تتمايز منطقة ريفييرا مايا الواقعة في شمال شرقي شبه جزيرة يوكاتان المكسيكية بجمالها الآسر. وبالنظر إلى الأميال الممتدة من الشواطئ البكر المؤطرة بالمياه الفيروزية وأشجار النخيل الخضراء، يتضح سبب توافد الباحثين عن ترجمة أحلامهم إلى وقائع في هذه الواحة الكاريبية الفردوسية.
بل إن ثمة من يقول إن لمنطقة ريفييرا مايا سطوة روحية أكثر من باقي المناطق المكسيكية، والسبب في ذلك أنها قديمة قدم التاريخ وتحتضن معالم حضارة المايا.
تقع هذه المنطقة جنوبًا بين كانكون وتولوم، وتضم شواطئ رملية بيضاء ومساحات ممتدة من الغابات البرية والشعاب المرجانية السليمة. هنا يمكن للزوّار الاستمتاع بالمغامرات البحرية، والسباحة في ينابيع المياه العذبة التي تُعرف باسم سينوتي، والاستجمام على متن اليخوت، والاستلقاء داخل الأكواخ المثالية المجهزة بأحواض السباحة. أما أولئك الذين يميلون إلى الأنشطة البرية، فيمكنهم اختبار مهاراتهم في عدد من ملاعب الغولف، أو المشي لمسافات طويلة، أو ركوب الخيل، فضلاً عن استكشاف الكهوف والمعابد والمحميات الثقافية. على أنكم قد لا ترغبون أيضًا في تفويت الفرصة لزيارة المواقع الأثرية في تولوم أو محمية المحيط الحيوي في سيان كان Sian Kaan Biosphere Reserve، المسجّلة في قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي.
للاستزادة من هذه التجارب ومن ذاك الأنس الموعود وسط مفاتن الطبيعة وعجائبها، نوصيكم بثلاثة منتجعات تختصر معاني الضيافة الراقية في ريفييرا مايا.
Maroma, a Belmond Property
قد يكون فندق ماروما، التابع لمجموعة بيلموند، المنتجع الوحيد في المكسيك الذي يتمايز بمستويات من الفخامة غير المتكلفة التي ينشدها اليوم عشاق السفر من مختلف الأقطار. بل إن هذه الملكية الشاطئية، التي تنبسط بين 200 فدان من الغابات الخضراء وأمواج ريفييرا مايا اللازوردية، كرّست حضورها ملاذًا مثاليًا لمشاهير العالم الباحثين عن العزلة والخصوصية.
كان فندق ماروما، الذي يعد أول فندق في المنطقة، منزلاً لأحد المهندسين المعماريين الحالمين. وقد أعيد افتتاحه أخيرًا في أعقاب مشروع تجديد توخّى الجمع بين جذوره الأسطورية وأسباب الفخامة العصرية. بات الفندق يحتضن 72 غرفة وجناحًا وفيلا، تتمايز كلها بمزيج من المواد المحلية والنقوش الحرفية والمشغولات التقليدية.
Belmond
جناح الاستقبال في فندق ماروما الذي كان يُستخدم منزلاً لأحد المهندسين المعماريين.
ويمكن للباحثين عن أقصى درجات الخصوصية الإقامة في إحدى الفيلات التي تضم غرفتي نوم ومسبحًا يطل على الشاطئ، أو في فيلا ماروما التي تنبسط على مساحة 3,939 قدمًا مربعة، وتحتضن أربع غرف للنوم ومطبخًا كامل التجهيز، وساحة خارجية فسيحة بحوض سباحة خاص وأرائك للاستلقاء.
في أثناء إعادة تصميم الفندق، تقصّدت المصمّمة البريطانية الشهيرة تارا بيرنرد الحفاظ على الجمال الطبيعي للمكان بموازاة إبراز روحه الكامنة. فقد تعاونت بيرنرد عن كثب مع الحرفيين المحليين، فأعادت تصوّر مختلف عناصر الفندق، بداية من المنسوجات والثريّات المشغولة من الزجاج والصدف، والأرضيات المكسوة ببلاط سالتيلو المطلي يدويًا. وإذ استمدت بيرنرد رموز تصميمها من نمط الحياة التقليدي في المزارع، استحدثت مساحات تعزز الشعور بالراحة والهدوء، وتؤطرها المناظر.
