منذ تأسيس دار كريستوفل في عام 1830، استخدمت الشركة الباريسية وشركاتها التابعة مجموعة متنوعة من الرموز المميزة، مثل الديك ورأس القط. كما أنها وظفت رمز الفارس، الذي يعد من أقوى القطع على رقعة الشطرنج، لدمغ المنتجات الفضية الفاخرة التي تصوغها. واستحضارًا منها لهذا التراث، أطلقت الدار أول لعبة تحمل توقيعها، وهي مجموعة شطرنج باسم Duel des Thés.
في حديث إلى مجلة Robb Report، تقول ماري بوسييه، مديرة تصميم المنتجات في الشركة: "لاحظنا أن الطلب على الألعاب يزدهر، ولذلك فكرنا في ابتكار لعبة تطابق هوية الدار. تلخصت الفكرة في استحداث منافسة بين أواني إعداد الشاي المصممة على طراز الآرت نوفو وتلك المصممة على طراز الآرت ديكو". كانت المجموعة الناتجة، التي يُترجم اسمها إلى "مبارزة بين آنية الشاي"، تفسيرًا مرحًا يستبدل بقطع الشطرنج التقليدية أباريق الشاي والأكواب وأوعية السكر والقشدة.
يشير طوماس جين، مدير تطوير المنتجات في كريستوفل، إلى أن الطريقة المستخدمة في صناعة هذه القطع هي نفسها المستخدمة في صياغة آنية الشاي المعتادة، لكنه يقول "إن تصغير القطع على هذا النحو يُصعّب المهمة، لأن أي خطأ في التنفيذ يضطر الصائغ إلى إعادة العملية من البداية". بدلاً من الاعتماد على التصنيع بالآلة، ينشئ الحرفيون يدويًا مختلف المكوّنات والقوالب والأدوات الأخرى الضرورية للإنتاج داخل مصنع العلامة الذي يقع في نورماندي.
تقول بوسييه: "القطع صغيرة جدًا، يراوح طولها بين سنتيمترين وسبعة سنتيمترات، ما يضيف درجة أخرى من التعقيد إلى المشروع". بالرغم من أن القطع الاثنتين والثلاثين صغيرة الحجم، إلا أنها قابلة للاستخدام بالكامل. تشتمل أباريق الشاي مثلاً على أنابيب مجوّفة وأغطية قابلة للفتح تماثل نظيراتها كبيرة الحجم. أما الألواح، فتولّى تركيبها جان - بريوك شوفالييه، صانع الخزائن المنحدر من أنجيه، والذي يطعّم خشب البلوط السبخي بمربعات براقة من الفضة الإسترلينية.
يستغرق إنتاج كل مجموعة ستة أشهر، ويبلغ سعرها 250,000 دولار أمريكي. على أن كريستوفل لن تنتج سوى ثمانية نماذج منها فقط. يستطيع الزبائن تفقد النسخة الأولى في متجر كريستوفل الذي يقع في هارودز بلندن، كما يمكنهم طلبها من مختلف متاجر الدار. فاقتناء هذه المجموعة لا يتطلب القدر نفسه من التفكير الاستراتيجي الذي يتطلبه الفوز بمباراة شطرنج. وتقول بوسييه: "تشبه لعبة الشطرنج صياغة الفضة إلى حد كبير. إنها لعبة شاقة، وتستغرق إجادتها وقتًا طويلاً".
رسوم يدوية
يحتضن أحد أقسام الرقعة قطع شطرنج على طراز الآرت نوفو مستلهمة من مجموعة آنية باسم "كورج" Courges ترجع إلى عام 1891، فيما القسم المقابل تزيّنه قطع مصممة على طراز الآرت ديكو مستوحاة من مجموعة آنية "برينتانيا" Printania من عام 1924.
لإنشاء القطع بهذا الحجم الصغير، عمد فريق الصياغة الراقية في دار كريستوفل إلى رسم المجسمات يدويًا لتحديد التعديلات التي ينبغي إدخالها على النسخ المصغرة من آنية الشاي. وفي هذا تقول بوسييه: "كان لا بد من إجراء بعض التعديلات على أبعاد القطع لكي يفهم اللاعب دورها على الرقعة".
Christofle
تدوير الصفائح
تبدأ عملية إنشاء أحجار الشطرنج من القاعدة التي تتخذ هيئتها المطلوبة بعد تدوير صفائح الفضة الإسترلينية يدويًا باستخدام مِلقط خاص مصنوع من خشب البقس. تتضمن هذه العملية تدوير المعدن على مخرطة فيما يضغط صائغ الفضة بملعقة على الملقط. بعد ذلك، تُلصق حشوة من اللباد أسفل القاعدة بما يتيح لها الانزلاق بسلاسة على الرقعة.
