستثير لدى الهواة الأوفياء ليس مشاعر الإعجاب فحسب، بل الإحساس بالهوية أيضا»
يقول لي: «قرأ مسؤولو الشركة ذاك المقال في إيطاليا، واعتقدوا أنني أستخدم الإعلام للضغط عليهم بغية الحصول على السيارة. تزعزعت العلاقة بيننا لبضعة أشهر. إن علاقتي بفيراري مهمة جدًا، لذا أزعجني حقيقة ما آلت إليه الأمور. لم تُعرض عليّ السيارة.» ويوضح لي، الذي يوصف في حسابه على موقع انستغرام «بسفير فيراري» إذ تزخر صفحته باللون الأحمر المميز للعلامة ويتابعه 1.1 مليون شخص، أن العلاقة مع فيراري عادت إلى وضعها الصحيح، وأنه يتوقع تسليمه خمس سيارات من فيراري هذا العام.
في العام الذي سبق الخصومة بين لي وفيراري، ذهب بريستون هين، رجل الأعمال الشهير في أسواق السلع المستعملة، المتحدر من فلوريدا، والفائز مرتين بسباق دايتونا للساعات الأربع والعشرين، إلى حد مقاضاة فيراري في دعوى لطلب تعويض عن الأضرار، زاعمًا أن الشركة أعلمت أصدقاءه بأنها رفضت طلبه شراء نموذج من طراز LaFrerrari Spider محدود الإصدار لأنه «غير مؤهل» لذلك. كانت مؤهلاته، على ما جاء في مستندات الدعوى أمام المحكمة، 18 سيارة من فيراري يمتلكها، فضلاً عن شيك مصرفي بقيمة مليون دولار أرسله بالبريد إلى سيرجيو ماركيوني، رئيس مجلس إدارة فيراري، حينئذٍ، الذي أعاد له الشيك. اتهم هين العلامة «بإلحاق الضرر بسمعته في عالم هواة فيراري،» لكنه أسقط الدعوى قبيل وفاته في أبريل نيسان من عام 2017 .
ربما تكون فيراري، التي رفضت التعليق على السياسات أو المعايير التي تتبعها في مجال تخصيص سياراتها للزبائن، خير مثال على شركة نجحت في أن تستثير لدى الهواة الأوفياء ليس مشاعر الإعجاب فحسب، بل الإحساس بالهوية أيضًا. يقر لي، الذي يشغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة هينغ وا لي Hing Wa Lee للساعات والجواهر خارج لوس أنجليس، بمشاعر القلق التي تنتاب زبائن رولكس في شركته حيال مكانتهم. وفي هذا يقول: «يصبح الأمر أقرب منه إلى أزمة هوية يعانيها الزبائن. يشرعون في التساؤل عن موقعهم في هذا العالم مقارنة بالآخرين. وإذا ما تمكنوا من الحصول على هذه المنتجات محدودة الإصدار، فسيُنظر إليهم بوصفهم يحتلون مكانة رفيعة ما.»
سيقتصر إنتاج طراز شينتوديتشيه على 10 مركبات، على ما أعلنت بوغاتي التي تشكل واحدة من شركات نخبوية تترجم محدودية العرض إلى تصنيف للمشترين على أساس ترتيبهم.
لا تخفي فيراري حقيقة أنها تتعمد إبقاء الإنتاج عند مستوى منخفض لتضمن عدم إشباع الطلب على سياراتها مطلقًا. في عام 2015، صرح ماركيوني لشبكة CNBC قائلاً: «تأسست الشركة استنادًا إلى مبدأ بسيط واحد يتمثل بإنتاج عدد أقل ولو بسيارة واحدة من حجم الطلب على أي طراز. أما تلبية الطلب، فتقضي على الطابع الحصري المميز للعلامة.»