كذلك، أعادت بيرنرد تصميم أحواض السباحة الثلاثة في الفندق باستخدام بلاط سوكابومي المصنوع يدويًا من الأحجار البركانية، والذي يتمايز بالألوان الفيروزية الحيوية نفسها المميزة لينابيع سينوتي الطبيعية.
Belmond
أحد أحواض السباحة المتعددة التي يحتضنها المنتجع.
يشتمل الفندق أيضًا على نادٍ صحي من غيرلان (يُعد الأول من نوعه للعلامة في أمريكا اللاتينية) يضرب جذوره عميقًا في تربة التقاليد العلاجية لشعب المايا. فالمركز يتيح الاستفادة من الطقوس المستوحاة من عناصر الطبيعة الأربعة (النار والماء والأرض والهواء) والممارسات الشفائية القديمة لشعب المايا، بما في ذلك طقس النحل العلاجي، وهو طقس شفائي وباذخ في الوقت نفسه يُستخدم فيه العسل. يمكنكم أيضًا اختبار منافع جلسات التعرّق في كوخ تيمازكال القائم عند شاطئ البحر.
يبدأ الضيوف أيامهم في المنتجع بركوب الدراجات عبر الغابة قبل الانتقال للاستمتاع بمختلف عجائب ريفييرا مايا، بما في ذلك استكشاف الممارسات الحرفية التي تدخل في عملية طهي الذرة وصنع التورتيلا يدويًا خلال رحلة نيكستامال الملهمة. وللاستزادة من كنوز يوكاتان، يُسهّل فندق ماروما بلوغ أكبر حاجز مرجاني في نصف الكرة الغربي، حيث الغواصون المحترفون يوجّهون الضيوف في جولات الغوص الخاصة.
أما في ما يخص تجارب الطعام، فقد كلفت ماروما كبير الطهاة المكسيكي دانييل كاماتشو بالإشراف على قوائم الطعام الفاخرة في كاسا مايور Casa Mayor (لا ينبغي تفويت وجبة الإفطار لأن الكيساديلا الملفوفة حديثًا لذيذة جدًا). يعتمد المطعم على 90% من خيرات الأرض والبحر في المكسيك وشبه جزيرة يوكاتان لإعداد أطباق متنوعة، مثل طبق كوروندا ميتشواكان وطبق بيريا بأسلوب خاليسكو.
Belmond
مزيج من المواد المحلية والنقوش الحرفية والمشغولات التقليدية في جناح يشرف على الأفق البحري.
ولإضفاء مزيد من التشويق على إقامة الضيوف، استعانت بيلموند بالطاهي الأسترالي الشهير كورتيس ستون الحائز نجمة ميشلان لإدارة مطعم وود إند Woodend حيث يُشرف على إعداد أطباق قوية النكهة، تُطهى على الحطب وتجتمع فيها تأثيرات عالمية عدة.
للتعبير عن التقدير الشديد لجزيرة يوكاتان، تشتمل قائمة الطعام على أطباق مثل الروبيان الأزرق المشوي مع المانغو الأخضر والتفاح والدايكون واللوز المتفحم، وطبق باخا المعدّ بسمك القاروص المخطط ومعجون الطماطم وخل الهابانيرو وحَبّ الفلفل الوردي.
باختصار، في عالم يجبر فيه المسافرون باستمرار على الاختيار بين وسائل الراحة الشاملة وأسباب الفخامة، فإن فندق ماروما يوازن ببراعة بين الجانبين.
Belmond
علاجات تعزز الرفاه في أول ناد صحي لعلامة غيرلان في أمريكا اللاتينية.
Rosewood Mayakoba
يشتهر منتجع روزوود ماياكوبا بكونه أحد أفضل المنتجعات الفاخرة في العالم، على أنه ليس منتجعًا فحسب، بل فضاء لاختبار تجربة متكاملة. يقع المنتجع، المحاط بساحل رائع وغابات خضراء زمردية وبحيرة نهرية، إلى جنوب مدينة كانكون وشمال بلايا ديل كارمن، في قلب محمية بيئية تمتد على مساحة 620 فدانًا.
