يناقش الفنان التصوري، الذي اشتهر بمقاله Black Dada، أحدث لوحاته، والقدرة على التكيف، والجانب الجميل في اقتراف الأخطاء.
في شهر مارس آذار المنصرم، بينما بدأت مدينة نيويورك تفرغ من قاطنيها، غادر الفنان التصوري آدم بندلتون منطقة بروكلين إلى مدينة جيرمانتاون في ولاية نيويورك، حيث يوجد ملاذه منذ أمد بعيد في وادي هدسون، الذي يقول عنه بسخرية: "أنا أقدّره لافتقاره إلى حسّ الاستمرارية." اتخذ بندلتون من غرفة فارغة محترفًا له، وأمضى بضعة أسابيع يتكيف مع الواقع الجديد. وفي ذلك يقول: "وجدت بعدها إيقاعًا مختلفًا. إننا أجناس قابلة للتكيف على نحو كبير."
أنهى الفنان البالغ من العمر 36 عامًا، في أثناء وجوده هناك وبالرغم من تردده على بروكلين في بعض الأحيان، أكثر من نصف القطع التي تعرض في أول عروضه في صالة ديفيد كوردانسكي في لوس أنجليس، وقد افتتح في السابع من نوفمبر تشرين الثاني، ويتضمن عرضًا مرئيًا، ولوحات، وتراكيب صور تزدان بمقاربة الطباعة الحريرية على شرائح ورق مايلر. تتقاسم اللوحات كلاً من زخارفه المميزة للكتابة باستخدام طلاء الرذاذ الملون، وعبارة WE ARE NOT التي تزين لوحة بدون عنوان. تظهر تلك الكلمات الثلاث على كل لوحة، لكنها غالبًا ما تكون مبعثرة، وغير منظمة، ومتداخلة، أو متقاطعة. إن الفكرة من وراء ذلك، كما يقول بندلتون، عبر تطبيق زوم، من جيرمانتاون، تهدف إلى "تعقيد نظريات الفن التمثيلي ومفاهيمه." ويضيف: "إن الكلمات هي حيث يتلاقى الفن التجريدي مع الفن التمثيلي."
تأتي عبارة " we are not" من مقال Black Dada الذي كتبه بندلتون عام 2008 ولا يزال يوحي بكثير عن أعماله. يلمح بندلتون في النص، الذي يتناول مشكلة ذوي البشرة السمراء وتفوق عرق على آخر، إلى أن عبارة " we are not" تتضمن معاني "ساذج" و"حصري".
يقول بندلتون: "إن الهدف هو تحديد هويتك على نحو يغاير ما يقول الناس إنها حقيقتك، إذ إن الأمر متروك حقًا للمشاهد، لملء تلك المساحة." لكن على الرغم من أن هؤلاء المشاهدين يميلون في كثير من الأحيان إلى عدّ التزامه بلوحة ألوان تقتصر على اللون الأسود والأبيض والرمادي بمنزلة بيان سياسي، لكن بندلتون يشدد على أن الأمر "لا يتعلق بعرق ما."
تتضمن طريقة بندلتون المثالية في الرسم استخدام الفرشاة في طلاء أصباغ، واستخدام رذاذ لوني لتظهير كلمات، ثم يعمد بعد ذلك إلى تصويرها، وتنظيمها على هيئة مصفوفات، ومن ثم طبعها على اللوحة. يقول بندلتون: "أستحسن عدم قدرتي على التحكم دومًا في مقدار الطلاء الناتج، ما يدعني في النهاية مع تلك القطرات والبقع، فهذه الأخطاء الجميلة هي ما تجعل الصورة جديرة بالنظر إليها."