لكن إفصاح فيراري الصادق عن الندرة المصطنعة لسياراتها لم ينتقص من الجاذبية التي تحظى بها هذه العلامة في أوساط هواة جمع مركباتها، أمثال باري بيك، المشارك في تأسيس شركة بلوميركوري لبيع مستحضرات التجميل الفاخرة بالتجزئة. يقول بيك، الذي يمتلك ثلاث سيارات من فيراري ويهوى جمع ساعات باتيك فيليب: «فيما يخص فيراري، الأمر لم يكن يومًا مرتبطًا بالمال. فكثير ممن تسنى لهم امتياز قيادة هذه السيارات أو التزين بتلك الساعات باتوا زبائن يكنون الولاء للعلامات التي تقف وراءها، وأصبحوا أفضل مسوّقين لها.»
«إن مفهوم الندرة يشكل في الحقيقة مبدأ رئيسا في علم النفس. إننا نرغب فيما لا يمكننا الحصول عليه»
حقائب بيركن وقائمة انتظار مصطنعة
في واقع مشابه، وبالرغم من أن مايكل تونيلو كشف عام 2018 في مذكراته، التي صدرت تحت عنوان Bringing Home the Birkin(أو في إثر حقيبة بيركن)، عن أن قائمة الانتظار الأسطورية للراغبين في حقائب هيرميس من طراز بيركن ليست سوى وهم متخيل، إلا أن حماسة هواة العلامة لم تخمد. كان تونيلو يستعلم عن حقائب بيركن في أثناء تسوقه أوشحة بهدف إعادة بيعها على موقع eBay، ويذكر أن مندوبي المبيعات في متاجر هيرميس كانوا يجيبونه في العادة قائلين: «ثمة قائمة انتظار، بل قد يستدعي الأمر إدراج اسمك على قائمة انتظار أولية تخولك لاحقًا الانضمام إلى قائمة الانتظار النهائية.»
لكن حدث ذات يوم أن عُرضت على تونيلو حقيبة من طراز بيركن بعد أن أنفق مبلغًا طائلاً من المال في أحد متاجر هيرميس. يقول تونيلو في تصريح لمجلة Robb Report: «أدركت عندئذ ألا وجود لقائمة انتظار.» حوّل تونيلو اهتمامه على الفور إلى إعادة بيع حقائب بيركن. هو يقول: «تحتفظ متاجر الدار كلها بحقائب بيركن في أقسامها الخلفية. تشكل الحقيبة من هذا الطراز مكافأة للزبون الجيد. لا تأبه العلامة بهويتك. جل ما عليك فعله هو إنفاق المال، ومعرفة المعادلة الصحيحة.»
ساعات صعبة المنال
يضيف تونيلو أن الأمر نفسه ينطبق على الساعات، فيقول: «لن تبيعك علامة رولكس ساعة من طراز دايتونا إلا بعد أن تنفق مبلغًا ما على ساعات أخرى تنتجها، فتصبح عندئذ مؤهلاً للاستفادة من مبيعاتها الخاصة. إنها لعبة ليس إلا.» تضفي باتيك فيليب مستوى آخر من التعقيد، إذ تفرض على زبائنها التقدم بطلبات رسمية للحصول على بعض الطرز المميزة. يذكر بيك إذ قيل له مرة عن إحدى الساعات إنها «طراز يقتضي إجراء خاصًا» (اعتقد في البداية أن هذا المصطلح يرتبط بإجراء صقل الساعة بطلاء الميناء). أدرج بيك في طلبه مقالة عنه نُشرت في مجلة فوربس لعل ذلك يساعد على «تيسير أموره»، الأمر الذي ضمن له، على ما يقول، «موافقة شبه فورية» على طلبه.
تعد أي ساعة من طراز Nautilus من باتيك فيليب من الفرائد صعبة المنال
التي يبذل جامعو الساعات قصارى جهدهم لضمها إلى مجموعاتهم الخاصة.
يقول مايكل هيكوكس، جامع الساعات بالغ الحماسة لهذه الصناعة، والرئيس التنفيذي لشركة Expedition Partners المتخصصة في البحث عن المديرين التنفيذيين: إن باتيك فيليب تخصص عددًا أقل من ساعاتها للزبائن الجدد. ويشرح هيكوكس قائلاً: «تود العلامة أن تأسرك. إن من يحاول بلوغ القمة على الفور ينزع إلى التخلي عن هذه الهواية بعد فترة وجيزة. فقد حصل على مبتغاه. إنه لا يمضي 15 عامًا وهو يحدث نفسه قائلاً: لا يسعني الانتظار حتى أحصل على هذه الساعة. تستهدف باتيك فيليب الشخص الذي ينفق ملايين الدولارات على الساعات.»
