قد يبدو اجتماع محرك من 6 أسطوانات ومنظومة كهربائية في سيارة واحدة أمرًا مألوفًا، ولكن رشاقة سيارة أرتورا الجديدة من ماكلارين وأداءها المثالي للقيادة اليومية ميزتان ستلقيان استحسانك.
إن ما يحدث في قطاع السيارات عالية الأداء يبدو أشبه بتحد من تحديات برنامج توب شيف Top Chef (أمهر الطهاة)، ذلك أن القيود المفروضة على انبعاثات الكربون دفعت بالعلامات الرائدة في هذا المجال إلى الاعتماد على المعادلة نفسها لمجموعة نقل الحركة – المكوّنة من محرك بست أسطوانات ومحرك كهربائي - في محاولة لصنع السيارة متفوقة الأداء الأكثر إثارة للإعجاب.
أما أحدث طراز على هذه القائمة، فيتمثل بسيارة أرتورا Artura من ماكلارين التي تنتج قوة تساوي 671 حصانًا.
خلال السنوات الأخيرة، بدا أن شركة ماكلارين أوتوموتيف تفضل إصدار طرز متواترة على إصدار طرز تمتاز بتحديثات جوهرية على مستوى الهندسة وتجربة القيادة، وهذا ما أثر على النظر إلى بعض سياراتها الحديثة من جهة كونها مركبات تستحق الجمع.
لكن إطلاق طراز أرتورا أوحى بالعودة إلى ميل المتسابق الراحل بروس ماكلارين إلى الابتكار والإبداع.
تُعد هذه السيارة، التي يبدأ سعرها من 233,000 دولار، أول طراز في سلسلة السيارات الهجينة المخصصة للإنتاج على نطاق واسع التي تعتزم ماكلارين إصدارها.
وقد استخدمت الشركة في سيارة أرتورا تقنيات غير مسبوقة (بعضها مبشّر أكثر من غيره)، بما في ذلك تزويد هذه السيارة المعدة للقيادة على الطرقات بمحرك V-6 من ست أسطوانات وتجهيزها بالبنية الهندسية الكربونية خفيفة الوزن McLaren Carbon Lightweight Architecture (MCLA) من ماكلارين.
عند قيادة سيارة أرتورا عبر الطرقات المزدحمة في مدينة ماربيا الساحلية في إسبانيا، تشعر بأنها قد تكون أيضًا أول سيارة من العلامة معدة للقيادة اليومية، سواء في وضع القيادة المريحة Comfort أو القيادة الرياضية Sport أو الوضع الكهربائي EV الذي يتيح قيادة السيارة لمسافة 11 ميلاً باستخدام البطارية فحسب.
ولا ننسى وضع Track المخصص للحلبات. تتفوق سيارة أرتورا على طراز 620R، الذي يكاد يُعد مجازًا للقيادة على الطرقات، من حيث التحسينات التي استهدفت اهتزاز المرايا الجانبية والمقصورة العاكسة للصدى، كما أنها أفضل من طراز 720S من حيث الحيّز الوظيفي، وهذا ما أردنا أن تكون عليه سيارة ماكلارين جي تي، إلى جانب رشاقتها التي تضاهي رشاقة بعض طرز العلامة الموجهة للسباقات.
ولكن سيارة أرتورا تبدو على سبيل التشبيه أقرب إلى سيارة 296 GTB من فيراري والتي تساوي قوتها 819 حصانًا.
وقد جهزت كلتا السيارتين بنظام دفع خلفي، ومحرك V-6 مكوّن من ست أسطوانات بسعة 3 لترات، ومعزز بشاحنين توربينيين مثبتين بين أسطوانات بزاوية 120 درجة لخفض مركز الجاذبية، إلى جانب محرك كهربائي ذي دفق محوري (ينتج قوة تبلغ 94 حصانًا في سيارة أرتورا).
وتمتلك كلتا السيارتين أقصر قاعدة عجلات في أسطول الصانعيْن، ويبلغ طولها في سيارة ماكلارين 2.64 متر، مقابل 2.6 متر في سيارة فيراري.
يتجلى الطابع الرياضي للسيارة على الطريق المؤدية إلى حلبة السباق الخاصة أسكاري التي تقع في مالقة.
أما ثبات مركبة الكوبيه عند القيادة بسرعات عالية، فمردّه إلى نظام التعليق الخلفي المحدّث، وخصوصًا إلى الترس التفاضلي الإلكتروني الذي استخدمته ماكلارين للمرة الأولى في هذا الطراز.
وتتضح فعالية هذا المزيج عبر المسارات المستقيمة المجتزأة والمنعطفات الست والعشرين المكوّنة للحلبة الممتدة بطول 3.35 ميل، إذ يعمل الترس التفاضلي الإلكتروني باستمرار على تحسين قوة جرّ العجلات الخلفية.
يمكن لسيارة أرتورا التسارع من صفر إلى 60 ميلاً/الساعة في غضون 3 ثوانٍ، فيما تصل سرعتها القصوى إلى 205 أميال/الساعة.
وعند الضغط على المكابح المصنوعة من الكربون والسيراميك، تحتاج السيارة المنطلقة بسرعة 124 ميلاً/الساعة إلى 413 قدمًا فقط حتى تتوقف.
(ملاحظة: هذه المسافة أطول بنحو 62 قدمًا مما تحتاج إليه سيارة 296 GTB الأكثر فعالية من هذه الناحية).
عند العودة إلى الساحل، تسنّى لنا الوقت لتثمين مزايا الراحة الوظيفية المحسّنة في المقصورة، بما في ذلك مُحدّد مسح المحرك المثبت الآن إلى عمود عجلة القيادة.
وأكثر ما يلفت الانتباه هو المقاعد المعدلة، إذ أصبح أخيرًا من السهل بلوغها وتحريكها، ولم تعد تبعث على الإحباط على ما كان عليه الحال في الطرز السابقة.
ويبدو أيضًا أن ماكلارين عقدت آمالاً كبيرة على سيارة أرتورا. لا شك في أن هذه السيارة لا تستثير القدر نفسه من الإبهار الذي تحققه سيارة Ferrari 296 GTB البالغ سعرها 318,000 دولار، غير أنها تحتل مركزًا راسخًا بين سيارة فيراري هذه وسيارة MC20 من مازيراتي، المزودة بمحرك V-6 فقط.
وإذا كانت أرتورا تتفوق على مركبة مازيراتي على مستوى الأداء، فإنها تظل الأقرب إليها من حيث القوة والسعر. أما معرفة كيف ستبلي هذه السيارة في المستقبل القريب، فأمر كفيل بأن يؤرق مديري ماكلارين ليلاً.
ففي نهاية المطاف، يستخدم الصنّاع أمثال أستون مارتن ولامبورغيني وصفة الإنتاج الهجينة نفسها، ولا بد أنهم مشغولون بإتقانها.
على أن الوزن الجاف لسيارة أرتورا والبالغ 1,395 كيلوغرامًا يقل عن الوزن الجاف لسيارة الحصان الجامح بنحو 75.3 كيلوغرام، ويرجع السبب في ذلك بجزء منه إلى البنية الهندسية الكربونية خفيفة الوزن من ماكلارين، التي تؤلف الهيكل الأحادي المصنوع من ألياف الكربون، وكذلك إلى النظام الكهربائي الجديد القائم على شبكة إيثرنت والأخف بنسبة 10% من النظام الكهربائي الصادر.