تحقق إنجاز بندلتون المذهل في عالم الفن عام 2007، عندما أنشد وهو في الثالثة والعشرين من عمره في بينالي بيرفورما. بعد سنوات، انضم بندلتون إلى صالة عرض بايس غاليري العريقة، فأصبح أصغر فنان لديها في ذلك الوقت. كان النص، منذ البداية، جزءًا لا يتجزأ من فنه. بالإضافة إلى فن الرسم، كان بندلتون كاتب مسرحيات حماسيًا نشأ في مدينة ريتشموند بولاية فيرجينيا، وهو ابن لمعلمة مدرسة ابتدائية ومقاول كان يعمل عازفًا للموسيقا في الأمسيات أحيانًا. يقول بندلتون: "لكأن العالم المرئي استجمع روائع اللغة أو تشاركها. الآن، الأمر متشابه إلى حد كبير."
من الواضح أن تلك الشراكة لا تنحصر في لوحاته ورسوماته فقط، بل أيضًا في إطار مجموعته الحالية من لقطات الشخصية المرئيّة، تلك التي يسطر النصوص لأجلها، بالرغم من أنه يشعر بأنه حر في الحيد عنها متى شاء. إن أحدثها هو What Is Your Name?، وKyle Abraham، وA Portrait، و2018–19، والتي ستعرض في صالة كوردانسكي. يستعرض العمل الفني الآسر، الذي تستغرق مدة عرضه 19 دقيقة، مقابلات على النسق الوثائقي باستخدام معان مبطنة وأسلوب التكرار، على نحو أقرب إلى كونه استجوابًا، بهدف استشراف توجه مصمم الرقصات والراقص الشهير أبراهام، بينما توثق لقطات مجزأة كياسته وسطوته وحسّه الفني. يقول أبراهام في الفيلم: "هناك شيء، في السراء والضراء، يجعل الناس يشيرون دومًا إلى العرق حال تعلق الأمر بشخص أسمر البشرة. لم يحدث قط أن سمعت من يشير إلى تريشا براون بأنها مصممة رقصات بيضاء البشرة،" ويضيف بندلتون ذلك معترفًا بأنه "يشعر بالفخر نوعًا ما" جراء نعته بأنه أسمر البشرة.
Gioncarlo Valentine
بندلتون منهمك في العمل داخل محترفه.
عقب انتهاء عرض كوردانسكي، سوف يركز بندلتون اهتمامه على معرضه القادم في متحف الفن الحديث، الذي جرى تأجيله في أثناء فترة الإغلاق حتى شهر سبتمبر أيلول المقبل. باشر بندلتون العمل على المقطوعة الشاملة، Who Is Queen?، منذ قرابة عشر سنوات، لكنه يأبى أن يعلنها عملاً منتهيًا. وفي ذلك يقول: "لن أنال ما أستحقه بجدارة ما لم أواصل العمل عليها."
لدى بندلتون أيضًا مشروع، قد شُغف به، في مدينة تريون في ولاية نورث كارولينا: وهو الحفاظ على المنزل الذي قضت فيه المغنية نينا سيمون طفولتها. في عام 2017، تعاون بندلتون مع زملائه الفنانين من ذوي البشرة السمراء: رشيد جونسون، وإلين غالاغر، وجولي مهريتو لشراء المنزل المتداعي ذي الغرف الثلاث وحفظه من الهدم. منذ ذلك الحين، ما برحوا في شراكة مع الصندوق الوطني للحفاظ التاريخي وغيره من أجل استعادته.
كانت سيمون أيضًا ناشطة في مجال الحقوق المدنية، وكذلك بندلتون، الذي أبدع أعمالاً تدعم حركة "حياة السود مهمة" Black Lives Matter، وقد أسهم بمقالات رأي دامغة في كل من صحيفة آرت نيوز، وذا نيويورك تايمز، في ذروة احتجاجات الحركة في شهر يونيو حزيران. وفي ذلك يقول بندلتون: "أحاول حقًا أن أتمعن وبأسلوب نقدي في الماضي الذي عشناه، والحاضر الذي نعيشه، والمستقبل الذي قد نعيشه."