يمثل الحظر المفروض على إعادة البيع عبئًا إضافيًا، لا سيما عندما يتأتى للطرز التي يكثر عليها الطلب من ساعات دور عريقة عدة أن تحقق ضعفي سعرها الأصلي. يقول هيكوكس: «أعرف تاجرًا ساعد أحد زبائنه على بيع ساعة مميزة كان يمتلكها، وعلمت العلامة التجارية بالأمر.» يضيف هيكوكس أن التاجر أطلعه كيف عمدت العلامة، في محاولة واضحة للكشف عن المذنب، إلى دعوة كل من ابتاع نموذجًا من طراز تلك الساعة إلى العشاء. «اضطر الزبون إلى الاتصال بالتاجر ليطلب منه أن يعيره الساعة. وهذا ما حصل، فتزين بالساعة خلال العشاء، ولم يكتشف المسؤولون في دار الساعات الحقيقة قط.»
أساور ألماس من ابتكار مصمم الجواهر فيرين بهاغات الذي يعد الوصول إلى إبداعاته أصعب من الحصول على جواهر
دور تنضوي تحت مظلة شركات كبرى.
علاقات وطيدة
لا تخمد حدة المنافسة في الأوساط الداخلية الضيقة. جل ما في الأمر هو أنها لا تعود مرتبطة بالمال فحسب بقدر ارتباطها بالعلاقات. في أثناء حفلات العشاء التي تنظمها علامات الساعات، يستضيف المديرون التنفيذيون زبائنهم، ويقدم هؤلاء الحجج التي تدعم أهليتهم لطُرز مطلوبة أكثر من غيرها. يقول أحد المطلعين على أسرار قطاع الساعات إن رئيس علامة ساعات ذائعة الصيت في أمريكا الشمالية أخبره أنه في حفل عشاء مماثل رد طلب رائد أعمال مشهور كان يرغب في شراء ساعة مميزة، وذلك بالرغم من اقتنائه ساعات عدة من طرز العلامة الأخرى تؤهله لشراء نموذج من الساعة المنشودة. اقتضى الأمر في النهاية أن يعرض رائد الأعمال إلقاء خطاب في حفل تخرج ابن المسؤول التنفيذي ليحمل هذا الرئيس على الإذعان لطلبه.
يصبح حضور حفلات العشاء والمناسبات في بعض الأحيان مرجوًا بقدر الحصول على المنتجات المنشودة، أو ربما أكثر. يشير ليونل جينيست، الخبير الاستشاري في مجال المنتجات الفاخرة، إلى أن عالم الجواهر الراقية يرزح اليوم تحت هيمنة منافسة محتدمة على تنظيم مناسبات أكثر ترفًا من ذي قبل. وفي هذا يقول: «في أحد مواسم عروض الأزياء في باريس، نظمت شانيل حفل عشاء، فيما أقامت ديور عرضها في قصر فرساي. وباتت دولتشي آند غابانا اليوم تستقدم زبائنها مرتين في السنة إلى ميلانو وكابري، شأنها في ذلك شأن بولغري التي تصطحب الجميع إلى روما، وفان كليف آند آربلز التي تستضيفهم في جنوب فرنسا. لا يتنافس الناس على فرصة السماح لهم بشراء الجواهر، بل يبتاعونها ليضمنوا تلقي دعوات إلى هذه المناسبات.»
فضلاً عن ذلك، توضح فيونا دراكنميلر، مؤسسة متجرFD Gallery للجواهر في مانهاتن، أنه من غير الصعب الاستحواذ على الجواهر التي تبدعها دور الأزياء، لأن هذه الابتكارات لا تحتفظ بقيمتها. ينطبق الواقع نفسه على الابتكارات المعاصرة التي تبدعها دور فان كليف آند آربلز وبولغري وكارتييه، على ما تقول دراكنميلر، مضيفة أنه ومنذ أن استحوذت شركات عامة كبرى على هذه العلامات «بات بمقدور الزبون أن يبتاع أي ابتكار يريده إذا ما استطاع دفع ثمنه.»