Rosewood Mayakoba © Damian A. Movalli
يقع المنتجع في قلب محمية بيئية تمتد على مساحة 620 فدانًا.
والجدير بالذكر أن المنتجع يشكّل واحدًا من أربعة فنادق فاخرة تحتضنها واحة ماياكوبا التي تنبسط عبر امتدادات شاسعة من غابات المانغروف والبحيرات والقنوات الاصطناعية. وبسبب طبيعة هذه الواحة الغنية بمظاهر الحياة البرية، فإن الضيوف يتنقلون إلى الشاطئ وبين الفنادق على متن القوارب.
يستفيد ضيوف منتجع روزوود من مختلف المرافق والخدمات الترفيهية في ماياكوبا، بما في ذلك المطاعم العشرون، وملعب بطولات الغولف إل كاماليون El Camaleón الذي يحمل تصميمه توقيع غريغ نورمان. كما تشمل أبرز الأنشطة الموصى بها خلال الإقامة في ماياكوبا الجولة البيئية التي تنطلق كل صباح لاستكشاف غابات المانغروف والبحيرات لتتبّع مظاهر الحياة البرية.
Rosewood Mayakoba
يوفّر منتجع روزوود في ماياكوبا 129 جناحًا ينبسط بعضها عند أطراف الشاطئ.
وفي ما يخص الإقامة في المنتجع، يتوفّر للضيوف 129 جناحًا ومجموعة حصرية من الفيلات التي تتكامل مع أحواض سباحة خاصة وشرفات للتشميس تطل على الساحل وحجيرات للاستحمام في الحديقة. ولمن يريد الاستمتاع بمعاني الرفاهية المطلقة في عزلة تامة، يتيح المنتجع إقامة خاصة في "فيلا المؤسس" التي تنبسط على مساحة 16,300 قدم مربعة، وتحتضن ست غرف نوم ومنطقة خارجية رحبة مجهّزة بحوض سباحة غير متناه يمتد بطول 92 قدمًا ويتيح إطلالات مباشرة على المحيط.
Rosewood Mayakoba
جناح لاغون الرئاسي الذي يحتضن ثلاث حجرات للنوم.
تتكامل الإقامة هنا أيضًا مع تجارب طعام متنوّعة يُشرف عليها كبير الطهاة خوان بابلو لوزا. يقدم مطعم أغافي أزول سوشي Agave Azul Sushi أطباقًا معدة من الأسماك الطازجة، فيما يتيح مطعم كاسا ديل لاغو Casa del Lago مأكولات إيطالية بنكهة مكسيكية. أما مطعم بونتا بونيتا، الذي يقع بجوار حوض السباحة، فإنه يشتهر خصوصًا بطبق تلايودا (إنه طبق شعبي شهير في شوارع واهاكا، يشبه البيتزا لكنه في الواقع يُعد من تورتيلا مقرمشة كبيرة الحجم).
وبالإضافة إلى هذه المطاعم، ثمة شاحنة طعام مخططة باللونين الأزرق والأبيض تحمل اسم "أكي مي كويدو" Aquí Me Quedo (يعني "هنا أبقى") وتقدم أطباق السيفيتشي والمأكولات البحرية اللذيذة وخبز التاكو المحشو باللحم البقري أو الدجاج.
أما النادي الصحي سينس روزوود Sense, Rosewood Spa، فيحتكر أرض جزيرة خاصة تفيض أرجاؤها سكينة، ويوفّر جلسات تسخّر القوة العلاجية للأعشاب المحلية. كما يتيح النادي فرصة الاستفادة من علاج "حديقة كوكستال الحسية" التي تزخر بالأعشاب والنباتات العلاجية، فضلاً عن ينابيع سينوتي.
Rosewood Mayakoba © G Gold
يحتكر النادي الصحي أرض جزيرة خاصة ويوفّر جلسات تسخّر القوة العلاجية للأعشاب المحلية.
La Casa De La Playa
يركز منتجع لا كاسا دي لا بلايا على الاستدامة وتجارب الطعام المتميزة، والتصميم المكسيكي الأصيل، ومعاني الرفاهية المخصصة. والجدير بالذكر أن المنتجع افتُتح قبل عامين فقط في محمية "إشكاريت" Xcaret الطبيعية، ما عزز مكانة الشركة الأم "غروبو إشكاريت" Grupo Xcaret.
