عندما يتعلق الأمر بالمقتنيات التي يتهافت عليها الجامعون، فالطرز الأولى عادة ما تكون الطرز المرغوبة بشدة. والمثال على ذلك بطاقة البيسبول التي تؤرخ لموسم ميكي مانتل الأول في دوري المحترفين، وكذلك الطبعة الأولى من كتاب The Birds of America (طيور أمريكا)  للرسام جون جيمس أودوبون، وكلتا القطعتين يمكن أن يتخطى سعرهما عشرة ملايين دولار.

ولكن في مجال السيارات الفاخرة الحصرية، حيث الطرز الأولى والأخيرة على القدر نفسه من الجاذبية - وأحيانًا على القدر نفسه من الغلاء - أصبح الجامعون الآن على مفترق طرق غير مسبوق.

لقد انفتحت نافذة السوق على نحو يتيح للعلامات المرموقة استعراض أولى سياراتها المجهزة بمحركات كهربائية وآخر سياراتها المزوّدة بمحركات احتراق داخلي. وهذا ما يطرح تساؤلاً وجيهًا: أي الطرز ستكون عائدات الاستثمار فيها أكبر مستقبلاً: المركبات التي تؤرخ لنهاية حقبة قديمة، أم تلك التي تعلن بداية حقبة جديدة؟

يقول روبرت بانر، الرئيس العالمي لخبراء قسم السيارات النادرة في دار بونهامز للمزادات: "لطالما أَوْلى الجامعون قيمة كبرى لطرز الإنتاج الأولى والأخيرة، ومن المنطقي أن ينطبق الأمر نفسه على السيارات المجهزة بمحركات احتراق داخلي والسيارات الكهربائية". ويضيف: "الطراز الأول، لأنه عادة ما يجسد تصميم السيارة في أنقى صورها، والطراز الأخير، لأنه يمثل تصميم السيارة النهائي والمحدّث".

لوحظ هذا النمط مثلاً في سيارات لامبورغيني عالية الأداء. فقد كشفت الشركة في نهاية شهر مارس عن أول محرك V-12 هجين مُكوّن من اثنتي عشرة أسطوانة. كما أنها تعتزم إصدار أولى سياراتها الكهربائية بالكامل بحلول عام 2030. وفي هذا يقول أندريا بالدي، الرئيس التنفيذي لشركة لامبورغيني في أمريكا: "لزبائننا توجهات واضحة بخصوص هذه المسألة".

ويضيف: "إنهم يفضلون امتلاك سيارة بمحرك احتراق داخلي إذا كانت القوانين تتيح ذلك وإذا كانت الشركة المصنعة قادرة على بنائها"، مشيرًا إلى الطلب المتزايد على آخر سيارات أفينتادور ألتيما وأوروس بيرفورمانتي المجهزة بمحركات احتراق داخلي. ولكن عندما يتعلق الأمر بسيارات الصانع الإيطالي الهجينة والسيارات الكهربائية، "فإن الزبائن يرغبون أيضًا في اقتناء الطراز الأحدث". ويُؤكد بالدي "قبول الزبائن التام" لمستقبل لامبورغيني السائر في طريق المركبات الكهربائية، كما يُشدد على "انعدام التردد" في أوساطهم.

سيارة ألتيما هي آخر مركبة تعمل بمحرك احتراق داخلي في خط سيارات لامبورغيني أفينتادور.

Vigarani
سيارة ألتيما هي آخر مركبة تعمل بمحرك احتراق داخلي في خط سيارات لامبورغيني أفينتادور.

ما قيمة سيارتك مستقبلاً؟ 

مع ذلك، وفيما ينجذب الزبائن دومًا إلى أحدث الطرز وأعظمها، فإن التاريخ وحده هو الذي سيحدد في النهاية قيمة السيارات بمحركات احتراق داخلي مقابل السيارات الكهربائية. ويقول ديفيد غودينغ، مؤسس ورئيس دار مزادات السيارات "غودينغ أند كومباني" Gooding & Company: "إن مستقبل استخدام التقنيات المتطورة في قطاع النقل لا يزال يشهد تقلبات، وينطبق الأمر على السيارات الكهربائية مثلما ينطبق على أنظمة الوقود والمحركات البديلة".

ويتابع غودينغ قائلاً: "فيما قد تصبح المركبات الكهربائية والهجينة دعائم قطاع السيارات، فإن حصرية السيارات التقليدية التي تعمل بالبنزين وندرتها وقلة الوصول إليها، كلها عناصر من شأنها أن تحافظ على قيمتها المتزايدة بمرور الوقت بوصفها مركبات مرغوبة بشدة".

صحيح أنه من الصعب الجزم بالقيمة التي ستصبح لهذه السيارات في السوق بمرور الوقت، ولكن قراءة التاريخ تخبرنا بأن المحركات التقليدية كانت من العوامل المُحددة لبراعة المركبات وشخصيتها، فضلاً عن قابلية جمعها. ومن المتوقع أن تصبح هذه المحركات أندر فأندر في أعقاب التحول من الآلات الحقيقية إلى الأجهزة اللوحية المتطورة السائرة على عجلات.

يقول بانر: "من المرجح أن يظل الجانب التقني للسيارات المجهزة بمحركات احتراق داخلي أكثر إثارة للاهتمام بمرور الوقت، للسبب نفسه الذي أبقى على العديد من العلامات التجارية المتخصصة في صناعة الساعات الميكانيكية حتى بعد ظهور الساعات الرقمية". ويضيف: "إن هذه السيارات أكثر تعقيدًا من الناحية الهندسية، ومعرفة كيفية عملها أمر يبعث على الانبهار".

هذا التقييم مُصيب في نواحٍ كثير، وخصوصًا عند التفكير في علاماتٍ ظهرت تقريبًا بظهور القطاع. بالرغم من أن رولز - رويس ستبدأ تسليم سيارات سبيكتر Spectre الكهربائية بالكامل نهاية هذا العام، إلا أنها أعلنت أنها بصدد إنتاج سيارة تشكل علامة فارقة في تاريخها، ويطغى ظهورها على السيارة الكهربائية المذكورة، والحديث عن آخر سيارة رولز - رويس بمحرك احتراق داخلي. وفي هذا يقول مارتن فريتشز، رئيس شركة رولز - رويس موتور كارز في أمريكا ومديرها التنفيذي: "إننا بصدد تطوير تصميم متفرد ومذهل ومبتكر للغاية".

ويتابع: "أظن أن السيارات الأخيرة المجهزة بمحركات V-12 ستكون أكثر الطرز قيمة. إن السيارات الأولى من طراز سبيكتر ستكون آسرة أيضًا ولكن من الناحية الاقتصادية ستكون آخر المركبات المجهزة بمحركات من اثنتي عشرة أسطوانة أكثر جاذبية مقارنة بغيرها، وأنا على يقين من ذلك".