«إن ما يحدث فرقا حقيقيا هو إعجاب المصمم بالزبون. إنها علاقة بالمعنى الحقيقي للكلمة، وليست رهنا بالمال الذي ينفق على جمع الجواهر»
تتخصص دراكنميلر في بيع إبداعات مصممين مستقلين مرموقين، أمثال هيميرلي، وفيرين بهاغات وجويل آرثر روزنتال المعروف باسم JAR. يُعد الحصول على الابتكارات المتفردة لهؤلاء المصممين أصعب من الوصول إلى جواهر العلامات المنضوية تحت مظلة شركات كبرى. وعن السبيل إلى شراء إبداعاتهم، تقول دراكنميلر: «إن ما يحدث فرقًا حقيقيًا هو إعجاب المصمم بالزبون. إنها علاقة بالمعنى الحقيقي للكلمة، وليست رهنًا بالمال الذي ينفق على جمع الجواهر.»
في حالة جويل آرثر روزنتال، صائغ الجواهر الوحيد الذي قدم إبداعاته في عرض منفرد في متحف متروبوليتان للفنون فيما لا يزال على قيد الحياة، وكان ذلك في عام 2013، تقول دراكنميلر: «أولاً، من الصعب أن يُفتح لك الباب. تحتاج إلى من يعرّف بك. وحتى ذاك الوقت، إذا ما شعر المصمم بأن المرأة ليست بسفيرة جيدة لجواهره، فإن رده سيكون: ليس لدينا أي ابتكارات متاحة.»
اقتصر إنتاج طراز LaFerrari Aperta على 210 سيارات أتاحت فيراري شراءها للنخبة من زبائنها الأوفياء فحسب.
سياسات التمييز
يعتمد صناع الساعات المستقلون سياسة تمييز مماثلة، فلا يبيعون ابتكاراتهم إلا لمن يرونه أهلاً لذلك في أوساط هواة جمع الساعات. بالحديث عن فيليب دوفور، وكاري فوتيلينان، وروجيه و. سميث الذي لا يصنع سوى 12 ساعة في السنة، يقول هيكوكس: «ثمة قدر من التعالي في ذلك. يجدر بك تسديد دفعة مقدمة بقيمة ثلاثة آلاف جنيه إسترليني لتتسنى لك فرصة إدراج اسمك على قائمة الانتظار. بعد سنوات عدة، تصلك رسالة إلكترونية مفادها الآتي: تهانينا، بات اسمك الآن مدرجًا على قائمة الانتظار الخاصة بمرحلة الإنتاج. ولا يطلعونك على السعر الذي ستدفعه ثمنًا للساعة.»
لا شك في أن هذه المعاملة كفيلة بأن تُفقد من لم يألف الشعور بالعجز رباطة جأشه. انتاب إحساس مماثل عددًا لا يحصى من الأفراد الذين أجبروا على مواجهة مجالس المباني التعاونية الأكثر تشددًا في مانهاتن. فمسارات التدقيق التي تعتمدها هذه المجالس قد تكون عدائية، وقد تكتنف السرية قراراتها. على الرغم من أن هذا السلوك المتشدد قد تراجع بعض الشيء بسبب الزيادة، ضمن مجمع ناطحات السحابBillionaire’s Row ، في عدد الشقق السكنية التي لا يتطلب شراؤها الخضوع لأي مقابلات، إلا أنه ما زال لزامًا على الراغبين في شراء شقة في أحد «المباني الفاخرة التقليدية» أن يمتلكوا الثروة الملائمة لذلك على ما تقول ليزا تشاجيت، السمسارة العقارية التي تمثل الجيل الثاني من أفراد عائلتها في شركة Warburg Realty. تضيف تشاجيت قائلة إن مجالس هذه المباني تود أن تتحقق «مما إذا كانوا قد اكتسبوا أموالهم من طريق الاستثمار في غولدمان أم من صالات القمار؟»
خلال موسم 2019 الباريسي للأزياء الراقية، نظمت فان كليف آند آربلز عرضا باذخا دعت إليه نخبة من كبار الشخصيات للكشف عن
مجموعة جواهر «روميو آند جولييت» التي تضمنت عقد الألماس Maiolica المرصع بحجر نفيس من الياقوت الأزرق.