Christofle
تشكيل المجسّمات
لتشكيل المجسمات على الهيئة المطلوبة، يستخدم الحرفيون الملقط مرة ثانية. بالنسبة لقطع برينتانيا، تُطوى صفيحة من الفضة الإسترلينية حول ملقط يحمل الخطوط الرأسية للقطعة النهائية نفسها. في المقابل، لتكرار انحناءات قطع كورج، يرتب الحرفي 12 وتدًا صغيرًا مرقمًا داخل الملقط، ثم يدير صفيحة الفضة حوله، ما يحفظ تجويف المجسم واستدارته.
Christofle
زخارف متقنة
تُثبت القطع على منصة من القار، حيث يطرق الصائغ المعدن بلطف لتشكيل الخطوط الدقيقة والزخارف شديدة التعقيد. بخلاف تقنية النقش التي تستلزم إزالة جزء من المادة لاستحداث علامات غائرة، ينفذ الصائغ الزخارف عن طريق شد المعدن وجذبه.
Christofle
خبرة في اللحام
يجري لحم القاعدة أو المقبض أو الأنبوب بجسم القطعة، الأمر الذي يقتضي خبرة ممتازة في استخدام مشعل الغاز. وفي هذا يقول جين: "يراوح سمك المعدن المستخدم في إبريق الشاي العادي بين 1.2 و1.5 ملليمتر، بيد أن سمك الصفائح المعدنية في هذه القطع لا يتعدى 0.8 ملليمتر. لذلك ينبغي للحرفي الحرص على عدم ذوبانها".
Christofle
طلاء وتلميع
ما إن تُجمع القطع، حتى تبدأ عملية طلائها كهربائيًا بطبقة رقيقة من الفضة، وهي التقنية التي أدخلها مؤسس الدار تشارلز كريستوفل إلى فرنسا في عام 1842. يشرح جين هذه العملية قائلاً: "نضيف طبقة نهائية من الفضة لإخفاء اللحام وتوحيد مظهر القطع". إلى ذلك، يجري تزيين الملوك والملكات، أباريق الشاي في هذه الحالة، بتيجان من الفضة المطلية بالذهب عيار 24 قيراطًا. يسهم الصقل النهائي، الذي يسمى التلميع، في إضفاء تلك اللمسة المشرقة المعهودة في مختلف منتجات الدار.
Christofle
تزييت الرقعة
تُصنع الرقعة من خشب البلوط السبخي، وهو نوع نادر من الخشب المتحجر. يتمايز هذا الخشب بلون فحمي ناتج عن بقائه مطمورًا ومحفوظًا في المستنقعات لأكثر من 5000 عام. تقول بوسييه: "لا يطلى هذا اللوح بالورنيش، بل يخضع للتزييت، وذلك بقصد إبراز الفروقات الدقيقة الكامنة فيه".
Christofle
نحت وصقل
تُستخدم آلة القطع بالليزر لتعيين مساحات المربعات المتناوبة التي ينحتها الحرفي يدويًا، وهو ما يتيح للبلاط المشغول من الفضة الإسترلينية اتخاذ مكانه على الرقعة الخشبية. ما إن يكتمل إلصاق قطع البلاط في مكانها، حتى تبدأ عملية التلميع النهائية. تقول جين: "نضع طلاء الروديوم على البلاط لأن الفضة قد تفقد بريقها. وبما أن الروديوم مادة صلبة، وله لون الفضة الإسترلينية نفسه، فإنه أقل هشاشة وأكثر مقاومة للخدوش".
Christofle
نقش الأصالة
يُثبّت حزام مشغول من الفضة الإسترلينية على جانب الرقعة وتُنقش عليه علامات الجودة والأصالة، بما في ذلك سنة الإنتاج ورقم النسخة ورأس مينيرفا، الرمز الحكومي الفرنسي الذي يشير إلى أن نسبة نقاء الفضة تبلغ 92.5% على الأقل.
Christofle
فلتبدأ المبارزة
Christofle
لدرء أثر بصمات الأصابع على أحجار الشطرنج والحفاظ على بريق الفضة، تقترن كل مجموعة بقفازات وقطعة قماشية للتلميع (فضلاً عن شهادة المنشأ). تودع الرقعة والقطع في حقيبة سوداء مصنوعة من ألياف الخشب "فالكرومات" Valchromat، وقد كسيت بنسيج مضاد للأكسدة يمنع تغير اللون.