يَقصد مشترو اليخوت الفاخرة من جيل الألفية وجيل زد، الراغبون في هَجْر التصميمات المُتكدّسة التي كان يُفضّلها آباؤهم، مصممين في الأربعينيات من عمرهم، من خارج الصناعة البحرية، لتحقيق رؤاهم. وهذا ما فعله مُلّاك يخت Celerius الذي أُطلق حديثًا، والذي يبلغ طوله 387 قدمًا.
فقد استعانوا بالمهندس المعماري المُقيم في باريس جوزيف ديران، الذي كان عند حسن ظنهم. كان هذا أول يخت يتكفل بتصميمه، مخالفًا في سياق ذلك الكثير من القواعد. وفي هذا يقول: "حصرت التصميم في سطحين فقط فوق خط الماء، وقدمت مقاربة تصميمية تركّز على المساحات الداخلية المفتوحة".
التوجهات المعمارية الراهنة
إذا كان جوهر تصميم اليخوت يرتكز على مُقاربة المساحات المتاحة على نحو مبتكر، فإن ديران يعتقد أن أساليب التصميم الحديثة قد أخطأت الهدف. وفي هذا يقول موضحًا: "تُحدِث تصاميم اليخوت السائدة قطيعةً مع البحر لأنها تُقلّص المساحات الخارجية إلى الحد الأدنى.
يشبه ذلك شراء منزل على الواجهة البحرية، ولكن من دون حديقة". ويُشير المصمم أيضًا إلى أن العديد من المساحات الداخلية تبدو مجزأة وتوحي بالضِّيق، وهذا ما لا يتماشى مع رؤية الجيل الجديد العارِف بأساليب التصميم. يقول ديران: "يميل المُلّاك الشباب إلى التصاميم التي تركّز على حس الضيافة فيما تواكب التوجهات المعمارية الراهنة".
Celerius
تصميم ديفيد فايس الملهم لقاربِ يصلح للسكن فوق صفحة المياه العذبة.
وضع ديران مفاهيمه موضع التنفيذ في يخت Celerius، إذ قلّص الارتفاع الإجمالي لليخت لإبراز جوانبه وزاد طوله وعدّل البنية الفوقية ليُتيح مزيدًا من المساحات المفتوحة عبر الأسطح.
وفي هذا يقول: "في ما يتعلق بالمساحات الداخلية، تجنّبت التشطيبات اللامعة والزوايا الحادة، لصالح الحواف الناعمة والألواح الخشبية". ويُضيف: "ينبغي أن يشعر المرء بأنه على متن يخت، ما يحتّم الحد من مزايا الشقق الفاخرة وتعزيز سمات المنازل الشاطئية".
بدأت ماري سليمان، الشريكة المؤسسة في استوديو نورد للتصاميم الداخلية Njord Interiors مسيرتها في عالم اليخوت الفاخرة في عام 2019، إذ طورت تصاميم مبتكرة عدة، منها تصميم اليخت Eden الذي يبلغ طوله 273 قدمًا.
وفي هذا تقول: "إنني مهندسة متخصصة في التصاميم الداخلية، وأمتلك رؤيةً تصميمية تخرج عن حدود المألوف في قطاع اليخوت". وتُضيف: "يُحب الزبائن أفكارنا لأنها شبابيّة، وأحيانًا مُستفزة، ولكنها عمومًا مَرِحة".
تَرى سليمان أن المالكين الذين تشغلهم أجواء اليخت، أكثر مما تشغلهم قيمته التقديرية وقت إعادة بيعه، هُم عادةً الأشد ترحيبًا بمخالفة التقاليد. وتسترشد سليمان في التصاميم التي تبتكرها برؤية الزبون وأهوائه، وبالاستناد إليها تُبدع اللغة التصميمية المناسبة.
فعلى سبيل المثال، يتمايز اليخت Eden بمساحاتٍ يغمرها الضوء، مع صالة بسقفٍ مرصوف بالحصى لا يُحاكي المياه المتدفقة فحسب، بل يعزز الشعور برحابة المكان، كما يعكس حب المالكين للمحيط.
كذلك تُسهم الواجهات الزجاجية الممتدة إلى السقف والكوّات الضخمة في السقف في تأطير هذا المشهد الأنيق على نحو غير معهود.
Celerius
صالة الضيوف غير المألوفة التي صممتها ماري سليمان.
أما ديفيد فايس، المصمم الأمريكي الذي يُبشّر بثورة جديدة على الأبواب، فيرى أن تَلاقح الأفكار أمرٌ ضروري. يتخذ فايس نهجًا سينمائيًا جريئًا مُستلهمًا من صناع الأفلام ومصممي الإنتاج، وفي هذا يقول: "أنتمي إلى تلك الكوكبة من المبدعين الذين أثروا تجربتنا الحياتية بأفلامٍ مثل حرب النجوم وأفاتار ومارفل".
بل إنه يَصف روحهم الإبداعية بأنها "مساحةٌ لا تَحُدّها القيود التصميمية". ويعتقد فايس أنه ينبغي للتصميم النهائي أن "يستحضر عالم الخيال إلى المساحات الداخلية لليخت وأن يستحدث تجربة جديدة بالكامل".
اختار فايس تصميمًا مبتكرًا لهذا اليخت الذي يبلغ طوله 417 قدمًا، والذي تعود ملكيته لشاب مُقيم في كاليفورنيا. استحدث المصمم زورق الخدمات Venetian بالعرض على امتداد اليخت، وأَرْفَقه بمنطقة استقبالٍ خاصة يَصعد إليها الضيوف وينزلون منها.
يشتمل السطح العلوي على منصة دوّارة تصطف فوقها مجموعة الدراجات النارية الخاصة بالمالك، فيما سياراته تقبع في السطح السفلي بجانب مرآب زورق الخدمات. يقول فايس: "إننا بصدد تطوير آليةٍ تُتيح انحدار الدراجة النارية من البنية الفوقية لمؤخرة اليخت، لكي يتمكّن المالك من ركوب دراجته المفضلة عند بلوغ المرسى".
يرى فايس أن تصاعد وتيرة المشاريع التجريبية التي تقودها شريحةٌ من الشباب الأثرياء يحدث في الوقت المناسب تمامًا، ويُعلّق قائلاً: "لا يقتصر الأمر على كون الإقبال على هذه التصاميم ارتفع في الآونة الأخيرة. ولكن القدرة على تنفيذ هذه الأفكار تعززت أيضًا".