يبقى الأكثر حظوة أصحاب «مال متوارث، أو صندوق ائتماني عائلي ذي سمعة طيبة وراسخة.» أما إذا كان الزبون ممن يتعقبهم مصورو النجوم (أمثال مادونا)، أو ممن تحيط بهم الفضائح (أمثال ريتشارد نيكسون)، فقد يكون من الأفضل لهم المزايدة على شقة سكنية جديدة كليًا أو دار لعائلة واحدة. عند توقيع عقد على شقة تعاونية، تقضي مقاربة تشاجيت الاطلاع على قائمة أسماء أعضاء المجلس والاتصال بأي منهم قد تربطه علاقة بالشاري الذي أوكل إليها المهمة. تقول تشاجيت: «ربما ارتاد كلاهما جامعة ييل، أو أنهما شريكان في شركة محاماة.» أما مقدمو الطلبات الأكثر شهرة، فهم الأطباء. «إنهم لا يمتلكون المال بمقدار المشاركين في صناديق التحوط، لكنهم يتحلون بمكانة رفيعة» على ما تقول.
عضوية حصرية
لا يزال إيثار مبدأي المال المتوارث وشجرة العائلة العريقة راسخين أيضًا في عالم النوادي الخاصة التي تشتهر بحصريتها في منطقة ذا هامبتونز. وفيما يرفض أي من الأعضاء الحديث علنًا خشية إقصائه، تقول مصادر داخلية إن العضوية في كثير من النوادي رفيعة المستوى في ذا هامبتونز تتألف في معظمها من مسنين يمثلون عائلات مرموقة ذاع صيتها سابقًا، وأنهم يودون إبقاء الأمور على ما هي عليه. فالعضوية متوارثة، على ما توضح المصادر المطلعة، ونادرًا ما يُقبل في النوادي أعضاء جدد من خارج هذه العائلات إلا مقابل تبرعات كبرى تخصص لدعم النادي المعني.
لوحة بتوقيع الفنان مارك برادفورد الذي لا تبيع الصالة الفنية هاوز آند فيرت إبداعاته لأي مشتر إلا بعد التحقق من أسماء الفنانين الذين يواظب على جمع أعمالهم.
يرى كثيرون أن الجهد الذي يُبذل في سبيل الحصول على ما يُعتقد أنه منتج حصري، سواء أكان شقة أو ساعة، يستحق العناء، لأنه يدل على النجاح على ما يقول تونيلو. ويستطرد قائلاً: «إذا كنت تسمع مرارًا وتكرارًا عن صعوبة الحصول على منتج معين يعجز المشاهير أيضًا عن اقتنائه، من ثم تتمكن أنت من الحصول عليه، فإنك ستشعر عندئذ بأنك صاحب النفوذ الأقوى في العالم. ركبت ذات مرة المصعد مع امرأة تحمل حقيبة من طراز بيركن، وانضمت إلينا مجموعة من السيدات. عندما رأين حقيبتها، بدا واضحًا لي أنهن يتساءلن عن هويتها. فلعلها من الشخصيات رفيعة المستوى. هذا هو ما عليه أيضًا حال الساعات. فالمنتجات الحصرية تبعث برسائل مبطنة إلى من هم على دراية بها. إنها تنبئ بحضور أصحابها.»
بعد مضي سنوات عدة على تلك الرحلة التي انطلق بها جامع الأعمال الفنية المذكور سابقًا بحثًا عن لوحة لكارِل فانك ومواجهته الرفض في معرض آرت بازل ميامي بيتش، عرضت عليه أخيرًا الصالة الفنية نفسها اللوحة مقابل 55 ألف دولار. وفي هذا يقول: «ابتعت اللوحة، ولكن على مضض.»
رحلة البحث
عن ساعة رولكس دايتونا
حكاية تحذيرية
يبقى طراز Cosmograph Daytona من رولكس،
من أبرز طرز ساعات الكرونوغراف الرياضية صعبة المنال.
