باتريشيا أوركيولا

إن الحديث عن التصميم لا يكتمل إلا باستحضار اسم المعمارية والمصممة الإسبانية باتريشيا أوركيولا، لأن أسلوبها المتعدد في تصميم المنتجات ومقاربتها المعمارية الفذة كرّسا حضورها على قائمة أبرز الشخصيات في قطاع التصميم المعاصر.

تُعد أوركيولا من النساء القلائل اللواتي بلغن مراتب عالية في هذا القطاع، وهذا ما يتأكد في التنوع الكبير الذي يَسم مشاريعها المعمارية وتصاميم المنتجات اللافتة التي تبتكرها.

تُظهر مشاريع أوركيولا قدرتها العالية على الجمع المتقن بين العناصر العصرية والأصيلة، بموازاة إضافة ألوان متعارضة وأنسجة تعكس الثراء.

افتتحت أوركيولا الاستوديو الخاص بها في ميلانو في عام 2001، ومنذ ذلك الحين، تولّت عددًا متزايدًا من المشاريع، كما تسنى لها التعاون مع كبرى دور التصميم العالمية، مثل موروزو، وكاسينا، وكارتيل، وفوسكاريني، ودي بادوفا، وبي أند بي إيتاليا، وبيسازا، وأليسي، ودريادي، وفلوس.

صمّمت المعمارية أيضًا منتجات لعلامات مثل بي إم دبليو، ولويس فويتون، ونفذت أعمالاً فنية تركيبية لعلامات مثل ميسوني، وكارتييه، وسواروفسكي، وأوفيتشيني بانيراي. بل إن مشاريعها شملت أيضًا تصميم منشآت تابعة لمجموعات فندقية مثل ماندارين أورينتال وفورسيزونز وماريوت، فضلاً عن تصميم الجناح الرئيس في معرض بيتي أومو الشهير في فلورنسة.

تتمايز أعمال أوركيولا بطابع شاعري ومرح، لكنها عملية أيضًا، وهذا المزيج الإبداعي هو ما يلفت الأنظار إلى ابتكاراتها. تتقاطع الرموز المعمارية والتصميمية في مختلف أعمال أوركيولا، وذلك لأنها نتيجة مباشرة لدراستها وخبرتها المعمقة ومتعددة التخصصات.

وتُظهر مشاريعها الأخيرة قدرتها العالية على الجمع المتقن بين العناصر العصرية والأصيلة، بموازاة إضافة ألوان متعارضة وأنسجة تعكس الثراء وزخارف تتباهى بالخضرة المميزة في سياق تبادل مبدع بين التقاليد الحرفية والمكوّنات الصناعية.

وفي هذا تقول أوركيولا: "تتوقف التصاميم الجيدة على الانشغال المستمر بالبحث من خلال المشاريع والعمليات والخبرات والتواصل مع الأشخاص والأماكن. يتوقف الأمر كذلك على تجربة مواد جديدة وإيجاد طرق أفضل لإعادة تدوير النفايات وإدماج التكنولوجيا في الحرف اليدوية".

إنديا ماهدافي

تعد إنديا ماهدافي من المصممات المعاصرات اللواتي يشتهرن بغزارة الإنتاج، وتتمايز ابتكاراتها بالجمع بين الرموز المعمارية والتصميمية على نحو يصعب استنساخه. طالت مشاريع المصممة المقيمة في باريس مختلف القطاعات، من الأزياء والأثاث إلى المتاجر والضيافة، ويرتكز عالمها الإبداعي على التدرجات اللونية الجريئة والأنماط المتمايزة، ما يجعلها ترياقًا مضادًا للوحات اللونية البسيطة التي تشيع في المساحات الداخلية العصرية.  

كانت ماهدافي وراء تصميم بعض أكثر المساحات الداخلية جذبًا للانتباه، إذ ينبني منهجها على تعزيز إشعاع الألوان.

كانت ماهدافي وراء تصميم بعض أكثر المساحات الداخلية جذبًا للانتباه، على ما تشهد متاجر لادوري Ladurée المتدثرة بألوان الباستيل المختلفة والتدرجات الخضراء الداكنة، ومطعم سكيتش Sketch الذي يديره الطاهي بيار غانيير الحائز ثلاث نجوم ميشلان، والذي يتصل بصالة طعام وردية اللون (صور الصالة هي الأكثر انتشارًا على إنستغرام في لندن)، أعيد تصميمها أخيرًا لتزهو بلون ذهبي فاتح. وفي الآونة الأخيرة، أسبغت المصممة على فيلا ميديتشي في روما طابعًا هندسيًا جريئًا يضيء على فن عصر النهضة من منظور حديث.

تقول ماهدافي إن ذوقها "متعدد اللغات والألوان"، وهو مزيج خصب من الثقافات والألوان تعزوه إلى تراثها الإيراني المصري وطفولتها العالمية. فقد ولدت في طهران ونشأت في أمريكا وألمانيا وفرنسا، وهي تشرف الآن على استوديو تصميمها الخاص في باريس.

ومن مقرها الفرنسي، أطلقت العديد من المنتجات التي شملت مصابيح أنيقة مشغولة من الزجاج المنفوخ، وأقنعة روطان تتخذ هيئة ميكي ماوس، ومقاعد Bishop المشهورة التي أصبحت الآن جزءًا من مجموعة متحف الفنون الزخرفية في باريس.