La Casa De La Playa
في منتجع لا كاسا دي لا بلايا، تلتقي الطبيعة بالتصميم الذي تصوّره المعماري ديفيد كوينتانا على هيئة منحوتة حية.
في المشروع التطويري الضخم لغروبو إشكاريت، الذي يضم أيضًا فندقين في كل منهما 900 غرفة، ومتنزهات مائية وثقافية واستكشافية، وحبال انزلاق كثيفة، يشتمل منتجع لا كاسا دي لا بلايا على 63 جناحًا تطل على المحيط، وتزدان بحوض حائطي تسبح فيه قناديل البحر، وباحات فسيحة مجهزة بالأراجيح الشبكية وأحواض السباحة غير المتناهية.
تلتقي الطبيعة بالتصميم في هذا المنتجع المخصص للبالغين فحسب، والذي تخيله المهندس المعماري المهتم بالاستدامة ديفيد كوينتانا على هيئة منحوتة حية. دمج كوينتانا الصخور والنباتات المحلية والمياه في مختلف أرجاء هذه الواحة على نحو يحول دون المسّ بالبيئة الاستوائية في المنطقة.
La Casa De La Playa
محمية "إشكاريت" الطبيعية التي تحتضن فنادق ومتنزهات ترفيهية وثقافية واستكشافية.
ووسط المعمار المتكامل بيئيًا، والذي يناغم ببراعة بين عناصر الثقافة المكسيكية الممثلة في قطع الديكور المصنوعة بيد الحرفيين المحليين، يختبر الضيوف مباهج الانغماس في مختلف نواحي الثقافة المكسيكية. يشمل ذلك استكشاف معروضات متجر "كوارتو دي لاس مارافيا" القائم في المنتجع، والذي يضم أعمالاً فنية ومنسوجات مكسيكية بتوقيع المصممة كارلا فرنانديز التي تكفلت أيضًا بتصميم أزياء الموظفين الرسمية.
La Casa De La Playa © Frank Lynen
يحتضن المنتجع 63 جناحًا تطل على المحيط.
لا بد أيضًا من ذكر تجارب الطعام المتنوعة التي يتكفل بإعدادها مجموعة من أشهر الطهاة المؤثرين الذين ابتكروا مغامرة ذوقية قوامها المأكولات المكسيكية المحلية التي يمكن الاستمتاع بها في مختلف مطاعم المنتجع. أضافت مارثا أورتيز لمسة أنثوية إلى مطعم "توتش دي لونا" Touch de Luna حيث تسعى إلى سرد القصص بوساطة إبداعاتها في الطهي.
La Casa De La Playa
حجرة للعلاجات في نادي "مولوك سبا" الصحي.
أما فيرجيليو مارتينيز، المدرج في عداد أفضل 50 طاهيًا في أمريكا اللاتينية، فقد قارب مأكولات مطعم "إستيرو" Estero باستخدام أسلوب "الطهي في الأسواق" الذي يشتهر به، إذ زاوج بين مذاقات المكسيك والبيرو. وفي مكان آخر، يشرف الأخوان دانييل وباتريسيو ريفيرا ريو، اللذان ينحدران من نويفو ليون، على مطعمين متمايزين: مطعم "لومبري" Lumbre الذي يحتفي بالمأكولات الشائعة في شمال المكسيك، ومطعم "سنتلي" Centli الذي يعيد ابتكار الأطباق السائدة في جنوب البلاد.
يحتضن المنتجع أيضًا نادي "مولوك سبا" Muluk Spa الذي يُتيح للضيوف تجارب مخصصة لتنشيط الجسم والعقل والروح، بما في ذلك العلاجات الشاملة التي تستند إلى طقوس الأجداد، والسباحة ليلاً بصحبة مرشد في نهر يتدفق تحت الأرض، وابتكار العطور في استوديو الخيميائي.
لا تفوّتوا أيضًا فرصة الإبحار على متن يخت فاخر إلى جزيرة موخيريس للاستمتاع بتجربة الغوص، أو زيارة شاطئ البحر الآسر في مدينة تولوم التي تُعد موطنًا لأطلال حضارة المايا الرائعة.