يماثل تعقب جامع للساعات ساعة رولكس من طراز دايتونا التنقيب عن كنز دفين. فبالرغم من الوجود المطلق نسبيًا لساعات دايتونا على صفحات إنستغرام وحضورها المستمر في المزادات العلنية الرئيسة، إلا أن العثور عليها خارج سوق الساعات المستعملة يكاد يكون مستحيلاً. تُعد هذه الساعات غير مكلفة نسبيًا بحسب معايير الساعات الفاخرة. ففي سوق التجزئة، يبدأ سعر ساعة من طراز دايتونا من المستوى الأدنى، مشغولة من الفولاذ والذهب، من 17,400 دولار. لكن الغموض الذي يكتنفها لا يزال محيرًا نوعًا ما.
بعد أن عقدت العزم على معرفة حقيقة الأمر، انطلقت في مهمة إلى متجر لرولكس في جادة فيفث أفينيو في مانهاتن لأختبر معنى الصد فيما أحاول شراء نموذج من هذا الطراز المراوغ. فكرت في الادعاء بأني مديرة أحد صناديق التحوط، أو بأن صديقي القديم أورو مونتاناري هو من أرسلني إلى المتجر. لكن أي حجة ما كانت لتنطلي عليهم على ما سمعت. قررت إذًا أن أتظاهر بالغباء.
قلت للحاجب: «أنا هنا لابتياع ساعة من رولكس»، فأرشدني إلى حجرة جانبية وعهد بي إلى أحد مندوبي المبيعات. سأطلق عليه هنا اسم جيمس.
أسررت إلى جيمس قائلة: «أود شراء هدية لزوجي في ذكرى مولده، ولا أعرف ماذا أبتاع له»، فوجهني إلى خزانة عرض تضم ساعات من طراز Submariner. يبلغ ثمن نموذج من هذا الطراز مشغول من الفولاذ والذهب 14 ألف دولار، على ما أخبرني المندوب مضيفًا: «إنها ساعتنا الأكثر شهرة.»
غامرت بالرد فيما يحدوني الأمل: «سمعت أن طراز دايتونا يُعد أيضًا خيارًا جيدًا.» بدا جيمس مرتابًا بعض الشيء، وأجابني قائلاً: «لا نمتلك أي ساعات من هذا الطراز هنا في المتجر. إنه طراز نادر جدًا، والساعات كلها تُخصص لزبائن متميزين.»
سألته بدهشة: «هل صحيح أن عليك السفر إلى سويسرا للحصول على ساعة من هذا الطراز؟»
وافق جيمس أخيرًا على شرح هذه العملية، وقال: «بل إن الأمر أسوأ من ذلك. إن هذه الساعات ببساطة غير معروضة للبيع. لا يمكن أن نسمح لكل أحد بأن يدخل إلى المتجر ويبتاع نموذجًا منها. هذا ما ينبغي أن يكون عليه الأمر. تخيلي أن تري أحدهم يزين معصمه بساعة من هذا الطراز، وعند سؤاله من أين حصل عليها، يجيبك قائلاً إن جل ما فعله هو زيارة هذا المتجر واختيار نموذج من الساعة. أي شعور سينتابك عندئذ وقد كنت تواظبين عبر السنوات على شراء ساعات من رولكس ولم تحصلي قط على واحدة من هذا الطراز؟»
أجبته بنبرة متسائلة: «سأشعر بالانزعاج؟»
وافقني جيمس الرأي مضيفًا: «يجدر بك أن تبذلي قصارى جهدك لتوطيد العلاقة مع العلامة. لا بد لك من أن تكوني زبونة وفية حقًا، فيصبح عندئذ الحصول على نموذج من هذا الطراز بمنزلة مكافأة لك. لذا يمكنني أن أقدم لك أي ساعة تريدينها طالما أن طلبك واقعي، ولكن ليس ساعة من طراز دايتونا.»
غادرت خالية الوفاض، لكنني اطمأننت إلى أن أي محاولة للادعاء لم تكن لتؤتي ثمارها. يكفي إنفاق المال بسخاء وعلى نحو استراتيجي للحصول على الساعة المنشودة.