ينبني منهج ماهدافي على تعزيز إشعاع الألوان، وهذا ما تؤكده في مقدمة دراستها الصادرة في عام 2021 إذ تقول موضحة: "لطالما وقعت ممارساتي التصميمية في نقطة التقاطع بين السينوغرافيا والأفلام والديكور والأثاث وتصميم المنتجات، وهذا ما أتاح لي اغتنام العديد من الفرص لتصميم المساحات الداخلية وتزيينها وتحديثها وإبرازها في حلل جديدة تتغنى بالحياة".

وتتابع ماهدافي: "إذا كان ثمة قاسم مشترك بين أعمالي كلها، فإنه يتمثل بضرورة استحداث طابع قوامه المرح واستقبال الحياة باستخدام ألوان تعبّر عن مشاعري وتفاعلي مع محيطي".

فنسنت فان دويسن

يُحتفى بالمعماري البلجيكي فنسنت فان دويسن، المشهور بتصاميمه الشاعرية والمذهلة والأصيلة، بوصفه واحدًا من صنّاع الذائقة المعاصرة. ويتعاون فان دويسن مع أكثر من عشرين مصممًا على ابتكار منتجات لعلامات كبرى ومنشآت معمارية تجارية ضخمة، مع التركيز خصوصًا على المساكن الراقية.

غالبًا ما تتمايز ابتكارات فان دويسن باستخدام مواد طبيعية مثل الحجر والخشب والخرسانة والجص والطباشير والكتان والألياف الطبيعية. 

نال فان دويسن العديد من الجوائز، وقد تعيّن أخيرًا مديرًا فنيًا للعلامتين الإيطاليتين مولتيني أند سي ودادا، إذ يتكلف بصورتهما العالمية من خلال تصميم متاجرهما ومنصات العروض الخاصة بهما ومجموعاتهما الجديدة.

لطالما توخى فان دويسن في أعماله الربط بين الهندسة المعمارية والتصميمين الداخلي والصناعي، إذ ناغمت أعماله ببراعة بين شتى هذه التخصصات مع الحفاظ على مسحة من الأناقة البسيطة. غالبًا ما تتمايز ابتكارات المصمم المخضرم باستخدام مواد خام وملموسة يجمعها تصميم واضح وتحتل فيها الجودة مركز الصدارة.

يفضل فان دويسن المواد الطبيعية المتفردة، وفي هذا يقول: "المواد الطبيعية مثل الحجر والخشب والخرسانة والجص والطباشير والكتان والألياف الطبيعية هي مواد مستدامة ودائمة الجمال".

ويتابع قائلاً: "أركز أيضًا على الضوء في مختلف أعمالي لأنه يدخل في بنية التصميم شأنه في ذلك شأن الطوب، ويهمّني تفاعله مع العناصر الأخرى لأن جودته تؤثر على المشاعر المرتبطة بالمكان".

ترتكز فلسفة فان دويسن التصميمية على الطابع الوظيفي والمتانة والراحة، بقدر ما تعتمد على الأصالة المناهضة للسائد. وفي هذا يقول: "ينبغي أن يقترن التصميم الجيد بالشغف والبحث واستيعاب احتياجات الإنسان، فضلاً عن الأصالة والاتساق.

يعجبني أن يقول الناس إن ابتكاراتي عابرة للزمن، غير أن ما يهمني أكثر هو أن تظل أعمالي معاصرة ومدهشة ومؤثرة على عواطف الناس. ينبغي أن تكون غاية التصميم نقل إحساس الهدوء والسكينة باستخدام الألوان والأنسجة والمواد والأشكال المناسبة".

كيلي ويرستلر

كل من يحب التصميم سمع باسم كيلي ويرستلر. فعلامتها الفاخرة متخصصة في تصميم المساحات الداخلية للمساكن والفنادق والمتاجر، بالإضافة إلى تصميم قطع الأثاث والإضاءة والسجاد والأقمشة وأغطية الجدران والبلاط والمفروشات الفاخرة والخزف والإكسسوارات المنزلية والتحف الفنية.

استطاعت ويرستلر تغيير وجه التصميم الأمريكي المعاصر عن طريق الجمع بين المواد الطبيعية والفاخرة والمزج بين الرقي والعفوية.

لقد استطاعت لوحدها تغيير وجه التصميم الأمريكي المعاصر عن طريق الجمع بين المواد الطبيعية والفاخرة والمزج بين الرقي والعفوية وتوظيف قطع الأثاث العتيقة.

تُصمم ويرستلر بأسلوبها هذا تجارب متفردة. فكل مشروع جديد يدعوها لخوض رحلة رائعة وغير متوقعة. إنها تساوي بين التصميم وسرد القصص، لذلك تسعى دائمًا إلى نسج حكايات زاخرة بالمغامرة والروح، مع استخدام مزيج من المواد والأساليب.

تلخص ويرستلر فلسفتها "بعشق الألوان والمخاطرة والفضول الدائم"، ولذلك تنجذب إلى التصاميم التي تستكشف النواحي المادية بذكاء، وتجمع بين أساليب من حقب مختلفة، بقصد إضفاء لمسات إبداعية غير مألوفة.

وفي هذا تقول: "تمتلك التصاميم العظيمة قدرة لافتة على تحقيق الشعور بالسعادة وتعزيز الثقة والإنتاجية. فعلى سبيل المثال، تستطيع المساحات المصممة بعناية الارتقاء بتجاربنا اليومية والتأثير على عواطفنا وسلوكياتنا، ولهذا السبب لا بد من إنشاء بيئات تعزز أفضل ما فينا. عندما يخضع التصميم لعناية فائقة، تصبح المساحات التي نشغلها امتدادًا لوجودنا".